رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هكذا ستكون حياة البشر في المستقبل

طفرة في ألعاب الجيل
طفرة في ألعاب الجيل الرابع

"أطفال وشباب وأيضا عواجيز يرتدون نظارات على كراس أمام شاشات كمبيوتر، وأخرى أكبر مثبتة على الحوائط والجدران، يمسكون فى أياديهم أحيانا مسدسات، أو بنادق أو جهاز تحكم عن بعد، أو قفازات أو لا شىء على الإطلاق، تتعالى أصواتهم بالصراخ والبكاء من فرط الرعب والفزع أو الضحك الهيستيرى من المتعة والابتهاج"، ما سبق ربما يصف جزءا فقط من صورة ما يحدث الآن داخل كافيهات عالم الواقع الافتراضى فى الصين الآن.


واقع الحال فى العاصمة الصينية بكين والمدن الكبرى الأخرى يشير إلى أن الصين عقدت قرانها ووثقت افتتانها بتكنولوجيا الواقع الافتراضي، إذ تكفى جولة محدودة فى الشوارع والمولات التجارية لرصد النمو السريع فى هذا القطاع الوليد. 

ويبدو السبب وراء تفوق الأماكن العامة عن الخاصة أى المنزل - على الأقل الآن – عائد إلى ارتفاع أسعار النظارات والأدوات، لكن المستقبل يحمل ما هو مدهش ولا يصدق.


تقول يون تشانغ ٢٢ سنة، التى التقتها "النبأ" فى شارع وانفوجينغ وسط بكين، إن تكنولوجيا الواقع الافتراضى لم تعد بالشيء الجديد بالنسبة إليها، وهى تشير بأصابعها إلى ٤ كعدد مرات زيارتها لهذا المكان.


وتحكى خبرتها مع التجربة الأولى قائلة: "عندما جربت الواقع الافتراضى لأول مرة انتابنى الرعب الشديد، لكنها كانت فى نفس الوقت تجربة ممتعة".

وكانت تجربة تشانغ الأولى مع مشاهد زومبى أثرت ألا تستدعيها مرة أخرى من فرط ما شاهدت من "دماء وقتل ولحم متناثر وأشياء تفوق الخيال"، على حد وصفها.


نيو فانغ ١٧ عاما، حضر مع صديقه إلى بيت الرعب ليستمتع بمشاهدته، وهو يسير فى بيت مسكون بالجن والعفاريت والزومبى وبعد أن استشعر الحرج من الأنظار التى التفتت إليه قال: "ليس اللاعب وحده هو الذى يشعر بالمتعة". 


ولفتت قهقهات فانغ على صديقه الذى كان يتجول بنظارة سوداء من طراز "دى بون" مرتعدا فى غياهب البيت المسكون، انتباه الكثير من رواد الشارع الذى يستضيف حاليا المهرجان الدولى للبراندات أو العلامات التجارية.


وتعد نظارة "دى بون" من أفضل النظارات الصينية المتاحة بنظر العاملين بهذا القطاع وتحتاج إلى كمبيوتر مكتبى أو لوحى مجهز لها ومدعم بكارت شاشة يدعم تقنية الواقع الافتراضي، وتوفر النظارة تجربة افتراضية بحجم غرفة كاملة وحساسات التعقب والحركة بها مذهلة، وفقا لتانغ الذى كان يجذب الرواد من الشارع إلى جناحه.


ووضع تانغ فى مكان شبه منفصل كرسيين ونظارتين من طراز العلامة الصينية الناشئة أمام شاشة كبيرة أمام لاعبى الواقع الافتراضي، مضيفا بعدا جديدا للمشاهدين الذين يأتون لمشاهدة أصدقائهم وهم يستجيبون لوقائع التجربة المثيرة.


ويقول تانغ الذى يدير مشروعا لنفسه إنه يجذب الكبار والصغار ويدر عائدا جيد جدا يصل إلى ٤٥ ألف يوان شهريا، مضيفا لـ"النبأ" وهو يشير إلى زبائنه "الكثيرون يرغبون فى تجربة الواقع الافتراضى بدلا من تناول القهوة. المكان يزدحم ليلا بكثرة ولاسيما فى عطلة نهاية الاسبوع".


وحول اهتمامات الرواد، قال تانغ إن الشباب يحبون المنازل المسكونة وألعاب الزومبى فى حين تفضل النساء البيوت السحرية. ويشاهد الأطفال محاكاة الطبيعة والحيوانات. 


فى نفس المكان، أحضرت وو فنغ طفليها إلى ما يشبه قبة منصوبة أمام مول شهير لأول مرة. وداخل قبة "غلاس فرى 360 درجة فولدوم" يتم عرض أفلام كاملة ثلاثية الأبعاد توفر للأطفال والكبار أن يعيشوا تجارب حية لرحلات فى الفضاء على متن سفينة فضائية أو المركبة روزيتا أو رحلة لاكتشاف عالم الديناصورات.


تقول فنغ "رأيت بوست لصديقتى على تطبيق ويتشات الشهير وسرعان ما بحثت وعرفت بالمكان"، وبعد أن جربت هى وولديها لمدة 20 دقيقة شعرت فنغ أن الوقت كان قصيرا وعليها العودة مرة أخرى.


وقالت: "أعتقد أنها تجربة شيقة للأولاد، لا تحتاج إلى نظارة أو سماعات فكل ما عليك أن تدخل القبة وتجلس وستجد نفسك جزءا من كل ما يجرى حولك. الشاشة مثل السماء والأرض كما لو أنها تتحرك وصوت الأستريو يملأ المكان مع صورة رائعة 360 درجة".


وتزدهر صناعة النظارات فى الصين بعد دخول المئات من الشركات الصينية على خط التطوير فى ظل عدم الحصول بشكل قانونى على نظارة اوكلوس لجوجل ومعدة عملاق الاتصالات الكورى الجنوبى سامسونغ. ويمكن بكتابة حرفي" فى ار" فقط بالإنجليزية فى محرك بحث "تاو باو" أو "جى دي"، أشهر موقعين للتجارة الإلكترونية فى الصين، أن يجد الباحث منتجات عدة وبأسعار متفاوتة.


وكشفت شركة "هواوي" عن نظارتها مؤخرًا وبدأت معدة "شياو مي" للواقع الافتراضى تأخذ مكانا فى السوق إلى جانب منتجات أخرى من ليكو وباوفنغ وديبون، غير أن العاملين فى المجال يَرَوْن أن المنتجات الصينية لا تزال أقل من حيث الجودة مقارنة بنظارة الشركة التايوانية "اتش تى سى فيف" ومنتجات الشركات الدولية الأخرى.


وكشفت شركة "فاميكو "بشانغهاى عن معداتها للواقع الافتراضى فى يوليو وتحتوى على ٣٠ لعبة مختلفة بما فى ذلك كراس متحركة لمحاكاة الحدائق الترفيهية ومسدسات لألعاب إطلاق النار وكراس مزودة بمقابض لمحاكاة قيادة الدبابات.


ويقول مؤسس الشركة "ليس كل الآباء يستطيعون أخذ أبنائهم إلى الحديقة ١٠ مرات فى السنة لكن تكنولوجيا الواقع الافتراضى تجعل الطفل يشعر بأنه بالفعل فى الحديقة".


وتعمل شركة فى شانغهاى على إنتاج نظارة ونظام واقع افتراضى يتيح فرصة لزيارة منتزه شهير افتراضيا. ولضمان تجربة ناجحة لـ"النبأ" وهى تجرب التقنية لأول مرة. وقف مساعد إلى جوارنا وقام بتذليل كافة العقبات. وقال إن دوره قد يمتد إلى مساعدة المستخدم على تحريك جسمه أو رأسه حتى لا يفوته أى من المشاهد المؤثرة.


والواضح أن ما يجرى فى الشارع الصينى الآن ما هو إلا مجرد بداية. فلن تقف حدود استخدام تقنية الواقع الافتراضى عند حدود الألعاب والترفيه، فطموح الحكومة الصينية بات يتجاوز ذلك بكثير.


ووجه الرئيس شى جين بينغ تعليماته بتعزيز تكنولوجيا الواقع الافتراضي، كما أعلنت الصين مؤخرًا عن إقامة تحالف يجمع ١٧٠ جامعة ومعهد بحثى وشركة ليأخذ بيد هذه الصناعة إلى مجالات أبعد مثل التعليم والتصنيع. ويتطلع المستثمرون إلى فرص فى الرياضة والطب وتصميم التطبيقات للاستخدامات العسكرية والمدنية.


وبدأ مستقبل التعليم يتشكل فى مشروع تنفذه شركة "نت دارغون وبيسوفت" فى مدرسة صينية حاليا، حيث تتم متابعة الأطفال أثناء ممارسة هوياتهم وتعليمهم فى الفصول واستخدامهم للأجهزة اللوحية لتكوين قاعدة بيانات يمكن استغلالها فى بناء شخصيات الأطفال وابتكار طرق التدريس عبر معلمى الواقع الافتراضي.


وسيوضع فى الاعتبار عند تشكيل معلمى المستقبل كيفية معالجة غفوات الطلاب أثناء الدرس وتوقع شرود عقولهم والحفاظ على انتباههم عبر برامج افتراضية مثيرة، لتضع هذه التجارب فى حال نجاحها حدا ربما للمدارس فى المستقبل.


ويضم التحالف المشكل حديثا شركة "اتش تى سي" وجامعة بيهانغ التى تملك معملا وطنيا للواقع الافتراضي. وتعول الحكومة الصينية على تلك التكنولوجيا أن تلعب دورا مهما فى تعزيز النمو الاقتصادى الصينى وتحويل نمط الاقتصاد.


ويتوقع بنك جولدمان ساكس أن يبلغ حجم السوق العالمى لصناعة الواقع الافتراضى 182 مليار دولار والسوق الصينى 8.5 مليار دولار بحلول عام 2020

.
وتعمل الصين على وضع معيار وطنى لسماعات ونظارات الواقع الافتراضى مثل تحديد وزنها وضمان عدم شعور الزبائن بالدوار أثناء ارتدائها.
ويتوقع الخبراء أن تجلب الصين الإثارة لهذه التكنولوجيا من خلال المراهنة على تطبيقات مختلفة ومتنوعة لها فى طور التطوير.


وتقوم شركات كبرى مثل فانكة وواندا غروب وغرينلاند غروب ولولى غروب بتطوير برامج لتوفير خاصية رؤية الممتلكات افتراضيا كما تعمل "ايلونغ"و"هوم ان" على توفير خدمات السفر الافتراضى وغرف الفنادق الافتراضية.


وأعلن عملاق التجارة الالكترونية على بابا عن هدفه توفير خدمة التسوق الافتراضى للمتسوق الإلكترونى ليغير معه عالم التجارة الالكترونية وقد أطلقت خدمة "باى بلس" مؤخرا كمشروع تجريبى على منصته "تاو باو". ويستطيع المتسوق من خلال ارتداء النظارة التجول بحرية فى أروقة متاجر افتراضية كما لو كان فى الواقع بالضبط.

 
وأقامت على بابا معمل" جنوم ماجيك لاب" لدفع استراتيجية الواقع الافتراضى من خلال مساعدة التجار على تحويل متاجرهم على صفحات الويب إلى متاجر ثلاثية الأبعاد تمكن الزائر من التعامل باللمس مع المنتج للوقوف على جودته. ويتوقع أن يتم تطوير روبوتات تجيب على أسئلة الزبون فى الحال وتساعده على اختيار المنتجات.


وقد تدمج شركة "تينسينت" المطورة لبرنامج "ويتشات" محتوى وألعاب تعمل بتقنية الواقع الافتراضى بمنصتها لزيادة عدد المستخدمين، إيمانا بأن "القيمة الحقيقية للواقع الافتراضى ستكون فى الأفكار وراء السوفتوير وليس الهاردوير" وفقا للخبراء.


ويعتقد هؤلاء أن العمالقة بايدو وعلى بابا وتينسينت لديهم خيارات كثيرة لتغيير قواعد اللعبة لامتلاكهم الأموال الكثيرة مقارنة بالشركات الصغيرة.