رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حقنة «بنج» تهدد مستقبل حكومة شريف إسماعيل.. «ملف»

شريف إسماعيل - أرشيفية
شريف إسماعيل - أرشيفية


تتفاقم الأوضاع في مصر بشكل غير مسبوق، ووصل الأمر إلى حد يمكن معه القول، إننا مقدمون على كارثة إنسانية حقيقية، بدأت بنقص حاد في المواد الغذائية الأساسية، وارتفاع فاحش في أسعارها، ومنها الأرز والسكر والزيت، واللحوم، وانحدرت إلى الأدوية، ولا أحد يستطيع توقع نهايتها.


وأصبحت أزمة نقص الأدوية خطرًا لا يمكن الصمت عليه، لاسيما أنه يهدد بشكل مباشر حياة ملايين المرضى، غالبيتهم من الفقراء، الأمر الذي ينذر بكارثة كبرى، خلال الأيام المقبلة.


وبين مطرقة الآلام، وسندان البطء والعناد، تختل المنظومة الأهم على الإطلاق، وهي المنظومة الصحية، التي يمثل اختلال كل عنصر منها، ضربة قاصمة للأمن القومي للوطن، فإلى أين وصلت الأمور؟ وما الذي ننتظره خلال الساعات المقبلة؟ وإلى أى شاطئ سترسو سفن المرضى المصريين، وسط حرب لا هوادة فيها، بين حكومة عاجزة، وشركات تحكمها مافيا عالمية؟ 


«تعويم الجنيه» يغرق الغلابة في مستنقع «نقص الأدوية»

وضعت الحرب الدائرة بين الحكومة، وشركات الأدوية؛ من أجل رفع أسعار العقاقير الطبية، إثر ارتفاع العملات الأجنبية، أمام الجنيه منذ تعويمه، الغلابة في مأزق حرج، خاصة وأن الطرفين، لا يكترثان للمرضى، ولا يهمهما أن يغرقا في مستنقع الحرب الدائرة حالية، بسبب الدولار.


وفي الوقت الذي تمارس فيه الدولة "دور عناد قوي" في مواجهة شركات الأدوية، مستندة إلى أن المواد المستوردة لتصنيع الأدوية كانت موجودة، قبل الزيادات الأخيرة في الدولار، وبالتالي فلا داعي لرفع أسعار الأدوية فورا، تقف الشركات في خندق واحد محاولة تركيع الحكومة لصالحها، مستخدمة سلاح وقف التصنيع، ومنع إمداد السوق بالكميات التي يحتاجها من العقاقير بمختلف أنواعها، وذلك دون أن يسعى كلا الطرفين إلى إيجاد حل وسط يقي المرضى مخاطر تلك الحرب الضروس.


ولا تملك الدولة في مواجهة شركات الأدوية أي أسلحة تمكنها من إجبار هذه الشركات على العمل، وفق الخطط الحكومية، خاصة أن العقوبات التي تهدد الحكومة بتوقيعها ضد الشركات الممتنعة عن العمل، أقل كثيرا في قيمتها المالية عن الخسائر التي تتكبدها الشركات إذا استمرت في العمل بالأسعار القديمة وفق رؤية هذه الشركات.


ويؤكد تلك النظرة الدكتور نبيل عبدالمقصود، مدير مستشفى قصر العيني التعليمي الجديد، أن شركات الادوية تعاقدت مع المستشفيات على أساس أن سعر الدولار 8 جنيهات، لكن بعد التعويم، وصل سعره لأكثر من 16 جنيها؛ فاضطرت الشركات لوقف التوريد لأن العقوبات المنصوص عليها في العقود المبرمة، قيمتها أقل من خسائر الشركات في حالة استمرت في التوريد.


تقدم المستشفيات الجامعية حوالي 75% من الخدمات الصحية بمصر، وهذا يعني أنها تخدم قطاعًا يتجاوز تعداده عشرات الملايين من المرضى، وفي ظل حالة نقص الأدوية الموجودة حاليا، فإن عددًا كبيرًا من هؤلاء المرضى؛ يبقون تحت رحمة المرض حتى إشعار آخر.
مستشفيات أسيوط تلجأ للاحتياطي.. والقاهرة في أزمة.. والأزهر لم تتضرر بعد.


وتقدم المستشفيات التابعة لجامعة أسيوط، خدمات علاجية لما يزيد عن مليوني مواطن سنويا، وهو رقم يفوق إمكانات المستشفى بعشرات الأضعاف، إذ تعتبر تلك المستشفيات قبلة المرضى من جميع أنحاء الصعيد، ويواجه هذا المستشفى، حاليا نقصا حادا في الأدوية، والمحاليل وسط امتناع الشركات عن التوريد.


وقال الدكتور أسامة فاروق نائب رئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية بأسيوط إن المستشفيات الجامعية تضم نحو 3500 سرير، و80 غرفة عمليات، فى مختلف الأقسام الطبية، تعمل جميعها بشكل يومي، مشيرا إلى أن عددا هائلا من المرضى، يستقبلهم المستشفى، بما يفوق القدرة الاستيعابية الحقيقية، بعدة أضعاف. 


وأوضح أن العيادات الخارجية تستقبل وحدها نحو مليوني مريض من شتى محافظات الصعيد، سنويا، وهو ما يرجع إلى ثقة المواطنين فيما تملكه مستشفيات جامعة أسيوط من إمكانيات طبية متقدمة، وكوادر بشرية متميزة.


وأكد "فاروق" أن المستشفيات واجهت خلال الفترة الأخيرة، أزمة فى نقص المحاليل والأدوية؛ نتيجة تأخر شركات الأدوية فى توريد الكميات المطلوبة، والمتعاقد عليها، وفق المواعيد المحددة، مشددا على أن ذلك لم يؤثر على الخدمة العلاجية للمرضى، والتى ظلت تعمل على مدار 24 ساعة يوميا، مطالبا بالإسراع فى توريد المحاليل والأدوية، لتلبية حجم الاستهلاك وحتى لا يتم المساس بالمخزون الاستراتيجى للمستشفى والذى يتم اللجوء إليه فى حالات الطوارئ فقط.


ووصلت الأزمة سريعا لمستشفيات جامعة القاهرة حيث تواجه هي الأخرى أزمة حقيقية في الدواء، ولعل أبرز المتضررين كان مستشفى الأطفال الجامعي "أبو الريش" الذي لا يزال يئن تحت وطأة نقص الأدوية حتى الآن، بعد وصول المخزون الاستراتيجي لديه لمرحلة حرجة.
مستشفيات الأزهر تنفي تأثرها بأزمة نقص الدواء.


فيما أكدت جامعة الأزهر أن مستشفياتها لا تعاني نقصا في المستلزمات الطبية بأقسام الغسيل الكلوي، وأن جميع أجهزتها تعمل بصفة مستمرة ومنتظمة في خدمة المرضى وذوي الحاجة.


وأوضح الدكتور إبراهيم الدسوقي مدير عام مستشفى الحسين الجامعي أن جامعة الأزهر لديها 6 مستشفات منها مستشفى تخصصي وكلها لا تعانى من أي نقص بالمستلزمات الخاصة بالغسيل الكلوى لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، ويعملون جميعا كوحدة واحدة في خدمة المرضى على مستوى الجمهورية.


وأشار الدسوقي أن معظم المستشفيات بها تعاقدات ومناقصات سارية خلال العام المالي الحالي، حتى بعد انتهاء الكميات الموجودة بالمخازن.


من جانبه أكد الدكتور أشرف حاتم رئيس المجلس الأعلى للجامعات ووزير الصحة الأسبق أن أبرز الأدوية الناقصة هي "الإنسلوين وألبيومين المصل البشري، ومستلزمات عمليات العظام وجراحة القلب والصدر، والأدوات الجراحية، وأدوية الأعصاب.
وأوضح "حاتم" أن المخزون الاستراتيجي للمستشفيات لن يكفي أكثر من 3 أشهر، مشيرًا إلى أن الجامعات لن تستطيع تقديم شيء وأن الأمر في يد وزارة الصحة ومجلس الوزراء.


وقال الدكتور أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات المصرية، إن إجمالي نواقص الأدوية وصل الآن إلى 1600 صنف دوائي، بينها 25 صنفًا لا يوجد لها بدائل، ما يسبب مشكلة للمرضى، لافتًا إلى وصول المخزون الاستراتيجي من المواد الخام الدوائية لمرحلة حرجة.


وفي السياق ذاته أطلق عدد من النشطاء حملة على مواقع التواصل الاجتماعي اعتراضًا على نقص الادوية، ودشنوا عددا من "الهشتاجات" للتعبير عن غضبهم من نقص الأدوية، معتبرين أن الدواء أمن قومي كتسليح الجيش، ولابد من رفع القيود عن استيراده. 



توقف العمليات الجراحية بسبب العجز في «البنج»

أنفاس أرهقها المرض، وعيون زائغة بفعل الألم، يقف طفل لم يتجاوز 7 سنوات، منتظرا على أعتاب مستشفى أبو الريش بالقاهرة، يدا حانية لتربت على جروحه، وتزيل متاعبه.
 
وضمن طابور طويل، وقف "محمد"، على أمل أن يتمكن من إجراء عملية جراحية، تنقذه قبل فوات الآوان، لكن الأزمة الحقيقية أن هذا الطفل لم يكن في انتظار دوره لدخول غرفة العمليات فقط، لكنه كان أيضا في انتظار أدوية لا يمكن إجراء الجراحة دونها، وهي أدوية التخدير وتحديدا عقار "بروبوفون"، فضلا عن أدوية الاستفاقة، بعد العمليات، وبين ضغط الألم، وخطورة استعمال أنواع بديلة من العقاقير يمكنها أن تتسبب في مضاعفات خطيرة، استسلم محمد للحيرة، لا يدري ماذا يمكن أن يحدث. 

على أبواب ذلك المستشفى ذي الطوابق الـ6، افترش الأهالي القادمين من كل حدب وصوب الأرض، متخذين من سور المستشفى مأوى لهم وبيتا، لعلهم يجدوا من يرق لحالهم في هذا البلد، فيتخذ قرارا ينهي أزمة العناد، وعدم الإحساس بالمسؤولية، التي بات موسؤولو الدولة غارقون في نعيمها، تاركين المستشفى يئن هو الآخر؛ جراء نقص أدوية التخدير المُستخدمة في إجراء العمليات الجراحية، مثل: "البروبوفول – البيوبيكفين - ثيوبنتال – كيتامين- هالوثين للاطفال" وأدوية الإفاقة "بروستجمين".

في الدور الأرضي للمستشفى، تتقدم شابة تعمل في صيدلية المستشفى الخالية، إلا من بعض أدوية البرد، والمسكنات لتقول: "لا يوجد ألبان للأطفال وهناك نقص في الألبومين، رغم وجود قسم كامل بالمستشفى يعاني من سوء التغذية". 

وتضيف الصيدلانية، أن المستشفى يحتاج لدواء "هيموفلتر" وهو خاص بمن تُجرى لهم عمليات قلب ويبلغ سعره نحو 950 جنيهًا، كما يعاني المستشفى من نقص دواء "باتشه" وهو خاص بمن يعانون ثقب في القلب ويصل سعره لـ 5 آلاف جنيه، وصمامات المخ وهذه يحتاجها المرضى الذين يعانون من "مياه على المخ" ويبلغ سعر الصمام نحو 2500 جنيه. 

في الطابق الرابع من المستشفى وهو الخاص بمرضى الفشل الكلوي، يتجاور أطفال أرهقتهم وحدات الغسيل الكلوي بعد معاناتهم من نقص حاد من قوائم انتظار طويلة في المستشفى مقارنة بقدرته الاستيعابية المحدودة والإقبال الشديد من المرضى، إذ تضم قوائم الانتظار نحو 300 طفل في قسم رعاية جراحة القلب والصدر. وأحيانًا تطول تلك الجراحات لأشهر بسبب ضغط الأعداد والتكاليف. 

ويعد مستشفى أبو الريش الوحيد الذي يقدم خدمات طبية متخصصة للأطفال بجميع المحافظات من مختلف الأعمار سواء حديثي الولادة أو الأكبر سنًا بشكل "مجاني"، ويتردد عليه نحو 600 ألف طفل سنويًا في كل التخصصات بما فيها: أمراض القلب، والجراحة، والأورام، ورغم ذلك يعاني من نقص الأدوية، وعجزه عن إجراء العمليات الجراحية. 

كما يعاني المستشفى من ضعف ميزانيته المالية قياسًا على ميزانية جامعة القاهرة البالغة 2 مليار و268 مليون جنيه في "2015- 2016"، التابع له وفق المجلس الأعلى للجامعات، بالإضافة إلى عجزه عن تحديث أي مستلزمات أو غرف العمليات لمدة تقترب من الـ16 عامًا. 

ويرى الدكتور على عوف رئيس شعبة تجارة الأدوية، أن أزمة مستشفى أبو الريش ليست لها علاقة بأزمة انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار بعد تحرير سعر الصرف، خلال الأيام السابقة، مشيرًا إلى أن الأزمة بسبب عدم وجود موارد مالية بالمستشفى.

ويضيف أن شركات الأدوية توقفت عن التوريد للمستشفى بعد عجزه عن دفع ديونه البالغة نحو 10 ملايين جنيه، مشيرًا إلى ضرورة المحافظة على المستشفى العريق، مشيرًا إلى تبرع شعبة تجارة الأدوية بأموال وأدوية لصالح المستشفى، ولكن هذا لا يكفي، لافتًا إلى تبعية المستشفى للمجلس الأعلى للجامعات الذي لابد له من التدخل لإنقاذ الأطفال والمستشفى قبل فوات الأوان. 

وبحسب إحصائيات وزارة الصحة، فإن مستشفى أبو الريش يخدم نحو 2000 طفل يوميًا، فيما تبلغ قدرته الاستيعابية 450 سريرًا فقط، من بينهم 120 للرعاية المُركزة، ويخدم أبو الريش نحو 600 ألف طفل سنويًا. 

في السياق نفسه، يقول الدكتور معاذ عبد الناصر السكرتير العام للنقابة لأطباء الأسنان، إن السوق المصري يعاني أزمة بسبب نقص أدوية التخدير، مشيرًا إلى عدم اجتماع النقابة حتى حينه لمناقشة الأزمة، وبالتالي لم يتم اتخاذ أي قرارات بشأن الأزمة. 

ويضيف أن مأساة نقص أدوية البنج مأساة للمصريين، لافتًا إلى تحّمل المواطن تكلفته نتيجة قرارات الدولة ووزارة الصحة التي لم تفعل شيئًا حيال الأزمة. 

ويشير عبد الناصر إلى نقص نوعين من البنج المخدر الخاص بالعمليات بشكل عام والأسنان، الأول "موضعي" ويتم استخدامه من قبّل الكثير من الأطباء، وتبلغ قيمته نحو 175 جنيهًا وهذا لا توجد فيه أزمة، ولكن الأزمة في المستورد. 



وزير الصحة يستعين بالجيش لإنقاذ «رقبته» من مشنقة شركات الدواء

على غرار أزمة نقص ألبان الأطفال الأخيرة، تدخلت القوات المسلحة عبر الشركة الوطنية، البوابة الرسمية لدخول الجيش في صفقات اقتصادية، لحل أزمة نقص الأدوية، وذلك بحسب تصريحات وزير الصحة الدكتور أحمد عماد، فهل هذا القرار سيحل الأزمة المتفاقمة، وينقذ أرواح الآلاف المؤلفة من المرضى في كل مكان بمصر؟

إجابة هذا السؤال تقتضي معرفة أن صناعة الدواء المصري، ورغم مرور 70 عامًا على دخوله البلاد؛ تعاني قصورا شديدا في إنتاج المواد الخام، وهو ما يجعل مصر مضطرة لاستيراد نحو 85% منها، من المواد الخام، لتصنيع أكثر من 14 ألف صنف دوائي، يحتاجه السوق المصري.  

ويفتقد سوق الدواء المصري حاليا لعدد كبير من الأدوية الضرورية، وأهمها الأنسولين وأدوية الأطفال والتخدير وعلاجات الأورام، بالإضافة إلى نقص نحو 270 صنفا، أعلنت الإدارة المركزية للتفتيش الصيدلي عنها. 

وبحسب وزارة الصحة، فإن المخزون الاستراتيجي من الأنسولين، يكفي فقط لـ21 يومًا، رغم أن المخزون الإستراتيجي يجب أن يكون كافيًا لـ3 أشهر، كما يوجد نقص حاد في أدوية "كيتوستريل" لعلاج الكبد وعقار "سو ليوكورتيف" أمبول، لعلاج أزمات الربو الحادة وحساسية الصدر وهو دواء لا بديل له. 

ويعاني السوق المصري أيضا من نقص أدوية التخدير بشكل عام، حيث توقفت مستشفيات "أبو الريش الياباني – أبو الريش المنيرة- مستشفى سوهاج العام- مستشفى بنها الجامعي – مستشفى القصر العيني" عن إجراء العمليات الجراحية بشكل كامل. 

ويوجد عجز في أدوية التخدير النصفي، وأدوية بنج الأسنان، مع عدم وجود أدوية إفاقة؛ بسبب توقف الشركات المستوردة، وعجزها عن الاستيراد بعد ارتفاع أسعار الأدوية، وقد بدأت هذه الأزمة من شهرين إلا أنها تفاقمت خلال اليومين الماضين. 

وقف الاحتكار كأحد الأسباب الخطيرة وراء الأزمة الحالية، إذ تحتكر شركات نوفارتس للأدوية السويسرية، البالغ حجم أعمالها 3،5 مليار دولار نحو 7% من سوق الدواء، بالإضافة إلى شركة فايزر الأمريكية والتي وصل إجمالي أرباحها لـ 3 مليارات دولار، كما تحتكر شركة "نوفو" الدانماركية تصدير دواء الأنسولين إلى مصر.

وفي ظل هذه المعلومات كيف يرى الخبراء إجابة السؤال السابق الإشارة إليه؟
الدكتور محمد سعودي عضو نقابة الصيادلة، يرى أن القوات المسلحة، لن يمكنها توفير 14 ألف صنف دوائي يحتاجه المصريون، مشيرا إلى أن الأصناف التي تعاني نقصا حرجا هذ الأيام، والتي يصل عددها تقريبا إلى 146 صنفا، يتطلب توفيرها 186 مليون دولار، وهو مبلغ يفجر لتساؤل حول فرص توفيره، ومن أين يمكن للقوات المسلحة أن تأتي به. 

وطالب سعودي وزير الصحة، بما وصفه بـ"التعامل العقلاني مع الموقف"، لافتًا إلى ضرورة عدم استمرار السياسة التي تتبعها الدولة بتوكيل كل شيء للقوات المسلحة، مشددا على أن قرار الاستعانة بالقوات المسلحة في هذا الملف "مزايدة "فارغة ومغلوطة"، مطالبا بالاعتراف بأحقية شركات الأدوية، في رفع الأسعار وتحقيق هامش ربح. 

من جانبه قال الدكتور محمد البهي، عضو غرفة صناعة الدواء، إن نقص الدواء تسبب فيه وزير الصحة، بسبب عدم تحريك الأسعار نظرًا لارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة، وتآكل هامش ربح شركات الدواء بشكل كامل، مضيفا أن الدواء إحدى ثلاث سلع يتم تسعيرها جبريًا بالإضافة للخبز، والطاقة، إلا أن الدواء لا يتم دعمه مقارنة بالطاقة أو الخبز، مشيرًا إلى ضرورة دعم منظومة الدواء خاصة تلك الأدوية التي لا يكن الاستغناء عنها. 

وحول توقف الشركات عن استيراد الأدوية، أوضح البهي، أن المصانع والشركات توقفت تمامًا عن الاستيراد بعد تعرضها لخسائر، لافتًا إلى عدم تقديرها حتى الآن. 

من جانبه، يقول الدكتور محمد نصار عضو مجلس إدارة جمعية تطبيق وتطوير مهنة الصيدلة، إن الأدوية المُصنعة حاليًا لا تغطي كافة احتياجات السوق المصري، حيث تستورد مصر نحو 10% من احتياجاتها من الأدوية في شكلها النهائي، مضيفا أن معظم الأدوية المستوردة من الخارج من نوعية الأدوية الضرورية التي لا غنى عنها مثل: "الأنسولين – أدوية علاج السرطان- ألبان الأطفال" وهي التي حدثت الأزمة بها وأدت لنشوء مشكلة ضخمة داخل المجتمع المصري. 

وأشار إلى تعمد بعض شركات الدواء التوقف عن إنتاج الأدوية لرغبتهم في رفع أسعارها، لافتًا إلى اتجاه بعض الشركات إلى بيع الدواء بشكل غير قانوني من خلال السوق السوداء بأكثر من أسعاره الرسمية مثلما حدث في أزمة المحاليل الطبية، كما أنه من الضروري أن تتوافر كميات من الأدوية الضرورية تكون كافية للاستهلاك المحلي لفترة لا تقل عن 3-6 أشهر، وذلك من خلال المتابعة الدقيقة من جانب وزارة الصحة واللجنة الاستشارية لصناعة الدواء، موضحا أن سوق الدواء المصري ينقسم إلى قسمين "قطاع عام خاضع لسيطرة الحكومة" وقطاع خاص يسيطر عليه مجموعة من المستثمرين المصريين والأجانب، والأخير يحتكر نحو 82% من سوق الدواء.

وطالب نصار بضرورة استحداث بنود في القانون تكون بموجبها شركات الأدوية مسئولة عن توفير الدواء الذي مُنحت تراخيص إنتاجه أو استيراده، بحيث يتم تغريمها أو اتخاذ قرارات ضدها إذا قصرت. 

ويقول عضو مجلس إدارة جمعية تطبيق وتطوير مهنة الصيدلة، إنه يجب تعديل نظام التسعير الجبري القديم وتقنين نسب الربح ليكون أكثر عدالة وملاءمة، مشيرًا إلى أن ذلك سيؤدي لرفع سعر الدواء بنسبة 10-30% عن أسعاره الحالية، مشددا على أهمية إنشاء مجلس أعلى للدواء في مصر يكون مسئولًا عن وضع التشريعات والسياسات الدوائية الثابتة والقابلة للتنفيذ، يشترك فيها عدد من الهيئات الاقتصادية والوزارات المختلفة.