رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

فى ذكرى نصرأكتوبر.. تفاصيل دور البابا شنودة فى حرب الكرامة

البابا شنودة
البابا شنودة

تحتفل مصر اليوم، بالذكرى الـ43 لحرب أكتوبر المجيدة، ملحمة أسطورية سُطرت فى صفحات التاريخ المصرى وخُلدت بها أسماء رجال قواتنا المسلحة الذين أبلوا بلاءً حسنا فى تلقين العدو الصهيونى الإسرائيلى درسا قاسيا، وإخراجه من أرض سيناء واستردادها مرة أخرى.


 ولعب الشعب المصرى بجميع طوائفه دورا كبيرا فى هذه الحرب، كما أن الكنيسة القبطية لعبت دورا وطنيا فى هذه الحرب كذلك، وكان للبابا الراحل، شنودة الثالث مواقف واضحة، من ناحية التوعية والتعليم والتعبئة العامة، وكذلك الفعل العملي.



فقد بعث البابا شنودة عدة منشورات، إلى الجنود على الجبهة، والشعب المصري ككل في وقت الحرب، كذّب فيها فكرة أن "إسرائيل هي شعب الله المختار"، فقال البابا في أحد منشوراته: "إننا لا نخوض حربا عدوانية ولا نعتدي على أملاك أحد، بل إننا نحارب داخل أراضينا، دفاعا عنها، لهذا فإن بلادنا تحارب بضمير مستريح، وبقلب نقى، بل إنها كسبت إلى جوارها ضمير العالم، غير المتحيز، المحب للعدل".

لم يتوقف دور البابا شنودة على إرسال الرسائل فقط، بل زار البابا الجنود على الجبهة أكثر من مرة، مثل زيارته لهم فى 10 إبريل 1972، وألقى كلمة على الجنود.

وفور الإعلان عن الحرب، عقد البابا شنودة الثالث اجتماعا مع كهنة القاهرة بالقاعة المرقسية، مع الأنبا رويس بالعباسية، ناقش فيه الواجب الذى يجب على الكهنة القيام به فى هذا الوقت من عمر الوطن، وفى البداية قرر المجتمعون إرسال برقيات تهنئة وتأييد للرئيس السادات ورئيس مجلس الشعب والأمين الأول للجنة المركزية والفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية.

 



 

اتخذ البابا والكهنة عددًا من القرارات التى جعلت الكنيسة فى قلب المعركة مع الوطن، وهى الاهتمام بالدفاع المدنى، وتدريب الشباب عليه، وأقيم مركز للدفاع المدنى فى كنيسة مارجرجس بالجيوشى بشبرا، كما تم الاتفاق على زيارة المستشفيات العسكرية، وتقديم الهدايا والمعونات للجنود والجرحى، والاطمئنان على صحتهم.

كما فتحت الكنائس الأدوار السفلية، لتكون مخابئ وقت الغارات، مع تدبير الإسعافات الأولية، وقامت بتوعية الشعب بما يجب عليه خلال أيام القتال، سواء بالعظات أو النشرات.

ومن ضمن القرارات أيضا الاشتراك فى كل الاجتماعات التى تنظمها الأمانة العامة للاتحاد الاشتراكى لرجال الدين الإسلامى والمسيحى، سواء على مستوى الحى أو القاهرة، وجمع التبرعات من كل كنيسة، لدعم المجهود الحربى، وإذاعة تعليمات الدفاع المدنى وتوجيهاته، ونشرها على الشعب وطبع النشرات الدينية التى تؤيد موقف مصر دينيا تجاه إسرائيل خصوصا مقالات البابا (سيناء مقبرة الإسرائيليين)، وتوزيعها بالمجان.

البابا شنودة أصد قرار بإعداد ثلاثة مخابئ لخدمة حى العباسية، جهزت لتتسع لآلاف الناس، وألحقت بها عيادات طبية، تحوى كل وسائل الإسعافات الأولية، وتخصص عدد من الشباب المدربين على الدفاع المدنى، لتولى أمور الإرشاد والنظام.




تطوع الراهبات

ومع الإعلان عن الحرب، سارعت الكنائس فى اتخاذ خطوات سريعة، كان أوّلها جمع التبرعات في أثناء القداسات والاجتماعات وصلوات رفع البخور، وتجمّعت الأموال فى الكاتدرائية، وكلّف البابا شنودة الأنبا صموئيل، أسقف الخدمات العامة بتوصيلها للدكتور عبدالعزيز كامل، وزير الأوقاف، تحت عنوان "من الكنائس والجمعيات القبطية الى الجنود البواسل"، وإلى جانب الأموال كانت هناك هدايا عينية للجنود.

كما تطوعت راهبات قلب يسوع المصريات فى المستشفيات العامة والعسكرية ومستشفى الهلال الأحمر، للقيام بأعمال التمريض وتخفيف آلام الجرحى، وقدّم الأقباط الكاثوليك والإنجيلين والمارونيين تبرعات مادية، وعقدت كل الإيبارشيات اجتماعات وطنية، لتحميس الشعب وتقوية الجبهة الداخلية.

ولعبت الجمعيات القبطية الخيرية ولجان الكنائس، دورا أيضا بناء على توجيهات البابا شنودة فى مجال العمال، لخدمة المعركة والتطوع للمساهمة، وتم تكليف الراهبات القبطيات والمكرّسات والخادمات بالعمل فى شغل التريكو، وحياكة الملابس للجنود الأبطال على خط النار، وقد أنجزت سيدات جمعية الإصلاح القبطى كميات كبيرة من البلوفرات التى تسلّمتها جمعية الهلال الاحمر، كما زار البابا شنودة مستشفى المعادى العسكرى، وقدم الهدايا للجنود الجرحى بالمستشفى.



دور أقباط المهجر

فى أثناء الحرب، وبمجرد معرفة أقباط المهجر نبأ العبور العظيم، تحولت الكنائس فى الخارج لمكان تجمع المصريين، لعقد الندوات والمؤتمرات والمظاهرات المؤيدة للموقف المصرى، والتصدى وكشف أكاذيب الإعلام الصهيونى المضلل.

ظهر ذلك  بصورة واضحة وكبيرة فى كنائس لوس أنجلوس ونيوجيرسى وشيكاغو بأمريكا، ومونتريال بكندا وسيدنى وملبورن بأستراليا، وجمع مصريو الخارج أيضا التبرّعات، وأرسلوها للسفارات، لدعم المجهود الحربى.



السادات اتصل بالبابا لتوفير الأدوية 

بدوره كشف القمص بولس عويضة، أن دور الكنيسة فى حرب السادس من أكتوبر، لم يقتصر على التحميس ونشر الروح الإيجابية فقط، مضيفا أن البابا شنودة حث  كل المصريين فى الخارج على إرسال الأدوية، والمعونات للمجهود الحربي.

 وأضاف عويضة  أن الأدوية كانت تأتى بالطائرات من أقباط المهجر في أمريكا، وتوزع على المستشفيات العسكرية والمدنية؛ لوجود نقص فى الأدوية هذه الفترة، منوها إلى أن الرئيس السادات كان يتصل بالبابا شنوده ويطلب منه الأدوية لعلاج الجنود.