رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

اللواء محمد رشاد: عمر سليمان «خرب» جهاز المخابرات.. وهذه حقيقة الاستعانة بالفنانات.. حوار

محررا «النبأ» أثناء
محررا «النبأ» أثناء الحوار مع اللواء محمد رشاد

أشرف مروان كان جاسوسًا لصالح إسرائيل.. ومبارك دافع عنه لأنه شريك نجليه في البيزنس

تسليم السادات خطة الحرب لـ"كيسنجر" قلب الموازين على الجبهة السورية



حافظ الأسد صاحب موعد ساعة الصفر.. وأخطأنا فى تقدير قوة العدو



أحمد إسماعيل مسئول عن "الثغرة".. وإسرائيل حاولت تدمير حائط الصواريخ



غياب المعلومات وراء هزيمة 5 يونيو.. وقبول مبادرة "روجرز" كان مناورة



المخابرات الحربية حصلت على "صفر" فى تقييم أدائها خلال الحرب  



شركات المقاولات سطرت ملحمة تاريخية خلال بناء حائط الصواريخ



السادات مسئول عن نجاح اغتياله.. ومبارك كان غبيًا وبلا طموح



عمر سليمان خرب المخابرات.. والحرس القديم عاد إلى الجهاز لتصفية الحسابات، بهذه الجمل القصيرة افتتح اللواء محمد رشاد الوكيل الأسبق لجهاز المخابرات العامة المصري، ورئيس لجنة الشئون العسكرية الإسرائيلية حديثه لـ"النبأ".


وأضاف خلال الحوار الساخن الذي امتد لفترة طويلة، بأن غياب المعلومات كان السبب الرئيسي، في هزيمة 5 يونيو 1697، كاشفا عن الكثير من التفاصيل في هذا الشأن.


وأوضح رشاد أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أخبر هنري كسينجر، وزير خارجية الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، بتفاصيل ما تنويه مصر، على الصعيد العسكري، بعد يوم واحد من اندلاع معارك أكتوبر، مما قلب الموازين على الجبهة السورية، بعدما أقدم موشى ديان، وزير دفاع جولدا مائير، على تطوير الهجوم لرد التقدم السوري.


أسرار كثيرة كشف عنها وكيل جهاز المخابرات خلال الحوار، منها حقيقة أشرف مروان، وكواليس ما كان يتردد حول استعانة المخابرات بعدد من الفنانات لأداء مهام بعينها.



لا يمكن الحديث عن انتصارات أكتوبر دون أن تكون البداية بحرب 5 يونيو فكيف ترى هذه النكسة؟

الجيش المصري خسر حرب سنة 1967، نتيجة لعدم وجود قاعدة معلومات عن العدو، وهذا تسبب في دخولنا حرب غير متكافئة أدت إلى النكسة، ولو كانت المعلومات توفرت لصانع القرار السياسي، لما دخلت مصر الحرب، فالقيادة السياسية وقتها كانت واعية وقارئة وكانت تستطيع تقدير الموقف لكن نتيجة لعدم وجود المعلومات، تم اتخاذ قرار الحرب وهو ما تسبب في هزيمتنا بعد ذلك.



وما دور المخابرات العامة في التجهيز لحرب أكتوبر؟

كانت أول مهمة أنجزناها هي إنشاء قاعدة المعلومات عن العدو؛ لأن أول بند في أمر القتال، في حرب 73 كان "العدو"، والتعريف به للمقاتل، وكان من حسن حظنا أن إسرائيل رفعت الحظر الإعلامي عنها بعد حرب 67 باعتبارها آخر الحروب، وبالتالي رفعت الحظر الذي كان مفروضا على العمليات العسكرية، وعندئذ بدأنا في جمع المعلومات من المصادر العلنية، واستطعنا تجميع معلومات عن القوات الإسرائيلية التي شاركت في حرب يونيو 67، وتابعنا الموقف الإسرائيلي عن قرب، كما أن المخابرات العامة مسئولة عن العمق الاستراتيجي للعدو، وهذا العمق يعني وضع إسرائيل داخل حدودها، وهذا محور الصراع العربي الإسرائيلي؛ لأن إسرائيل تعتمد على نظام الاحتياط، وهذا الاحتياط موجود داخل حدودها، أما العمق التعبوي والتكتيكي فهو مسئولية القوات المسلحة.



ما تصوركم للحرب مع إسرائيل في تلك الفترة؟

وبعد النكسة بدأنا نضع تصورا للحرب القادمة مع إسرائيل، على الجبهتين المصرية، والسورية، كل على حدة، وقلنا إن العدو لن يسمح لسوريا بإدارة المعركة على هضبة الجولان، وهو مبدأ إسرائيلي، أما في جبهة مصر فالمساحة واسعة جدًا والعدو يمكنه أن يسمح بعبور بعض القوات ثم يجذبها إلى مناطق قتال تمكنه من تدميرها، وقلنا إن التعامل على الجبهتين مختلف، ورأينا أنه لابد من إنشاء نظام دفاع صاروخي، يستطيع تحييد القوات الجوية الإسرائيلية، وعندما أخرجنا تلك التوصية قام الرئيس جمال عبد الناصر بقبول مبادرة روجرز، وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت، والتي كانت تهدف لوقف إطلاق النار، رغم أن كل العالم العربي كان يعارضه.



ولماذا قبل ناصر هذه المبادرة؟

حتى يمكن وقف إطلاق النار، وبالتالي نستطيع بناء حائط الدفاع الجوي، وأود هنا أن أؤكد أن شركات المقاولات المصرية، سطرت ملحمة تاريخية في بناء حائط الصواريخ، وكان من ضمن حديثنا أن القوات المدرعة هي القوة الضاربة للقوات البرية الإسرائيلية، لذا يجب تحييدها أيضا، لأن تلك القوات حصل فيها تطوير كبير جدا؛ وأصبحت قادرة على إصابة المدرعات المصرية وهي خارج مدى نيراننا، لذا بدأنا في إنشاء وحدات "م.د"، وتم الدفع بها على الجبهة قبل بدء العبور، لكي تستطيع أن تواجه وتحيد المدرعات الإسرائيلية، واتفقنا على أن تعمل القوات المسلحة المصرية، داخل نطاق حائط الصواريخ؛ لأنها إن خرجت فستكبدنا القوات الإسرائيلية خسائر فادحة كبيرة، وكان عملنا هو توجيه القيادة السياسية والقوات المسلحة وإمدادها بالمعلومات حول العدو.



برأيك كيف تحول النصر إلى هزيمة بعد فتح ثغرة الدفرسوار في حرب أكتوبر؟

المشير أحمد إسماعيل كان حريصا، على عدم خروج القوات من نطاق حائط الصواريخ، وهو 15كم2، لكن الهدف كان تطوير الهجوم لخط المضائق، طبقا لتطور العمليات على الجبهة، وفي يوم 7 أكتوبر، خرجت برقية من الرئيس السادات إلى وزير الخارجية الأمريكي هنري كسينجر يخبره، فيها أنه لن يطور الهجوم لخط المضائق وسيكتفي بالنصر الذي حققه، وهذه البرقية قلبت موازين الحرب على الجبهة السورية، وكسينجر عندما تسلم البرقية؛ أبلغ إسرائيل على الفور، وعندها وجهت إسرائيل مجهودها الحربي الأكبر للجبهة السورية، وهو ما تسبب في اختلال التوازن، وعندها بدأت سوريا تستنجد بمصر، وعلى صعيد مواز طلب حافظ الأسد، وقف إطلاق النار لكن إسرائيل لم تتوقف، ويوم 14 أكتوبر بدأت مصر تطوير الهجوم؛ تحت ذريعة تخفيف الضغط على سوريا، إلا أن العمليات العسكرية على جبهة سوريا كانت توقفت يوم 13 أكتوبر.



وما الذي حدث أثناء تطوير الهجوم؟

في يوم 13 أكتوبر توقف القتال على الجبهة السورية، بعد شكوى من ملك الأردن حسين بن طلال، لهنري كسينجر مفادها أن الأردن تضررت من عمليات القتال على جبهة سوريا، وبدأت الأردن بدفع وحدات مدرعة على الحدود المشتركة؛ لذا ضغط كسينجر على إسرائيل، لوقف القتال، وهو ما تم بالفعل، في اليوم المذكور، في يوم 14 أكتوبر بدأت الفرق المدرعة المصرية تتقدم خارج حائط الصواريخ لتطوير الهجوم، وتكبدت خسائر فادحة، وهذا شجع إسرائيل على التمادي حتى فتح الثغرة، ويوم 16 رصدت بعض المواقع المصرية عددا من مدرعات ودبابات العدو في الضفة الغربية قدرتها بـ7 دبابات، و4 موضوعات مدرعة، وصدر أول بيان عسكري بهذا العدد، إلا أنه كان هناك 110 دبابات في الثغرة في هذا اليوم، وهو لواء مدرع كامل، موزع على مجموعات رصدت كل نقطة رصد مصرية 7 دبابات و4 عربات مدرعة، منها وخرج البلاغ العسكري برقم خاطئ.



ولماذا حدث هذا الخطأ في تقدير قوات العدو الموجودة في الثغرة؟

عندما يكون لديك نوع من النصر، فإنك تنسي أصول وقواعد الخطط التي ينبغي أن نتبعها، وأنا أثناء وجودي في غرفة عمليات المخابرات العامة، رصدت الـ110 دبابات عن طريق اللاسلكي، وأبديت تلك الملاحظة، لأننا كنا متواجدين بصورة دائمة في غرفة العمليات قبل الحرب بشهرين كاملين، وفي يوم 16 أكتوبر أُحلت للتحقيق بتهمة أنني المسئول عن الثغرة، ثم أثبتت اللجنة أن كلامي صحيح، ولم يخرج الموضوع خارج الجهاز، وكان هناك بعض الأشخاص يريدون تبرئة شخص المشير أحمد إسماعيل، وتحميل أشخاص آخرين المسئولية، لكن ذلك لم ينجح، واستقال مدير المخابرات الحربية وقتها فؤاد هويدي؛ لأن إدارته حصلت على صفر من عشرة خلال الحرب، وعندما توجهت القوات المصرية؛ لتصفية الثغرة فوجئوا بأن العدد أكبر مما بُلغوا به وبدأت الثغرة في الاتساع، وكان تركيز العدو هو القضاء على حائط الصواريخ؛ لأنه كان الهدف الرئيسي، حتى تستطيع القوات الجوية الإسرائيلية التدخل في المنطقة دون عوائق تعترضها، ثم تطور الموقف حتى خرجت منطقة الثغرة خارج السيطرة، وتم إرسال الفريق سعد الشاذلي لبحث التخلص منها، لكن لم تنجح العملية وأصبح الموقف خارج السيطرة وتدخلت القوات الجوية الإسرائيلية، كما حاولت إسرائيل احتلال مدينة السويس وفشلت ثم حدث وقف إطلاق النار الفعلي يوم 24 أكتوبر.



هناك مشككون في نصر أكتوبر.. فبماذا ترد عليهم؟

ما التبرير لهذا التشكيك؟ ومصر أدارت المعركة بدقة أو كما يقولون في المثل "بالمسطرة"، وبالفعل انتصرنا في الحرب، لأن أهدافنا كانت طبقا لإمكاناتنا، ونجحنا في تحقيق أهدافنا، وكل الدولة كانت مجندة لإزالة آثار العدوان وقتها.



وما تقييمك لاتفاقية "كامب ديفيد" وهل بها بنود سرية؟

إسرائيل نجحت في هدف أساسي وهو أن تعزلنا عن القضايا العربية من حولنا، بفضل كامب ديفيد، أما بخصوص البنود السرية، فالمعاهدة بكاملها معلنة.



على صعيد العمليات المخابراتية ضد العدو ما قصة الجاسوسة هبة سليم؟

هبة سليم بدأت قضيتها عندما التقطت مجموعة مكافحة التجسس عنوانا للتراسل على محل أنتيكات في باريس ترد إليه رسائل بالحبر السري، وعندها أحضرنا تلك الخطابات، ونجحنا في كشفها، وكانت تحتوي على معلومات عن القوات المسلحة، لكن العائق الذي ظهر بعد ذلك أننا لم نستطع أن نعرف من أطراف القضية؛ لأنها كانت نقطة اتصال ميتة.



ولما أخبرتني مجموعة مكافحة التجسس بذلك في أواخر عام ١٩٧٠، بدأت أدقق فى الأمر، وأفرغنا المعلومات التي كانت موجودة في الخطابات، وكانت من درجة "السري للغاية"، وهو نظام خاص لا يطلع عليه أحد سوى الأشخاص المصرح لهم بذلك، لذا أمكن معرفة من اطلع على كل وثيقة، وعندها بدأنا التنسيق مع المخابرات الحربية؛ لمعرفة من أطلع على تلك المعلومات، وقمنا سويا بتحديد 7 أشخاص منهم رائد كان وقتها في القوات الخاصة بالجيش، ويدعى فاروق الفقي، وهو الذي كان يتعاون مع هبة سليم، وكان رأي قائد الأمن الحربي أنه ضابط ملتزم، لا يجب أن يوضع تحت المراقبة؛ لكن عملنا لا يستثني أحدا فبدأنا مراقبة الأشخاص الـ7 مراقبة دقيقة.



وهل نجحت هذه الطريقة؟

نعم فالمراقبة مكنتنا من استبعاد من ليس لهم صلة بالتجسس حتى وصلنا لفاروق الفقي، وعرفنا أنه المتعاون مع هبة سليم؛ من خلال أحد الخطابات التي أرسلها إليها، كان مكتوب فيه: "أنا روحت إسكندرية ويا ريتك كنتي معايا"، وتم القبض عليه، واعترف على هبة سليم، ثم بدأنا البحث عنها.



وكيف تم القبض عليها؟

في تلك الفترة كانت تجمعنا علاقات طيبة جدًا مع المخابرات الليبية، حيث كان هناك توجه لدى الدولتين للاتحاد، وكان الاتحاد سيبدأ باندماج المخابرات المصرية والليبية، ثم بدأنا التنسيق معهم لأن والد هبة سليم كان يعمل معلما في ليبيا فذهب فريق من المخابرات المصرية إلى هناك وجرى التواصل معه وإخباره أن ابنته ستتورط مع مجموعة فلسطينية في خطف طائرة ونحن نريد أن نمنع هذا فاقتنع الرجل نتيجة لحبه لابنته، وطلبنا منه أن ينفذ التعليمات التي نمليها عليه وبالتنسيق مع المخابرات الليبية جرى إدخاله للمستشفى، وزورنا تقريرًا طبيا يقول إنه على وشك الموت وعندما اتصلت ابنته بزميله في السكن، فأخبرها أنه سيموت، وأنها يجب أن تأتي لزيارته فورا، وعندها جن جنون هبة سليم، وطلبت من ضابط المخابرات الإسرائيلية أن تذهب لزيارة والدها فرفض، وأرسل الموساد طبيبا لبنانيا ليتبين حقيقة الأمر، وعندما أطلع على التقرير أوصى بأن تزور هبة سليم والدها في أسرع وقت؛ لأنه في النزع الأخير، وبالفعل أعدت المخابرات الإسرائيلية جيدًا لتلك الزيارة، فسافرت هبة سليم من باريس إلى روما إلى أريتريا ومنها إلى ليبيا حيث كان من المقرر أن تلقي نظرة خاطفة على والدها ثم تعاود أدراجها على متن نفس الطائرة، ولما حطت الطائرة على الأراضي الليبية جرى اعتقالها من قبل ضباط المخابرات المصريين والليبيين ثم استقلوا جميعًا طائرة مصر للطيران إلى القاهرة.



وما دورك في العملية؟

دوري كان قبل العملية، حيث أعطيتهم المعلومات اللازمة للقبض عليها، وأنا الذي استجوبتها بعد ذلك لمدة 71 يومًا، وعندها علمت أنها زارت إسرائيل 9 مرات، وكانت تتحرك كأنها مواطنة إسرائيلية وكانت على مستوى على من الثقة عند أجهزة المخابرات الإسرائيلية، كما قاموا بعمل غسيل مخ لها، وأقنعوها أن مصر لن تهزم إسرائيل مهما فعلت، وفي اليوم الأخير للاستجواب سألتها ألست نادمة على ما فعلت؟ فقالت بالعكس أنا كنت أؤدي هدفا وطنيا ولا تحاولوا أن تحاربوا إسرائيل لأنه لا فائدة وستكون النتيجة مزيدًا من الشهداء والأرامل، وقالت لنا أيضًا إن الإسرائيليين عاملوني بكرامة أكثر من المصريين الذين عملت معهم.



وماذا عن موضوع الحفار الإسرائيلي؟

هذه العملية تمت أيضًا في إطار حرب الاستنزاف، وبدأت القصة عندما أخبرني اللواء نبيل الشافعي، وكان مسئول الملف الاقتصادي في لجنة إسرائيل بالمخابرات العامة، بأن دولة الاحتلال استأجرت حفارًا من كندا للتنقيب عن البترول في منطقة خليج السويس، وأننا ينبغي أن نمنع وصول هذا الحفار للمنطقة؛ لأنه يعد استهلاكا لمواردنا الطبيعية، فأرسلنا مذكرة مشتركة لرئيس الجهاز، وطلبنا أن نقوم بعملية اعتراض للحفار؛ لأنه كان سيصل مقطورًا من كندا، وبالفعل جرى التنسيق مع القوات المسلحة على أن نعترضه في إحدى نقطتين الأولى بساحل العاج، والثانية كانت نقطة في إفريقيا أيضا، وحدث تنسيق بيننا وبين الضفادع البشرية التابعة للقوات البحرية وبالفعل خرجت المجموعة المكلفة بالعملية لتعترض الحفار ونجحت في تدميره في ساحل العاج وقمنا بتصويره قبل وأثناء وبعد العملية.



هل كنتم تعتمدون على المشاهير من الفنانين والفنانات في بعض العمليات؟

لم يحدث أبدًا أن كان أحد الفنانين هدفا رئيسيا لنا، لكن كان أحيانا هدفًا فرعيًا لعميل نتابعه فكنا نتفق معهم على تحقيق المعلومات التي نحتاجها، من خلال اتصاله أو اتصالها بهذا الشخص، فالمخابرات العامة لا تدفع أحدًا لفعل شيء، ولم ندفع أي فنانة لممارسة شيء مع هدف إلا إذا كان بينهما علاقة مسبقة، وهدفنا جمع المعلومات بالإضافة إلى مكافحة التجسس.



وهل حقًا تقومون بتصفيات جسدية ضد بعض الأعداء؟

هذا لم يحدث ولم نقم به، قد يكون قام به آخرون لأن من يعمل بالعقل لا يمكن أن يكون بلطجيا.



ننتقل لقضية أشرف مروان.. هل كان جاسوسا لإسرائيل أم عميلا مزدوجا؟

أشرف مروان كان جاسوسا لإسرائيل وهو الذي قدم نفسه للمخابرات الإسرائيلية، للتعاون معها مقابل حفنة من الأموال وحدد مستوى اتصاله ليكون برئيس الموساد شخصيا، لكي لا ينكشف أمره، وقبل ذلك قدم مجموعة من المعلومات القيمة لإسرائيل لكي يثبت أنه ليس جاسوسا مصريا عليها، وكان معروفا لديهم باسم عملية "بابل" ودرجته ألف على واحد وهذا يعني أنه في مركز صناعة القرار ويحظى بمستوى عال من الثقة، وكان من ضمن المعلومات التي قدمها محضر اجتماع السادات مع القادة السوفيت، وهو ما نشره عزمي بشارة ومحمد حسنين هيكل بعد ذلك من واقع أرشيف الكنيست الإسرائيلي.



وكيف كان دوره في حرب أكتوبر؟

قبل بدء الحرب يوم 4 أكتوبر سافر أشرف مروان إلى إنجلترا وطلب لقاء رئيس الموساد، وبالفعل قدم له رئيس الموساد من إسرائيل، وذلك يوم 5 أكتوبر واجتمعا الساعة الـ11مساءً، وأخبره بأن مصر وسوريا سيشنان هجوما على القوات الإسرائيلية في تمام السادسة من مساء السادس من أكتوبر، وهذا ذكر في لجنة أجرانات الإسرائيلية بالنص، وقالت اللجنة إن إسرائيل أنقذت نتيجة للمعلومات التي قدمها عميل للعملية "بابل" يوم 5 أكتوبر، وكان هناك اجتماع للقادة الإسرائيليين برئاسة جولدمائير يوم 4 أكتوبر؛ لبحث احتمالية قيام مصر بعملية عسكرية، إلا أن إلياهو زعير المشهور بـ"إيلي" قال للمجتمعين أغلقوا خرائطكم لأن مصر غير قادرة على إدارة أي عملية ضد إسرائيل، والقوات الإسرائيلية الموجودة في سيناء قادرة على دحر أي قوات مصرية، وسوريا لن تتدخل في المعركة، لكن بعد ورود المعلومات من أشرف مروان اجتمع مجلس الحرب الإسرائيلي الساعة الرابعة فجرًا وأصدر قرارًا بالتعبئة العامة في تمام السادسة صباحا وقوات الخط الأول وصلت إلى منطقة المضايق حوالي الساعة 2 ظهرًا وبالتالي كانت مصر وسوريا قد بدأتا الهجوم.



وما السبب في تحديد الساعة 2 ظهرًا موعدًا لبدء الحرب على عكس الأعراف العسكرية المشهورة؟

عندما سافر أشرف مروان يوم 4 أكتوبر، كان موعد الحرب تم تحديده سلفا في الساعة السادسة من مساء السادس من أكتوبر، وقبل ذلك بيوم سافر المشير أحمد إسماعيل إلى سوريا للتأكد من جاهزية القوات السورية للمعركة لأنه كان القائد العام للجيشين، وعندما التقي مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري، وقتها أخبره بأنه لا يمكن بدء القتال خلال هذا التوقيت على جبهة سوريا وينبغي البدء مع أول ضوء وعندها رفعا الأمر إلى الرئيس السوري حافظ الأسد، الذي اقترح أن يتم تنصيف اليوم إلى نصفين لتبدأ المعركة الساعة الثانية ظهرًا، وبالتالي لم يعرف أشرف مروان بالموعد الجديد الذي وافق عليه السادات، باقتراح من حافظ الأسد.



إذن لماذا كان الرئيس الأسبق حسني مبارك يدافع عن أشرف مروان باستماتة؟

مبارك كان يدافع عن نفسه، وليس عن أشرف مروان لأن مروان كان صديقًا مقربًا من أولاده واشتروا ديون مصر، وبالتالي لن يسمح مبارك أن يقال إن هناك جاسوسًا إسرائيليا دخل بيته وصاحب أولاده وكانت الاستراحة الرسمية لأولاد مبارك في بيت أشرف مروان في لندن.



هل تورط مبارك في عملية اغتيال السادات؟

حسني مبارك لم يكن لديه الإمكانيات ليتورط في هذا، وقد أدى دورا ممتازا أثناء وجوده في القوات الجوية ولا يمكن أن ننكر دوره.



لكن البعض يقول إنه تواطأ على اغتيال السادات الذي كان ينوي تنحيته؟

دومًا الشخص رقم واحد يأتي برقم 2 شخصية غبية كي يمكن السيطرة عليه، وحسني مبارك لم يكن يتطلع لأن يكون نائبًا لرئيس الجمهورية، وكان يطمح في أن يتم تعيينه سفيرًا، وهذا ما قاله للمشير الجمسي، وموضوع اغتيال السادات المخطئ الأول فيه السادات، وأنا عملت 3 سنوات في الشرطة العسكرية، وكنت مسئولًا عن تأمين منطقة العرض من ناحية رابعة العدوية، وكانت هناك مدفعية عيار 12.7 قادرة على تدمير الدبابات موجودة فوق المنصة لتأمينها، ومنعنا كل ما من شأنه أن يعكر صفو العروض العسكرية، إلا أن السادات أمر بإزالة كل هذا وقال "أنا وسط ولادي" ولما حدث الهجوم لم تكن هناك أي قوات تتصدى لمجموعة الاغتيال.



هل تغيرت عقيدة الجيش المصري من حرب إسرائيل لحرب الإرهاب؟

الجيش المصري جيش نظامي، لا يصح أن يدخل في حرب عصابات، والعدو الأساسي لمصر هو إسرائيل، وكذلك العكس، فإسرائيل تركز على اختراق مصر مجتمعيا، وهناك 7 مواقع إسرائيلية يديرها مصريون تعمل على اختراق مصر مجتمعيا ولن أفصح عن أسمائها الآن.



وماذا عن إقالة وكلاء الجهاز التي تمت خلال الفترة الماضية؟

هذا موضوع طبيعي، وهناك أشخاص تؤدي دورها وتخرج، وكان الله في عون من يعمل بالجهاز وسط كل الضغوطات، وجيلنا "شال العملية خرابة وسلمها سليمة"، والآن الحرس القديم عاد ليصفي حساباته معنا.


من تقصد بالحرس القديم؟

البقايا القديمة داخل الجهاز، وهؤلاء بدءوا في الظهور مرة أخرى بعد الهدوء النسبي الذي تحقق بعد كامب ديفيد، وهم أرادوا الرجوع للمناصب القيادية، ولكي يحققوا ذلك كان لزامًا عليهم أن يتخلصوا من القوة الضاربة داخل الجهاز وهم نحن.



ألا يمكن أن يؤثر ذلك على المخابرات؟

المخابرات تعمل في إطارها الطبيعي وأهم شخص في الجهاز هو ضابط المعلومات الذي يستغرق إعداده حوالي 5 سنوات، والعمل داخل الجهاز له أسس لأن العمل فيه من الأسفل للأعلى، وعندما تخل بهذه القاعدة يختل الجهاز ككل، والمخابرات العامة ظلت تعمل بصورة جيدة جدًا حتى تولى رئاستها اللواء الراحل عمر سليمان فقلب آلية العمل بها ومن هذا الأساس فالذي خرب الجهاز هو عمر سليمان.