رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«التضامن الاجتماعي» تقتل 30 مليون فقير بـ«وهم» برنامج تكافل وكرامة

وزيرة التضامن الاجتماعي
وزيرة التضامن الاجتماعي - أرشيفية


أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي برنامج «تكافل وكرامة»؛ لانتشال قطاع كبير من الأسر المصرية من مستنقع الفقر، والسيطرة على أفراد هذه الأسر، واحتضانهم حتى لا تنفجر آلامهم ومعاناتهم الاجتماعية في وجه الدولة.

هذا البرنامج الذي أطلقته وزارة التضامن الاجتماعي، جاء مخيبًا للآمال بعد تطعيمه بشروط لا تحصر جميع الأسر الفقيرة؛ بل تختار عينة فقط من الفقراء، خاصة أن «تكافل وكرامة» برنامج نقدي مشروط مبني على شقين أساسيين، الشق الأول "تكافل"، وهو معاش يستهدف الأسر ذات المستوى المعيشي الضعيف جدًا، ودخلها قليل جدا، ولديها أطفال حتى سن الـ18 عامًا، شريطة أن يكون الأطفال فوق سن الـ 6 سنوات مسجلين في التعليم ومنتظمين في الحضور بنسبة 80% على الأقل، وبالتالي هرب من تحت هذا الشق أسر فقيرة جدًا لا تجد قوت يومها، والشق الثاني "كرامة " وهو استحقاق فردي يستهدف الأفراد المُسنين ممن هم فوق سن الـ  ٦٥سنة أو أكثر، والأشخاص الذين يعانون من الإعاقة بنسبة 50% بشهادة من  القوميسيون الطبي، وهذا الشق استبعد أسر فقيرة ممن هم دون سن الـ65 سنة، وذوي الإعاقة بنسبة تقل عن الـ80%.


المفاجأة غير المتوقعة في برنامج «تكالف وكرامة» هي غياب العدالة في تطبيق البرنامج من الناحية الجغرافية، خاصة أن البرنامج لم يستهدف جميع محافظات الجمهورية، وإنما استهدف محافظات بعينها، رغم أن كل محافظة لا تخلو من حالات الفقر، بل إن البرنامج لم يستهدف جميع المراكز والمدن والقرى والأحياء بالمحافظة التي تم اختيارها، بل استهدف مراكز ومدن وقرى وأحياء محددة.


ثم إن عملية احتكار برنامج «تكافل وكرامة» لصالح أماكن بعينها، كانت مفاجئة للأسر الفقيرة في الأماكن الأخرى التي تم تجاهلها، حيث اقتصرت عملية التقديم في البرنامج على الأماكن التي تم تحديدها من قبل وزارة التضامن الاجتماعي، وهذه لا تتعدى الـ 9 محافظات، هي أسيوط في مناطق، «مدينة أسيوط الجديدة، البداري، ساحل سليم، صدفا، منفلوط، أبوتيج، الفتح، أسيوط، الغنايم، أبنوب، ديروط».


أما محافظة قنا، فتتمثل بمراكز «الوقف، نقادة، فرشوط، قوص، مدينة قنا، نجع حمادي، دشنا، أبو تشت، قفط»، ومحافظة سوهاج، بمراكز: «مدينة سوهاج الجديدة، طهطا، الكوثر، دار السلام، ساقلتة، جهينة الغربية، المنشأة، أخميم، المراغة، طما، طهطا».


وفي محافظة أسوان، بمراكز: «نصر النوبة، كوم أمبو، دراو، مدينة أسوان، أدفو، أبو سنبل»، وفي محافظة القاهرة، بمناطق: "منشية ناصر، قسم مصر القديمة المعروف بالبساتين، قسم مدينة نصر أول المعروف ب بالهجانة"، محافظة  الجيزة بمناطق "العياط، قسم الواحات البحرية، قسم بولاق الدكرور، أطفيح. أما محافظة الأقصر، فمركزا "إسنا، أرمنت"، ومحافظة المنيا في منطقة "العدوة"، وأخيرًا  محافظة بني سويف في مناطق: "أهناسيا، الفشن، مدينة بني سويف".


وتسللت الوساطة والمحسوبية، لحسم الأسماء التي يشملها برنامج «تكافل وكرامة»، بعد تخصيص وزارة التضامن مجموعة من الأخصائيين والباحثين بوحدات ومديريات الشئون الاجتماعي في دراسة الملفات المقدمة من الأسر الفقيرة، والتي تريد الاستفادة من البرنامج، والأماكن المحددة للتقديم تجمعات تشبه الفرق، مجموعات تخص فلان، وتجمعات أخرى تخص الباحث فلان الفلاني،  وفي الوسط ضاعت أسرة فقيرة معدومة لا ظهر لها ولا سند.


الكارثة الحقيقية هي عجز وزارة التضامن الاجتماعي عن تنفذ برنامج " تكالف وكرامة " على الوجه الأكمل، والذي من المفروض أن يلبي مطالب جميع الأسر الفقيرة في مصر وعلى الأقل الفقراء الذين أعلنت الوزارة عن عددهم، وحصرتهم في نحو 30 مليون مواطن فقير، وتبين أن ما تم إنجازه جتى الآن صرف معاش لنحو 265 ألف أسرة، ما يعني أن استيعاب الجميع يحتاج لسنوات طويلة جدًا ربما يفنى الفقراء أعمارهم دون أن يستفادوا من برنامج "تكافل وكرامة"، في ظل ما رددته وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة غادة والي، من أن عدد الفقراء وصل لنحو 30 مليون فقير لكن ليس جمعيهم يستحقون الاستفادة من البرنامج!


تبقى نقطة في غاية الخطورة تتعلق بأموال برنامج "تكافل وكرامة"، فقد تبين أن البرنامج يقوم جزء منه على القروض الخارجية، وتم تمويل البرنامج بقرض من البنك الدولي بنحو 400 مليون دولار كدفعة أولى، وباقي دفعة ثانية بمبلغ 400 مليون دولار أخرى تأتي في الطريق خلال الأيام المقبلة، وهذه تمثل 20% من دعم الصندوق، بينما نسبة الـ 80 % الأخرى تأتي من الموازنة العامة للدولة.