رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«المرسي».. كلمة السر في استمرار صراعات الإخوان.. تقرير

محمد عبد الرحمن المرسي
محمد عبد الرحمن المرسي - أرشيفية


وصلت الأزمة الداخلية في جماعة الإخوان المسلمين إلى «طريق مسدود»، بعد النزاع الذي ظهر بين القيادات في نهاية عام 2015، ووصل ذروته خلال الأيام الماضية، إلى إعلان جبهة الشباب في الجماعة عدم اعترافها بمكتب الإرشاد، الذي يديره محمود عزت القائم بأعمال المرشد، وشكلت مكتبا جديدا ومجلس شورى عامًا جديدًا أيضًا.



في المقابل، أعلنت جبهة القيادات التاريخية، بقيادة محمود عزت، استكمال الأماكن الشاغرة في مجلس الشورى، ورفضت الاعتراف بالانتخابات التي أجرتها «الجبهة الشبابية» ونتائجها.



ووسط هذا الانقسام، حاول أكثر من شخص التدخل لحل أزمة الإخوان التي تفاقمت، مثل الدكتور يوسف القرضاوي، العالم الإسلامي الشهير، وإسماعيل هنية، القيادي في حركة حماس، وقيادات التنظيم الدولي، أو عن طريق ممثلين لهم مثل تميم بن حمد آل ثان، أمير قطر، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، ولم تنجح في توحيد «الجماعة»، وإعادتها إلى وحدتها.



ورغم فشل كل الجهود في حل الأزمة، إلا أنه بقي شخص واحد هو وحده دون غيره، القادر على حل أزمة «الجماعة»، فبكلمة واحدة منه إذا نطقها تعود «الجماعة» إلى لحمتها وتتخلص من كل ما اعتراها من انقسامات وصراعات، وإذا حبسها زاد الانقسام والانشقاق وتعمق ووصلت الجماعة إلى مصير مجهول.



هو وحده من يملك أسرار الجماعة كاملة، وهو من بيده أمورها المالية والإدارية، وبيان واحد منه كفيل بحل كل الأزمات، ولكنه يرفض أن يصدر هذا البيان، ويلتزم الصمت حتى الآن.



هذا الشخص هو الدكتور محمد عبد الرحمن المرسي، عضو مكتب الإرشاد، وهو من مواليد 1956 وزوج عضو مجلس الشعب السابقة، سهام الجمل.



اختفى «المرسي» بعد فض اعتصام رابعة العدوية، في حين توفيت زوجته إثر طلق ناري تعرضت له في مظاهرة بالمنصورة في أكتوبر 2013، بعدها بدأ في الظهور والتواصل مع الجماعة والعودة لممارسة عمله كعضو بمكتب «الإرشاد» في بداية 2014.



مع اختفاء أغلب قيادات الجماعة بالوفاة أو السجن أو الاختفاء، لم يتبق من أعضاء مكتب الإرشاد في مصر سوى «المرسي» ومحمد كمال، وتم إجراء انتخابات في الجماعة لاختيار لجنة إدارية تدير أمور «الجماعة»، وكان "كمال" رئيسها، وشغل المرسي منصب النائب، وبدأ في الانتظام في دوره، إلا أنه لم يكن من المؤمنين بثورة يناير كما أكد مقربون منه، وكان يميل للفكر الإصلاحي، ومقتنع بإجراء مصالحة مع النظام، والعودة لمسار المعارضة كما كان الحال قبل ثورة يناير 2011.



بدأ «المرسي» في عدم التجاوب مع اللجنة وعدم الانتظام في حضور جلساتها في الوقت الذي وضعت فيه اللجنة خطة للعمل ضد النظام، ولكنه استمر في منصبه بالجماعة.



وفي بداية 2015 ظهر محمود عزت، نائب المرشد،  الذي اختفى منذ فض اعتصام رابعة منتصف أغسطس 2013؛ مطالبًا بدوره في قيادة «الجماعة» بصفته نائب المرشد والقائم بأعماله.



وأصدر «عزت» قرارا بحل اللجنة الإدارية، واختيار لجنة إدارية جديدة، احتفظ فيها «المرسي» و«كمال» بموقيعهما بصفتهما أعضاءً بمكتب الإرشاد، ولكن "عزت" أصر أن يكون المرسي هو رئيس اللجنة.



وافق "كمال" على هذا القرار، وبدأ العمل مع اللجنة، وكان الشخص الوحيد الذي يتواصل مع محمود عزت هو «المرسي»، وكان في كل مرة يذهب للقائه يرجع بقرارات إدارية يلزم اللجنة بتنفيذها، شملت تجميد عضويات بعض الأعضاء، وتغيير مراكز داخل الجماعة، وبعض القرارات المالية والإدارية التي كانت تخالف ما يتم الاتفاق عليها بين أعضاء اللجنة.



كان عزت والمرسي من المؤمنين بالمسار الإصلاحي، بينما كانت اللجنة تدفع في اتجاه المواجهة مع النظام، ولذلك ضاق «عزت» ذرعا باللجنة، وأرسل قرارا بحلها حمله «المرسي» للأعضاء الذين رفضوا الانصياع له، لأنهم منتخبون من الإخوان.



ولكن «عزت» أصر على قراره، وأقال المتحدث باسم اللجنة محمد منتصر، وجمد عضوية 8 من القيادات في اللجنة على رأسهم محمد كمال، في حين أبقى على تواجد المرسي ومعه مدير مكتب الشرقية ومدير مكتب القليوبية اللذين كانا أعضاء باللجنة، وشكلوا لجنة بمفردهم تحت رئاسة «المرسي».



في المقابل قرر الثمانية الآخرون بأنهم هم الأغلبية، وهم اللجنة الإدارية وأصبحوا يصدرون بيانات باسم اللجنة لرفض هذه القرارات.



أنشأ «المرسي» صفحة خاصة به على «فيس بوك»، وأخرى على «تويتر»، وثالثة على «تلجرام» تتم إدارتهم من تركيا بتعليمات منه، حملت صفحته رئيس اللجنة الإدارية العليا.



وبدأ الانقسام في «الجماعة»، وفي وقت من الأوقات في بداية 2016 حاول «المرسي» لم الشمل، وأرسل للشيخ يوسف القرضاوي، الذي شكل لجنة واستمع لطرفي النزاع وقدم مبادرة من 5 بنود شملت إخلاء جميع المناصب باستثناء منصب القائم بأعمال الجماعة محمود عزت، وعمل انتخابات جديدة، ولكن المرسي رفض إخلاء منصبه وتمسك بوجوده في مكتب الإرشاد وعلى رأس اللجنة الإدارية.



بعدها، تم الدعوة لمجلس شورى في مارس 2016 حضره «المرسي»، ولكنه لم يكتمل النصاب، ومع ذلك أصدر قرارات بإبقاء الجميع في مناصبهم، واختيار شخصيات من الجماعة في الأماكن الشاغرة وتجميد عضوية جميع المخالفين.



مع عدم استجابة قيادات الجبهة الشبابية لقرارات التجميد، وبعد وفاة محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد، اتجهت الجماعة للانقسام من الرأس حتى القاعدة، وقامت الجبهة الشبابية بعمل انتخابات هاجمتها جبهة محمود عزت، وأعلنت عدم الاعتراف بشرعيتها، إلا أن الدكتور محمد عبد الرحمن المرسي صمت على الإجراءات الخاصة باللجنة، ولم يُصدر بأي بيان يهاجمها أو ينتقدها، على غير عادته في الإجراءات السابقة.



صمت «المرسي» غير المسبوق جعل كثيرين داخل الجماعة يأملون في أن يكون قد عاد لصوابه، وقرر الإفصاح عن طبيعة الصراع ووضع حد له، بما له من تأثير كبير داخل الإخوان بصفته الشخص الأول في الجماعة بالداخل حاليا، والقائد الفعلي لكل أمورها، وهو ما جعل البعض يطالبونه بقول الحق وعدم الانحياز لأي طرف واتخاذ موقف حاسم لحل صراع الجماعة، ولكنه ما زال في صمته حتى الآن، ولم يعلن انحيازه لأي من الطرفين بشكل كامل، في حين تبقى الجماعة في انتظار كلمة منه تعيد لحمتها إلى ما كانت عليه وتحل جميع الأزمات بها.