رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خريطة تفصيلية بالمصانع والشركات «المفلسة» بعد تعويم الجنيه

شريف إسماعيل - أرشيفية
شريف إسماعيل - أرشيفية


دخلت معظم الشركات والمصانع بمختلف القطاعات في أزمات مالية متتالية، عقب قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه، والذي على إثره ارتفع سعر الدولار كالبرق أمام الجنيه ليسجل أكثر من 20 جنيهًا، ما تسبب في تراكم المديونيات على الشركات والمصانع، لدرجة وصلت إلى الإفلاس والإغلاق،  نظرًا لتجاوز الخسائر 100% من رأس مال تلك الشركات والمصانع.

كارثة «تعويم الجنيه» والمعروفة بتحرير سعر الصرف، لم ينج من آثارها الضارة أي شركة من الشركات أو مصنع من المصانع، الحكومية أو الخاصة، في مختلف القطاعات الصناعية، ما  ترتب عليه  نقص في كافة أنواع السلع، فضلًا عن ارتفاع حجم البطالة في هذه الشركات، وكذلك تعرض أصحاب تلك الشركات والمسئولين بها للمساءلة الجنائية لعدم سداد مستحقات البنوك.


وتفاقمت الأزمة عقب  إعلان جمعيات مستثمري "العاشر من رمضان – 6 أكتوبر – العبور – مدينة السادات – منطقة عتاقة الصناعية بالسويس - سوهاج – بنى سويف – أسيوط – أسوان"، تضررها رسميًا من قرار تعويم الجنيه، لدرجة وصلت إلى تآكل رؤوس أموال الشركات وتعرضها للإفلاس وتراكم الديون عليها لدى البنوك، مطالبين الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل لرفع الأضرار التي وقعت عليهم جراء تحرير سعر الصرف.


على رأس القطاعات المتضررة من تعويم الجنيه، وما تلاه من رفع الدعم عن المواد البترولية،  قطاع البناء والتشييد، فهناك أكثر من 600 مصنع للطوب بنوعيه الأحمر والحراري بمختلف أنحاء الجمهورية توقفت تمامًا عن العمل بسبب زيادة أسعار الوقود فضلًا عن أجور العمال، ومن بين تلك المصانع المتوقفة مصانع مناطق الصف وعرب أبو ساعد وأبو حماد.


ويرجع توقف مصانع الطوب، إلى القرارات الحكومية المتتالية التي صدرت خلال الشهور الماضية تحت ستار الإصلاح الاقتصادي، وفي مقدمتها قرار «تعويم الجنيه»، وقرار تخفيض الدعم عن المواد البترولية، حيث نتج عنها زيادة في أسعار الوقود، ومن ثم زيادة تكاليف الإنتاج، الأمر الذي أسفر عنه اتجاه عدد كبير من المصانع إلى التوقف الكلي عن الإنتاج، فضلًا عن توقف البعض الآخر توقفا جزئيا لحين حدوث انفراجة في تغطية تكاليف الإنتاج.


ووصل سعر طن المازوت نحو 2100 جنيه بعد أن كان ثمنه 1900 جنيه، ما ساهم في رفع تكلفة إنتاج «الطوب» بشكل مباشر، نظرًا لأن «المازوت» يمثل 40% من عناصر تكلفة «الطوب» بنوعيه الأحمر والحراري، فضلًا عن ارتفاع قيمة «نولون» النقل من وإلى المصانع بنسبة 100% بسبب رفع سعر السولار، الأمر الذي أثر بالسلب على التكلفة الإجمالية لـ«إنتاج الطوب».


ووصلت الزيادة في تكاليف إنتاج الطوب الأحمر أو الحراري بنسبة 50%، الأمر الذي انعكس سلبًا على أسعار البيع للمستهلك، إلا أن بعض المصانع اقتصرت على رفع أسعار البيع للمستهلك بنسبة 30% فقط  من باب التنافس، ولم يدم ذلك لوقت طويل، خاصة أن تلك المصانع تكبدت خسائر جسيمة تسببت في توقفها عن العمل.


وحاولت بعض مصانع الطوب، الخروج من أزمة ارتفاع أسعار الوقود، عن طريق التحول من استخدام «المازوت» إلى الغاز الطبيعي، إلا أن تلك المحاولة واجهتها عقبة تكلفة التحويل، والتي تقدر بنحو 3 ملايين جنيه في المصنع الواحد.


وتأتي صناعة الغزل والنسيج ضمن الصناعات الأكثر تضررًا من قرار تعويم الجنيه ورفع الدعم عن المواد البترولية، فبالرغم من أن هذا القطاع يحتضن  قرابة مليون عامل موزعين على 4 آلاف مصنع حكومي وخاص إلا أن مصانعه المغلقة تجاوزت 1420 مصنعًا في مدينتين فقط، ففي مدينة المحلة الكبرى تم إغلاق 480 مصنعًا متخصصًا في التريكو والتطريز والنسيج الدائرى والملابس الجاهزة والمفروشات وتجاوزت خسائرها نحو 400 مليون جنيه، وفي مدينة شبرا الخيمة تم إغلاق نحو 940 مصنعًا من إجمالي 1370 مصنعًا.


وبرر أصحاب مصانع الغزل والنسيج سبب الإغلاق بارتفاع سعر صرف الدولار، وغلاء الطاقة والغزول، وعدم القدرة على توفير السيولة المالية اللازمة للإنتاج، وتغطية أجور العمال، بالإضافة لعدم القدرة على منافسة المنتجات التركية والسورية والماليزية والأوروبية، باعتبارها تتمتع بجودة أعلى وأسعار أرخص.


ومن ضمن القطاعات التي تأثرت سلبًا بتعويم الجنيه ورفع الدعم عن المواد البترولية قطاع الطباعة، نظرًا لارتفاع خامات الطباعة من الورق والأحبار وخلافه، ما تسبب في توقف عدد كبير من المطابع عن العمل في ظل تلك الظروف، حيث زادت أسعار الأحبار بنسبة 120%، بينما ارتفعت أسعار الورق والزنكات بنسبة 100%.


وانعكس ارتفاع تكاليف الطباعة سلبًا، بشكل واضح، على المطابع المكلفة بطباعة الكتب الدراسية لوزارة التربية والتعليم، حيث توقفت 31 مطبعة عن طباعة كتب الفصل الدراسي الثاني لعام  2016 بسبب ارتفاع قيمة التكاليف عن السعر الذي كان وقت المناقصة التي طرحتها الوزارة.


كما تأثر  قطاع الأسمدة والبتروكيماويات سلبًا بتعويم الجنيه ورفع الدعم عن المواد البترولية، حيث توقف المصنع رقم 1 ورقم 2 للشركة المصرية للأسمدة، ومصنع شركة أيبك للأسمدة عن العمل نتيجة اعتصامات عمالية داخل الشركات تطالب بزيادة المرتبات لمواكبة ارتفاع الأسعار.


وحول الحلول المطلوبة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشركات المتضررة من تعويم الجنيه، قال سمير عارف رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، إنه لابد من تشكيل لجنة للجلوس مع كل مستثمر على حدة لبحث مشكلته لإيجاد حلول لها ترضي جميع الأطراف سواء المستثمر أو البنك الدائن، من حيث تحديد سعر عادل للدولار،  وجدولة المبالغ المستحقة للبنك، وتقسيم الخسارة على الطرفين.


وأضاف رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، أن عدد الشركات التي تخص جمعيات المستثمرين المتضررة من تعويم الجنيه بلغ نحو 500 شركة، تجاوزت خسائرها الإجمالية 5 مليارات جنيه، مشيرًا إلى أن الخسارة يختلف حجمها من شركة لأخرى، حيث أن بعض الشركات وصلت بها فروق العملة نحو مليار جنيه لأن بها سلعا استراتيجية.


من جانبه قال سطوحي مصطفى، رئيس جمعية مستثمري أسوان، إن الأضرار الواقعة على شركات المستثمرين جراء «تعويم الجنيه» لم تصل بعد إلى حد الإفلاس، وإنما هناك مشاكل مادية تتعلق بالأسعار والأجور، وخلافه تتراكم من حين لآخر، وقد تصل بتلك الشركات إلى «الإفلاس».


وأضاف رئيس جمعية مستثمري أسوان، أن عدد الشركات المتضررة من تعويم الجنيه والتي تم حصرها بالفعل والوقوف على مشاكلها المالية بلغ 6 شركات، مشيرًا إلى أن هناك لقاءات متتالية ستعقد خلال الفترة القادمة على مستوى جميع الأطراف كوزارة المالية ومجلس الوزراء والبنك المركزي للوصول إلى حلول جذرية تخرج الشركات من أزمتها المالية.


وأوضح رئيس جمعية مستثمري أسوان، أن بعض الخلافات الشخصية داخل اتحاد المستثمرين، هي التي دفعت الاتحاد إلى اتخاذ موقف انتقادي لجمعيات المستثمرين التي أعلنت تضررها من «تعويم الجنيه»، واستغاثت بالرئيس السيسي لحل المشكلة، لافتًا إلى أن كل جمعية من جمعيات المستثمرين تسعى إلى تحقيق أكبر مكاسب بما يتوافق مع مصالحها.