رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

باب اللوق.. مقر السحرة والبهلوانات

باب اللوق
باب اللوق


هناك بعض الأماكن التي تصلح أكثر من غيرها لأسباب التسلية الشعبية، وتؤمها طبقات الشعب المختلفة، فنسمع أن الماجنين والعاهرات كانوا يبحثون عن التسلية في باب اللوق، حيث يوجد السحرة والبهلوانات والرجال الذين يدربون الجمال والحمير والكلاب والقرود على الرقص. والمصارعون الجوالون والمنجمون الذين يجلسون وراء صناديق من الرمل، ولاعبو الأراجوز " الذين يحركون دُمى من وراء ستار". ثم هناك أيضاً المبارزون المهرة الذين يستطيعون استخدام جميع أنواع الأسلحة وخاصة الهراوة، والموسيقيون الذين يرافقون منشدي أغاني الشجو، والشجن.


وينافس مدربو الحيوان الحواة والبهلوانات.. وفي ذلك يقول "بير بيلون": "يوجد بين العرب في القاهرة عدد من القرداتية والطبالين، وأثناء لعبهم يقرعون طبلة بأصابعهم ويغنون على صوت هذه الطبلة (وهي الرق) المركب فيها عدد من الحلقات النحاسية، ويمسكونها باليد اليسرى، ويدقونها باليد اليمنى. وهم على جانب كبير من المهارة في تعليم ألاعيب القرود لأنواع مختلفة من الحيوانات، يعلمونها للجِدْي أو غيره.. من ذلك أنهم يضعون سرجاً على ظهر الجدي، ويُركبون عليه القرد، ويُعلّمون الجدي القفز كالحصان، وهم يعلّمون الحمار كيف يمثل أنه يموت وأن يتمرغ في الأرض وأن يصطنع أنه يرفس القرود التي تتسلق ظهره.. ولديهم أيضاً من الحيوانات المدربة أُنثى القرود، ولكن قلما تُرى لأنه لا يمكن الاعتماد عليها.


ومعهم أيضاً نوع الغوريلا المكممة، وهي وديعة حسنة التدريب إلى درجة أنها تنتقل من شخص إلى آخر ممن يشاهدون الطبال وهو يلعب، وتمد يدها دلالة على طلب النقود، ثم تحمل النقود وتسلمها لصاحبها.


أما الحواة، فكانوا يسيرون في الطرقات حاملين أكياساً (تعرف بالجِراب) مليئة بالثعابين التي كان في استطاعتهم أن يجعلوها تقوم بحيل غريبة مختلفة. فعن طريق النفخ، يمكنهم أن يجعلوها تصطنع الموت، وبالنفخ مرة أخرى يحيونها، ويجعلونها تقوم بأعمال شيطانية. وقد رأى أحد الأفراد رجلاً يأخذ حية بيده - المجردة- من قاع قدر كبير يحتوي على عدد من هذه الثعابين، ثم عرى رأسه ووضع الحية عليها.. ثم غطاها بطاقيته ثم رفعها ووضعها على صدره، ولفها حول عنقه دون أن تصيبه الحية بأي أذى. وبعد ذلك وضع دجاجة بالقرب من الحية ذاتها فلدغتها وماتت بعد دقائق قليلة. وفي نهاية العرض، تناول الرجل الحية من رقبتها وأكلها مبتدئاً بالذيل، حتى أتى عليها بأسرها في سهولة ودون أي امتعاض كشخص يأكل جزرة أو عوداً من الكرفس.


وكان للبهلوانات جمهورهم، ومنهم من رؤي فوق بركة ماء في القاهرة عندما تسلق الحبال وسار عليها بظهره مقيد اليدين معصوب العينين. وكان هناك آخر شدّ حبلاً بين أعلى طبقات القلعة، وإحدى المنارات على مسافة ميل ومشى على الحبل مستخدماً يديه ورجليه، وهو تارة يطلق نفطاً، وتارة يرمي بقوس قوي كان بيده. ولما وصل إلى نصف الحبل، ألقى نفسه، فصاح القوم كلهم، وظنوا أنه سيهشم إلى أشلاء.. ولكن تلك لم تكن سوى حيلة بارعة، إذ كان ممسكاً في يده بطرف حبل دقيق مربوط بعناية إلى الحبل المنصوب فتعلق به وصعد