رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كواليس زيارات أردوغان الخارجية لـ«حصار» مصر في إفريقيا

السيسي وأردوغان -
السيسي وأردوغان - أرشيفية


منذ 2015، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 12 دولة إفريقية؛ لتوسيع النفوذ التركي في إفريقيا الغنية بالثروات الطبيعية، ومصادر الطاقة، وتعزيز التبادل التجاري بين أنقرة، ودول «القارة السمراء».

وفي تقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، قالت إن «أردوغان» يحمل هدفًا سياسيًا استراتيجيًا، وهو حصول تركيا على موقع مؤثر في اللعبة السياسية ليس فقط على صعيد منطقة الشرق الأوسط، بل على صعيد «القارة السمراء».


أما صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية، فرصدت السباق التركي الإيراني الإسرائيلي على النفوذ في إفريقيا.


وقالت الصحيفة، إن تركيا تعد لاعبا رئيسيا في هذا السعي نحو النفوذ في إفريقيا، ويقود هذا الجهد الرئيس التركي «أردوغان» بنفسه، إلى درجة أنه زار الصومال التي مزقتها الحرب ثلاث مرات.


وأدت تلك الزيارات إلى حصول الشركات التركية على عقود كبرى، وتوطدت العلاقات بين المسئولين والسياسيين في تركيا والصومال.


إثيوبيا           

في يناير 2015، زار «أردوغان» أثيوبيا، ومعه وفد كبير من الوزراء ورجال الأعمال، وذكرت وكالة «الأناضول» أنها استطلعت آراء إثيوبيين، قالوا إن المنتجات التركية هي الأكثر رواجًا، والدراما التركية تحظى بمشاهدة عالية من السيدات في إثيوبيا.


وشهدت تلك الزيارة التوقيع على عدد من اتفاقات التعاون ومذكرات التفاهم في عدة مجالات منها التجارة والاستثمار والصناعة.


وذكرت وكالة الاستثمارات الإثيوبية، أن الاستثمارات التركية تعد الأكبر بين الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إثيوبيا، متفوقة بذلك على الصين والهند، ووصل حجم تلك الاستثمارات إلى 3 مليارات دولار أمريكي عبر 350 شركة أتاحت نحو 50 ألف فرصة عمل.


وقفز حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من 420 مليون دولار أمريكي 2013، كما تقوم تركيا ببناء خط سكك حديدية يوفر أكثر من 10 آلاف فرصة عمل، كما اتفق الطرفان على إقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين، وزيادة حجم التمويل والقروض المقدمة من تركيا للجانب الإثيوبي.


كما وقع الرئيس التركي مع نظيره الإثيوبي اتفاقية تعاون في مجال الطاقة تتمثل في توليد الكهرباء، وتوصيلها إلى بلدان الجوار، ما يجعل تركيا أكبر المستفيدين من بناء سد النهضة.


وتقوم تركيا بترميم «مسجد النجاشي»، في إقليم تجراي، شمالي إثيوبيا، أول مسجد في إفريقيا، والمشيّد على أول أرض عرفت الإسلام في «القارة السمراء».


جيبوتي

وفي يناير 2015، زار «أردوغان» جيبوتي، ووضع حجر الأساس لـ«مجمع الصناعات بالعاصمة»، وإطلاق بدء العمل بمنطقة تجارة حرة للسلع والصناعات التركية، كخطوة في سبيل تحويل جيبوتي إلى مدخل للمنتجات التركية لإفريقيا.


كما شهدت الزيارة توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين، وقال الرئيس الجيبوتي «عمر جيلة»، إنه يُقدر الجهود التركية لإقامة شراكة مع إفريقيا، وخاصة مع شرق إفريقيا التي كانت تمثل مدخل تركيا للسوق الإفريقي، وأن بلاده تساند بقوة الجهود التركية لإقامة شراكة استراتيجية مع إفريقيا، وأن تركيا تسعى للتعاون مع جيبوتي في إنشاء عدد من السدود التي ستساعد في تخفيف حدة الفيضانات التي تشهدها جيبوتي العاصمة ومناطق أخرى في البلاد.


وقال سفير جيبوتي لدى أنقرة "أدن حسين عبد الله" إن بلاده خصصت أرضًا؛ لإقامة منطقة تجارية خاصة لرجال الأعمال الأتراك.


كما تم التوقيع على 7 اتفاقيات تعاون في مجالات الموانئ والنقل والإعلام والزراعة والصحة إضافة إلى المجال العسكري.

الصومال

للمرة الثانية، زار الرئيس التركي الصومال في يناير 2015، وهي الزيارة الثانية له حيث كانت الزيارة الأولى عام 2011، وترى تركيا أن الصومال البوابة الأوسع لها في سعيها لتوسيع نفوذها بإفريقيا؛ نظرًا لأهمية موقع الصومال الجغرافي الذي يربط بين القارات، وباعتبارها ممرًا مهمًا للطاقة في العالم، إضافة إلى الثروات التي يمتلكها الصومال ومخزونها من البترول.


ونجحت تركيا في إقامة قاعدة عسكرية في الصومال، حيث تقوم من خلالها بتدريب أكثر من 10 آلاف جندي صومالي، وستكون بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجى سياسيا وجغرافيا مدخلا مهما لبيع السلاح التركى فى القارة السمراء وفتح أسواق جديدة للصناعات الحربية التركية.


وخلال الزيارة، تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجالات الصحة والبنية التحتية، وقدمت تركيا مساعدات بقيمة 400 مليون دولار أمريكي إلى الصومال.


وفي يونيو 2016، زار «أردوغان» الصومال للمرة الثالثة، وافتتح مجمع السفارة التركية، في «مقديشيو».


ساحل العاج

في مارس 2016، زار «أردوغان» ساحل العاج، برفقة 150 رجل أعمال، متعهدًا بزيادة التبادل التجاري بين البلدين إلى مليار دولار بحلول عام 2020.


غانا

وفي مارس 2016، زار «أردوغان» غانا، التي يراها أهم الشركاء لبلاده غربي إفريقيا، وأن العلاقات بين البلدين شهدت تطورًا تاريخيًا في السنوات الأخيرة.


نيجيريا

وزار «أردوغان» نيجيريا التي تعد شريكا استراتيجيا لتركيا، مشيرا إلى أنهم وقعوا اتفاقيات ومذكرات تفاهم للدفع بعلاقات البلدين إلى الأمام، وذكر أن قرابة 150 رجل أعمال تركي يرافقونه في زيارته الحالية للبلاد، داعيا إيّاهم للاستثمار في نيجيريا، ونظرائهم النيجيريين للاستثمار في تركيا، كاشفًا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ مليارا و145 مليون دولار أمريكي.


غينيا

زار «أردوغان» غينيا في مارس 2016، ووقع عددًا من الاتفاقيات، في مجالات السياحة، والنقل، والصحة، والتعاون العسكري، والكهرباء، والهيدروكربونات، والتعدين، والبيئة.


وقال الرئيس التركي خلال مراسم التوقيع، إن تركيا تريد أن تأتي إلى غينيا بروابط الإخوة، على عكس الطرق التي جاء بها المستعمرون في الماضي.


وأكّد الرئيس التركي أن بلاده ستقدّم الدعم اللازم لـ«غينيا»، في مجال توفير موظفي الصحة، وتنشئة كوادر جديدة في القطاع نفسه.


أوغندا

في يونيو 2016 قام الرئيس التركي بزيارة أوغندا، وقام بتوقيع عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات.


كينيا

كما قام الرئيس التركي في يونيو 2016 بزيارة كينيا، وقام بتوقيع عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات.


تنزانيا

هذا الشهر «يناير 2017» زار «أردوغان» تنزانيا يرافقه عدد من الوزراء، ورجال الأعمال الأتراك.


ولفت أردوغان إلى أن "القرارات التي اتُخذت والاتفاقيات التي أبرمت تحمل أهمية بالغة من ناحية نقل علاقات الصداقة بين البلدين نحو المزيد من التقدم".


وأشار رئيس مجلس الأعمال التركي – التنزاني في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية، إلى أهمية تنزانيا بالنسبة لعالم الأعمال في تركيا كونها تتصدر دول إفريقيا جنوب الصحراء من حيث جودة الأداء الاقتصادي، مؤكدا أن قطاعات المعادن والطاقة المتجددة والأدوية والملابس وإنتاج الآليات الزراعية والصيد وغيرها، تُشكل فرصًا كبيرة بالنسبة للقطاع الخاص التركي.


موزمبيق

قام الرئيس التركي بزيارة لموزمبيق هذا الشهر " يناير 2016"، حيث أكدت "زينب قزلتان"، سفيرة تركيا في العاصمة الموزمبيقية "مابوتو" عن اعتقادها أن 2017 سيشهد زيادة اهتمام رجال الأعمال الأتراك بموزمبيق، وتزايد الاستثمارات التركية فيها، مشيرة إلى أن حجم الاستثمارات التركية هناك وصلت إلى 270 مليون دولار.


مدغشقر

كما قام الرئيس التركي بزيارة مدغشقر هذا الشهر " يناير 2017" وقام بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات.


أردوغان يغزو إفريقيا

وبحسب تقارير تركية رسمية فإن حجم الصادرات التركية إلى دول القارة السمراء خلال الفترة من 2011 - 2016، تجاوز الـ 74 مليار دولار.


وتعد تركيا ثالث دولة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية للقارة السمراء بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، وتجاوز حجم المساعدات التركية 4 مليارات دولار حتى 2015.


وتشير البيانات الرسمية التركية إلى أن أنقرة أسست علاقات تجارية مع نحو 38 دولة إفريقية من إجمالي 54 دولة خلال الشهور التسعة من عام 2014.


وتأتي إثيوبيا في المرتبة الأولي كأكثر الدول الإفريقية المستقبلة للاستثمارات التركية، حيث يبلغ عدد الشركات التركية العاملة فيها 350 شركة بإجمالي استثمارات 3 مليار دولار.


مصر خارج السباق

وحسب عمرو عبد اللطيف، المدير التنفيذى لجمعية المصدرين المصريين "إكسبولينك"، فإن حجم الصادرات المصرية للدول الإفريقية لا يتجاوز ١،٢ مليار دولار سنويا، فيما بلغت الاستثمارات المصرية في القارة السمراء حوالي 8 مليارات دولار.


ويقول الدكتور مغاوري شحاتة، الخبير في الشأن الإفريقي، إن تحركات «أردوغان» في القارة الإفريقية وراءها العداء الشديد الذي يكنه لـ«ثورة 30 يونيو»، بحكم انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، وهو يحاول بكل الوسائل إسقاط مصر مائيًا، منوهًا إلى أن هذا هو السبب الرئيسي في زيارته لدول حوض نهر النيل، وله أهداف في إثيوبيا على وجه التحديد، وهناك تعاون كبير بينه وبين الإثيوبيين، سواء عن طريق الإمداد بالخبرة أو بالمال أو بالتخطيط، وهو يتفق مع كثير من الدول العربية في مواقفه «المخزية» ضد مصر.


وأضاف «مغاوري»، أن أردوغان يحاول توسيع نفوذ تركيا الاقتصادي والسياسي والعسكري في إفريقيا، وهو لديه نهم شديد للزعامة، ومصر هي العقبة الرئيسية أمام تحقيق طموحه، لذلك هو يحيطها من كل الجوانب سواء سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا، لكن مصر لن تستطيع مواجهة القوة التركية الآن في ظل الظروف الحالية.


وأشار الخبير الإفريقي، إلى أن مصر في عهد «عبد الناصر» تختلف تمامًا عن مصر الآن، وأن إفريقيا كانت في عهده عبارة عن  مستعمرات صغيرة ودويلات تحت الانتداب أو الوصايا وحركات تحرر، ولم تكن دولا بالمعنى المفهوم، ومصر كانت دولة قوية، وكان اقتصادها قويا وكانت تستطيع أن تقدم الدعم المالي للقارة الإفريقية، لكن الآن الظروف تغيرت، وهي تعاني من مشاكل كبيرة داخليا، وبالتالي هي لا تستطيع مجاراة تركيا في إفريقيا.


ولفت «مغاوري» إلى أن «أردوغان» يبحث عن ما هو أكثر من «الغاز والنفط»، مشيرًا إلى أن موزمبيق فيها ما هو أكثر من الغاز، فهى تحتوى على عناصر نادرة جدا من الثروة المعدنية، وبالتالي هي دولة ثرية، ومتقدمة من ناحية التعليم، والرئيس التركي يتحرك على جميع المستويات، وهذه «شطارة» منه، لاسيما أن ظروف تركيا تساعده على ذلك، لكن مصر تعاني من وضع داخلي صعب جدًا.


وأضاف أن «أردوغان» يحاول السيطرة على الموانئ الإفريقية؛ للسيطرة على منطقة البحر الأحمر، وتركيا تحاول أن تتبع هذه المسارات المائية وإدارتها، مستغلة تخلف هذه الدول من ناحية الإدارة، لكن لابد أن تكون مصر صامدة في مواجهته من ناحية رصد ودراسة تأثيره وإيقاف خطره على الأمن القومي المصري.   


ويقول الدكتور «هاني رسلان»، الخبير في الشأن الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن تحركات «أردوغان» تأتي في إطار طموحه الخاص بتحويل تركيا إلى دولة إقليمية كبرى، لذلك هو يركز أكثر على القوس الذي يمتد لتطويق مصر من الجنوب، من خلال التركيز على دول مثل الصومال وإثيوبيا وتنزانيا، وكلها دول كانت ساحات سابقة لـ«الأمن القومي المصري»، ويقوم بضخ استثمارات وعقد اتفاقيات تجارية وإمدادها بالأسلحة.


وأشار «رسلان» إلى أن تركيا تتحرك في إفريقيا بشكل أكبر من إمكانياتها الحالية، لافتا إلى أن مصر أدارت ظهرها لإفريقيا منذ ثلاثة عقود، كما أن الاقتصاد المصري يمر بأزمة غير مسبوقة في تاريخه، وهو يواجه مصاعب وتحديات كثيرة، وبالتالي هذا ينعكس على قدرة مصر في كل المجالات