رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

وائل النحاس: الاقتصاد المصري في الإنعاش.. و5 مصائب ارتكبتها الحكومة في حق الشعب.. حوار

وائل النحاس - أرشيفية
وائل النحاس - أرشيفية

الاقتصاد غير الرسمى يتضاعف والدولة متفرغة لـ«جمع الفكة»

قانون القيمة المضافة غير دستورى ويجب محاسبة «النواب» عليه


الاحتياطي النقدى «التزام» على مصر وتعويم الجنيه يرفع الأسعار 35%


موازنة شريف إسماعيل غير مطابقة للواقع والدين العام تخطى 100%


إنفاق المليارات على الطرق إهدار.. وخفض عجز الموازنة وهم


خروج رجال أعمال مبارك ومرسى من السوق سر أزمة السكر


الدولة لن تنفذ شروط صندوق النقد قبل انتفاضة 11ـ11


لولا شركات الصرافة لوصل سعر الدولار لأكثر من 27 جنيها



وصف الخبير الاقتصادي وائل النحاس، حالة الاقتصاد المصري، بأنه دخل الإنعاش، مشيرا إلى أن هناك عددا من القرارات الخطيرة التي اتخذتها الحكومة الحالية؛ أسهمت في الحالة المرتدية التي نعيشها الآن.


واتهم النحاس في حواره مع "النبأ" الحكومة بالفشل في إدارة الملفات الاقتصادية، محملا إياها مسئولية ارتفاع الأسعار، ومحذرا من المزيد من التضخم، الذي يدفع الأسعار لارتفاع إضافي يصل لـ35%، عند تعويم الجنيه، والاستجابة لمطالب صندوق النقد الدولي.


تفاصيل كثيرة صادمة كشف عنها النحاس خلال حواره مع "النبأ".. وسألناه:


في البداية ما تقييمك لوضع الاقتصاد المصرى حاليا؟

الاقتصاد المصري الآن في الانعاش، وحذرنا الحكومة منذ سنتين من الإجراءات التي تتخذها، ومنها 5 مصائب هي ضريبة القيمة المضافة وتخفيض قيمة العملة وتحريك شريحة الكهرباء والمياه، ورفع الدعم عن البنزين وتعويم الجنيه، وقلنا إنها سوف تؤدي إلى ما يسمى بالتضخم الحلزوني، وهو من أصعب أنواع التضخم، الذي يمكن أن يصيب اقتصاد أي دولة في العالم، وهذا ما حدث بالفعل، فهناك ارتفاعات متوالية غير مبررة في الأسعار، وهذه الإجراءات لا يصلح أن يتم اتخاذها حزمة واحدة في ظل عدم استقرار السوق، وعدم وجود مخزون استراتيجي يستطيع تثبيت استقرار الأسعار لمدة عام.



وهل اتخذت حكومات سابقة قرارات من هذا النوع؟

الدكتور على لطفي رئيس وزراء مصر الأسبق في عهد مبارك، كان يريد اتخاذ هذه الإجراءات لكن تمت اقالته خلال 24 ساعة، لأنه كان سوف يعرض الاقتصاد بالكامل لهزة شديدة، فنحن نتحدث عن أن موقف الدين العام اصبح خطيرا جدا، وخاصة أن هناك فرقا كبيرا بين الدين العام الحقيقي والدين العام الذي تعلنه الحكومة، فالدين العام سواء الداخلي أو الخارجي أكبر بكثير جدا مما تعلنه الحكومة المصرية، فالحكومة تسعر الدين الخارجي على 8.80 جنيه للدولار، وسعر برميل البترول في الموازنة بحوالي 40 جنيها، وتعتمد في تدفقاتها النقدية على شريحة ضرائب سواء ضريبة القيمة أو ضريبة الارباح التي سوف تبدأ تحصيلها من الناس، وبالتالي فالموازنة العامة للدولة التي أعلنت عنها الحكومة غير مطابقة للواقع نهائيا، ولو تم حساب الدين العام "الداخلي والخارجي" على أساس السعر الحالي للدولار فسوف يتعدى 100% من الناتج المحلي.




لكن الدولة تتحدث عن مشروعات كبرى سوف يجني الشعب ثمارها قريبا؟

إنفاق  1.2 تريليون جنيه على البنية التحتية من طرق وكباري خطير جدا، لسبب واحد وهو أنه لم يتم جذب دولار واحد كاستثمارات، وبالتالي فهذه النفقات تعتبر اهدارا للمال العام، خاصة أن هناك مدنا صناعية موجودة بالفعل وكان يمكن جذب مستثمرين لهذه المدن بعد تطويرها، فلو تم صرف هذه المبالغ على المصانع كان يمكن تغطية عجز العملة الصعبة التي يعاني منها الاقتصاد الآن، لأن هذه المصانع ستسد جزءا من وارداتنا بالعملة الصعبة، الحكومة فقط تفرغت للقروض ورش المياه للمستثمرين دون أن يأتي مستثمر واحد.



لكن هناك جهودا تبذل في تطوير العشوائيات مثلا؟

وأين أموال القروض التي تم الحصول عليها لتطوير العشوائيات، والتي يتم تمويلها حاليا من صندوق تحيا مصر ومن الأورمان؟ منذ أكثر من خمس سنوات ونحن نحصل على قروض لتنمية الصعيد، وهذه الأموال لو تم انفاقها بالفعل على الصعيد لأصبح "بورتو الصعيد" والآن يتم الحديث عن قروض جديدة لتنمية الصعيد.



هناك محطة نووية ومحطة كهرباء عملاقة في بني سويف؟

مصر لن تتحمل قرض الـ28 مليار دولار الخاص بإقامة محطة الضبعة النووية، فمصر لن تتحمل تكلفة بناء محطة كهرباء سيمنز ببني سويف والتي تبلغ تكلفتها أكثر من 12 مليار دولار.  



هناك تخفيضات في الأسعار من خلال بعض الشركات ضمن مبادرة "الشعب يأمر"؟

التخفيضات التي أعلنت عنها الشركات "15%" سوف تؤدي إلى ارتفاع عجز الموازنة بصورة فلكية، لأن الضرائب المستهدف تحصيلها من هذه الشركات سوف تنخفض بشكل كبير، وهذا يجعل الدولة غير قادرة على تلبية متطلبات صندوق النقد الدولي، وبالتالي لن يقوم بمنح مصر عملة صعبة، بالاضافة إلى أن المقرضين سوف يخشون على أموالهم، وهذا سوف يؤثر بالسلب على الموازنة.



الحكومة تتحدث عن تخفيض عجز الموازنة لأقل من 10%؟

هذا وهم كبير، لاسيما بعد تعويم العملة المصرية، لأن هذا الإجراء سوف يؤدي إلى وصول العجز في الموازنة إلى أكثر من 15%، نتيجة تحريك أسعار البترول وأسعار الدولار، لأن الدولار تم تقييمه في الموازنة على أساس 9 جنيهات.



لكن الحكومة تقول إنها تسير في الاتجاه الصحيح؟

المواطن المصري هو الذي يدفع فاتورة كل تلك الإجراءات، وحذرنا الحكومة من أن شهر سبتمبر 2016 سيكون صعبا جدا على الاقتصاد المصري، وازداد الأمر سوءا بعد المراوغات الروسية بخصوص عودة السياحة الروسية لمصر، وبالتالي فكل ما كانت الدولة تنتظره من عودة السياحة لن يتحقق هذا العام أو العام القادم، وفي الوقت الذي لا تحتاج فيه مصر أكثر من 33 ألف ميجاوات من الكهرباء خلال السنوات الثلاثة القادمة، الدولة تقوم بإنشاء محطات إنتاج أكثر من 58 ألف ميجاوات خلال السنوات الثلاثة القادمة، وكل ذلك على حساب المواطن المصري.



كيف ترى أزمة السكر الحالية؟

أزمة السكر سببها قرار وزير التموين السابق خالد حنفي في أغسطس الماضي، بمنع إعطاء السكر لشركات التعبئة والتوزيع، واكتفى فقط بمنح السكر لشركات الجملة والهايبر ماركت، وهذا أدى إلى اختفاء السكر من الأسواق، وحل هذه المشكلة يتطلب قيام الدولة باستيراد السكر من الخارج، في ظل ارتفاعه عالميا، وهذا يؤكد أن كل سياسات الدولة المصرية خاطئة، فأزمة السكر صناعة الدولة، بسبب سياستها، واختفاء رجال أعمال مبارك ورجال الأعمال التابعين لجماعة الإخوان من سوق احتكار المواد الغذائية، دون أن يكون هناك بديل.



الدولة تقول أن أجواء الاستثمار مهيأة لعودة المستثمرين إلى مصر؟

المستثمر لن يأتي في ظل ارتفاع معدل الفقر، وعدم وجود قانون يضمن حقوقه، ووجود مسئولين يتراخون في اتخاذ القرارات والإجراءات المهمة، وطالما هناك قضايا موجودة في هيئة الاستثمار منذ خمس سنوات، لم يتم حلها، فإن المسثمر لن يكون آمنا، بالإضافة إلى عدم وجود خريطة استثمارية لدى الدولة المصرية، ووجود مشاكل في تحويل العملة من الخارج، وفي تحويل الأرباح من الداخل إلى الخارج، كل هذه الأمور تؤكد أن الدولة يتم إدارتها بعشوائية من كل الجهات.



ولماذا كل هذا التشاؤم؟

ليس تشاؤما، إنه واقع فمثالا كل عام يتم تحصيل حوالى 4 مليارات جنيه من جيوب المواطنين، لجمع القمامة، ورغم ذلك فهي تملأ شوارع مصر، وحتى الآن لا أحد يعلم من يدير ملف القمامة في مصر، هل هي المحليات أم المحافظة أم وزارة البيئة أم هيئات النظافة، وللعلم يمكن تشغيل مليوني شاب بالفلوس التي يتم أخذها من المواطنين لجمع القمامة، "فلوس الزبالة يمكنها تنشيط الاقتصاد المصري".



كيف ترى تعويم الجنيه؟

تعويم الجنيه سوف يؤدي إلى حدوث أزمة طاحنة في مصر، وارتفاع بأسعار السلع بما لا يقل عن 35%، وهذا سوف يمثل مشكلة كبيرة، فتعويم العملة لا يصلح في دولة مثل مصر لا يوجد فيها استقرار في أسعار السلع، وتغيب عنها السيطرة من جانب الدولة على سعر الدولار، وبالتالي فسوف يتجرع الشعب مرارة تعويم الجنيه.



تقييمك لأداء الحكومة؟

كل القرارات التي اتخذتها الحكومة لم تؤد إلى تخفيض عجز الموازنة، أو خفض الانفاق العام للدولة، ولم تؤد إلى تحسين وضع المواطن المصري، بل على العكس زادت من معاناته، فمحصلة كل القرارات صفر، فهم لا يدعمون المواطن وإنما المواطن هو الذي يدعم الحكومة، هو الذي يتحمل تكلفة المواصلات والعلاج والتعليم.



وماذا عن أداء البرلمان المصري؟

البرلمان يصنع الآن أزمات داخل الدولة المصرية، ولا نعرف لمصلحة من، فالبرلمان يتحمل نتيجة قراراته الخاطئة وعلى رأسها قانون القيمة المضافة، والذي أقره النواب رغم أنه غير دستوري وسيؤدي إلى خسارة الدولة لعوائد ضريبة المبيعات، والشعب في النهاية هو الذي يتحمل القرارات الخاطئة للحكومة والبرلمان، وبالتالي يجب إجراء استفتاء على أي قرارات صعبة يتحملها المواطن في الفترة القادمة، فالدولة تفرغت فقط لجمع الضرائب و"الفكة" من الشعب المصري وإلغاء الدعم، في حين أن الاقتصاد غير الرسمي البالغ 1.6 تريليون جنيه، تضاعف خلال خمس سنوات بنسبة 100%، الاقتصاد غير الرسمي ناجح جدا، والاقتصاد المصري الذي تديره الحكومة فاشل جدا.



لكن الزيادة في عدد السكان تبتلع التنمية؟

على الحكومة المصرية أن تتعلم من الهند، التي يسكنها أكثر من مليار شخص والصين التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار أيضا كيفية ادارة الشعوب.



هل ترى أن قرض صندوق النقد سوف يحل المشكلة في مصر؟

مصر لن تحصل من الصندوق على أكثر من 4 مليارات دولار، وما اتفقت عليه الحكومة المصرية في برنامجها الاقتصادي مع الصندوق سوف يصنع كارثة بالاقتصاد المصري اذا تم تنفيذه، فالدين العام سوف يتفاقم، والدين الخارجي سوف يرتفع بسبب تعويم الجنيه، والدين الداخلي سوف يرتفع بسبب ارتفاع سعر الفائدة، وهذا سوف يؤدي إلى ارتفاع عجز الموازنة ويكون هناك ارتفاعات غير مسبوقة في معدل التضخم.



لكن الاحتياطي النقدي لمصر زاد ووصل إلى أكثر من 19 مليار دولار؟

الاحتياطي النقدي عبارة عن ودائع وقروض وزيادته لا تعني شيئا، وكله التزامات على الدولة المصرية، ومصر لا تستطيع الاستفادة من هذا الاحتياطي، وبالتالي الاحتياطي الحالي وهمي.



هل الإخوان والتجار وشركات الصرافة هم السبب في أزمة الدولار كما قالت الحكومة؟

الدولة المصرية هي من صنعت أزمة الدولار، ولولا شركات الصرافة والسوق السوداء لوصل سعر الدولار إلى أكثر من 27 جنيها، والدليل على ذلك أن أزمة الدولار تقامت بعد إغلاق شركات الصرافة، لأن هذه الشركات كانت تستورد العملة، وكان يجب على البنك المركزي احتضان هذه الشركات، فمصر انخفضت فيها العملة 150% خلال سنتين، وايران في ظل الحصار الاقتصادي الخانق عليها لسنوات انخفضت عملتها 70% فقط.



هل تعتقد أن مصر سوف تستجيب لصندوق النقد الدولي وتقوم بإلغاء دعم المحروقات؟

مصر لن تقدم على رفع دعم المحروقات بناء على طلب صندوق النقد الدولي قبل مظاهرات 11/11، كنوع من المواءمة السياسية، وهي رسالة من الشعب المصري بأنه الذي حمى مصر في 25 يناير و30 يونيو وليس الدولة كما يزعمون.



كيف ترى المستقبل؟

القادم أسوأ، لأن القرارات القادمة ستكون فوق طاقة أي مواطن.



في النهاية كيف ترى الدعوة لمظاهرات 11/11؟

ما سيحدث في نوفمبر ليست مظاهرات ولكنها انتفاضة، لا قائد لها ولا رموز سياسية ولا ميادين، سوف يخرج الناس إلى الشوارع، ولن تجد الحكومة من تتفاوض معه، ولن تستطيع السيطرة عليهم.