رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«فخ» مستشار السيسي «المزيف»

«الجاحد» في إحدى
«الجاحد» في إحدى الحفلات - أرشيفية


لم يكن «سيد دويك»، مستشار السيسي «المزيف» الذي ظهر في عزاء الشيخ عمر عبد الرحمن، الأب الروحي لـ«الجماعة الإسلامية»، آخر نصّاب يستخدم اسم السيسي لصيد ضحاياه والنصب عليهم.


شخص آخر يدعى "م.إ.الجاحد"، يزعم أنه كان زميلا للسيسي أثناء فترة عمله مديرًا لـ«المخابرات الحربية»، وأن وظيفته الحالية مستشار أمني للرئيس.


البلاغ رقم 5111 «جنح العجوزة» كشف أن هذا الشخص، أوهم ضحاياه بعلاقاته الواسعة، مُدعيًا أنه مستشار للرئيس عبد الفتاح السيسي، حتى تم القبض عليه بعد اختبائه فى فيلته بـ«المريوطية»، وذلك صباح يوم الخميس 2 مارس الماضي، حيث تبيّن أنه نصب على كثير من الشخصيات العامة تحت شعار تأسيس «أكاديمية كندية»، والحصول على تراخيصها من المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالي.


كانت نهى رشوان محمد فرج، طبيبة وصاحبة مركز تجميل بمنطقة النزهة مصر الجديد، المُحرك الأول لقضية «الجاحد» بعد تحريرها أول بلاغ ضده، تتهمه فيه بالنصب عليها، قبل هروبه.


فعندما قدمت «نهى» البلاغ، اعتقدت بداية أنها بذلك تعادي مستشار رئيس الجمهورية، وصاحب النفوذ القوي لدى مؤسسة الرئاسة، حتى أنها ذكرت فى حديثها لنا: «كنت حاسة إني بتصرف غلط.. ازاي أقدم ضده بلاغ وهو مستشار الرئيس».


روت الدكتورة نهى لـ«النبأ»، بداية قصة تعرفها بـ«مستشار السيسي المزيف»، قائلة: «تعرفت عليه من خلال دكتور صغير عندي في عيادة أمتلكها أنا وشريكة لي في النزهة، ولما جه العيادة ليتعرف علينا بحجة أنه على علاقة بمحمد الصغير، وهو كوافير شهير بحي الزمالك، ويأتي له زبائن يطلبون أطباء تجميل شغلهم كويس، وهو سمع عنكم وحابب يجيب لكم زبائن».


هكذا بدأت لعبة «مستشار السيسي المزيف» على «نهى» وشريكتها «ميرام»، وهي طبيبة أيضًا، قبل أن يحاول التقرب منها لطلب زواجها.


الدكتورة أكدت أنها عندما قابلت «الجاحد» لأول مرة، لم يقل شيئًا مفيدًا، وجاء للعيادة لمجرد معرفته عنوانها، مشيرة إلى أنها بدأت تشعر بتصرفات غريبة بعض الشيء، إذ فوجئت بإخطار من الحي لهما أكثر من مرة بحجة وجود «حائط» مخالف في المكان، وأن الحي سيرفع قضية عليهما، لتكتشف فيما بعد أن هذه الإجراءات لم يكن لها أي أساس من الصحة، ولا يوجد أي قضايا ضد «العيادة»، وأن «الجاحد» كان وراء كل هذه الألاعيب.


وأضافت «نهى» أن كل الأوراق حررها بمساعدة معارفه داخل الحي، لأن الورق كان «مختومًا»، وإنها تلقت إخطارًا من قسم شرطة النزهة؛ لإزالة الحائط ولكن هذا الإخطار كان غير حقيقي.


وتابعت: «بدأت زميلتي في الفترة دي تتعرف عليه، وهي نفس الفترة اللي واجهنا فيها مشاكل الحي، وبدأ يطمنها أنه بعلاقاته هيخلص كل حاجة، وإحنا كنا مصدقينه لأنه مفهمنا إنه مستشار الرئيس.. وكان شغال في المخابرات الحربية، وحاصل على كذا ماجستير من أمريكا وكندا في العلوم السياسية والعلوم الأمنية، ودايمًا يدخل علينا شايل مسدسات في جيبه ومكالمات يعملها لأسماء من جهات أمنية، حتى أقنعنا أنه يؤمن موكب الرئيس السيسي وحرمه».


وأضافت أنه أقنعهما بقدرته على المساعدة، وضرورة تنظيم أمور العيادة، حتى جاء بشاب لم يتجاوز الـ19 عاما؛ ليكون السكرتير الخاص لهما، رغم أن «الشغل» لم يكن بحاجة إلى سكرتارية، وكالعادة أخذا كلامه في الحسبان، لأنه كان دائمًا يأتي بشخصيات للعيادة، ويعرفهما بهم سواء كانوا نوابًا أو أشخاصًا من أصحاب النفوذ، حتى أن زميلتي باعتبارها كانت قريبة منه أكثر، تأكدت أن هؤلاء الأشخاص موجودون فعلا في هذه المناصب.


وقالت مُتعجبة: «الغريب أنهم كانوا يعرفونه وهم في هذه المناصب، حتى أن زميلة لنا تعرضت لمشاكل؛ بسبب معاكسة شخص لها، فلما اتصل هو بقسم النزهة، خرج ضباط من القسم لمساعدتها، وكان يدخل القسم بصفته مستشار السيسي.


وأضافت أنه بعد التعارف الشخصي الذي تم بينهما وبينه، قرر إقامة حفلتين؛ الأولى في أوتيل جراند حياة قاعة فرحتي، وكانت فى حضور فنانين كُثر لتكريمهم باسم الأكاديمية الأمريكية، ومنهم ماجد المصري، ودنيا عبد العزيز، وفريال يوسف، وإيهاب توفيق، ورامي صبري، وإيناس عز الدين، ومحمد رشاد، والمذيعة مروة صبري ومصمم الأزياء هاني البحيري، والسيناريست أيمن سلامة، فضلًا عن رجال الأمن وأعضاء مجلس النواب.


وأكدت «نهى» أنه كان على علاقة بصحفيين كثيرين، كانوا حريصين على نشر أخباره في الصحف على اعتبار أنه «منتج»، ومرة أخرى صاحب شركة دعاية وإعلان، ومرات على أنه «السيد المستشار».


وأكملت: بعد الحفل قال لنا أنه يؤسس أكاديمية كندية توازي الأكاديمية الأمريكية، وأن قدراتنا عالية فى«الشغل»؛ لتقديم كورسات تدريب لصغار الأطباء، وأقنعنا أنها ستكون كيانًا كبيرًا، وستمنح المتدربين شهادات من جامعة عين شمس وجامعة القاهرة وجامعة كندية يعرفها جيدًا على اعتبار أنه حاصل على شهادات منها في العلوم السياسية، بعدما أنهى عمله في «المخابرات»، وقبل العمل في رئاسة الجمهورية.


وربطت «نهى» بين عرضه وتهديده لهما بعد ذلك برفع يده عن حل مشاكل العيادة، مؤكدة أنه بسبب هذا الأمر، وافقا على المشاركة في الأكاديمية الكندية التي يُنشئها، واعترفت أيضًا بثقتهما فيه رغم طريقته لأنه «من طرف السيسي».


ودفعت «نهى» جزءًا من المبلغ على 3 مراحل، أول مرة سلمته له أمام شقة باعتبارها مقر الأكاديمية، لكنها رفضت دخولها، وقدره 114000 جنيه، والدفعة الثانية 100000 جنيه بتحويل بنكي، والثالثة 200000 جنيه بايداعات بنكية لحسابه بـ«البنك الأهلى بالعجوزة».


وقالت «نهى» أيضًا، إنها وافقت على عمل توكيل للمحامي الخاص به، على اعتبار أنه يسير في إجراءات عمل ورق الأكاديمية بشكل رسمي ليكونا شركاء معه فيها، حتى نجح في أخذ كل المبلغ المطلوب، فضلًا عن مبالغ أخرى تحت بند تسوية الملف الضريبى، زاعما عدم قدرتنا على التصرف مع الضرائب.


بعد الحفلة الأولى، دعانا على حفل آخر في فيلته بـ«ـسقارة»، وحضرها أطباء من زملائهما وفنانون أيضًا، وصحفيون لا نعرف مدى علاقتهم به، وأسباب «تخديمهم»، عليه بهذا الشكل.


تُضيف نهى: «لما طلبت نعمل عقود تُثبت شراكتنا في الأكاديمية كان بيتهرب ويقول أنا مستشار الرئيس يعني فلوسكم معايا هتزيد، وأنا بعملكم مشروع هيفضل معاكم ويبقى ليكم اسم أكاديمي، ثم اختفى فجأة بعد شهور من الحفل، وحاولنا التواصل معه بعد مرور فترة لكنه اختفى بحجة انشغاله بمأموريات خارج مصر مع سيادة الرئيس، ثم بدأ الشك يسيطر على تفكيرنا، خاصة بعد ما طلبت صور من ورق الأكاديمية، فأرسل بطاقة ضريبية فردية، إزاي بطاقة ضريبية فردية ودي مؤسسة، وليه المحامي متصلش لعمل إجراءات العقود».


وتابعت: «بدأ الشك يراودني أكثر، حتى قررت التوجه للجهات الرسمية، وتحرير بلاغات ضده فاكتشفت أنه لا علاقة له بالرئيس السيسي ولا المخابرات الحربية، وأنه خريج دبلوم تجارة».


بينما قالت «ميرام» وهي شريكة «نهى» في العيادة:«كان باين عليه إنه محترم جدًا، وكان دايمًا بياخد باله من كل كلمة يقولها.. وكل تصرف يبدر منه لدرجة أننا لم نشك فيه لحظة إلا بعد هروبه»


وتابعت: «أكتر كلمة كان دايمًا يرددها الإدارة –أي إدارة المخابرات- وكان يُجري مكالمات مع شخصيات أمنية وسياسية، وقابلني بيهم وعرفني عليهم، منهم نائب بمجلس النواب، فضلًا عن أصحاب نفوذ، وقيادات أمنية بمجمع التحرير».


ورفضت «ميرام» الإفصاح عن أسماء هؤلاء الأشخاص كاملةً باعتبار أن النائب العام يحقق في القضية الآن خوفًا من عرقلة سير التحقيقات.


حكَت «ميرام»، بداية التعارف بينهما وبين «الجاحد»، قائلة إن زميلة لهما تُدعى «مي» عرفتهما به، وهي تعرفت عليه من خلال دكتور تعمل لديه يُدعى «مجدي»، وهو صاحب مركز تجميل بمدينة نصر، متابعة: «الدكتور دا اللي قتل المريضة الليبية في مركز تجميل خاص به أثناء إجراء عملية شفط دهون لها وألقى بجثتها في صحراء التجمع الخامس».


بعد البحث عن اسم الطبيب تم التأكد من أنه صاحب جريمة القتل، إذ تم عرضه في مايو 2015، أمام محكمة جُنح القاهرة الجديدة، بعد أن أمر المستشار شريف عبدالمنعم، مدير نيابة القاهرة الجديدة، بإحالته للمحكمة، هو وممرضته الخاصة، وطبيب التخدير، بتهمة الإهمال الطبي والقتل الخطأ، بعد اعتراف الطبيب صاحب المركز بتفاصيل جريمته، وطبيب التخدير الذي أكد أمام النيابة أن "مجدى" اتفق معه على ضرورة التخلص من الجثة، خوفًا على سمعة المركز، من خلال "لفّها" في «بطانية»، وإلقائها في منطقة صحراوية بـ«التجمع الخامس».


الغريب أن اسم الدكتور«مجدي»، تم ذكره في أوراق التحقيق على أنه «محاسب» المتهم «م إ الجاحد»، إذ قالت دكتور نهى رشوان في البلاغ الذي قدمته إنها حررت توكيلا لمحاسب طرفه بنفس الاسم.