رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

36 جهازًا رقابيًا على مؤسسات الدولة.. ومصر «غرقانة فى الفساد».. تقرير

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية

تحولت مصر إلى بؤرة للفساد المالي والإداري رغم تعدد الأجهزة الرقابية، ووصولها إلى 36 جهازًا رقابيًا، ومع ذلك لا تزال مصر تشهد العديد من وقائع الفساد، وإهدار المال العام، ومنذ نجاح ثورة 25 يناير 2011، تم فتح العديد من ملفات الفساد القديمة، وتخصيص أرقام تليفونات للإبلاغ عن الفساد، إلا أن الجهاز الإداري بالدولة لم يشهد أي تغيير في هذا الشأن.


إدارة مكافحة الفساد

كما تُعين الدولة من وقت لآخر، العديد من الشخصيات في مناصب رفيعة؛ بحجة مكافحة الفساد، وكشف مصدر قضائى مطلع بوزارة العدل، أن المستشار حسام عبد الرحيم، وزير العدل، سيعين خلال أيام مساعدًا للوزير لإدارة «مكافحة الفساد»، والإعلان عن هذا المنصب ليس جديدًا؛ فقد سبقه تعيين اللواء محمد عمر هيبة، رئيس جهاز الرقابة الإدارية السابق، مستشارًا لرئيس الجمهورية لمكافحة الفساد، كما أصدر النائب العام قرارًا بإنشاء مكتب مكافحة الفساد، وإلحاقه بالمكتب الفنى، وحدد اختصاصاته فى دعم النزاهة، وحصر جرائم الفساد.


وطالب المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، في اجتماع مجلس الوزراء مؤخرًا بقيام كل وزير بتشكيل لجنة تحت مسمى لجنة تقصي الحقائق؛ لكشف بؤر الفساد داخل كل وزارة، والتساؤل الهام الذي يشغل ذهن الشارع: ما الذي ستضيفه تلك المناصب، بجانب عشرات الأجهزة الأخرى التي تتبع السلطة التنفيذية، فى وقت كشفت فيه منظمة الشفافية الدولية فى أحدث تقاريرها، أن مصر تقبع فى مكانة متقدمة من الدول الأكثر فسادا بالترتيب الـ88، من بين 168 دولة على مستوى العالم.


1102 واقعة فساد في عام

ورصدت دراسة نفذتها مؤسسة «شركاء من أجل الشفافية»، وقائع الفساد خلال 365 يومًا تبدأ من يوليو 2015، وتنتهى فى يونيو2016، وخلال هذه الفترة رصدت الدراسة 1102 واقعة فساد فى مؤسسات الدولة، بواقع 3 وقائع فساد يوميا، وجاءت وزارة التموين الأكثر فسادًا، وشهدت وحدها 215 واقعة فساد بنسبة 19.77% من إجمالي وقائع الفساد، ويليها المحليات برصيد 127 واقعة فساد بنسبة 11.5% تقريبا، ثم الصحة بـ97 واقعة فساد بنسبة 8.8%، ووزارة الزراعة بـ 88 واقعة فساد بنسبة 7.9%، ويليها وزارة الداخلية بـ76 واقعة فساد بنسبة 6.89%، ثم وزارة التربية والتعليم بـ59 واقعة فساد بنسبة 5.35%، ووزارة المالية بـ 49 واقعة بنسبة 4.44%، ووزارة الإسكان بـ36 واقعة بنسبة 3.26%.


وتأتى بعد ذلك وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات برصيد 31 واقعة بنسبة 2.8%، من إجمالى وقائع الفساد التى شهدها العام الأخير، ووزارة النقل بـ29 واقعة فساد بنسبة 2.63%، ووزارة العدل بـ24 واقعة بنسبة 2.17%، ثم وزارة الشباب والرياضة بـ23 واقعة بنسبة 2.08%، تليها وزارة الرى والموارد المائية بـ22 واقعة بنسبة 1.99%، ثم وزارة التضامن الاجتماعى برصيد 19 واقعة بنسبة 1.72%.


وجاءت بعد ذلك كل من وزارات البترول والأوقاف والاستثمار برصيد 18 واقعة فساد لكل منها بنسبة 1.6%، ووزارة الآثار برصيد 17 واقعة بنسبة 1.54%، ثم وزارة التعليم العالى بـ16 واقعة فساد بنسبة 1،45%، ووزارة الكهرباء برصيد 14 واقعة بنسبة 1.27%، ووزارة الثقافة برصيد 9 وقائع بنسبة 0.81%، يليها وزارة الصناعة والتجارة برصيد 7 وقائع بنسبة 0.63%، ووزارة البيئة برصيد 5 وقائع بنسبة 0.45%، تليها كل من وزارة قطاع الأعمال ووزارة القوى العاملة برصيد 0.36%، كما حصل كل من وزارتي الطيران والسياحة على 3 وقائع فساد بنسبة 0.27%، وأخيرا وزارة التطوير الحضارى بواقعة فساد واحدة من 1102 واقعة بنسبة 0.09%.


12 واقعة فساد في الأجهزة الرقابية

والكارثة أن الفساد طال الأجهزة الرقابية ذاتها، حيث تكشف الدراسة أن الأجهزة الرقابية شهدت 12 واقعة فساد بنسبة 1.08%، أما مؤسسة الرئاسة فكان نصيبها 7 وقائع فساد بنسبة 0.63% ورئاسة مجلس الوزراء 6 وقائع فساد بنسبة 0.54%، حتى البرلمان شهد 10 وقائع فساد بنسبة 0.90%، وهى ذات نسبة الفساد فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى شهد هو الآخر 10 وقائع فساد.


ومن بين 1102 واقعة فساد، هناك 728 واقعة قيد التحقيق (بنسبة 66%) و173 واقعة قيد المحاكمة (بنسبة 16 %)، و144 واقعة لم يتم التحقيق فيها بعد (بنسبة 13 %)، فيما تم الحكم فى 57 واقعة فساد (بنسبة 5%).


وتكشف الدراسة أن شهر يناير 2016 سجل أعلى معدل لوقائع الفساد بواقع 138 واقعة، تلاه مباشرة شهر فبراير من نفس العام برصيد 112 واقعة، ثم أغسطس 2015 برصيد 104 وقائع، ومايو 2016 برصيد 101 واقعة، بينما كان شهر أكتوبر 2015 هو الأقل برصيد 60 واقعة فساد، وكانت وزارة التموين صاحبة النصيب الأكبر من وقائع الفساد خلال شهر يوليو 2016 برصيد 15 واقعة فساد من إجمالي 64 واقعة، تليها وزارة الزراعة برصيد 10 وقائع فساد، يليها قطاع المحليات برصيد 9 وقائع، يليها قطاع الصحة برصيد 8 وقائع فساد، ثم تأتى وزارتا الكهرباء والعدل برصيد 3 وقائع لكل منهما.


القاهرة تحتل النصيب الأكبر في الفساد

وعن التوزيع الجغرافى للفساد، تقول الدراسة إن محافظة القاهرة تحتل النصيب الأكبر من ضمن وقائع الفساد خلال شهر يوليو 2016؛ نظرًا لتمركز المقرات الإدارية بها حيث نالت 23 واقعة فساد، يليها محافظة الشرقية برصيد 5 وقائع فساد، تليها كل من محافظة المنيا وسوهاج برصيد 4 وقائع لكل منهما.


الرئيس يحدد طرق مكافحة الفساد

ومنذ تم تعيين محمد عمر هيبة، مستشارًا لرئيس الجمهورية لـ«مكافحة الفساد»، ولم يظهر له أي دور في هذا الشأن، ولم يخرج لتقديم مقترحات وأفكار لتطوير منظومة مكافحة الفساد بشكل عام، إلا أنه تطرق في كل المناسبات إلى توجيه توصيات ومطالبات للجهات للقيام بمكافحة الفساد بطرق عدة، ولم يظهر المستشار في أي من هذه المناسبات حتى لم يذكر اسمه أو يتردد كثيرًا، ما جعله غير معروف في الوسط الإعلامي. والدليل على ذلك، تجاهل الرئيس دور مستشاره؛ فقد خرج السيسي في 12 مايو 2015، ليعلن أن مواجهة الفساد ستتم من خلال محورين، الأول: المواجهة الأمنية والملاحقة القضائية، والمحور الثاني: إطلاق حزمة من التشريعات والقوانين والاتجاه إلى التكنولوجيا الحديثة دون الإشارة لمجهودات المستشار أو الاستعانة برأيه ليتضح أن الرئيس هو الآمر الناهي في مثل هذا الجانب.


ويصر الرئيس في كل المناسبات على الإشارة لهذا الجانب، حيث كان يردد دائمًا أن "الفساد لا يقتصر فقط على سرقة أموال الدولة، ولكنه يتمثل في مظاهر أخرى مثل الإسراف غير المبرر، لذا خرج بالمبادرة الشهيرة التي تقضي بترشيد مظاهر البذخ في الجهاز الحكومي"، وأصدر توجيهاته لوزارة الداخلية لأداء دورها من خلال تفكيك أيّة عصابات تتاجر بقوت الشعب، وفي كل هذه المواقف لم يشر إلى المؤسسة أو الجهة الاستشارية التي أنشأها.


رغم تعدد الجهات الرقابية في مصر، إلا أن مؤشرات تعدد جرائم الفساد داخل الجهاز الإدارى للدولة في تزايد كبير؛ فوفقًا لتقرير اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، هناك 65 ألف قضية فساد تستقبلها النيابة الإدارية كل عام، فيما يخص الجهاز الإداري بالدولة، بمعنى أن هناك 65 ألف موظف مصرى فاسد كل سنة، والكارثة أن الفساد وصل مؤسسة الرئاسة، ولمجلس الوزراء! فهناك 28 وزيرًا يجب عزلهم من مناصبهم بسبب تعدد اكتشاف قضايا الفساد داخل وزارتهم، فالمال العام ينزف منذ عام 2000 تريليون جنيه يبتلعها الفساد والمفسدون، وخلال العام الأخير استقال الوزيران «صلاح هلال» و«خالد حنفى»، من الحكومة، على خلفية اتهامات بالفساد، أولهما أحيل للمحاكمة وتم حبسه، بعد دقائق من استقالته، والثاني لا يزال ينتظر.


غياب دور البرلمان

وقال هيثم الحريري عضو مجلس النواب، إن سبب عدم فاعلية دور الأجهزة الرقابية الرسمية فى مصر يرجع في الأساس إلى أنها تفتقر بشكل تام إلى الاستقلالية فى ظل تبعيتها المباشرة للسلطة التنفيذية، مشيرا إلى أن تعدد الأجهزة الرقابية وتداخل اختصاصاتها يؤثر على مواجهة الفساد الإداري، وكل جهة من الجهات الرقابية تمارس رقابتها دون التنسيق مع الجهات الأخرى، فضلًا عن غياب ملحوظ من جانب البرلمان في مواجهة الفساد الإداري.


وأكد «الحريري» أن جميع الأجهزة الرقابية التى أعلن عنها مؤخرًا، لا يوجد لها أى دور ملحوظ في مواجهة الفساد داخل الدولة، وتكتفي فقط بالحديث في وسائل الإعلام دون تقديم خطة واضحة تكشف مخطط الدولة مستقبلًا للقضاء على الفساد بشكل نهائي.