رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

احتراق الأوبرا الخديوية

النبأ



في صباح 28 أكتوبر 1971، استيقظت القاهرة على كارثة ''حريق دار الأوبرا''

جاءت عناوين جريدة الأهرام بتاريخ 29/10/1971:
حريق كبير يدمر اوبرا القاهرة
النار تلتهم دار الاوبرا من الداخل لمدة ساعتين ولا أحد يعرف
وجاء فى تفاصيل الخبر : شب حريق مروع فجر أمس فى دار الاوبرا بالقاهرة ودمرها تماما قبل 18 ساعة من بدء موسم عالمى احتفالا بمرور اكثر من مائة عام على انشائها(12 سنة).
محافظ القاهره عبد اللطيف بغدادى يقرر عقد اجتماع عاجل يحضره كبار الفنانين لبحث اختيار موقع جديد لانشاء دار الاوبرا الجديدة (ولم يتم ذلك الا بعد 17 عاما من هذا الحريق وتحديدا عام 1988).

-
ظلت النيران مشتعلة حوالى ست ساعات، وفى الساعة التاسعة صباحا حضر إلى موقع الحادث حسين الشافعى نائب رئيس الجمهورية، وممدوح سالم رئيس مجلس الوزراء، واللواء يونس الأنصاري مدير أمن القاهرة فى ذلك الوقت، وعدد من المسئولين الذين أصابهم الذهول لمشهد مبنى الأوبرا العريق وهو يحترق.
-
التهمت النيران مناظر الأوبرات والباليه التي تركتها الفرق الأجنبية هدية للدار، واعترافا منها بالدور الرائد لمصر في نشر تلك الفنون الرفيعة ، كما احترقت لوحات كبار المصورين التي كانت معلقة على جدار الأوبرا والآلات الموسيقية ونوتات مئات الأوبرات والسيمفونيات ، وهكذا احترقت الأوبرا القديمة التي زارها العظماء من الفنانين الفرنسيين والإيطاليين والروس والإنجليز وغيرهم
-
تضاربت الشهادات حول أسباب الحريق، إلى أن انتهت التحقيقات المطولة إلى أن السبب هو حدوث ماس كهربائي. ورغم تشكيك البعض وقتها في ذلك السبب وإشارتهم إلى أن هناك أسبابا أخرى، لكن لم يتم التحقق منها لصعوبة ذلك.
-
اما عن احتراقها بالكامل وعدم سيطرة فرق الاطفاء على الحريق فيرجع الى الأخشاب المستخدمة في بنائها بالكامل ما اعتبر من عوامل سرعة انتشار النيران وعدم إمكانية السيطرة عليه.

-
شهادات حول الواقعة يمكن معرفتها عند مشاهدة فيلم وثائقي بعنوان «حرق أوبرا القاهرة»، للمخرج والمصور السينمائي المصري كمال عبد العزيز وقد اشتمل على عدة شهادات اهمها شهادة صالح عبدون، آخر مدير للأوبرا لتلقي بمفاجأة، حيث يقول في كلمته: «أنا رأيي أن الأوبرا احترقت بفعل فاعل، حركة سياسية من بعض الناس ليحرجوا السادات، ليلعبوا لعبة أشبه بحريق القاهرة ولكن أصغر، هكذا تصوروا ليستولوا على القاهرة، وهذا رأيي».
-
ما يزيد من أهمية هذه الشهادات الحية أن مخرج الفيلم دعمه بفيلم سينمائي تم تصويره بالصدفة وقت الحريق من جانب شخص ألماني هاوٍ كان يمر بجوار الحادث وكان معه كاميرا سينمائية، سجل بها الحريق منذ بداية الثواني الأولى لاشتعال النيران بين أركانه وأثناء تهاوي أجزائه.
-
وفى استبعاد للماس الكهربائى فقد جاءت هذه الشهادة "قبل حادث الحريق بشهرين كان هناك تجديد بالكامل لشبكة الكهرباء بالمبنى، والشبكة كلها كانت جديدة، وقد أبلغ البعض عن سرقة محتويات المبنى مثل النجفة الكبيرة وبعض الأثاث."
-
بمناسبة مرور 41 على حريق الاوبرا اجرت بوابة الاهرام الالكترونيه حوارا مع الباريتون الأول المصرى جابر البلتاجي وقال من المهم أن نعرف أنه قبل الحريق بأربعة أيام اختفت نوتة أوبرا عايدة الأصلية، التى كتبها مؤلفها الإيطالى العالمى فيردى بخط يده للمغنين والموسيقيين، وسرقت أيضا ملابس لا تقدر بثمن من تراث الأوبرا كان يرتديها الفنانون العالميون أثناء عرضهم على مسرح الأوبرا. 

...
وبرغم مرور كل تلك السنوات لم يعرف احد اسباب احتراق الاوبرا المصرية هل لأسباب سياسية ام لإخفاء فساد وسرقات ام اهمال وماس كهربائي؟.

وبهذا فقد تم تدمير المبنى المقام على الطراز الايطالي وبني مكانه جراج للسيارات، ولم يتبق منها سوى تمثالي "الرخاء" و"نهضة الفنون" اللذىن اقامهما الفنان محمد حسن(1892 -1961 ) في عام 1948 بحجم يزيد عن الحجم الطبيعي ، احدهما يعبر عن الرخاء والثاني يعبر عن نهضة الفنون. وكان هذان التمثالان مثبتين بمدخل الأوبرا الخديوية، وحفظا فترة طويلة في حديقة مسرح الطليعة إلى أن ثبتا أخيرا في ساحة مبنى المركز الثقافي القومي، وكأنهما حلقة وصل بين تاريخ وأصالة الأوبرا الخديوية والأوبرا الجديدة.