رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

قصة التأسيس الثالث لجماعة الإخوان المسلمين.. «تقرير»

جماعة الإخوان المسلمين
جماعة الإخوان المسلمين - أرشيفية

على مدار السنوات الثلاث الماضية التي تلت الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، عاشت جماعة الإخوان فترة من حياتها هي الأسوء على الإطلاق، وأصبح قيادات الجماعة ما بين قتيل أو مطارد أو معتقل، وخلال تلك الفترة برزت أزمة القيادة داخل الجماعة كما لم تظهر من قبل. 


في العام ونصف العام الذي تلى فض اعتصامي رابعة والنهضة، كان محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد، الذي تم قتله على يد قوات الشرطة في المعادي، الثلاثاء، هو قائد الجماعة الفعلي بعد اعتقال أغلب قيادات مكتب الإرشاد واختفاء نواب المرشد، وأصبح رئيسا للجنة تم انتخابها من الإخوان لإدارة شئون الجماعة، وشملت عددا من القيادات الشابة غير المعروفة للرأي العام نظرا للظروف الأمنية، عرفت باسم "اللجنة الإدارية العليا". 


بنهاية 2015، ظهر نائب مرشد الإخوان محمود عزت، بعد اختفائه لأكثر من عام ونصف، ليعلن أنه الرجل صاحب الشرعية في الجماعة، وأنه مكلف بإدارتها بصفته نائب محمد بديع مرشد الجماعة، والقائم بأعماله لحين الإفراج عنه، ورفض التعاون مع اللجنة الإدارية بقيادة، "كمال"، وقرر حل اللجنة وتجميد أعضائها المعارضين له ومنهم محمد كمال.


منذ ذلك التاريخ انقسمت جماعة الإخوان إلى فريقين، فريق يشمل القيادات التاريخية للجماعة وعلى رأسهم محمود عزت ومحمود حسين وإبراهيم منير، وفريق آخر يشمل "محمد كمال" وشباب الجماعة وعدد من وزراء الإخوان في عهد مرسي، وأبرزهم عمرو دراج ويحيي حامد بالإضافة إلى جمال حشمت وحمزة زوبع وعدد آخر من أعضاء مجلس شورى الجماعة. 


وبعد شهور من الخلافات التي فشلت خلالها مبادارات الصلح بين الطرفين، قرر محمد كمال الاستقالة من اللجنة الإدارية العليا للجماعة "الجبهة الشبابية" في 10 مايو الماضي، وبعدها أعلنت جبهة الشباب، ومعها قطاعات واسعة في الجماعة داخل وخارج مصر إعادة تأسيس الجماعة، وأطلقوا على ذلك اسم "التأسيس الثالث للجماعة"، بعد تأسيسها الأول على يد حسن البنا والتأسيس الثاني الذي قام به الشباب في النصف الثاني من السبعينيات على يد عمر التلمساني، وقرر "كمال" دعم تحركاتهم دون أن يكون له أي منصب في التأسيس الجديد. 


وذكرت مصادر بالجماعة للنبأ تفاصيل التأسيس الثالث لجماعة الإخوان والذي يجري العمل فيه منذ شهرين وسيستمر مدة شهرين إضافيين بحسب المصادر. 


وأضافت المصادر أن جبهة الشباب بالجماعة قررت أن تتخلى عن القيادات الحالية وتعلن تأسيسا جديدا يشمل جميع مؤيديها الذين ينتشرون في 17 مكتبا من أصل 27 مكتب هي عدد مكاتب الجماعة بالمحافظات المختلفة في حين تسيطر جبهة القيادات التاريخية على العشرة الآخرين. 


وبدأت الجبهة عملها عن طريق عمل انتخابات من الشعب المختلفة ثم مكاتب المحافظات وانتهت من 7 مكاتب حتى الآن، وأصبح بهم قيادات منتخبة تتبع الجبهة في حين ستجري خلال الأيام القادمة الانتخابات في بقية المكاتب لتفرز قيادات جديدة تتولى مسئولية الجماعة وتنفذ خطة التأسيس الثالث. 


واستغل قيادات الجبهة الشبابية وفاة محمد كمال لصالحهم في الترويج لمشروعه ودعوة جميع الإخوان لاقتفاء أثره باعتباره مجاهدا شهيدا، مثل حسن البنا مؤسس الجماعة، وبدأوا في الترويج للتأسيس الثالث باعتبار أن المجاهد الشهيد هو من وضعه، تخلى عن المناصب من أجله، وأنه سينقذ الجماعة وينتشلها من عثرتها ولا سبيل لمواجهة النظام والثأر لكمال ورفاقه إلا باتباعه.


وأوضحت المصادر أنه تم دعوة المكاتب التي يسيطر عليها مؤيدوا جبهة القيادات التاريخية واستجاب عدد من الشعب للدعوة وتدريجيا سيتم ضم مكاتب بكاملها، وذلك عن طريق التواصل المباشر مع الأفراد في المستويات الأدنى من مسئولي الأسر والشعب. 


وقررت الجبهة الشبابية في التأسيس الثالث للجماعة إلغاء مكتب الإرشاد نهائيا بعد الأزمات الأخيرة التي تسبب فيها قيادات المكتب الذين بقيوا خارج السجن، وتمسكهم بمقاعدهم رغم انتهاء مددهم بحسب اللائحة في العام الماضي ولكنهم جددوا لانفسهم، حتى ان محمود عزت قرر تعيين إبراهيم منير عضوا بمكتب الارشاد دون انتخابات، ولذلك رأت الجبهة إلغاء هذا المكتب الذي ظهر مع بداية الإخوان، مع الإقرار بشرعية محمد بديع كقائد للإخوان. 


وأضافت المصادر أنه سيتم تقوية دور مكتب شورى الجماعة الذي سيضم نحو 130 شخصا من المنتخبين ويتم تصعيدهم بالانتخاب من القواعد مباشرة، فضلا عن تأسيس مكتب يكون له بعض الصلاحيات وهو المكتب التنفيذي ويضم قيادات مكاتب المحافظات وعددا من الشخصيات البارزة والتخصصات والكفاءات التي تحتاجها الجماعة. 


وقد بدأت الجبهة التواصل مع عدد كبير من القيادات والرموز البارزة الذين دعموا ذلك التأسيس الجديد وساهموا في وضع قواعده وكان أبرزهم، على بطيخ عضو مجلس شورى الجماعة الحالي، ووزير التعاون الدولي السابق عمرو دراج، ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى السابق رضا فهمي، والقيادى أشرف عبد الغفار، عضو مجلس شورى تركيا، والوزير الاستثمار السابق يحيى حامد، ومسئول مكتب الإخوان في الخارج أحمد عبد الرحمن، والقياديين بالجماعة جمال حشمت، وحمزة زوبع، وهشام شوقي وياسر مسعود. 


وبدأ هؤلاء في وضع الرؤية السياسية للتأسيس الجديد، واختاروا أن يكون للتنظيم جانبين منفصلين أحدهما سياسي والآخر دعوي. 


ووضعوا الخط العام في الفترة القادمة هو مواجهة النظام قرروا أن يكون المواجهة مع النظام كالمواجهة مع المحتل، وتتحول من المقاومة والمعارضة إلى حركة تحرر، تهدف للتخلص من النظام بكل السبل سواء كانت سلمية أو غير سلمية. 


وقررت الجبهة في تأسيس الجماعة الجديد استبعاد كل المبادرات التي سعت للمصالحة، وانتهاج خيار أسمته "الثورة الشاملة" يقوم على مواجهة النظام بكل السبل، مع التواصل مع عدد من القوى المعارضة للنظام وطرح مبادرة "شراكة وطنية على قاعدة الاختلاف وهو ما تحقق ولكن لم يتم التوافق بشكل كامل، ويتولى هذا الملف عدد من الوجوه المقبولة المقربة من الجماعة مثل أستاذ العلوم السياسية سيف عبد الفتاح، ووزير الشئون القانونية السابق محمد محسوب والحقوقي عمرو عبد الهادي. 


وقررت اعادة بناء التنظيم داخل الجماعة بداية من الأسرة وتصعيد أصحاب الكفاءة والتخصص واستبعاد معايير "التربية" كمعيار وحيد لتصعيد القيادات داخل الجماعة. 


وبدأ عدد من المتخصصين بالجبهة في حصر التخصصات التي تنقص الجماعة والتواصل مع جامعات عالمية لإلحاق طلاب من الجماعة وعدد من القيادات الوسطى لتحصيل تلك العلوم وكان أبرزها العلوم السياسية والعلوم العسكرية وعلوم السينما والاعلام، حتى يتوفر للتأسيس الجديد جميع التخصصات وليس الاقتصار على تخصصات الطب والهندسة كما كان في السابق. 


وبالنسبة لجبهة القيادات التاريخية تراهن الجبهة الشبابية في التأسيس الثالث على استقطاب أكبر عدد ممكن عن طريق الإقناع ثم الاستمرار في الطريق الذي رسمته والذي ترى أنه سيثبت كفاءة ويجمع الإخوان جميعا تحت رايته وتذوب جبهة محمود عزت داخل التأسيس الجديد. 


وفي الجانب الديني وضع أكثر من 100 من علماء الجماعة وأعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رؤية شرعية جديدة تتعامل مع الاختلافات الجديدة، وكان أبرز من وضعها الشيخ عصام تليمة مدير مكتب القرضاوي السابق، ووصفي أبوزيد، أكاديمي وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وجمال عبد الستار، الأمين العام لرابطة علماء أهل السنة، بمراجعة من الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والداعية السعودي سلمان العودة. 


وكان أبرز خطوط الرؤية الشرعية هو وجوب مواجهة نظام الحكم في مصر بالقوة ردا على القوة، أي أنها تبيح للمتظاهرين مواجهة الجنود في حال تعرضوا لهم او حاولوا القبض عليهم او أطلقوا عليهم النار والرد بالمثل، فضلا عن أنها ترى السيسي "فاسقا" وجب مقاومته، ولكنها لا تراه كافرا كما يذهب بعض الإخوان وأبرزهم وجدي غنيم. 


وكشفت المصادر أن الجماعة ستنتهي تماما من التأسيس بنهاية 2016، مشيرا إلى أن الظهور الأول الذي سيلاحظه الجميع في تغير الخطط والتكتيكات وأساليب المواجهة للنظام الحالي سيلاحظه الجميع بشكل قوي ومؤثر في يناير المقبل وليس بالضرورة 25 يناير. 


وعلى المستوى الخارجي وضعت الجبهة في التأسيس الجديد خطة للتعامل البراجماتي مع حكومات الغرب والتواصل معها عن طريق مواطنين في تلك الدول ينتمون للجماعة يكونوا هم همزة الوصل وليس عن طريق وفود أو مبعوثين، وكذلك التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في تلك الدول. 


وبالنسبة للتنظيم الدولي للجماعة، رات الجبهة وضعه في إطار التنسيق بين الأقطار المختلفة في الجانب الدعوي فقط، ولن يكون هناك حاجة تنظيم دولي يفرض سيطرة أو وصايا على الأقطار.