بسبب حقوق البث..
تفاصيل قضية فساد كبرى داخل الاتحاد الإفريقى لكرة القدم
كشفة أوراق قضية احتكار بث المباريات المتهم فيها عيسى حياتو، الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف” عن عدة مفاجآت.
وكان الاتحاد الإفريقى لكرة القدم تعاقد مع شركة «لاجاردير» الفرنسية ومنحها حقوق البث الخاصة ببطولات الاتحاد الإفريقى لكرة القدم، على مستوى العالم ابتداءً من عام 2017 إلى عام 2028 مقابل مليار دولار أمريكى، رغم وجود عرض من شركة «بريزنتيشن» لشراء الحقوق الخاصة بالاتحاد الإفريقى لكرة القدم بذات الشروط بمقابل مادى مليار ومائتى مليون دولار كحد أدنى تلتزم الشركة بسداده حتى ولو باعت الحقوق بأقل من ذلك، إلا أن إصرار الاتحاد الإفريقى على استكمال هذا التعاقد، خلق وضع مسيطر للشركة الفرنسية وجعلها تتحكم بصورة تامة فى سوق بث البطولات الإفريقية التى تحوز اهتمام قطاع عريض من الشعب المصرى، وتبين أن ما ارتكبه الاتحاد الإفريقى لكرة القدم بقيادة عيسى حياتو الكاميرونى الجنسية، وهشام عمران المغربى الجنسية، فى وقت انعقاد العقد يمثل جريمة، مما حذا بالشركة المصرية اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهما.
بلاغ من جهاز حماية المنافسة لـ النائب العام
وجه جهاز حماية المنافسة خطابا إلى النائب العام يطالب فيه بإجراء التحقيق وتحريك الدعوى الجنائية، ضد كل من عيسى حياتو رئيس الاتحاد الإفريقى لكرة القدم والممثل القانونى له، وهشام العمرانى السكرتير العام، واستمعت النيابة العامة إلى أقوال محمود أحمد ممتاز الباحث الاقتصادى بجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، الذى يختص بفحص القضايا التي ترد للجهاز والتى يبادر الجهاز بفحصها بنفسه.
وأوضح الباحث الاقتصادى بجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، أنه أثناء فحصه لممارسات شركة «بى ان سبورتس» اتضح له وجود مخالفات في أسلوب منح الاتحادات الكروية لحقوق بث المباريات بشكل يحد من حرية المنافسة، وعليه قام جهاز حماية المنافسة بمخاطبة الاتحاد الإفريقى لكرة القدم "الكاف"، لعلم الجهاز أنه بصدد تجديد تعاقده فيما يخص منح حقوق بث البطولات، وتمت المخاطبة من الجهاز إلى الاتحاد الإفريقى بطلب طرح حقوق البث للمباريات والتى تبدأ من العام 2017 في إطار تنافسى يتيح خلق المنافسة بين مختلف الوسائل الإعلامية، وبتاريخ 25/7/2016 تلقى الجهاز ردا من المتهم الثاني هشام العمرانى يفيد قيامه بعرض مقترحات الجهاز على اللجنة التنفيذية خلال الاجتماع السنوى في شهر سبتمبر 2016، إلا أنه وبتاريخ 28/9/2016 فوجئ الجهاز بإعلان الاتحاد الإفريقى تجديد تعاقده مع شركة لاجاردير دون أى اعتبارات لمطالبات جهاز حماية المنافسة وتوصياته، بشأن خلق منافسة حقيقية والحد من الممارسات الاحتكارية.
عروض بريزنتيشن
وأضاف "ممتاز"، في أقواله، أنه ورد للجهاز بلاغا من المدعو محمد كامل السيد بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الخاصة لخدمات إعلانات الأقاليم «بريزنتيشن»، والذي تضمن تضرره من إساءة استغلال الاتحاد الإفريقى لبيع حقوق البث التلفزيونى الفضائى وحقوق الرعاية، وإهدار حقه في المنافسة المشروعة والحصول على تلك الحقوق، وبناء على ذلك قام الجهاز ببحث ممارسات الاتحاد الإفريقى لكرة القدم، وانتهى إلى مخالفة المسئولين فى الاتحاد الإفريقى لكرة القدم لنص المادة الثامنة من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.
وأوضح محمود أحمد ممتاز، أنه قام بفحص الوقائع المنسوبة للاتحاد الإفريقى لكرة القدم، وتبين له قيام الاتحاد الإفريقى بتجديد التعاقد مع شركة لاجاردير والإسناد المباشر دون تنظيم ثمة مزايدات أو مناقصات، رغم تقدم شركة بريزنتيشن بعدة عروض لشراء حقوق البث، أولهم تضمن خطابا من شركة بريزنتيشن إلى الاتحاد الإفريقى يطالبه بالاعلان عن أي مزايدة رسمية تتعلق بحقوق البث، وثانيهم تضمن طلب شركة بريزنتيشن للحصول على حقوق البث للفترة من 2017 إلى 2028 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مقابل 680 مليون دولار أمريكى، والعرض الثالث تضمن عرض من شركة بريزنتيشن لشراء الحقوق الخاصة بالاتحاد الإفريقى بذات الشروط التي سيتم منح الحقوق على أساسها لشركة لاجاردير بمقابل مليار ومائتى مليون دولار كحد أدنى تلتزم الشركة بسداده حتى ولو باعت الحقوق بأقل من ذلك، كما يتضمن العرض التزام شركة بريزنتيشن بتحويل فورى لمبلغ مئة مليون دولار لصالح الاتحاد الافريقي مقابل عام 2017 فقط، ولم تتلق ردًا من الاتحاد الإفريقى، سوى ضرورة التواصل مع شركة لاجاردير للبت فى تلك العروض، علما بأن تواريخ تلك العروض سابقة على تاريخ إتمام التعاقد بين الاتحاد الإفريقى وشركة لاجاردير.
مسئول التسويق والحقوق الإعلامية
كما استمعت النيابة العامة إلى أقوال عمرو عبد المنعم شاهين، رئيس إدارة التسويق والتلفزيون بالاتحاد الإفريقى لكرة القدم، والذى قرر أنه المختص بالاتحاد الإفريقى بوضع ومناقشة استراتيجية التسويق والحقوق الإعلامية لـ«الكاف» والحقوق التسويقية والعرض والمتابعة مع مديره المباشر السكرتير العام، والتواصل مع الرعاة والشركاء والوكالات المعنية بالأمر.
وأشارإلى أن الاتحاد الإفريقى لم يقم بطرح الحقوق الواردة بالتعاقد بينه وبين شركة لاجاردير فى مزايدة علنية، كما لم يعلن الاتحاد عن ثمة اشتراطات فنية أو مالية يتم التعاقد على أساسها.
وأضاف أن شركة بريزنتيشن تقدمت بعرض شراء للحقوق بقيمة مليار ومائتى مليون دولار امريكى كحد أدنى للأرباح عن الفترة من 2017 إلى 2028، لذات البطولات التى سيتعاقد عليها الاتحاد مع شركة لاجاردير، مؤكدا أنه قام بعرضه على السكرتير العام للاتحاد الإفريقى هشام العمرانى المغربى الجنسية والذى تم تحويله إلى شركة لاجاردير سبورت وفقًا لتعليمات الأخير، لافتا إلى أن العمرانى هو المسئول عن التفاوض مع الشركات، وأنه الموقع مع رئيس الاتحاد عيسى حياتو عن الاتحاد الإفريقى على العقد مع شركة لاجاردير سبورت.
اعترافات السكرتير العام
استمعت نيابة الأموال العامة لأقوال المتهم هشام العمرانى المغربى الجنسية، السكرتير العام للاتحاد الإفريقى لكرة القدم، الذى قرر أنه القائم بالتوقيع رفقة رئيس الاتحاد الإفريقى لكرة القدم على العقد المحرر مع شركة لاجاردير بصفتهما ممثلين للاتحاد الإفريقى فى عام 2016، وأضاف أنه لم يتم النظر فى أى عروض أخرى مقدمة للاتحاد لتوقيع الأخير عيسى حياتو مذكرة تفاهم مع شركة لاجاردير فى عام 2015، تم من خلالها الاتفاق على الخطوط العريضة للتعاقد.
وأوضح أنه على علم بعروض شركة بريزنتيشن، وتحديدًا العرض الخاص بشراء حقوق الاتحاد بقيمة مليار ومائتى مليون دولار، والذى تم الالتفات عنه آنذاك لتحديد ميعاد التعاقد مع شركة لاجاردير، مشيرا إلى أن الخطاب لا ينطبق عليه مفهوم العرض فهو مجرد ذكر للقيمة المالية كحد أدنى دون ذكر كافة التفاصيل أو عرض خطة التسويق والضمانات، وأن اللجنة التنفيذية للاتحاد غير ملزمة بدراسة ذلك العرض لتوقيع تعاقد مع شركة لاجاردير فى عام 2015، كما أن بنود التعاقد القديم بينهما لا يتيح دراسة عقود أخرى، وأنكر ما ورد بأقوال وكيل شركة بريزنتيشن.
حكم رادع
تم إحالة المتهمين عيسى حياتو الكاميرونى الجنسية، وهشام العمرانى المغربى الجنسية، إلى محكمة القاهرة الاقتصادية فقضت بمعاقبة كل منهما بغرامة مائتى مليون جنيه، وألزمت رئيس الاتحاد الإفريقى لكرة القدم الحالى بصفته بالتضامن بالمحكمة به من الغرامة المقضى بها، وبعرض طعنهما على محكمة النقض أيدت الحكم المتقدم.
حيثيات الحكم
وجاء بحيثيات الحكم أن محمد كامل السيد، بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لخدمات إعلانات الأقاليم «بريزنتيشن»، تقدم ببلاغ إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والموجه ضد الاتحاد الإفريقى لكرة القدم، فيما يتعلق بالممارسات الاحتكارية التى مارسها والمتعلقة باستغلال حقوق البث التلفزيونى الخاصة بالبطولات التي ينظمها الاتحاد الافريقي لكرة القدم، وتضرر مقدم البلاغ من قيام الاتحاد الإفريقى لكرة القدم بمخالفة قانون حماية المنافسة وتحديدًا المادة الثامنة منه، وحرمان «بريزنتيشن» دون وجه حق من الحصول على حقوق البث التلفزيونى الفضائى للبطولات التي يملكها الاتحاد الإفريقى لكرة القدم.
ممارسات الاتحاد الإفريقى لكرة القدم
وأشارت حيثيات الحكم أنه استبان لجهاز حماية المنافسة أن الاتحاد الإفريقى لكرة القدم هو الجهة الوحيدة التي لها حق التصرف فى حقوق الاستغلال التجارى لعرض بث المباريات والأحداث والأنشطة التى ينظمها الاتحاد الإفريقى لكرة القدم، والتى تشمل حقوق العرض واستغلاله وحقوق الرعاية للمباريات والأحداث والأنشطة واستغلالها تجاريًا، وعليه وبناء على ما تقدم بادر جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بدراسة ممارسات الاتحاد الإفريقى لكرة القدم فيما يتعلق بتصرفاته فى سوق حقوق البث المتعلقة ببطولات كرة القدم التي ينظمها الاتحاد.
البطولات الإفريقية
وأوضحت حيثيات الحكم، أنه تبين للجهاز أن الاتحاد الإفريقى لكرة القدم يقوم بتنظيم البطولات المسماة التصفيات المؤهلة لكاس الأمم الإفريقية، ونهائيات كأس الأمم الإفريقية، ونهائيات كأس الأمم الإفريقية للمحليين، ونهائيات كأس الأمم الإفريقية للناشئين تحت سن 20 سنة، ونهائيات الأمم الإفريقية تحت سن 23 سنة، وبطولة إفريقيا للأندية أبطال الدورى، وبطولة كأس الاتحاد الإفريقى كأس السوبر الإفريقى.
حقوق البث
وجاء بحيثيات الحكم، أن الاتحاد الإفريقى لكرة القدم يتمتع بحقوق الاستغلال التجاري لجميع الحقوق المتعلقة بتلك البطولات، والتى تنقسم إلى حقوق البث عبر الوسائل الإعلامية المختلفة مثل البث التلفزيونى بشقيه الفضائى والأرضى والبث الإذاعى والبث عبر الإنترنت وغيرها من وسائل البث وحقوق الرعاية للمباريات والاحداث والأنشطة المرتبطة بتلك البطولات.
حق الاستغلال التجارى
وقام الاتحاد الإفريقى لكرة القدم بمنح حق الاستغلال التجارى لحقوق البث الخاصة به على مستوى العالم إلى شركة «لاجاردير سبورتس»، وهى شركة فرنسية تعمل فى مجال الإعلام الرياضى وهي إحدى الشركات التابعة لمجموعة لاجاردير والتى يتبعها أيضًا شركة سبورت 5 والتابعة لمجموعة لاجاردير، وقام الاتحاد الإفريقى لكرة القدم بمنحها حق البث المباشر لبطولات الاتحاد الإفريقى حصريًا،ً ابتداءً من عام 2017 إلى عام 2028 وبلغ المقابل المادى لتجديد العقد، كما أبرز الموقع الرسمي للاتحاد الإفريقى لكرة القدم مليار دولارأمريكى، وحيث إن الاتحاد الإفريقى ونتيجة تمتعه بوضع مسيطر داخل السوق المعنية لم يتبع نظام طرح تنافسى يضمن تحقيق شفافية وعدالة التنافس بين المتنافسين المختلفين وذلك بالمخالفة للقانون وهو الأمر الذي منع منافسين شركة لاجاردير من الحصول على فرصة عادلة للمنافسة، وتقديم عروض تنافسية أفضل للاتحاد وقام بخلق وضع مسيطر يتحكم بصورة تامة فى سوق بث البطولات الإفريقية، التى تحوز اهتمام قطاع عريض من الشعب المصرى.
إضعاف المنافسة
وأوضحت حيثيات الحكم أنه لكى تؤتى المنافسة ثمارها في سوق شراء تلك الحقوق فإن الفترة الزمنية التي يمنح على أساسها تلك الحقوق ينبغى أن تكون فترة تسمح باستمرار المنافسة على السوق ولذلك فإن منح حقوق البث لشركة لاجاردير لمدة 12 عاما بين أعوام 2017 حتى عام 2028 هو منع كلى لوجود منافسة حالية أو مستقبلية لهذا الكيان في سوق بث فعاليات تلك البطولات أخذا فى الاعتبار أنها كانت تتمتع بذات الحقوق منذ عام 2008 حتى عام 2016، وأن إضعاف المنافسة فى سوق شراء حقوق الاتحاد الإفريقى نتيجة تصرفات الاتحاد الإفريقى كبائع حصرى لتلك الحقوق سيؤدى حتمًا لانعدام المنافسة في سوق بث تلك الحقوق للمشاهد، وبالتالى حرمانه من الحصول على حق مشاهدة تلك البطولات فى ظروف تنافسية، ويضحى منح الاتحاد الإفريقى حقوق الاستغلال التجارى لبطولاته بصورة حصرية لشخص واحد طوال فترة زمنية كبيرة غرضه إحداث نقص في المعروض من المنتجات على الرغم من إمكانية منح تلك الحقوق لأكثر من منافس وبالتالي زيادة المعروض دون التأثير على أرباح الاتحاد الإفريقى لكرة القدم.
الاتحاد الأوروبى
وأكد الحكم أن منتج كرة القدم من المنتجات التي يزيد سعرها بشكل دورى، وأنه لم يثبت أن إتاحة حقوق البث في الاتحاد الأوروبى لأكثر من منافس داخل كل دولة أثرت على عائدات الكرة الأوروبية أو تقدمها، وأن بيع الحقوق بصورة مجمعة، في إطار باقة واحدة تضم البطولات الدورية والموسمية بل وتضم أيضا الحقوق الحصرية لبث فعاليات تلك المباريات عبر الوسائل الإعلامية المختلفة لكل أنحاء العالم لمدة 12 عاما يحرم المشاهد من التمتع بالمنافسة بين وسائل العرض المختلفة.
كما أن الجهاز لم يجد أي مبرر لعدم تقسيم بيع الحقوق على أساس المناطق الجغرافية المختلفة، وقيام الاتحاد ببيعها بصورة مجمعة، وقد أدى هذا لمنع المستثمرين المحتملين المهتمين بالسوق المصرية، من التقدم للحصول على حقوق الاتحاد الإفريقى لدول العالم أجمع، على الرغم من أنهم قد لا يمتلكون إمكانيات لتسويق تلك الحقوق أو بثها خارج مصر، وهو ما أدى بالتالي لحرمان قطاع عريض من الاستثمارات في هذا المجال من المنافسة، وبالتالي دفعهم إلى الخروج من السوق.