رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

القرار «800» يكشف سر هروب شركات النقل البحري العملاقة من مصر

موانئ قناة السويس
موانئ قناة السويس


كشف قرار انسحاب بعض شركات النقل العملاقة من ميناء شرق بورسعيد، التابع للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مدى "التخبط" الذى تعيشه الحكومة، وسوء الإدارة فى القرارت التى تصدر عنها، خاصة عقب قرار وزير النقل رقم 800 المتعلق بزيادة رسوم الخدمات على السفن، دون معرفة تداعيات هذا القرار، ومدى تأثيره على الاستثمار فى منطقة قناة السويس.


وضمت الـ 5 خطوط ملاحية المنسحبة من ميناء شرق بورسعيد كلا من: «نيبونى ياسان كايشا» و«مول» اليابانيين، و«يانج مانج» التايوانى، و«كى لاين» الكورى، و«إيفر جرين»، ووقعت هذه الخطوط اتفاقا مع ميناء "بيريه اليوناني"؛ للاستفادة من خدماته في شرق البحر المتوسط، بدلًا من موانئ بورسعيد، بدءًا من شهر أبريل.


ونص الاتفاق، على أن تدفع السفينة ذات الحمولة التي تتراوح بين 15 ألفا و20 ألف حاوية، رسومًا بحدود 40 ألف دولار، فيما كانت تدفع السفينة رسومًا فى ميناء بورسعيد،  100 ألف دولار.


القرار 800، لم يكن وليد هذه اللحظة، ولكن تم إصداره فى عهد الدكتور جلال السعيد، وزير النقل السابق، والذى ينص على مضاعفة الرسوم مقابل جميع الخدمات المرتبطة بقطاع النقل البحرى ومقابل تجديد التراخيص، وأحدث هذا القرار "ضجة" من قبل، وقرر مجلس إدارة غرفة ملاحة الإسكندرية تعليق القرار ورفض العمل به، في اجتماع طارئ، دون الرجوع والتشاور مع غرفة الملاحة.


هشام عرفات، وزير النقل الحالى كشف فى تصريحات صحفية، أن هذه الخطوط الملاحية اتخذت قرار العمل في اليونان منذ ثمانية أشهر، وذلك قبل قرارات الزيادة، نتيجة الامتيازات التي منحها ميناء بيريه اليوناني.


من جانبه أعلن الدكتور أحمد درويش، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن الهيئة تدرس فى الوقت الحالى مع وزير النقل، تداعيات وجميع الجوانب الخاصة بالقرار رقم 800 وغيره من القرارات الخاصة بـ"الخطوط الملاحية".


وأضاف فى بيان له، أن الهدف من هذا القرار، هو مواكبة الأسعار العالمية فى منظومة النقل البحرى مثلما سبقتنا الموانئ المجاورة، مشيرا إلى أن هذا التحالف أصبح يخضع لمتغيرات أخرى بسبب الأوضاع السياسية وانكماش إحصاءات التجارة العالمية.


وأوضح أن القرار لم يؤثر فى عقود الامتياز مثل شركة قناة السويس للحاويات، مشيرًا إلى التزام الهيئة الاقتصادية بكل التزامات وتعاقدات الحكومة المصرية، وهو ما يحافظ على جاذبية الاستثمار فى مصر والمنطقة الاقتصادية.


بدوره قال عادل اللمعى، رئيس غرفة ملاحة بورسعيد، وعضو جمعية رجال الأعمال المصريين، إن انسحاب الخطوط الملاحية الخمسة، نتج عن زيادة أسعار رسوم العبور والخدمات، موضحا أن وزارة النقل أصدرت قرارين متتاليين وهما: القرار 488 الصادر فى سبتمبر 2015 والخاص برفع رسوم الخدمات «القطر والإرشاد والخدمات المينائية»، والقرار800، والخاص برفع قيمة رسوم العبور.


وأضاف "اللمعى" فى تصريح خاص لـ"النبأ" أن هذه القرارات كان لها تأثير كبير على موانئ شرق قناة بورسعيد وإفقادها كثيرًا من المميزات، مشيرًا إلى أن إصرار الحكومة على تنفيذ هذه القرارات سينذر بكارثة كبرى على حركة الملاحة فى قناة السويس، وسيكون له تأثير أكبر على اقتصادنا المصرى.


وطالب رئيس غرفة ملاحة بورسعيد، بضرورة التدخل السريع من وزارة النقل والهيئة الاقتصادية التى تشرف على الموانئ، لتعديل القرارين 488 و800، محملا المسئولية كاملة لوزارة النقل فى انسحاب هذه الشركات، متمنيا أن ترجع هذه الشركات مرة أخرى للعمل فى موانئ السويس؛ لإنقاذ الاقتصاد المصرى.


من ناحية أخرى، تقدم الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، عن حزب الوفد، دائرة العمرانية، بطلب إحاطة إلى الدكتور علي عبد العال، رئيس المجلس، وموجها أيضًا إلى المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور هشام عرفات، وزير النقل والمواصلات؛ بشأن الأزمة الواقعة بالمنطقة الاقتصادية لهيئة قناة السويس.


وقال "فؤاد" إن انسحاب أكبر الخطوط الملاحية في العالم من العمل مع ميناء شرق بورسعيد، سيؤثر سلبًا وبشكل كبير على الموانئ التابعة لهيئة قناة السويس، موضحا أن ميناء بورسعيد سيخسر 700 ألف حاوية كانت تمر بمياه القناة، مشيرا إلى أن هذا سيؤثر أيضًا على الاستثمارات في المنطقة الاقتصادية.


وتابع: "هناك حالة من التضارب في التصريحات بين القائمين على المنطقة الاقتصادية للهيئة، حيث حمل هؤلاء المسؤولية لوزارة النقل التي سبق وفرضت رسوم الخدمات الملاحية العام الماضي".


وتابع:" في حين أن وزارة النقل نفت مسؤوليتها عن انسحاب الخطوط الملاحية من المنطقة الاقتصادية، وأن القرار 800 الذي أصدرته الوزارة والخاص برسوم الخدمات الملاحية جاء للموانئ التابعة لوزارة النقل، وليس موانئ المنطقة الاقتصادية، وأن هذه القرارات تمت بعد دراسة للموانئ المنافسة في البحر المتوسط".


وطالب "فؤاد" بسرعة النظر في أبعاد وملابسات الأزمة، نظرًا لأنها تمس قطبًا رئيسيًا من أقطاب الدخل القومي، خاصة في ظل مساعي الدولة للارتقاء بمستوى الاقتصاد.


وقال الدكتور رفعت رشاد، رئيس جمعية الملاحة بالإسكندرية، إن قرار انسحاب شركات الملاحة من موانئ شرق بورسعيد سيكون له آثار سلبية على الاستثمار فى منطقة القناة، مضيفا أن الشركات لم تنسحب حتى الآن وأعطوا مهلة شهرًا للهيئة الاقتصادية؛ للبحث فى الشروط المجحفة التي تفرضها الحكومة المتمثلة فى القرار 800 الذى أصدره وزير النقل.


وأضاف "رشاد" فى تصريح خاص لـ"النبأ"، أن هيئة قناة السويس تعقد جلسات مستمرة مع وزير النقل من أجل تعديل القرار 800، منعا  لمغادرة  هذه الشركات الموانئ المصرية والبحث عن موانئ أخرى تحقق لها عائدات أفضل، مؤكدا استمرار التفاوض مع هذه الشركات من قبل مصر من أجل البقاء.


وأوضح رئيس جمعية الملاحة بالإسكندرية، أن ما حدث من قبل هذه الشركات الإعلان فقط عن الانسحاب من مصر، مضيفا أنهم سيظلون مستمرين لحين انتهاء تعاقدهم والذى سيمتد لشهور، منوها إلى أن عامل التوقيت سيكون كفيلا بعودة هذه الشركات من جديد بعد تعديل القرار 800.


وأكد "رشاد" أن السعر الذي تقدمه الموانئ المصرية لا بد أن يكون مناسبا مع الموانئ المجاورة، مشيرا إلى أن موانئ شرق بورسعيد، أصبحت لا تتميز عن الموانئ الأخرى، كما كان من قبل، وأصبحت الاختلافات "بسيطة" بينهم، مضيفا أنه من الطبيعي أن تضع هذه الشركات مصالحها الاقتصادية فوق أي اعتبار.


وأشار "رشاد" إلى أنه يجب على الحكومة وضع تسهيلات لهذه الشركات لجذبها أكثر، وعدم وضع عوائق أمامها، تجعلها تخرج من السوق كما حدث، مؤكدا أن انسحاب هذه الشركات سيكون خسارة كبيرة لا تقدر أن تتحملها مصر.


وتابع:" موانئ شرق قناة السويس تستوعب 5 ملايين حاوية، واستقبلت العام الماضي 2.2 مليون حاوية، وفى هذا العام استقبلت 1.1 مليون حاوية"، مشيرا إلى أننا الآن فى مرحلة حرجة، وفى حاجة لزيادة الموارد.


وتوقع "رشاد"، أن تتراجع هذه الشركات الكبرى عن الانسحاب من الموانئ المصرية إذا تم تعديل القرار 800 وتقديم التسهيلات لها.


ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس، إن انسحاب أكبر الخطوط الملاحية من الموانئ المصرية يعطي رسالة سلبية لدول العالم عن الاستثمار فى مصر، مضيفا أنه فى ظل الدعاية لجذب الاستثمارات، يوجد استثمارات داخلية تهرب من الدولة.


وأضاف "النحاس" فى تصريح خاص لـ"النبأ"، أن القرارات التى يصدرها المسئولون "غريبة "، مضيفًا أنه لا يوجد بديل عن الشركات أمام مصر، وخاصة أن معظم الشركات المصرية متعثرة حاليا.


وأكد "النحاس" أن قرار زيادة الرسوم على السفن، يؤكد تخبط الحكومة، مشيرا إلى أن معظم القرارات التي تتخذها الحكومة فى هذه الفترة، تؤكد أن رئيس الوزراء يقول لكل وزير: "دبر مواردك واتصرف".