رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالمستندات.. شقق وزارة الكهرباء لـ«الموتى» وأصحاب المعاشات!.. «تقرير»

الدكتور محمد شاكر
الدكتور محمد شاكر - وزير الكهرباء

تعد الوحدات السكنية المملوكة لشركات الكهرباء ملكية عامة نظرًا لكونها مرفقًا من مرافق الدولة ولا تخضع لقانون الإيجارات ويتم تخصيصها طبقا لحاجة العمل، وطبقًا للقانون فإنه من الواجب تسليم هذه الوحدات بمجرد انتهاء علاقة العمل بين العامل والشركة لزوال السبب التى خصصت من أجله، إلا أن الآونة الأخيرة شهدت تزايدًا في ظاهرة الاستيلاء على هذه المساكن من قبل العديد من قيادات الكهرباء السابقة وهو ما رصده  الجهاز المركزى للمحاسبات الذى اعترض على إقامة عدد كبير من غير العاملين بالكهرباء بها وسداد شركات الكهرباء قيمة استهلاك الكهرباء والمياه نيابة عنهم بالمخالفة للقانون.


وبدأت هذه الأزمة من خلال عدم قدرة شركات الكهرباء على توفير شقق إدارية للعاملين أسوة بزملائهم السابقين بهذه الشركات الذى أحيل بعض منهم للمعاش ومازالوا يشغلون الشقق المملوكة لهذه الشركات التى تدخل ممتلكاتها في إطار المال العام الذى يخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الادارية.


وبالرغم من إصدار المهندس جابر دسوقى، رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، تعليمات لرؤساء شركات الكهرباء بضرورة تفعيل نص المادة 17 من لائحة إسكان العاملين الصادرة بالقرار رقم 65 لسنة 2006 التى نصت على إخلاء الوحدات السكنية التى يشغلها كل من زال عنه الغرض الذى يتيح الحصول على الوحدة السكنية من أجله، وذلك بالطريق الإدارى، إلا أن ذلك القرار أصبح معمولا به على الورق فقط.


وشهد قطاع الكهرباء العديد من المخالفات نتيجة تجاهل تنفيذ قرار رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر سواء من العاملين أو من القيادات، والتى كان من أبرزها عدم إخلاء الوحدات السكنية التى يشغلها قيادات الكهرباء الذين بلغوا سن المعاش، وأيضا وجود العديد من الوحدات التى يقيم فيها أبناء العاملين، بل إن بعضا منهم تزوجوا بها وأصبحوا مقيمين بها إقامة دائمة، كما أن هناك بعض الوحدات السكنية المغلقة وغير المستغلة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل وصل إلى أن بعض العاملين أحيلوا للمعاش وحصلوا على كافة مستحقاتهم ولم يتم اخلاء الوحدات المخصصة لهم ومنهم قيادات بارزة بالشركة القابضة لكهرباء مصر وشركات الكهرباء.


ونرصد البداية من شركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء، والتى يتولى المهندس محمد العبد مجلس إدارتها، والتى يكشف لسان حالها أنه لا يوجد فائدة من وجود لجنة الاسكان بشركات الكهرباء وعلى الأخص شركة وسط الدلتا لانتاج الكهرباء والتى ينحصر دورها الوحيد في تخصيص الشقق وتقاضى بدل حضور جلسات اللجنة والحصول على حوافز عنها فقط، أما من جانب الحفاظ على الممتلكات والشقق التابعة للشركة التى تعتبر أموالا عامة فلا علاقة لهم بها.


ويوجد العديد من الحالات الواضحة التى تؤكد التعدى على المال العام، ومن أبرزها قيام المهندس م، خ، مدير عام بشركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء الذى قام ببناء شقة وجراج وغرفتين بالمخالفة للائحة الاسكان ولجميع القوانين التى تحظر التعدى على المال العام، وكذلك قيام م، ع عضو اللجنة النقابية بالشركة ببناء شقة ومحل بالمستعمرة السكنية للشركة.


ولم يتوقف الأمرعند ذلك الحد، بل قام ح، أ، عضو مجلس إدارة الشركة السابق الذى أحيل للمعاش، ببناء جراجين فى حين أنه تم صرف مكافأة بمستحقاته المالية وذلك بالمخالفة لتعليمات رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر التى حظرت صرف مستحقات العاملين لحين اخلاء الوحدات الادارية.


وتعددت المخالفات حتى طالت شركة شرق الدلتا لانتاج الكهرباء، والتى اشتملت على مخالفات كان من أبرزها إقامة بعض العاملين بالشقق المخصصة لآبائهم مثل حالة أ، ك، سكرتير رئيس الشركة الذي يقيم فى الشقة المخصصة لوالده، منذ أن كان يعمل بقطاع الكهرباء، فى حين أن الابن يقيم بالشقة بدون صدور قرار تخصيص له من لجنة الإسكان.


وكذلك و، ج، الذى توفى وكان مخصصا له شقة بالمستعمرة السكنية بديوان عام الشركة القديم، وأقام فى الشقة نجله وزوجته، فى الوقت الذي انتقلت زوجة المتوفي إلى القاهرة وأقامت بها ولا تحضر إلى الإسماعيلية نهائيا، وفى نفس الحين تم نقل الابن الذي استولى على شقة والده بعد وفاته، للعمل بمحطة كهرباء الغردقة الغازية والشقة الآن مغلقة تماما.


وتتشابه الحالة السابقة مع ه،ع رئيس قطاع الشئون الإدارية السابق، الذى أحيل للمعاش وأغلق شقته الكائنة بالطريق الدائرى التابعة للشركة، وانتقل للعيش ببلدته بالزقازيق، وأيضا س، س الذى أحيل للمعاش وانتقل للعيش فى سكن خارجى ومنح ابنه الذى يعمل بالشركة المصرية لنقل الكهرباء الشقة المصلحية بدون سند.


ولم يختلف الأمر كثيرا عن حال المهندس ح، ع رئيس شركة شرق الدلتا لانتاج الكهرباء السابق الذى قام فور توليه رئاسة الشركة بالانتقال بعدها للإقامة بشقة فاخرة بشارع شبين الكوم مملوكة للشركة، وذلك قبل إحالته للمعاش ليضمن الابقاء على الشقة بعد بلوغه السن القانونية وهو الامر الذى تحقق له بالفعل في ظل صمت قيادات قطاع الكهرباء.


وفى الوقت الذي يعاني الكثير من العاملين بقطاع الكهرباء من عدم وجود مسكن مميز يعيشون به، إلا أنه يوجد بعض القيادات بالقطاع يمتلكون العديد من المساكن والعقارات، بجانب استيلائهم على الوحدات التابعة لقطاع الكهرباء، ومن أبرزهم ج، أ رئيس قطاعات الشئون المالية، الذى أحيل للمعاش منذ 4 أعوام ومازال محتفظا بالشقة المصلحية، رغم امتلاكه عدد من العقارات داخل وخارج الاسماعيلية وتحديدا ببلدته أبو حماد بمحافظة الشرقية.


ويلعب عامل القرب من المسئولين بالقطاع دورا كبيرا فى حصول بعض العاملين على وحدات سكنية تابعة لشركات الكهرباء، حيث حصل م، ع الذى كان يعمل بوظيفة عامل بمحطة عتاقة بالسويس، وتمت تسوية حالته حتى شغل وظيفة محاسب أول وتم تخصيص شقة له فى مستعمرة عتاقة أصبحت مغلقة وتم تخصيص شقة أخرى له بدلا من شقة مستعمرة عتاقة فى إحدى العمارتين التابعتين لمحطة كهرباء السخنة مكونة من ثلاث غرف، ويرجع ذلك إلى أنه الرجل المقرب وكاتم أسرار المهندس ع، ح رئيس قطاعات الشئون الفنية، الذى سيحال للمعاش خلال أيام قليلة.


واستمرارا لمظاهر المجاملات الرخيصة، تم تخصيص شقة لـ" ن، أ" رئيس قطاع الكيمياء، الذى كان مخصصا له شقة فى مستعمرة محطة عتاقة وأصبحت مغلقة بالرغم من ذلك تم تخصيص شقة أخرى له بعمارات العين السخنة دون أسباب تستدعي ذلك وكذلك رفضه استخدام شقته القديمة.


وبعد تزايد تلك المخالفات الجائرة على حقوق العاملين الصغار بالقطاع، طلب رئيس النقابة العامة للمرافق عادل نظمى، فى مذكرة معروضة منه على وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر، تحديد مبلغ مالى كحق انتفاع يسدده المحالون للمعاش لشركات الكهرباء مقابل الإقامة بالشقق مع سداد قيمة استهلاك المياه والكهرباء، كما طلب التنسيق مع الجهات المعنية بالمحافظات لتخصيص شقق بديلة للمحالين للمعاش مستقبلا.


كما تباينت ردود الأفعال تجاه ذلك القرار داخل شركات الكهرباء، حيث طالب فريق من العاملين بإخلاء الشقق المصلحية باعتبارها مملوكة للدولة، وأن علاقة العمل التى من أجلها تم تخصيص الشقة للعامل قد انتهت، وبانتهاء العلاقة يتعين إخلاء الشقق ومنحها للعاملين المتواجدين بالخدمة المستحقين لها حسب الشروط والقواعد، خاصة وأن شركات الكهرباء تسدد قيمة استهلاك الكهرباء والمياه لشاغلى الشقق، بالإضافة لسوء استغلال الشقق من قبل المقيمين بها وتركها والتوجه للإقامة بشقته الخاصة.


ورأى الجانب المعارض لإخلاء الشقق السكنية أن شاغلي الشقق من الأطفال والأرامل لا يمتلكون شققا بديلة ولا يجوز طردهم بعد سنوات طويلة وخاصة بعد استقرار أوضاعهم وعدم توافر شقق بديلة لهم خاصة أن المعاش لا يكفى لسداد قيمة إيجارية مرتفعة بالإضافة لارتفاع ثمن الشقق خاصة وأن هناك بعض العاملين أحيلوا للمعاش منذ عشرات السنين وصرفوا مكافآت ضئيلة لا تتناسب والظروف المادية الحالية.


ولم يتوقف الأمر عند المخالفات السابقة فى تسليم الوحدات السكنية، بل تأتى الكارثة الخفية فى أن شركات الكهرباء تتحمل قيمة استهلاك الكهرباء والمياه للعاملين المخصص لهم شقق مصلحية، وذلك رغم اعتراض الجهاز المركزى للمحاسبات والجهات الرقابية، مما جعل بعض العاملين يضعون فى شقتهم أكثر من جهاز تكييف فى الشقة الواحدة، دون أى اعتراض من شركات الكهرباء التى تتحمل آلاف الجنيهات شهريا نتيجة ارتفاع قيمة استهلاك الكهرباء.


ويشار إلى أن المهندس أسامة عسران نائب وزير الكهرباء أرسل خلال فترة رئاسته لشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، خطابا لرئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، طالب فيه بتعميم الأحكام القضائية الصادرة بطرد جميع المقيمين بالشقق التي انتهت رابطتهم الوظيفية بالشركات على شركات الكهرباء حتى تصبح الأحكام حافزا للجميع على بذل مزيد من الجهد لرفعة قطاع الكهرباء حسبما جاء بالخطاب.


وبناء على خطاب المهندس أسامة عسران، قام رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر بتعميم الحكم على كافة شركات الكهرباء والأعضاء المتفرغين فى ذلك الوقت إلا أن قرارات لجنة التنسيق بين الشركات، التي تضم بين أعضائها مستفيدين من شقق الكهرباء، جاءت لتنسف هذه الأحكام تماما وتجعلها كلاما على الورق.