رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حكايات «صعق» العاملين بشركات الكهرباء بسبب «استغاثات فيس بوك».. تقرير

محمد شاكر - وزير
محمد شاكر - وزير الكهرباء

هانى مصطفى.. أُحيل للتحقيق وحُرم من العلاوة بتهمة نشر شكاوى على مواقع التواصل الاجتماعى.


«خالد سعيد».. هدد بالانتحار لعدم تدخل المسئولين لحل مشكلات «الخصم من الراتب».



أحمد عدوى.. اُتهم بنشر معلومات كاذبة عن شركة «كهرباء شرق الدلتا».



عبد المحسن خلف: الوزارة لم تضع قوانين تقيد حرية التعبير أو نشر الشكاوى.


لا يزال مسلسل الاضطهاد والفساد وغلق باب التواصل بين المسئولين والعاملين فى مختلف قطاعات الدولة متواصلًا؛ فالوضع الآن لم يتغير كثيرًا عن قبل ثورة 25 يناير، وأحداث «30 يونيو»، من ناحية التعنت وتكميم أفواه العاملين، ولكن حصل قطاع الكهرباء على النصيب الأكبر من تلك الوقائع والمخالفات التي جعلت العاملين فى وزارة الكهرباء يرفعون شعار «الشكوى ممنوعة.. والاستغاثات محظورة».


ولم يتوقف «التعنت» عند غلق أبواب المسئولين فى وجه العاملين فقط، بل تجاوز الأمر إلى توقيع العقوبات والجزاءات والحرمان من بعض العلاوات والترقيات، على الذين ينشرون الشكاوى الخاصة بهم على صفحات التواصل الاجتماعي، أو الظهور على شاشات الفضائيات، أو من يحاول التفكير فى إرسال استغاثة أو شكوى للدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء.


ومن أجل التحقق من تلك الوقائع التي يعاني منها العاملون بـ«قطاع الكهرباء»، رصدت «النبأ» العديد من الحالات التي تعرضت لعقوبات جزافية، وأثبتت بالمستندات حقيقة أمرهم ومدى ما وصلوا إليه من الظلم الواقع عليهم من جانب المسئولين.


هانى مصطفى كامل سيد خليل، موظف بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، عرض الشكاوى الخاصة به على صفحات التواصل الاجتماعي، واعتبر المسئولون بـ«الكهرباء» أن هذا الأمر يعد «جريمة»، ولابد من توقيع عقوبة عاجلة عليه، بالرغم من أنه لم يفعل جرمًا، فهو فقط يشكو من تعنت بعض المسئولين ضده.


سريعًا.. جاء رد المسئولين بوزارة الكهرباء من خلال «تستيف» التهم لـ«هاني» مثل: اقتحام مكتب المهندس وليد فرج إبراهيم، مدير عام «شبكات كهرباء القلعة»، دون استئذان، والتحدث معه بطريقة غير لائقة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد؛ بل وافق المهندس «إلهام درويش»، رئيس قطاعات شبكات توزيع القاهرة، على مجازاة «هاني» بخصم يومين من راتبه.


وبعد فترة زمنية أقل من أسبوع، جاء قرار المهندس حسام عفيفي، رئيس شركة جنوب القاهرة، بمجازاة «هاني» بالحرمان من العلاوة، بدعوى قيامه بنشر شكاوى تسىء إلى العمل والعاملين وإلى قيادات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بالإضافة لقيامه بتسجيل محادثات شخصية لبعض العاملين بالشركة، واعترافه بذلك، فضلًا عن تحريض العاملين.


وعلى الجانب الآخر، نفى هاني مصطفى، اعترافه بارتكاب واقعة تسجيل محادثات لزملائه؛ لأنه لا توجد محادثات من الأصل، ولم تعرض التسجيلات المزعومة على الشئون القانونية، موضحًا أن حقيقة الجزاء الموقع عليه يرجع إلى كتابته استغاثة لرئيس الشركة، ورئيس الجمهورية، يشكو فيها من «تعنت وتعسف» مدير عام شبكات كهرباء القلعة، ورئيس قطاع وسط القاهرة، المهندس علاء حسن، ومساندة المهندس إلهام درويش للأول، ورفضه سماع شكوى العامل.


ولم ينته الأمر عند ذلك الحد؛ بل قام مدير عام شبكات القلعة بإحالة «هاني مصطفى» للتحقيق، بحجة أنه «يتمارض»، بالرغم من أن «هاني» قدم أثناء التحقيق معه التقارير الصادرة من الإدارة الطبية بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، ومستشفى عين شمس التخصصي، ما كان سببًا في حفظ التحقيق معه، لاسيما بعد ثبوت «كيدية» الوقائع المنسوبة له، وعدم صحة شكوى المدير العام، وليد فرج إبراهيم، وفي الوقت نفسه لا تزال العقوبة موقعة عليها «فعليًا».


فاض الكيل بـ«هاني»، ولم يجد عونًا له، فلجأ إلى الهروب من أمام أعين المدير العام، وطالب بنقله للإدارة العامة للجودة بديوان عام شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، لظروف خاصة، ولم يجد رئيس النقابة العامة للمرافق، عادل نظمي، أي حائل يمنع من ذلك الإجراء، خاصة أنه حق مكفول للعامل، وأرسل خطابا بذلك لرئيس الشركة المهندس حسام عفيفى.


«عفيفي» أراد أن يثبت للعامل أن «التعسف» لا يزال موجودًا، ورفض الاستجابة لطلبه وطلب رئيس النقابة العامة للمرافق، وأصدر قرارا بنقل العامل لـ«شبكات كهرباء المعادي» دون مراعاة لظروفه، وكأنه يريد إثبات أن معاقبته لم تنته بعد، وأن عقابه سيظل مستمرًا طالما استمرت حياته الوظيفية، ما دفع العامل للتهديد بالانتحار.


ولم ينته مسلسل «التعنت والتعسف» عند هذا العامل فقط؛ بل امتد إلى غيره ولكن مع اختلاف العقوبة التي وصلت إلى «إنهاء الخدمة»، وهي الواقعة التي تعرض لها المهندس أسامة إبراهيم أحمد عفيفي، بشركة جنوب الدلتا، الذي اتهم بنشر بيانات ومستندات تخص العمل بالشركة، وشركة البحيرة لتوزيع الكهرباء، بزعم أن هذه المستندات تسىء لسمعة العمل، وقيادات وزارة الكهرباء، والشركة القابضة لكهرباء مصر، وشركتي جنوب الدلتا والبحيرة للكهرباء، فضلًا عن إفشاء أسرار العمل التي اطلع عليها بحكم عمله، دون أن يكون مصرحًا له بذلك من السلطة المختصة.


ومن الوقائع الأخرى، قيام شركة جنوب الدلتا لتوزيع الكهرباء، بإصدار قرار حمل رقم 1125، الذي يقر بمجازاة خالد سعيد متولى خاطر، فنى أول بشبكات توزيع كهرباء المنوفية، بخصم يوم من راتبه بحجة أنه لم يسلك المسلك اللائق، ولم يحترم المسئولين، وخرج عن الإطار القانوني فى رفع شكواه التي يزعم المسئولون عن الشركة أنها تسىء للمسئولين، ونظام العمل.


وترجع حقيقة الأمر، إلي أن «خالد سعيد» كتب على موقع التواصل الاجتماعي "شكوته"، وأرسل لوزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر «استغاثة»، يطلب فيها مقابلته؛ لرفع الظلم الواقع عليه من بعض المسئولين بالشركة، والقطاع القانوني والإدارة الطبية.


وأثناء التحقيق معه بمعرفة القطاع القانوني بالشركة لم يسمح المحقق له بتقديم مستندات تؤكد مدى صحة شكواه، ومدى تعرضه للظلم لدرجة دفعته للتهديد بالانتحار أيضًا، بعد يأسه من تدخل أي مسئول بالكهرباء.


ولم يختلف الأمر كثيرًا في حالة محمد مصطفى مرسى، الشهير بمحمد النادي، وزوجته المحاسبة رحاب فوزى محمود، واللذان لحقتهما عقوبة خصم خمسة أيام من راتبيهما، بقرار من رئيس شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء، والذي حمل رقم 332، بادعاء قيام الأول بتأسيس صفحة على شبكة الإنترنت، ونشر مستندات خاصة بجهة عمله دون ترخيص من السلطة المختصة، وبما يوحي بوجود فساد فى الشركة، وامتناعه عن اتخاذ اللازم حيال ما ينشر باعتباره مؤسس الصفحة.


كما اتهمت الشركة زوجة «النادي»، بالسماح بتداول مستندات خاصة بالشركة، والتعليق عليها بما يصف الشركة بالفساد، وعدم مبادرتها بحذف المنشورات المسيئة للشركة.


ولكن لم تتوقف العقوبة عند حد الخصم فقط؛ بل وصلت إلى مجازاته بالحرمان من العلاوة السنوية المقررة له، والتى تحمل القرار رقم 217، بحجة نشر ادعاءات على صفحات التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تضمنت تعديًا بالقول، والإهانة والإساءة لأعضاء اللجنة النقابية بالشركة.


وتزايدت حدة الأمر، وواقعة الاضطهاد، وتمت إحالة المذكور للتحقيق مرة ثالثة بحجة عمل مشاركة «شير» لبعض الأخبار المنشورة ببعض المواقع الإلكترونية التى تضمنت إساءة لبعض المسئولين بـ«الشركة القابضة لكهرباء مصر».


وكان لشركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، نصيب فى تلك القرارات التي وصفها الكثيرون بـ«التعسفية»، والتي طالت العاملين بها، إذ أصدرت الشركة قرارين يحملان رقمي 94 و95 بمجازاة أيمن حسين أحمد محمود، ومحمد أحمد محمود عبدالعال، بالحرمان من العلاوة المقررة لهما بناءً على شكوى رئيس قطاعات الشئون المالية والإدارية السابق عماد عبد الحليم مندور، الذي اتهمهما بنشر أخبار على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، والترويج لـ«قصاصات صحف» تتناول أخبارًا عن انتماء رئيس القطاعات السابق لجماعة الإخوان المسلمين.


وكشفت حالة أخرى عن تفاقم عمليات «التعسف والتعنت»، التي يتعرض لها الكثيرون من العاملين بقطاع الكهرباء، مثل الواقعة التي تعرض لها أحمد عدوى أحمد عدوى، المحاسب بالشئون المالية لشركة كهرباء شرق الدلتا، والذي أكد أنه تمت مجازاته بتهمة قيامه بنشر معلومات تخص الشركة على شبكة التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، بالقرار رقم «213 ب»، والذي يحمل تهمة نشر موضوعات عن الشركة مخالفة ومغايرة للحقيقة ثبت عدم صحتها وساهمت فى الإساءة لسمعة الشركة والعاملين بها.


لم يرتكب «أحمد عدوي» جريمة، ولم يقترف ذنبًا؛ هو فقط طالب بضرورة التحقيق فى أسباب تحويل 60 مليون دولار لـ«المصرف العربي»، الذي لا تتعدى نسبة الفائدة فيه 3%، مقارنة بـ«البنك الاهلي» الذي يعد سعر الفائدة فيه وقت نشره الشكاوى على «فيس بوك» 10،9%، أى بفارق يبلغ 7،9%؛ لتمويل محطتي كهرباء الشباب ودمياط، وهو الأمر الذي اعتبر رئيس شركة كهرباء شرق الدلتا أن فيه إساءة للشركة وقياداتها؛ ولهذا عاقب «عدوي».


واستكمالًا لتلك القرارات والعقوبات ضد العاملين؛ بسبب رفع الشكاوى الخاصة بهم على صفحات التواصل الاجتماعي، كشف عنتر عبدالباقى، عضو اللجنة النقابية بشركة غرب الدلتا لإنتاج الكهرباء، عن مجازاته بالحرمان من العلاوة بالقرار رقم 392، نظرًا لاتهامه بنشر ادعاءات تسىء لسمعة العمل، والقيادات بشركة غرب الدلتا لإنتاج الكهرباء، فضلا عن تهمة الإضرار بشاغلي الوظائف القيادية من خلال موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وإحداث بلبلة بين أوساط العاملين بالشركة، ما كان له أثر سلبى على حسن سير العمل، وانتظامه.


وترى وزارة الكهرباء أن شكاوى العاملين على صفحات التواصل الاجتماعي، وخاصة على «فيس بوك»، وتوجيه استغاثات لرئيس الجمهورية، بمثابة جريمة لا تغتفر، ومن الضروري وضع عقوبات «رادعة» لهم على كل من يشارك في نشر الشكاوى.


وأكد المهندس عبد المحسن خلف، نائب رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر للموارد البشرية والتدريب والشئون الإدارية، أن الوزارة لم تضع قوانين تقيد حرية العاملين، أو تمنعهم من نشر الشكاوى الخاصة بهم في أي مكان، أو أي ساحة متاحة أمامهم، مشيرا إلى أن كل عامل له حق التعبير عن رأيه مع عدم المساس بالقطاع أو بالمسئولين، مشيرًا إلى أن العديد من العاملين بالقطاع يساهمون في النشر على صفحات التواصل الاجتماعي دون معاقبتهم نهائيا، أو وضع جزاءات لهم.


وأضاف المهندس محمد السيد، رئيس شركة القناة لتوزيع الكهرباء، أنه لا يوجد مسئول بالوزارة يستطيع توقيع أي عقوبة على أحد العاملين دون وجه حق، مشيرا إلى أن من تم توقيع عقوبات عليهم هم بالفعل يستحقونها؛ لارتكابهم مخالفات، سواء كانت بنشر قضايا وأقوال تمس هيبة الوزارة والمسئولين بها، أو نشر ادعاءات وأكاذيب والترويج لإثارة غضب العاملين بالوزارة.