رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أخطر معارك الجيش لمواجهة «حيتان» رجال الأعمال

السيسي وسط قيادات
السيسي وسط قيادات الجيش

أعادت الأزمة الأخيرة الخاصة بـ"ألبان الأطفال"، وإسنادها للقوات المسلحة، الجدل مجددًا حول المشروعات التي يتولى الجيش تنفيذها، خاصة أن هذا الأمر زاد بصورة كبيرة منذ الإطاحة بالدكتور محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين من سدة الحكم في مصر.



بنظرة تاريخية، نجد أن دخول الجيش غمار الحياة الاقتصادية، بدأ منذ ثورة يوليو ١٩٥٢، عندما تم تحويل نظام الدولة من ليبرالي إلى اشتراكي برعاية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ويعتمد هذا النظام على ملكية الحكومة لكل شئ، ونصب ضباط الجيش، أنفسهم مديرين لممتلكات الدولة على مصانع وشركات القطاع العام.



تراجع هذا الأمر في عهد السادات الذي انفتح على العالم، ثم ظهرت طبقة صاعدة من رجال الأعمال الذين سيطروا على عدد كبير من المشروعات في الدولة.



جاءت اتفاقية السلام مع إسرائيل لتكون من أسباب توحش الإمبراطورية الاقتصادية للجيش، حيث تم إنشاء جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذي أقام المشروعات المختلفة، وعين لواءات وعقداء الجيش مديرين لها، ومنحت مشروعات القوات المسلحة امتيازات فوق سلطات الحكومة القانونية والمحاسبية.



وبالرغم من أن الوظيفة الأساسية للقوات المسلحة هي حماية الدولة من الأخطار الخارجية، والدفاع عن الحدود، إلا أن الجيش توغل بشدة خلال الفترة الأخيرة في المشروعات المدنية، وساعد على ذلك وجود عدد من الهيئات والمؤسسات التابعة له، والتي تسيطر بدورها على كل الأنشطة المدنية، وهي جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذي يمتلك عددًا من الشركات العاملة في مجالات الكيماويات والأسمنت والبترول واستصلاح الأراضي.



ومن الهيئات الأخرى التابعة للجيش، الهيئة القومية للإنتاج الحربي، التي توجد بها مصانع تعمل في صناعة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، ثم الهيئة الهندسية التي تتولى حاليًا تنفيذ عدد كبير من مشروعات البنية التحتية، وأخيرًا الهيئة العربية للتصنيع.

وكانت عملية الإطاحة بـ"مرسي" عاملًا مهمًا لتوغل القوات المسلحة في الحياة المدنية، لاسيما بعد وصول عبد الفتاح السيسي للحكم؛ ما كان سببًا في وجود القوات المسلحة "كظهير سياسي" يدعم النظام السياسي للرئيس؛ خاصة بعد الانخفاض الملحوظ في  حجم الاستثمارات الداخلية أو حتى القادمة من الخارج.



في مارس الماضي، حذر تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني من مخاطر توسع الإمبراطورية الاقتصادية العسكرية في مصر. وقال التقرير: إن الاقتصاد العسكري المصري تطور إلى ما هو أبعد من الاحتياجات العسكرية ليشمل جميع أنواع المنتجات والخدمات.



وأكد أن الجيش يهيمن على نسبة تتراوح بين الـ50-60% من الاقتصاد المصري، ويستحوذ على 90% من أراضي مصر، ويسخر الجنود للعمل مجانًا في مشاريعهم فينافسون بذلك أصحاب المشاريع الأخرى الخاصة المدنية.



وتسيطر القوات المسلحة، من خلال تخصيص الأراضي وغيرها من الوسائل، على جزء كبير من الأراضي الصحراوية والزراعية والحضرية، وتصل نسبة هذه الأراضي إلى 94% من مساحة مصر.



وخلال عامين من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، حصلت القوات المسلحة على حق استغلال الطرق في عموم البلاد مدة 99 عامًا، كما بدأت سياراته تنتشر في الشوارع لبيع المواد الغذائية، ومؤخرًا دخل الجيش على خط المنافسة في بيع مكيفات الهواء وتوريد الدواء للجامعات.



وتمتلك القوات المسلحة عددًا كبيرًا من الشركات الخاضعة لها وهي: الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي وهي التي تعمل في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني، إضافة إلى جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة.

وتوجد بعض الشركات الكبرى العاملة في مجال البناء والمقاولات مثل الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات، والشركة الوطنية للطرق والكباري، وهما الشركتان اللتان تسيطران على "سوق الإنشاءات" بكافة محافظات الجمهورية.



وفي المجال الخاص بمجالات صناعة التعدين، تمتلك القوات المسلحة، معظم المناجم التعدينية في البلاد مثل مناجم الجبس والمنجنيز والرمل الزجاجي والطفل والزلط، إضافة إلى الشركة الوطنية للمياه "صافي" التي تعد إحدى كبريات شركات إنتاج المياه في مصر.



وتوجد كذلك شركة النصر للخدمات والصيانة "كوين سيرفيس"، التي تقدم خدمات الأمن والحراسة وإدارة الفنادق، إضافة إلى الشركة الوطنية للبترول التى تدير محطات بنزين "وطنية".



ولعبت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الدور الكبير في تنفيذ المشروعات الكبرى والمهمة ومنها مشروع تنمية محور قناة السويس، ومدينة الإسماعيلية الجديدة، مطار المليز، وطريق إسماعيلية العوجة.



وتم إنشاء مدينة الإسماعيلية الجديدة على مساحة 2828 فدانا، وتستوعب 314 ألف نسمة.



ويبلغ عدد الشركات التي نفذت في مدينة الإسماعيلية الجديدة؛ 198 شركة ؛ و600 معدة هندسية؛ بحجم عماله 80 ألف فرد يومي، ومليونين عمالة غير مباشرة يقومون بخدمة العمالة المباشرة، وعدد المنشآت في المشروع 3310 عمارات، و1220 فيلا.



وطريق "الإسماعيلية _العوجة"، طوله 219 كيلو، وبلغ عدد الشركات التي عملت في المشروع 30 شركة ؛ بحجم عمالة 700 فرد عمالة مباشرة؛ و2800 غير مباشرة؛ والطريق يمر عبر "مطار المليز"، بالإضافة إلى مصنع الأسمنت الخاص بالقوات المسلحة.


وتم إسناد العديد من المشروعات بـ"الأمر المباشر" للهيئة الهندسية، بالمخالفة للقانون، ومن هذه المشروعات، تولي شركة أبناء مصر للتعمير، وهى شركة تابعة للهيئة، مشروع ترميم وتطوير المسرح القومي، وزيادة قيمة الإسناد فيما بعد من مبلغ 55 مليون جنية إلى 104 ملايين جنيه، زيادة المخصصات الممنوحة للشركة بنسبة 100 %.



كما تم إسناد أعمال الطاقة الشمسية لمشروع تطوير الحضاري بجوار سوق عزة بشارع بورسعيد بالقاهرة لشركة بنها للصناعات الإليكترونية التابعة لوزارة الإنتاج الحربي بتكلفة 3 مليون جنيه.



وزارة الإنتاج الحربي ظهرت خلال الفترة الماضية بصورة كبيرة، خاصة بعد سيطرتها على عدد من القطاعات والصناعات الهامة ومنها: طرح 10 آلاف فدان في كفر الشيخ لإنشاء أول منطقة استثمارية.



إسناد مشروع تصنيع عدادات المياه لوزارة الإنتاج الحربي، والتي تقدر بثلاثة ملايين عداد، إضافة إلى توريد قطع غيارها، على أن يستمر البروتوكول لمدة خمس سنوات، وهذا المشروع تم بـ"الأمر المباشر".



انتقال مسؤولية منظومة بطاقات التموين الذكية وبطاقات الخبز من وزارة التخطيط، إلى وزارة الإنتاج الحربي، لسرعة استخراج البطاقات التموينية الجديدة، وبدل الفاقد والتالف وبطاقات الفصل الاجتماعي، وتجويد العمل بالمنظومة ورفع كفاءتها، وتوفير الماكينات الخاصة بالمخابز والبقالين الجدد".



توقيع بروتوكول مع شركة فاركو للأدوية والهيئة القومية للإنتاج الحربي ﻹنشاء أول مصنع ﻹنتاج أدوية اﻷورام في مصر.



كما أنشأ الجيش الثالث الميداني مدارس "بدر الدولية" في السويس، والتي توفر تعليمًا بالنظامين اﻷمريكي والبريطاني.



وأعلن الدكتور محمد عثمان، نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب، أن الجامعة تعاقدت مع هيئة القوات المسلحة للإشراف على خدمات الطعام ومطابخ المدن الجامعية لطلاب الجامعة.



ويتولى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية تنفيذ عدد من مشروعات الاستزراع السمكي في محافظتي كفر الشيخ وبورسعيد.



وتم تخصيص مساحات واسعة من اﻷراضي للجهاز لتنفيذ المشروعات، فقد تم إعادة تخصيص 2815.14 فدان من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة والكائنة بمنطقة بركة غليون بمحافظة كفر الشيخ لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة لاستخدامها في مشروعات الاستزراع السمكي.



كما تم إعادة تخصيص 6174.17 فدان من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة بمنطقة بركة غليون بمحافظة كفر الشيخ لاستخدامها في مشروعات الاستزراع السمكي.



وتم إعادة تخصيص مساحة 107.5 فدان من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة بجهة مثلث الديبة غرب بورسعيد لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لاستخدامها فى مشروعات للاستزراع السمكى.



كما تمتلك القوات المسلحة شركة مصر للتصنيع الزراعي التي تمتلك 7 مصانع لإنتاج "صلصة طماطم، منتجات ألبان، أعلاف الماشية والأسماك، البصل المجفف"، وشركة "الملكة" لإنتاج المعكرونة، و"سينا كولا" للمياه الغازية.



وفي المجالات الخاصة بالبتروكيماويات والكيماويات الوسيطة هناك شركة النصر للكيماويات الوسيطة "المنظفات الأسمدة – مكافحات الحشرات"، وشركة العريش للأسمنت وشركة إنتاج المشمعات البلاستيك.



وحذرت تقارير من أن انشغال المؤسسة العسكرية بالهيمنة الاقتصادية، تزيد الشكوك في قدرة الجيش على ممارسة دوره الطبيعي في حماية البلاد أو قدرته على العمل كمنظمة دفاعية حقيقية، على الصعيد العسكري.