رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«تعويم الجنيه» يغرق الغلابة في مستنقع «نقص الأدوية».. تقرير

صيدلية - أرشيفية
صيدلية - أرشيفية

وضعت الحرب الدائرة بين الحكومة، وشركات الأدوية؛ من أجل رفع أسعار العقاقير الطبية، إثر ارتفاع العملات الأجنبية، أمام الجنيه منذ تعويمه، الغلابة في مأزق حرج، خاصة وأن الطرفين، لا يكترثان للمرضى، ولا يهمهما أن يغرقا في مستنقع الحرب الدائرة حالية، بسبب الدولار.


وفي الوقت الذي تمارس فيه الدولة "دور عناد قوي" في مواجهة شركات الأدوية، مستندة إلى أن المواد المستوردة لتصنيع الأدوية كانت موجودة، قبل الزيادات الأخيرة في الدولار، وبالتالي فلا داعي لرفع أسعار الأدوية فورا، تقف الشركات في خندق واحد محاولة تركيع الحكومة لصالحها، مستخدمة سلاح وقف التصنيع، ومنع إمداد السوق بالكميات التي يحتاجها من العقاقير بمختلف أنواعها، وذلك دون أن يسعى كلا الطرفين إلى إيجاد حل وسط يقي المرضى مخاطر تلك الحرب الضروس.


ولا تملك الدولة في مواجهة شركات الأدوية أي أسلحة تمكنها من إجبار هذه الشركات على العمل، وفق الخطط الحكومية، خاصة أن العقوبات التي تهدد الحكومة بتوقيعها ضد الشركات الممتنعة عن العمل، أقل كثيرا في قيمتها المالية عن الخسائر التي تتكبدها الشركات إذا استمرت في العمل بالأسعار القديمة وفق رؤية هذه الشركات.


ويؤكد تلك النظرة الدكتور نبيل عبدالمقصود، مدير مستشفى قصر العيني التعليمي الجديد، أن شركات الادوية تعاقدت مع المستشفيات على أساس أن سعر الدولار 8 جنيهات، لكن بعد التعويم، وصل سعره لأكثر من 16 جنيها؛ فاضطرت الشركات لوقف التوريد لأن العقوبات المنصوص عليها في العقود المبرمة، قيمتها أقل من خسائر الشركات في حالة استمرت في التوريد.


تقدم المستشفيات الجامعية حوالي 75% من الخدمات الصحية بمصر، وهذا يعني أنها تخدم قطاعًا يتجاوز تعداده عشرات الملايين من المرضى، وفي ظل حالة نقص الأدوية الموجودة حاليا، فإن عددًا كبيرًا من هؤلاء المرضى؛ يبقون تحت رحمة المرض حتى إشعار آخر.
مستشفيات أسيوط تلجأ للاحتياطي.. والقاهرة في أزمة.. والأزهر لم تتضرر بعد.


وتقدم المستشفيات التابعة لجامعة أسيوط، خدمات علاجية لما يزيد عن مليوني مواطن سنويا، وهو رقم يفوق إمكانات المستشفى بعشرات الأضعاف، إذ تعتبر تلك المستشفيات قبلة المرضى من جميع أنحاء الصعيد، ويواجه هذا المستشفى، حاليا نقصا حادا في الأدوية، والمحاليل وسط امتناع الشركات عن التوريد.


وقال الدكتور أسامة فاروق نائب رئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية بأسيوط إن المستشفيات الجامعية تضم نحو 3500 سرير، و80 غرفة عمليات، فى مختلف الأقسام الطبية، تعمل جميعها بشكل يومي، مشيرا إلى أن عددا هائلا من المرضى، يستقبلهم المستشفى، بما يفوق القدرة الاستيعابية الحقيقية، بعدة أضعاف. 


وأوضح أن العيادات الخارجية تستقبل وحدها نحو مليوني مريض من شتى محافظات الصعيد، سنويا، وهو ما يرجع إلى ثقة المواطنين فيما تملكه مستشفيات جامعة أسيوط من إمكانيات طبية متقدمة، وكوادر بشرية متميزة.


وأكد "فاروق" أن المستشفيات واجهت خلال الفترة الأخيرة، أزمة فى نقص المحاليل والأدوية؛ نتيجة تأخر شركات الأدوية فى توريد الكميات المطلوبة، والمتعاقد عليها، وفق المواعيد المحددة، مشددا على أن ذلك لم يؤثر على الخدمة العلاجية للمرضى، والتى ظلت تعمل على مدار 24 ساعة يوميا، مطالبا بالإسراع فى توريد المحاليل والأدوية، لتلبية حجم الاستهلاك وحتى لا يتم المساس بالمخزون الاستراتيجى للمستشفى والذى يتم اللجوء إليه فى حالات الطوارئ فقط.


ووصلت الأزمة سريعا لمستشفيات جامعة القاهرة حيث تواجه هي الأخرى أزمة حقيقية في الدواء، ولعل أبرز المتضررين كان مستشفى الأطفال الجامعي "أبو الريش" الذي لا يزال يئن تحت وطأة نقص الأدوية حتى الآن، بعد وصول المخزون الاستراتيجي لديه لمرحلة حرجة.
مستشفيات الأزهر تنفي تأثرها بأزمة نقص الدواء.


فيما أكدت جامعة الأزهر أن مستشفياتها لا تعاني نقصا في المستلزمات الطبية بأقسام الغسيل الكلوي، وأن جميع أجهزتها تعمل بصفة مستمرة ومنتظمة في خدمة المرضى وذوي الحاجة.


وأوضح الدكتور إبراهيم الدسوقي مدير عام مستشفى الحسين الجامعي أن جامعة الأزهر لديها 6 مستشفات منها مستشفى تخصصي وكلها لا تعانى من أي نقص بالمستلزمات الخاصة بالغسيل الكلوى لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، ويعملون جميعا كوحدة واحدة في خدمة المرضى على مستوى الجمهورية.


وأشار الدسوقي أن معظم المستشفيات بها تعاقدات ومناقصات سارية خلال العام المالي الحالي، حتى بعد انتهاء الكميات الموجودة بالمخازن.
1600 صنف دوائي في حالة حرجة
من جانبه أكد الدكتور أشرف حاتم رئيس المجلس الأعلى للجامعات ووزير الصحة الأسبق أن أبرز الأدوية الناقصة هي "الإنسلوين وألبيومين المصل البشري، ومستلزمات عمليات العظام وجراحة القلب والصدر، والأدوات الجراحية، وأدوية الأعصاب.
وأوضح "حاتم" أن المخزون الاستراتيجي للمستشفيات لن يكفي أكثر من 3 أشهر، مشيرًا إلى أن الجامعات لن تستطيع تقديم شيء وأن الأمر في يد وزارة الصحة ومجلس الوزراء.


وقال الدكتور أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات المصرية، إن إجمالي نواقص الأدوية وصل الآن إلى 1600 صنف دوائي، بينها 25 صنفًا لا يوجد لها بدائل، ما يسبب مشكلة للمرضى، لافتًا إلى وصول المخزون الاستراتيجي من المواد الخام الدوائية لمرحلة حرجة.


وفي السياق ذاته أطلق عدد من النشطاء حملة على مواقع التواصل الاجتماعي اعتراضًا على نقص الادوية، ودشنوا عددا من "الهشتاجات" للتعبير عن غضبهم من نقص الأدوية، معتبرين أن الدواء أمن قومي كتسليح الجيش، ولابد من رفع القيود عن استيراده.