رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أشرف مروان.. قصة تجسس «الملاك» على مصر انتقامًا من عبد الناصر!

أشرف مروان وديان
أشرف مروان وديان وناصر


في 27 يونيو 2007، وقعت حادثة سقوط الدكتور أشرف مروان من شرفة شقته التي كان يسكنها في أحد شوارع لندن، والتي قدر ثمنها في هذا الوقت بـ4.5 مليون جنيه إسترليني، ربما اهتز العالم لهذا الخبر، لأن "مروان"، لم يكن شخصًا عاديًا؛ فقد كان متزوجًا من كريمة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان مساعدًا لـ"السادات"، والأخطر من ذلك هو الروايات التي تدور حول عمله لصالح عدد كبير من أجهزة المخابرات العالمية منها الإسرائيلية والإيطالية والبريطانية والأمريكية ثم المصرية.

 

في جنازة مهيبة شيع "جثمان" الراحل أشرف مروان، وشارك آلاف الأشخاص في هذه الجنازة الشعبية التي انطلقت من أمام مسجد عمر بن عبد العزيز بحي مصر الجديدة، وتقدمها جمال مبارك، وكبير الأمناء برئاسة الجمهورية مندوبا عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، وفتحي سرور، وصفوت الشريف، وكبار رجال الدولة.


لم تكن المشاركة الرسمية في هذه الجنازة، سوى انعكاسًا لاهتمام القيادة المصرية بتأكيد وطنية الراحل أشرف مروان في مواجهة ما تردد من أقاويل عن أنه كان "جاسوسًا مزودجًا لمصر وإسرائيل أثناء حرب 1973.


فشلت التحقيقات التي أجراها نخبة من متخصصي الجريمة في "سكوتلا نديارد" حول مقتل أشرف مروان في حل "لغز الوفاة"، وظل عالقًا في غالبية وجدان الشعب المصري أن "مروان" كان بحق شخصية وطنية.

 

لكن بعد مرور كل تلك السنوات، شهدت الأسابيع القليلة الماضية ظهور عدد كبير من المقالات بالجرائد والمجلات الأجنبية التي حسمت مسألة "جاسوسية" الدكتور أشرف مروان لصالح أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وهي المقالات التي نشرت صحيفة "المقال" اليومية، التي يرأس تحريرها الكاتب الصحفي الكبير إبراهيم عيسى، ترجمة صحفية لها بواسطة الصحفية "أميرة جبر".


"النبأ" بدورها تقدم قراءة سريعة لهذه المقالات، وأبرز النقاط التي جاءت بها والتي تضم العديد من التفاصيل الخطيرة التي تكشف حقيقية جاسوسية الدكتور أشرف مروان لصالح إسرائيل.



المكالمة التي أنقذت إسرائيل.. يوري بار جوزيف

قدم الكاتب الصحفي «ماتي فريدمان» قراءة صحفية لكتاب «الملاك..الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل»، لمؤلفه يوري بار جوزيف، بداية الدكتور أشرف مروان في العمل «جاسوسًا» لصالح إسرائيل، حيث اتصل في عام 1970 بالسفارة الإسرائيلية في لندن «حيث كان يقيم»، وعرض عليها خدماته.

 

وبعد شهور ليست قليلة، تواصلت إسرائيل مع الدكتور أشرف مروان الذي قدم إلى «تل أبيب» معلومات تتعلق باستعدادات مصر لمعركة 6 أكتوبر، وخططًا دقيقة للمعركة، فضلا عن تفاصيل صفقات السلاح التي أبرمتها مصر مع الاتحاد السوفيتي «روسيا حاليًا»، هذه المعلومات كانت عاملًا مهمًا جعل إسرائيل تستعد جيدًا للمعركة، ولكن ما حدث بعد ذلك كان مفاجئًا.

 

يشير الكاتب إلى أن الدكتور أشرف مروان حذر إسرائيل أكثر من مرة من الحرب، لكن عندما لم يحدث شئ، هدأ القادة الإسرائيليون وجيشهم وشعروا بثقة عالية بالنفس.

 

يكشف الكتاب الأسباب النفسية التي دفعت الدكتور أشرف مروان إلى العمل «جاسوسًا» لصالح إسرائيل، مشيرًا إلى أن «مروان» جاء إلى لندن للبحث عن الأناقة والإثارة وربما الانتقام من إذلال حماه القوي جمال عبد الناصر، الذي كان يرى «مروان» شخصًا مهمًلا لا يستحق ابنته، كما كان بعد «ناصر» عن الفساد، عاملًا مهمًا في عدم حصول «مروان» على الأموال التي كان يريدها.

 

مؤلف كتاب «الملاك.. الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل» هو يوري بار جوزيف، وهو أستاذ في العلوم السياسية بجامعة «حيفا»، وخبير في الاستخبارات.

 

أما كاتب المقال الذي قدم قراءاة وافية للكتاب فهو «ماتي فريدمان»، وهو صحفي إسرائيلي، عمل مراسلًا لوكالة «اسوشيتدبرس»، وله كتابان هما «زهور اليقطين»، و«قصة جندي».



 

القصة وراء مخترق يوم كيبور.. مارك مازيتي

يضع هذا المقال ثلاثة احتمالات لوفاة الدكتور أشرف مروان، وهي : الانتحار، أو السقوط من الشرفة أثناء الهروب من الرجلين اللذين قال بعض الشهود إنهما كان في شرفة شقته وقت الجريمة، والاحتمال الثالث هو القتل؛ بسبب الاتفاقيات المشبوهة التي تورط فيها «مروان»، أو من قبل مصر، التي يقول الكاتب إن «مروان»  خانها لمدة 3 عقود كجاسوس لا يقدر بثمن لصالح إسرائيل.

 

تكشف المقالة العلاقة المتوترة بين الدكتور أشرف مروان، وبين حماه جمال عبد الناصر، والتي كانت سببًا في تجسس الأول لصالح إسرائيل.

 

يشير الكاتب إلى أن الرئيس جمال عبد الناصر لم يكن يثق مطلقًا في صهره أشرف مروان، وحاول كثيرًا استبعاده من القرارات الهامة، فضلا عن عمل «مروان» في وظيفة حكومية لا يناسب راتبها رغبة «الملاك» في العيش في حياة رغدة.

 

يؤكد الكاتب أن «مروان» قدم معلومات خطيرة لإسرائيل، ولكنها في نفس الوقت لم تستغلها جيدًا؛ لأنها كانت ترى في أشرف مروان «عميلًا مزدوجًا»، أرسلته القاهرة لنشر معلومات مضللة.

 

ويوضح الكاتب كذلك أن الحكومة المصرية كانت تعرف خيانة أشرف مروان، ولكنها كانت مصدر إحراج عميق، فتم دفنه كبطل، بالرغم من أن حياته كانت أكذوبة، ووفاته كانت تمثيلية مصطنعة.

 

كاتب المقال هو «مارك مازيتي»، وهو مراسل أمن قومي بجريدة «نيويورك تايمز»، ومؤلف كتاب «طريقة السكين.. وكالة الاستخبارات المركزية والجيش السري والحرب على أطراف الأرض».



 

مروان وصفقات السلاح

تكشف هذه المقالة التي تعتبر جزءًا من كتاب: «الملاك.. الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل»، أن الدكتور أشرف مروان قدم خدماته إلى الموساد الإسرائيلي، وفي خلال فترة قصيرة أصبح اسمه «الملاك»، وهو اسم «مروان» الحركي داخل إسرائيل.


وأشار الكاتب «يوري بار جوزيف»، إلى أن الدكتور أشرف مروان كان أعظم جواسيس إسرائيل، وأحد أهم الجواسيس في التاريخ الحديث، موضحًا أن «مروان» كان يمتلك كثيرًا من المعلومات الهامة؛ لأنه كان مرافقًا شخصيًا للرئيس الراحل محمد أنور السادات، ولهذا قدم لإسرائيل معلومات عن الخطط الحربية الكاملة، وتفاصيل التدريبات العسكرية، ووثائق أصلية عن صفقات التسليح التي أبرمتها مصر مع الاتحاد السوفيتي،ومحاضر اجتماعات القيادة العليا، وتقارير محادثات السلام بين السادات وقادة عرب.

 

وأضاف الكاتب أن هذه المعلومات وجدت طريقها مباشرة إلى مكتب رئيسة الوزراء الإسرائيلية «جولدا مائير»، ووزير الدفاع «موشيه ديان»، لكن قيادات الأمن أخذت هذه المعلومات لتصبح مصر «كتابًا مفتوحًا» بالنسبة لهم، ولكنهم في نفس الوقت، لم يستفيدوا منها عمليًا؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن السادات لن يشن هجومًا على إسرائيل إلا بعد الحصول على طائرات هجومية، وصواريخ سكود.

 

وأشار الكاتب إلى أن «السادات» قرر نهائيًا اتخاذ قرار الحرب في 1972، بالاشتراك مع سوريا، منوهًا إلى أن الدكتور أشرف مروان أخبر إسرائيل بهذه الترتيبات، وبالاستعدادات العسكرية المكثفة، ولكن شخصيات عليا في إسرائيل كانت متأكدة من أن «السادات» لن يخوض الحرب،وأدى خطؤهم إلى كارثة، عندما اندلعت حرب 73.

يؤكد الكاتب أن الدكتور أشرف مروان قابل في يوم 5 أكتوبر، «تسفي زامير»، رئيس الموساد وقتها، وأخبره أن الحرب ستندلع غدًا، وهنا أثبت «مروان» أنه أفضل من كل معدات المراقبة الإسرائيلية، وأقيم من شبكة الجواسيس التي كانت تعمل لصالح «تل أبيب».

 

وأكد الكاتب أن اتصال «مروان» برئيس الموساد كان له الفضل في قيام إسرائيل بالتعبئة العامة صباح يوم 6 أكتوبر، قبل ساعات من إطلاق الهجوم، ولولا هذه التعبئة لكانت خسائر إسرائيل أعظم، فضلا عن منع غزو سوريا لمرتفعات الجولان.




أشرف مروان ورئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية

يقدم المقال الرابع "إخفاق استخباراتي" العلاقة بين الدكتور أشرف مروان، وبين  "إيلي زيرا"، رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية.


يقول الكاتب "ديفيد إسحاق"، إن "إيلي زيرا"، كان أسير فكرة أن "السادات" لن يخوص حربًا ضد إسرائيل، إلا بعد الحصول على قاذفات قنابل، وصواريخ سكود، منوهًا إلى أن الدكتور أشرف مروان كان هو مصدر هذه المعلومات.


يؤكد الكاتب أن الدكتور أشرف مروان غير فيما بعد من هذه المعلومات وحذر "إيلي زيرا"، من أن مصر وسوريا تستعدان للمعركة، كاشفًا كل تحركاتهما العسكرية، لكن "زيرا" لم يستمع إلى هذه المعلومات نهائيًا.


يشير الكاتب إلى أنه بالرغم من إسرائيل لم تستمع جيدًا لتحذيرات "أشرف مروان"، إلا أن معلوماته كانت ذات فائدة في عدم تنفيذ مصر خطة قذف وسط إسرائيل.




من هو أشرف مروان؟

تشير المعلومات المتوفرة عن الدكتور أشرف مروان إلى أنه من مواليد عام 1945 لأب كان ضابطا بالجيش، وحصل على بكالوريوس العلوم عام 1965، وعمل بالمعامل المركزية  للقوات المسلحة، ثم مساعدا لجمال عبد الناصر.

 

تزوج من منى، ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأنجب منها ابنا واحدا، يدعى جمال مروان، الذي أصبح حاليا رجل أعمال وصاحب قنوات «ميلودي»، عام 1970 أصبح المستشار السياسي والأمني للرئيس الراحل أنور السادات، ترك منصبه، ليترأس الهيئة العربية للتصنيع بين عامي 1974 و1979، ثم أقاله السادات من ذلك المنصب.

 

ذهب إلى بريطانيا كرجل أعمال، وفي 1978 عُين سفيرًا لمصر فى لندن، ثم اتجه بعدها ليعمل في الاستثمار والبورصة، بدأ يشعر بالخطر بعد مقتل السادات، وقال إنه سوف يقتل، وكان يتأكد من إغلاق جميع الأبواب في المنزل، خاصة بعدما اكتشف محاولة قتله من خلال أجهزة تنظيم التنفس، التي تم التلاعب فيها، لتضر بضربات قلبه، إلى أن تم اكتشاف الأمر من قبل أحد الأطباء بأمريكا، الذي أكد له أنه في حال عدم اكتشاف الأمر كان سيموت فورا دون معرفة السبب، وفقا لرواية زوجته.

 

قرر مروان كتابة مذاكراته في لندن، وكانت ستتناول حياته بالكامل، مع توضيح علاقته بالمخابرات المصرية والإسرائيلية، لكنه قتل قبل نشرها، واختفت المذكرات في ذلك اليوم.

 

كانت تربطه علاقة وثيقة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، حين كان نائبا للسادات، توفي في 27 يونيو 2007، وتم تشيع جنازته من مسجد عمر بن عبد العزيز بمصر الجديدة، التي أمها شيخ الأزهر آنذاك، محمد سيد طنطاوي، وتقدم المشيعين جمال مبارك، وفتحي سرور، وصفوت الشريف، بينما لوحظ حينها غياب جميع أفراد عائلة السادات، وتم دفن الجثمان بمقابر عائلة عبد الناصر.


تتضمن التقرير الطبي المرافق لجثمان مروان، والموقع من الطبيب البريطاني بول أنتوني، أن سبب الوفاة يرجع إلى كسور متعددة بجسده، بعد سقوطه من شرفة البناية.