رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مشروع "قانون الإفلاس" يكشف هروب الشركات الدولية من مصر

داليا خورشيد
داليا خورشيد


الحديث عن الأزمة الاقتصادية «الطاحنة» التي تمر بها الدولة، أصبح الشغل الشاغل لكل المصريين الذين يعانون من مشكلات ارتفاع الأسعار، وتدني مستوى الدخل، فضلا عن الإجراءات القاسية المتوقع اتخاذها خلال الفترة القادمة مثل رفع الدعم عن الطاقة، وفرض ضرائب جديدة.

لكن الحديث عن الأزمة الاقتصادية يصبح أكثر إثارة للجدل؛ مع وجود نية لصياغة «مشروع جديد للإفلاس»، وهو ما طرحته داليا خورشيد، أمام اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب برئاسة، علي مصيلحي.

وقالت داليا خورشيد أمام «اللجنة الاقتصادية»:«إن الوزارة بصدد وضع صياغة جديدة لقانون الإفلاس المصري؛ للتصدي للسلبيات التي يتضمنها القانون التجاري الحالي، والعمل على جذب المستثمرين لمصر، مستشهدة بآراء خبراء اقتصاد دوليين، وخبراء في أسواق المال».

المتابعون للشأن الاقتصادي يرون أن طرح صياغة جديدة لـ«قانون الإفلاس»، ربما يكون «خطة ماكرة» من الحكومة الحالية برئاسة المهنس شريف إسماعيل، للإفلات من تسديد «المديونيات» على مصر، والتي وصلت إلى أرقام كارثية، حيث وصل إجمالي «الدين العام» إلى أعلى مستوى له في تاريخه، وبلغ الدين الداخلي 2.49 تريليون جنيه بنهاية مارس 2016، أما الدين الخارجي فبلغ 53.4 مليار دولار، بحسب تقرير البنك المركزي.

خطة وضع قانون «الإفلاس» للهروب من تسديد الديون تعد فكرة ليست جديدة؛ فقد نفذتها من قبل 83 دولة.

«إفلاس الدولة»، يعني في أبسط تعريفاته، عدم قدرة الدولة على الوفاء بديونها، أو الحصول على أموال من جهات خارجية؛ لدفع ثمن ما تستورده من البضائع والسلع، أي أن الدولة تعجز عن سداد أقساط وفوائد ما حصلت عليه من قروض وديون، فتضطر لإعلان إفلاسها؛ لتتمكن من الإفلات من قبضة الدائنين، ثم تتخذ إجراءات غالبًا ما تكون عنيفة لإنقاذ اقتصادها، كالمصادرة والتأمين لبعض المؤسسات، ومنها البنوك، والشركات الصناعية، والإنتاجية الكبرى.

حديث «داليا خورشيد» عن صياغة جديدة لـ«قانون الإفلاس» كان له رد فعل تحت قبة مجلس النواب، حيث يرى بعض النواب أن هذا القانون بمثابة «خطوة شيطانية» من الدولة؛ للهروب من تسديد الديون، بينما يرى المعارضون لهذا المشروع أنه لن يكون في مصلحة البلد ولا المواطن، بل وصلت الدرجة لتشبيهه بـ«جهاز الكفتة».

وسخر الدكتور «مصطفى النشرتى»، وكيل كلية الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، من التعديدلات الجديدة على «قانون الإفلاس»، قائلًا: «مصر من أوائل الدول التي وضعت قانونًا  تجاريًا وتفصيليًا على درجة عالية من الكفاءة»، لافتًا إلى أن هذه التعديلات الجديدة ما هي إلا «جريمة منظمة تتم برعاية وزارة الاستثمار».

وأضاف «النشرتي»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن ملخص حالة الجدل بشأن الأزمة الاقتصادية، هو أن المستثمرين الأجانب يرغبون في تصفية نشاطاتهم، وأعمالهم دون أي سبب، وتحويل رأس المال إلى الخارج، لافتًا إلى أن هذا يؤدي إلى إهدار مستحقات العاملين.

وأكد «النشرتي»، أنه في ظل الضوابط الخاصة بسوق «صرف الدولار»، فإن المستثمرين لا يستطيعون تحويل أموالهم خارج مصر، فيلجئوا لـ«جريمة منظمة»، وهي شراء الدولار من المصريين بالخارج، وبصفة خاصة في دبي ويتم إعطاؤهم شيكات بالجنيه المصري؛ لصرفها من فروع الشركة بمصر، وبهذا يستطيع المستثمر تحويل رأس ماله وأرباحة بالدولار إلى الخارج، ما يتسبب في إهدار السيولة النقدية الموجودة في خزينة الشركة، وبالتالي لايكون هناك أموال لسداد مستحقات العاملين.

وتابع: «الوزيرة المحترمة تريد تعديل القانون لتسهيل إجراءات الإفلاس، وبالتالي تسهيل خروج المستثمرين من مصر، وتسهيل تهريب أموالهم للخارج» موضحا أن مؤسسات الدولة عليها التضامن لحل هذه الأزمة، وإبقاء قانون الإفلاس الحالي كما هو، ووضع ضوابط لحماية حقوق العاملين المصريين.

وقال الدكتور وائل النحاس، خبير أسواق المال، إن مضمون التعديلات الجديدة على «قانون الإفلاس»، تسمى «التخارج»، وهو كيفية الخروج بالاستثمارت من مصر، دون المساس بمستحقات الدولة أو العاملين، مضيفًا أن وزارة الاستثمار تحاول تحجيم شكل التخارج، وهذا هو مضمون تعديلات القانون الجديدة، وقانون الإفلاس مُفعل بمصر منذ قرون، ولكن طريقة خروج المستثمر كان يجب تحجيمها.

وفي السياق نفسه، أكد النائب محمد البدراوي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن قانون الإفلاس الحالي بحاجة إلى تعديلات جديدة للتعامل مع الطرق الجديدة لتهرب المستثمرين، والتي تضيع حقوق الدولة والعاملين، وحل المشكلات التي تواجة المستثمرين في مصر.

وتابع «البدراوي»: «قانون الإفلاس الحالي به بعض السلبيات التي يجب أن تراعى في التعديلات الجديدة الفترة الزمنية لإجراءات التصفية، والتي كانت تأخذ السنوات في القانون الحالي، وكذلك عملية تصفية الديون».

وقال «البدراوي» إن مصر شهدت آخر 3 أشهر عمليات لتهريب للأموال من مستثمرين أجانب خارج البلاد؛ طمعًا في فرق سعر الدولار، كما شهدت شراء المستثمرين لشركات مصرية، ثم وقف نشاطها، وبيع الأراضي المخصصة لها، فأصبحت الشركات عبارة عن سجلات على الأوراق، وليس لها أي وجود على أرض الواقع، زيادة على أنهم لم يقوموا بسداد المستحقات المالية للموظفين، وأمثال هذه الشركات الورقية كثيرة، منها " شركة طنطا للكتان والزيوت".

وتابع:«على الحكومة الآن أن تتوخى الحذر في جلب الاستثمار.. وأن تضع نصب عينيها الإجراءات القانونية لمثل هذه الشركات الاستثمارية التي ستضم عمالة مصرية والعمل على ضمان حقوقهم كافة».