رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

من تركيا إلى قطر والسودان.. قصة انهيار تحالفات مصر التاريخية

السيسي
السيسي


بعد قطيعة استمرت لسنوات، بسبب توقيع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، معاهدة السلام مع إسرائيل «منفردا»، عادت العلاقات المصرية العربية إلى طبيعتها، في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.


وحسب خبراء، فإن تراجع الوزن النسبي للدور المصري في النظام الإقليمي العربي في السنوات الأخيرة لحكم مبارك كان لعدة أسباب منها، طبيعة المشروع العربي الجديد لمصر وأسلوبه في الحركة، وأسلوب تعامل مصر مع التحديات والمشاكل العربية، وطبيعة الصورة الذهنية الجديدة المتكونة عن مصر في العقود الثلاثة الأخيرة، وتردي الأوضاع العربية نفسها وتحولاتها وظهور أقطاب عربية جديدة متنافسة، كذلك افتقاد الثقة في الدور المصري بعد التحولات العاصفة في هذا الدور في عصر السادات، وفشل رهان السلام وتحميل هذا الفشل لمصر، وبروز أقطاب إقليمية جديدة يتصاعد وزنها النسبي على حساب دور الأقطاب العربية وعلى رأسها مصر.


وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، كانت مصر تعتمد بشكل كبير في الدعم السياسي على ما كان يسمى بمحور الاعتدال العربي، والذي كان يتكون من مصر والسعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة، كما كانت تعتمد على دول الامتداد العربي مثل سوريا والعراق وليبيا.


لكن في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي تواجه مصر مشاكل مع الكثير من الدولة التي كانت حليفة قوية للقاهرة قبل ثورات الربيع العربي، وعلى رأسها السعودية والسودان.


كما فقدت مصر الكثير من الدول العربية التي كانت حليفة لها قبل ثورات الربيع العربي بسبب انهيارها، مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن، وتحاول الآن جاهدة عودة هذه الدول إلى موقعها، من خلال دعم الأسد والعبادي وحفتر، من أجل إحياء التحالف الذي كان قائما سابقا بين مبارك والقذافي وصدام حسين وعلى عبد الله صالح.


كما تدهورت علاقات مصر ببعض القوى الإقليمية مثل تركيا وقطر والسودان، لأسباب كثيرة أهمها القضايا المتعلقة بتيار الإسلام السياسي بوجه عام في المنطقة.


كما فقدت مصر علاقتها بتركيا بسبب موقفها من ثورة 30 يونيو، وإسقاط جماعة الإخوان المسلمين، حيث ما تزال تركيا تصف لما حدث في مصر بالانقلاب العسكري، وتشترط الإفراج عن مرسي وقيادات الجماعة وإدماجهم في العمل السياسي من أجل عودة العلاقات بين البلدين.


نفس الأمر بالنسبة لقطر، حيث وصلت العلاقة بين البلدين إلى طريق مسدود، بسبب الموقف القطري الرافض لثورة 30 يونيو، واحتضانها لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، والمعارضين للنظام في مصر، حيث يتماهى الموقف القطري مع الموقف التركي مما حدث في مصر في 3 يوليو 2013.


واتسمت العلاقات مع قطر في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بالخلاف الدائم، وعندما قامت قطر بإعلان مقاطعتها للقمة العربية المنعقدة في القاهرة، قال عبد الناصر حينها "نخلتين وخيمة يقاطعوا مصر"، كما شهدت فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات علاقات باردة، حيث قال معلقا على اعتراض قطر على توقيع مصر على اتفاقية كامب ديفيد "هو كل واحد عنده كشك على الخليج هيعمل دولة"، وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تجمدت العلاقة بسبب دعم الشيخ حمد آل ثاني لحركة "حماس" وعلاقته بالنظام الإيراني، أما في فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، فتحولت العلاقات إلى أكثر قربا، وزار مرسي قطر عقب شهر واحد فقد بعد توليه الحكم، وتوالت الزيارات بين الطرفين خلال عام حكم مرسي.

 

كما تشهد العلاقات مع السعودية حالة من التذبذب وعدم الاستقرار، فتارة تتوتر، بسبب اقتراب مصر من المحور الروسي الإيراني السوري العراقي، وتارة أخرى تتقارب بعد ابتعاد مصر عن هذا المحور، فبعد توتر شديد الفترة الماضية، حدثت انفراجه في العلاقات بعد لقاء السيسي والملك سلمان في قمة البحر الميت بالأردن، حيث اتفق الطرفان على استئناف التعاون بينهما، وتبادل الزيارات، حيث دعا السيسي الملك سلمان لزيارة القاهرة، ودعا سلمان السيسي لزيارة الرياض.


ويتوقع الخبراء حدوث تغيير في خريطة التحالفات في المنطقة، منها ولادة تحالف سعودي تركي قطري، لمواجهة المحور المصري الإيراني الروسي العراقي، التي يتشكل وينهار حسب العلاقات بين مصر والسعودية.


كما تشهد العلاقات المصرية السودانية توترا مستمرا، بسبب الخلاف على مثلث حلايب وشلاتين، وموقف البشير من جماعة الإخوان المسلمين، ودعم السيسي لدولة جنوب السودان، وسد النهضة، والملف الليبي، حيث ترفض السودان وجود المشير خليفة حفتر في المشهد السياسي.


كما ساءت العلاقات المصرية المغربية في الفترة الأخيرة، على خلفية استقبال القاهرة لوفد رسمي من جبهة «البوليساريو» المناهضة للحكومة المغربية، على هامش احتفالية مرور 150 عاما على انطلاق البرلمان المصري بمدينة «شرم الشيخ» العام الماضي، مما فسره البعض على أنه ردا على الصعود الإسلامي في المغرب، وفوز حزب «العدالة والتنمية»، القريب من الإخوان، بالانتخابات البرلمانية، ما يمكنه من البقاء على رأس الحكومة لولاية ثانية، لكن محللين يرون أن مصر تلعب بهذه الورقة بعد التقارب المغربي الخليجي.


أما العلاقات المصرية الإيرانية – حسب الخبراء -، فيغلب عليها التوتر في كل العهود السابقة لعدة أسباب منها، اختلاف نظام الحكم بين البلدين، وموقف إيران من دول الخليج، والخوف من نشر المذهب الشيعي، وقوة الحركات الإسلامية الرافضة للتقارب مع الشيعة، وكذلك موقف القوى الكبرى مثل أمريكا من إيران، وكذلك تباعد أو تناقض الرؤى بين البلدين في العديد من الملفات، أبرزها الملف الفلسطيني، والملف الخليجي، والخوف من تنامي نفوذ إيران على المستويين العربي والإقليمي، وبسبب هذه المواقف الإيرانية تعاملت مصر في عهد مبارك  مع إيران باعتبارها مصدرا للتهديد.


هذا التنازع حول الملفات الإقليمية جعل من إيران مصدرا للتهديد بالنسبة لمصر، وفرض توجهات سياسية مصرية نحو إيران اتسمت بالتوتر شبه المستمر بين البلدين وتعثر معظم محاولات التقارب وتغليب المصالح المشتركة على حساب دوافع التوتر.


لكن هذه العلاقات شهدت تقاربا ملحوظا في عهد مرسي، من خلال زيارة الرئيس المعزول لإيران، وزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى القاهرة في فبراير 2013، والتي وصفت بالتاريخية.


لكن موقع "المونيتور" الأمريكي، تحدث على تزايد دفء العلاقات بين طهران والقاهرة، وذلك بخلاف ما كانت عليه العلاقات بين البلدين إبان حكم محمد مرسي.


أما العلاقات المصرية الجزائرية، فرغم زيارة السيسي للجزائر، ودعم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة له،  من خلال تزويد مصر بـ 145 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي قبل نهاية العام 2014، ورغم المشكلة الليبية التي تهم الطرفين، إلا أن العلاقة بين البلدين تظل باردة، ولم تصل إلى حد التحالف الذي كان في عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.


كما أن العلاقات المصرية التونسية أصبحت تراوح مكانها، بسبب وجود حزب النهضة الاخواني على رأس السلطة في تونس، والذي دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إلغاء زيارته لتونس.


تبقى علاقة مصر بدول مثل لبنان وعمان والبحرين والكويت واليمن والإمارات، وهي دول رغم أن بعضها له ثقل اقتصادي، مثل الكويت والإمارات، إلا أن ثقلها السياسي والعسكري لا يرقى أن تكون سندا أو حليفا قويا واستراتيجيا، تعتمد عليها مصر في صراعها على زعامة المنطقة العربية.


أما إسرائيل فمهما تقاربت مع مصر، فلن تتحول في يوم من الأيام إلى حليف أو صديق مخلص، يمكن الاعتماد عليه لمواجهة الشدائد.

 

يقول السفير رخا أحمد حسن، إن دول مجلس التعاون الخليجي مثل الكويت والإمارات وعمان، دول حليفة لمصر، وكلها دول تتفق مع مصر في الرؤية، كما أن هناك تعاونا استراتيجيا بين مصر والسعودية رغم الاختلاف، وهناك شبه توافق مع الجزائر، ومصر لها دور في لبنان، ورغم تذبذب العلاقات مع السودان تظل علاقات مصر معها إستراتيجية.


وأكد رخا أن مصر تثق في كل الدول لكن هناك اختلافا في وجهات النظر، فمثلا هناك خلاف مع تونس على القوى السياسية في ليبيا، نفس الشيء مع دول المغرب العربي والجزائر الذين يريدون تطبيق النموذج التونسي في ليبيا، العلاقات مع قطر متواترة بسبب موقفها المناوئ لمصر وإيوائها لجماعة الإخوان المسلمين، لكنها تظل دولة عربية شقيقة.


ولفت رخا إلى أن محور الاعتدال يمكن عودته مرة أخرى ولكن بعد حل الأزمة السورية بسبب الخلاف مع السعودية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تفكر في عمل محور قوى يتكون من السعودية ومصر والأردن وإسرائيل، مشيرا إلى أن مصر دائما تحافظ على وحدة الدولة العربية ومؤسساتها ووقف عملية التدمير والحلول السياسية وهذه هي السياسة العامة لمصر، مؤكدا على أن مصر لن تكون حليفة لمصر، ولكنها دولة من دول الجوار وهناك اتفاقية سلام معها، ولكن تكون حليفة قبل حل القضية الفلسطينية، أما توتر العلاقات مع تركيا كان بسبب تدخلها في الشئون الداخلية لمصر دون مبرر، أما العلاقات مع إيران  فهي هادئة.