رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل يكون هشام جنينة الرئيس السابع لمصر؟ إليك الأدلة

بدر الدين عطية
بدر الدين عطية

مع تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في مصر باتت المؤسسة العسكرية الحاكمة منذ أربعة وستين عاماً موضع اتهام وسخط شديد من قِبل غالبية الشعب المصري الذي طالما تلا آيات التمجيد والتعظيم لهذه المؤسسة، مؤمناً بدورها لا في حماية حدود البلاد فحسب، كما هو متعارف عليه، بل في إدارة شؤونها من الألف إلى الياء.

ومع الدعوات المتناثرة هنا وهناك عن ضرورة الخلاص من حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي باتت المؤسسة العسكرية في حيرة من أمرها: هل تستمر في وقوفها جنباً إلى جنب في معسكر السيسي المهدد بثورة الشعب ضده؟ أم تعلن تخليها عنه لضمان بقاء السلطة في جعبتها لعقود أخرى، وهي الاستراتيجية التي اتبعتها طوال العقود الستة المنصرمة.

قد تشير توقعات مراقبي المشهد المصري إلى ميل المؤسسة العسكرية نحو الخيار الثاني طواعية، فقادة الجيش على يقين بأن التضحية بالجنين حتى تستمر حياة الأم أفضل بكثير من موتهما معاً، غير أن التكهنات بمرحلة ما بعد التضحية بالسيسي في غاية الضبابية فاستبدال جنرال بآخر ربما لم يعد مقبولاً لدى قطاعات عريضة من الشعب المصري، كما أن المؤسسة العسكرية بدت كالتربة المجرفة من الكوادر أصحاب الكاريزما والحد الأدنى من التفكير والحضور السياسي بفعل المعاش المبكر الذي ابتلع النوابغ توازياً مع "الترامادول" الذي قضى على ما تبقى من عقول البقية الباقية، ولنا في الجنرال الحاكم المثال على ذلك، فأصبح المؤهل الوحيد الذي يؤهل العسكري لاعتلاء أي سلطة مدنية بالبلاد مرهوناً بمقدار تبعيته للغرب، متبوعاً بخلعه للرداء العسكري واستبداله بآخر مدني.

لذا فأغلب الظن أن الاستعانة هذه المرة ستكون بعروسة ماريونيت مدنية ذات قبول، قادرة على خداع الجميع، وإجراء مصالحة وهمية لوقف النزيف الاقتصادي والأمني والاجتماعي، وإحداث نوع من الاستقرار الوهمي بالبلاد، والأهم من هذا كله أن تكون قد صنعت على أعين المؤسسة العسكرية العجوز، إلا أن الخيارات المتاحة ليست كثيرة، إن لم تكن في حكم العدم، فخلال السنوات القليلة الماضية سقطت الأقنعة عن الكثير والكثير من الوجوه التي نشأت وترعرعت في كنف المؤسسات الأمنية والمخابراتية المصرية، ولم يعد لهم قبول لدى الجميع، كما أن الوجه المطلوب تقديمه للشعب لا بد أن يخرج في مظهر البطل المغوار الذي لا يختلف عليه اثنان والقابل للقسمة على الجميع.

وهذا ربما ما تم التجهيز والإعداد له لا في الشهور القليلة الماضية فحسب؛ بل منذ اعتلاء السيسي كرسي الحكم في البلاد، فالخطط البديلة جاهزة ومتفق عليها، بل وتحمل توقيع النظام العالمي الذي يدور النظام المصري في فلكه منذ عقود طويلة، والعروسة الماريونت جاهزة وفي انتظار إشارة الظهور على خشبة المسرح.

ولكن مَن يكون الكارت الجديد الذي ستلقيه المؤسسة العسكرية على طاولة السياسة المصرية معتلياً لكرسي الحكم بالبلاد بصفة شكلية، البعض يذهب في توقعاته إلى السياسي الناصري حمدين صباحي، على الرغم من احتراقه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كذلك أتعجب كثيراً من توقعات البعض بأن يكون بديل السيسي هو طنطاوي أو عنان أو حتى أحمد شفيق، فجميعها كروت قد احترقت وأصبحت والعدم سواء.

ومن متابعة المشهد المصري في السنوات الثلاث الماضية نجد أن محاولة تلميع وإضفاء صفة المعارض السياسي وتسليط الضوء على المستشار هشام جنينة تزداد يوماً بعد الآخر، على الرغم من أنه لم يعارض النظام قط من قبل، بل وأثنى كثيراً عليه في مناسبات عدة.

فالمستشار جنينة، الذي يحاول الإعلام تقديمه على اعتبار أنه أحد مؤسسي تيار الاستقلال، والذي سبب أرقاً كبيراً للنظام في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وكأنهم يضفون عليه شيئاً من النضال، على اعتبار أن المشاركة في هذا التيار شفيعة لصاحبها، مع العلم بأن قضاة كثراً من أعضاء تيار الاستقلال أعلنوا خضوعهم وخنوعهم لنظام السيسي، بل ومنهم من أصدر أحكاماً بالإعدام في حق بعض المعتقلين السياسيين في الفترة القليلة الماضية، أما على المستوى الشخصي فلم يكن المستشار جنينة مثلاً من ضمن الستين قاضياً الموقعين على بيان رابعة حتى يكون ثوب المناضل مناسباً له، بل خرج على قناة دريم مصرحاً بأن الثلاثين من يونيو/حزيران ثورة شعبية أنقذت مصر من الفساد رافضاً وصفها بالانقلاب العسكري.

أما عن محاولة تقديمه في دور "ضد الفساد" فلا يخفى على أحد حصوله على امتيازات كثيرة من وراء هذا الفساد كتعيين أبنائه بالسلك القضائي، وآخرهم ابنته شروق التي تم تعيينها بالنيابة الإدارية بنهاية عام 2014 في الدفعة التي أطلق عليها "دفعة أولاد الأكابر"، والتي ضمت إلى جانب شروق العشرات من أبناء القضاة والوزراء، جاء على رأسهم هاجر أحمد سعيد خليل السيسي، ابنة شقيق الجنرال الحاكم.

هذا عن محاولة تقديمه إلى أبناء معسكر 30 يونيو المتفكك وإلى التيارات الليبرالية المعارضة، وإلى عامة الشعب المصري، أما ما نراه من بعض المحاولات التسويقية المستترة التي يتبناها بعض قادة جماعة الإخوان ويقومون بتصديرها إلى قواعدهم، والتي تظهر على فترات في هيئة رسائل شكر وعرفان للرجل على دوره فيما يقال عنه "كشف فساد دولة العسكر"، فإن أخشى ما أخشاه أنه إذا ما تم الاستقرار على عقد مصالحة، كما يزعم بعض الساسة في داخل البلاد وخارجها، أن يتولى قادة الجماعة تقديمه للقواعد على اعتبار أنه أحد اختيارات الدكتور مرسي، وأن زوجته ذات أصول غزاوية، وأنها من عائلة تنتمي لحركة حماس "كما ذكر الإعلام التابع للمؤسسة العسكرية عن الرجل وأسرته"، وهو تماماً ما حدث من قبل مع الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي يعد هو الآخر أحد اختيارات مرسي؛ حيث تم تقديمه أيضاً على أنه يمت بصلة قرابة للقيادي الإخواني الراحل عباس السيسي، وأن زوجته ترتدي النقاب، وهو ما أثبتت المواقف كذبه جملة وتفصيلاً، بل وتسبب هذا في الوصول لهذا الوضع المزري الذي وضعت فيه الثورة بأكملها الآن.

لتبقى الحقيقة الدامغة أن من يصنع "نجوم المعارضة" في الأنظمة الديكتاتورية هي تلك الأنظمة نفسها، حتى يتسنى لها تقديمهم في الأدوار التي تخدم المسرحية التي تلعب على مسارح السياسة في بلادهم، وعلى الرغم من وضوح وهمية الهالة التي صنعت حول المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، والذي تخرج في أكاديمية الشرطة عام 1976، تظل الكرة في ملعب القوى الثورية والسياسية المعارضة للنظام، فهل يفطن لها الجميع؟ أم أنها ستنطلي عليهم "كالعادة" ونرى المستشار هشام جنينة رئيساً سابعاً لجمهورية مصر العربية بمباركة الجميع؟! هذا ربما ما قد تكشفه لنا الأشهر القليلة القادمة.
نقلًا عن هافينغتون بوست عربي