إعلام آخر زمن!
تتنوع وسائلُ الإعلام بين مسموعٍ ومكتوب ومرئي، ويعدُ الإعلامُ المرئي أهمَّ هذه الوسائل لجمعه بين الصوت والصورة، مما يكونُ له أبلغُ الأثر في وصول المعلومة وثباتها بلبِّ ووجدان المُشاهِد.
ولكى تتصفَ المعلومةُ المُكتسبَةُ منه بالصدق فلابد أن يتحلى هو والوسائل الأخرى بالحيادية والصدق، ويتسمَ بالموضوعية فى نقل الخبر دون تضخيم أو تقليل، ولا تحقير أو تهويل، ولكن إعلامنا المصون ـ وبدعوى التنافس، وفى ظل موجة الصراع، أو بمعني أدق السُعار المحموم بين وسائله المختلفة ـ حرصَ على جذب (الشو) على حساب الحقيقة؛ فزيّف حقائق، ونشر أباطيل، وأشاع أراجيف، أثارت بلبلة، وأحدثت صخبا فى الشارع المصرى فى الآونة الأخيرة .
كل هذا ناهيك عن فتاوى التضليل، التى تهدمُ قيما، وتُزعزع ثوابت، فضلا عن ( تسونامى ) العُرى والألفاظ الإباحية التى انتشرت عبر الفضائيات مُتسترة بدرع حرية الرأى، ودعاوى رفض مُصادرة الصحف، وقصف الأقلام وإغلاق القنوات؛ مما أسهم فى تدنى الذوق، ونشر مشاهد فاضحة، وترديد عبارات تتعارض مع صِبغتنا الأخلاقية المُستقاة من دين يحثُ على الفضيلة ويُحرم الرذيلة.
وبنظره موضوعية، وبتأمُل حالِ إعلامنا مُؤخرا نلحظ تعمُدَه الكذبَ الصُراح ولىّ عنق الحقائق من خلال بثه برامج (التوك شو) التى اتسمت بالسطحية والتفاهة، و(فرش الملاية، والشرشحة)بعدما أشعلَ مُقدموها والمعدون لها معارك بين المُستضَافين بغرض التسلية وتضييع الوقت، وجذب الجمهور، كل ذلك على حساب الحقيقة، التي ضاعت في دهاليز الكذب والنفاق والمحاباة المقيتة للفكرة حتى وإن كانت خطأ.
هذا إلى جانب ظهورِ إعلاميين يُعدون بما يقولون، ويروجون من فكر عفن، ومُغالطات عن دين الإسلام بحجة تجديد الخطاب الديني أساتذة لأبي جهل، وأبي لهب وغيرهما من صناديد الكفر، ولولا أن ذكرَ ما يقولون يُعدُ إحياء وترويجا لفكرهم المغلوط لقلتُ الكثير، ولنفد مدادُ قلمي قبل أن تنفد فضائحُهم، التي تنم عن جهلٍ مُركب!.
أما عن ثقافة العُرى والألفاظ الإباحية فحدث ولا حرج، إذ صار المُشاهدُ للفضائيات مُطالبا بأن يتراقص - رغم أنفه وأنفِ أبيه وأمه - مع رقصات (صافيناز) الساخنة، و(يبوس واوا) هيفا، وتُثيرُه حلاوة (روح) وتستفزُه جرأة (سما)، ويتمعر وجهُه من (جيبات الحريم اللي في الطالع، وبناطيل الرجال اللي في النازل)، ويموتُ خجلا من مشاهد الاغتصاب والألفاظ الخادشة التى تؤكد أنه إعلام آخر زمن.