رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

نيران يهودية تنذر بتحقق نبوءة الحرب الاهلي ة في تل أبيب

رئيس الموساد الإسرائيلي
رئيس الموساد الإسرائيلي الأسبق تامير باردو

تمرد 20 سفيرًا إسرائيليًا سابقًا على الاحتلال.. والتنديدات الدولية تحاصر التوسع الاستيطانى

مع اتساع الفجوات بين مكونات المجتمع الإسرائيلي، بات صناع القرار في دولة الاحتلال يشعرون بقلق شديد، خصوصًا في ظل التخوف من الانقسامات الداخلية التي تُهدد مستقبل الكيان، وهو ما لخّصه رئيس الموساد الإسرائيلي الأسبق «تامير باريدو»، الذى أشار إلى أن حالة الاستقطاب الموجودة في المجتمع الإسرائيلي، التي تتزامن مع حالةٍ من الإنفصال، قد تؤدي في أي وقت إلى اندلاع حرب أهلية بين الإسرائيليين.

أخطر ما أشار له رئيس الموساد، هو مؤشر وجود أصوات جديدة ظهرت على الساحة الداخلية الإسرائيلية، لا تؤمن بمعتقدات الحركة الصهيونية، بل ترى فيها عقبة أمام تحقيق السلام العالمي، وتتلقى دعماً من جهات أوروبية، وهى تلميحات تجسّدت في دعوة أطلقها المئات من الفنانين والمثقفين الإسرائيليين، مطالبين يهود العالم برفض السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وقالوا في رسالة مفتوحة «ندعو اليهود في جميع أنحاء العالم للانضمام لشركائنا الإسرائيليين للتنسيق لإنهاء الاحتلال».

هذه الوثيقة، وقع عليها 470 شخصًا، وهو عدد وإن كان قليلا، فإن بعض الأسماء الموقعة تضيف إليه ثقلا كبيرًا، خصوصًا أن من بينهم الكاتبان «ديفيد جروسمان» و«عاموس عوز» الحائز على جائزة نوبل، و«دانيال كانيمان»، وليس هذا فحسب، بل وقّع عليها كذلك 20 سفيرًا إسرائيليًا سابقًا، وهو ما لا يمكن أن يكون مجرد شكل من أشكال من حالة فقدان الثقة بين المواطنين والحكومات السائدة في العالم حاليًا، كما يقول رئيس الموساد السابق.

منظمات معادية
الأمر لم يقف عند حد التحرك الفردى، إذ دعت العديد من المنظمات إلى إنهاء الاحتلال، حيث تسعى منظمة «أنقذوا إسرائيل، أوقفوا الاحتلال» لإنهاء سيطرة إسرائيل على الأراضي التي استولت عليها في حرب عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية، وتقول مديرة المنظمة، جيسيكا مونتيل، إن الحكم العسكري الإسرائيلي «يضر بالمجتمع الإسرائيلي، ويضر باليهود في جميع أنحاء العالم».

ومن ضمن المنظمات الإسرائيلية التى تعادي الاحتلال منظمة «ناطوري كارتا» التى أنشئت عام 1938، من يهود محافظين سكنوا فلسطين قبل قيام إسرائيل، واليهود الأرثوذكس، والمعادون للصهيونية، ممن ينادون بضرورة إزالة دولة إسرائيل، ويعتبرون أن الله عاقب اليهود بإزالة دولتهم، ومنظمة «بتسيلم»، التي تأسست عام 1989 على يد مجموعه من المفكرين والقانونيين والصحفيين وأعضاء الكنيست، بهدف النضال ضد انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضى المحتلة، من خلال توثيقها ونشرها للجمهور، ووضعها أمام صانعى القرار، ومحاربة ظاهرة الإنكار القائمة في المجتمع الإسرائيلى، والمساهمة في خلق ثقافة حقوق الإنسان في إسرائيل، وتكرس هذه المنظمة اهتماماتها لتغيير سياسة حكومة إسرائيل في الأراضى المحتلة، والحفاظ على حقوق الإنسان والالتزام الصارم بتعاليم القانون الدولى.

رسالة غضب
وتأتى هذه الدعوات امتدادًا للرسالة التى كان 700 فنان ومثقف، من دول مختلفة أُرسلوها مطلع العام الماضى، إلى صحيفة «الجارديان» البريطانية، مؤكدين رفضهم التام لممارسات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، ومقاطعة الدعوات الموجهة إليهم من إسرائيل، وعدم قبول تمويل المؤسسات الإسرائيلية المرتبطة بحكومة نتنياهو.

وأوضحت رسالة المثقفين، أن الكوارث ما زالت تمارس على الأراضي الفلسطينية، مثل انتهاك الاحتلال المؤسسات الثقافية الفلسطينية ومنع العاملين في المجال الثقافي من حرية الحركة، كما أكد بعض الفنانين الموقعين على الرسالة مثل «بريان إينو» و«ألكسي سايل» ور«يتشارد آشكروفت» و«ميريام ماجوليز» و«كين لواش» و«روجر ووترز» و«ليام كانينهام»، أنهم لن يعزفوا موسيقاهم في تل أبيب أو نتانيا أو عسقلان أو مستعمرة آرييل، ولن يقبلوا جوائز أو حضور معارض أو مهرجانات أو مؤتمرات أو ندوات أو وورش عمل.

تنديدات دولية
وفى المقابل، لم تزل التنديدات الدولية للتوسعات الاستيطانية، صداعًا في رأس إسرائيل، بدايةً من روسيا التى عارضت خارجيتها، النشاط الاستيطاني، مشيرة إلى أن تنفيذ مشاريع البناء الاستيطاني يؤثر سلبيا على الجهود المبذولة لتهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات حول حل الدولتين.
كما أدانت الحكومة الإسبانية عملية بناء المستوطنات وأعربت عن قلقها إزاء إعلان السلطات الإسرائيلية عن بناء وحدات جديدة في عدة مستوطنات يهودية وتقنين بنيات سابقة مقامة في أراضي فلسطينية محتلة.
ونددت الحكومة اليابانية سياسة المستوطنات الاسرائيلية واعتبرتها انتهاكاً للقانون الدولي، ودعت اسرائيل إلى تجميد نشاطات الاستيطان فوراً وبشكل كامل.
وكانت اللجنة الرباعية الدولية لعملية السلام في الشرق الأوسط قد أصدرت تقريراً، في يوليو الماضي، أكدت فيه أن مواصلة سياسة الاستيطان، إلى جانب مواصلة العنف والأعمال الإرهابية ضد المدنيين والأعمال الاستفزازية، لا تتناسب مع التسوية السلمية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
الخلاصة أن إسرائيل، لا تلاحق الآن على ذلك الخطر الذى يهددها من الداخل فضلا عن تضييق الخناق عليها خارجيًا، وفى هذا الصدد شدد الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريحاته لـ«النبأ» على ضرورة تكاتف الدول العربية، والجامعة العربية على وجه الخصوص، وأن يكون لهم موقف موحد بجانب تلك الدعوات، إضافة إلى دعم المواقف الدولية مثل روسيا وفرنسا، مؤكدًا أن دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الخميس الماضي في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى اعتماد 2017 عامًا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ليست كافية، فالأمر الواقع شيء، والدعوات شيء آخر.
أما الدكتور منصور عبد الوهاب، أستاذ الدراسات العبرية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، يقول في تصريحاته لـ«النبأ» أن هذه الرسائل والمبادرات أمر إيجابي، لكنه لا يحرك الأطراف السياسية، مؤكدًا أن رسالة المثقفين بمثابة ورقة ضغط، لا تحرك المياه الراكدة، لكنها تثير زوبعة في العقل السياسي الإسرائيلي، دون أن تضع حد للقضية، أو مسألة الاحتلال.
فيما قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ بجامعة القدس، والقيادى بحركة «فتح» في تصريحات لـ«النبأ» إن تلك الدعوات لم تكن لها صدى على أرض الواقع لأن هناك صانع القرار الذي يرفض السلام ويعارض فكرة حل الدولتين.
وقال، بالرغم من الدعوات الدولية لانهاء مسألة الإحتلال، إلا أن المبادرات الدولية لم يكن لها تأثير على أرض الواقع، وإنما التأثير اتضح من خلال المساعادات العسكرية التي منحتها الولايات المتحدة للإحتلال، متجاهلة أن هناك شعب يعانى من وراء ذلك الإحتلال الغاشم.
واوضح الرقب، أن هناك الكثير من المنظمات الدولية الإسرائيلية، وكثيرا من الإعلاميين، وأكثر من 200 جنيرال سابق في الجيش الإسرائيلي نددوا بسياسات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأن الكيان يزداد تطرفا؛ إلا ان كل تلك دعوات مجرد دعم نفسي للفلسطينيين لا اكثر، لافتا إلى أن تلك المبادرات شيئ وما يمارس على أرض الواقع شيء أخر.
وتابع الرقب، أنه بالرغم من تصريحات الرئيس محمود عباس، التي تهدف للسلام وانهاء الإحتلال، وإدانته وعد بلفور الذي أعطى للشعب الاسرائيلي حقوق غير مشروعة، إلا أن بريطانيا لازلت تؤيد الإحتلال، ولا تعترب بالدولة الفلسطينية،ومن المقرر ان تعقد مطلع العام القادم مؤتمر في تل أبيب للإحتفلال بمرور 100 عام على وعد بلفور.