رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

قصة تمرد صاحبة الجلالة على أبنائها

نقابة الصحفيين -أرشيفية
نقابة الصحفيين -أرشيفية

كعادته كل يوم.. بدأ مبكرا رحلته اليومية إلى مقر عمله، محتميا بأدواته شنطة اللاب توب، وقلم جاف، ودفتر صغير يضم بين جنباته طلاسم، وكتابات غير مفهومة، لا أحد يملك فك شفرتها سواه. 

مع كل خطوة ثقيله على قدميه  تقّربه من مقر جريدته، تضيق أساريره، حتى ارتسمت على وجهه علامات التجهم والغضب، بعدما مر شريط أمام عينه يسرد المعاناة في مشوار تمرد صاحبة الجلالة عليه، ومرتبه الضئيل الذي يكفيه بالكاد، لكنه عاد سريعا محاولا منح نفسه المضطربة، جرعة من السكينة، قائلا بنبرة بائسة :-"يكفينى موضوعًا صحفيًا يتوج باسمي فى نهاية المطاف". 

وصل مكتبه، وما أن وقعت عينه على رئيس التحرير حتى بادره بلغة حاسمة وجافة في آن واحد بقوله: "الإدارة قررت تقليص ميزانيتها، والاستغناء عنك"... كلمات كهذه كانت كافية لتزلزل أعماقه، وتلقي  به في متاهات التفكير المتعلق بسبل الاستمرار على قيد الحياة؛  ليجد نفسه محاصرا بأسئلة لا جواب لهاعن سبل تدبير قوت يومه، إيجار المسكن ، صاحبي اللي استلفت منه فلوس مدارس الأولاد....)

سيناريو جسده واقع  أكثر من 200 صحفي، باتوا عاطلين، بعدما طردتهم مؤسساتهم  الصحفية بين ليلة وضحاها فجأة  دون أي أسباب، بدأت بموقع "دوت مصر" الذي فصل 85 صحفيًا، فيما لم ينقض أسبوعًا، حتى تجرع قرابة الـ126 صحفيًا من جريدة "البوابة نيوز" مرارة نفس الكأس. 

دوت مصر 




يسترجع محمدي الجارحي، أحد المتضررين من موقع دوت مصر،  سيناريو المذبحة التى ارتكبها الموقع بحق الصحفيين، قائلا: إن الأزمة فى الموقع  بدأت مساء 19 يوليو الماضي عندما تلقى نحو ٨٥ صحفيًا اتصالات هاتفية بعد ٩ مساء تبلغهم بخبر الفصل، دون أي أسباب أو سابق إنذار معظمهم من مؤسسي الموقع، الذين مر على تعيينهم  أكثر من سنتين ونصف.
 
يضيف في تصريح خاص لـ"النبأ" أنه فور علم المفصولين بقرار الفصل ذهبوا للإدارة  للمطالبة بحقوقهم المالية والقانونية، المتعلقة  بمستحقات   شهر يوليو، بالإضافة إلى شهر آخر تأخر صرفه، وشهرين على كل عام  عمل  وفقا لقانون العمل،  ولكنها  رفضت المطالب، وأبلغت  الناس بأن لهم بس 19 يومًا في شهر يوليو.
 
وأشار إلى أنه لم تكن هناك بدائل أخرى سوى اللجوء إلى نقابة الصحفيين، وإدخالها  طرفًا فى التفاوض مع إدارة الموقع، وتقديم  بلاغ ضد الموقع  في قسم الدقي حمل رقم 4800 و بلاغات في مكتب العمل والتأمينات، ثم الاعتصام فى مقر الموقع.

يرى الجارحي أن الحق لن يضيع طالما وراءه مطالب، لذلك  فهو يؤكد  استمرارهم  في الاعتصام، وتصعيد حدته إذا لزم الأمر وصولا  للإضراب عن الطعام.

البوابة نيوز




السيناريو نفسه تكرر، ففى البوابة نيوز التي يرأس تحريرها عبد الرحيم على ارتكبت نفس المذبحة.

يقول  أحد الصحفييين الذين تم فصلهم  من موقع البوابة نيوز، والذي طلب عدم  ذكر اسمه، إنهم فجأة ودون سابق إنذار،  أبلغت الإدراة الصحفيين أن الميزانية انخفضت 500 ألف جنيه، وأنهم بحاجة لتقليلها، وأنه تم إصدار قرار بفصل 121 عاملا بالمؤسسة بينهم 68 صحفيا والباقي إداريين، دون مقدمات .

وأضاف المصدر في تصريح خاص لـ"النبأ" أن هذه الأزمة تعد الثانية، خلال عام، فقد سبقها فصل 50 فردا.
نقابة الصحفيين لا تحرك ساكنا ولا تؤثر في أى أزمة من واقع خبراتنا مع زملاء سابقين حتى مع النقابيين، هكذا قال تعليقا على تدخل الصحفيين كطرف  فى حل الأزمة.
 
المصدر فسر المذبحة التى تقع بحق الصحفيين بأنها تقليص للصحافة والإعلام، وإعادة رسم للإعلام من قبل الدولة؛ بهدف الضغط بشكل غير مباشر.

 نقابة الصحفيين




يرى خالد البلشي، رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، أن الإشكالية الحقيقية تتعلق بعدم وجود قانون ينظم عمل المواقع الإلكترونية، لذلك فهو يطالب بتعديل القوانين الحالية بحيث يتم ضم المحررين الإلكترونيين إلى النقابة؛ لأنهم على حد وصفه أكثر الأفراد دفعًا للثمن.

ويضيف البلشي فى تصريح خاص لـ"النبأ"، أنه فى كل الأحوال الأفراد المتضررين محميين بقانون العمل، وإن كان غير منصفا، فإنه ينظم ويضع إطارًا لأي علاقة تعاقدية أو غير تعاقدية في مصر.

ويؤكد البلشى أن نقابة الصحفيين لازالت طرفًا فى التفاوض مع  إدارتي" دوت مصر، والبوابة نيوز" وأنها تتعامل مع جميع المحررين سواء كانوا أعضاء نقابة أم لا على أنهم صحفيون.