رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عملية «البابا» لإطفاء الحرائق فى دير الأنبا «المقتول»

تواضروس - أرشيفية
تواضروس - أرشيفية


تعيش الكنيسة خلال هذه الفترة على «صفيح ساخن»، خاصة بعد مقتل الأنبا إبيفانيوس، أسقف ورئيس دير أبو مقار بـ«وادي النطرون»؛ والذي عُثِر عليه مقتولًا إثر ضربه على رأسه داخل أحد ممرات الدير، أثناء ذهابه لـ«صلاة القداس».

وأصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بيانا باعتماد البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إعلان تجريد راهب بدير أبو مقار بوادي النطرون وعودته لاسمه العلماني، لارتكابه مخالفات لـ«نذر الرهبنة»، وهو نفس الراهب الذي حاول الانتحار بـ«السم».

البيان كتب بخط يد البابا شخصيًا، وجاء بعد يوم من تسريب بيان لجنة الرهبنة والأديرة بالمجمع المقدس، بتجريد راهبين أحدهما من جرده البابا، والذى نفته الكنيسة، ثم بعد ذلك أصدرت بيانا تعلن قرار البابا تواضروس، ما يؤكد حالة الارتباك التى تعيشها الكنيسة هذه الفترة.

واعترض أعضاء لجنة الرهبنة والأديرة بالمجمع المقدس، على هذا القرار، مؤكدين أن الإعلان عن هذا القرار فى ذلك التوقيت سيثير الكثير من التساؤلات لدى أبناء الشعب المسيحي.

كما أن تأخر إصدار القرار دفع البابا إلى التدخل والقيام بكتابته بخط يديه لإنهاء الجدال، وأن ما حدث من البابا أمر جديد وعلى غير المعتاد أن يكتب القرار بخط يده، خاصة أن هذا الراهب المجرد كان دائما الخلاف مع الأنبا إبيفانيوس رئيس الدير، وسبق وتقدم بطلب للبابا بنقله من الدير، والتحقيق معه لمخالفاته للرهبنة.

وطبقا للقانون الكنسي الخاص بالرهبنة الصادر عام 2013، لا يُجرد أي راهب إلا بموافقة البابا أو رئيس الدير، وحالة الراهب أشعياء المكاري الذي جُرد من الرهبنة وعاد إلى اسمه الطبيعي وائل سعد، فإن رئيس ديره هو الأسقف المقتول، فاستلزم ذلك صدوره بتوقيع البابا.

وبحسب قانون الرهبنة الصادر عام 2013 من المجمع المقدس، "تمر محاكمة الرهبان بثلاث مراحل الأولى الإنذار على يد رئيس الدير، والثاني التحويل للجنة الانضباط الرهباني بالدير، ويتم إنذار الراهب المخالف ثلاث مرات، فإن لم يتب عن أخطائه يتم تحويله للجنة الرهبنة بالمجمع المقدس، وفي حالة تجريد الراهب من رهبنته وعودته لصفته المسيحية كأي شخص عادي، لا بد وأن يوقع البيان البابا أو رئيس الدير".

وبحسب القانون الكنسي "لا يتم تجريد راهب إلا بخروجه عن الإيمان الأرثوذكسي أو ارتكاب مخالفة لنذوره الرهبانية، وهي الطاعة والفقر الاختياري والتبتل".

واستنفدت الكنيسة في حالة هذا الراهب هذه المرحلة، حتى وصلت إلى التجريد، وصدور القرار بخط يد البابا تواضروس يحمل رغبة في ضبط المصطلحات والتوجه الكنسي حول القضية وعدم تركها لأي أحد داخل الكنيسة لتولي المهمة؛ نظرا لحساسية الحدث الاستثنائي الذي تمر به الكنيسة وهو مقتل رئيس الدير.

وتكشف معلومات عن أن الراهب المُجرد ارتكب بحسب قرار التجريد، تصرفات صدرت عنه لا تليق بالسلوك الرهباني والحياة الديرية والالتزام بمبادئ ونذور الرهبنة من الفقر الاختياري والطاعة والعفة، موضحة أن الراهب في موضع اشتباه حول جريمة القتل، ولا توجد إدانة فعلية له، وأن التحقيقات ما زالت مستمرة".

وتشير المعلومات إلى أن الراهب الذى تم تجريده حدثت خلافات بينه وبين رئيس الدير، الأنبا إيبفانيوس منذ فبراير الماضي، وتم إرسال شكاوى ضده للبابا، مؤكدة أنه عقب قرار البابا أرسلت الكنيسة اسم وصورة الراهب إلى جميع الأديرة للتحذير، وعدم التسلل إليها مرة أخرى في حالة عدم إدانته بجريمة القتل.

وتعد تلك ثاني قرارات البابا تواضروس بشلح رهبان، إذ سبق وجرد عددا من رهبان دير وادي الريان من الرهبنة، بسبب مشاكلهم مع الدولة، وعدم خضوعهم للكنيسة.

وبعد «24» ساعة مرت على قرار البابا تواضروس، حتى اشتعلت الأحداث مرة أخرى داخل دير أبو مقار، وذلك بعد قيام راهب شاب يدعى فلتاؤس المقارى، الانتحار من خلال قطع شريان يده، ثم إلقاء نفسه من أعلى مبنى مرتفع بالدير، وتم نقله مستشفى النطرون العام وهو في حالة خطيرة.

الراهب فلتاؤس المقاري، هو راهب شاب في الثلاثينيات من العمر، وكان باحثًا متخصصًا في التاريخ الكنسي، وأصدر الكثير من الدراسات والأبحاث عن تاريخ آباء الكنيسة كان من بينها بحث عن القديس تادرس المشرقي راجعه الأنبا إيبفانيوس رئيس الدير الراحل بنفسه، كما أنه الصديق المقرب للراهب الذى تم تجريده من قبل البابا.

ويذكر أن الراهب الذى تم تجريده والآخر الذى أقدم على الانتحار، رسما رهبانًا فى عهد الراحل البابا شنودة الثالث، في عام 2010.

ويجرى البابا تواضروس محاولات عدة حاليًا، لمحاولة إعادة الهدوء مرة أخرى إلى دير أبو مقار، وخاصة بعد أن طفت على السطح أوجه الانقسامات داخل الدير وحالة الغليان التى يعيشها الدير حاليا بعد مقتل الأنبا إيبفانيوس، حيث قامت لجنة الرهبنة وشئون الأديرة بالمجمع المقدس، برئاسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بحضور الأنبا دانيال السكرتير العام للمجمع المقدس و19 من الآباء المطارنة والأساقفة رؤساء الأديرة، وأعضاء اللجنة، بإصدار 12 قرارًا لإعادة انضباط الحياة الرهبنية والديرية فى ضوء مقتل الأنبا إيبفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار بوادى النطرون.

وتداول العديد من نشطاء الأقباط مواقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك، تقريرًا خطيرًا قدمته لجنة شئون الرهبنة بعد التحقيق الذي أجرته بدير الأنبا مقار بوادى النطرون فى فبراير الماضي بناء على مطالب الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار الذى قتل فى الدير، موقع من الأنبا متاؤس رئيس دير البراموس والأنبا دانيال رئيس دير الأنبا بولا، تم تقديمه للبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، قائلا: «هذا الراهب له ذات كبيرة، ويكسر قانونيين فى نظام الرهبة"الطاعة والتجرد" ويفتخر أنه يحصل على أموال ومأكولات، ويقوم باستضافة الرهبان عنده بالقلاية، ولا يتعامل مع الأسقف أو أمين الدير نهائيا".

وأضاف الخطاب: "يقترب من عمل جبهة مضادة فى الدير ولا يمسك أى عمل فى الدير بالرغم من أنه شاب فى الثلاثينات، رئيس الدير يطلب إبعاده عن الدير إلى دير آخر".

وجاء رد البابا تواضروس على هذا الخطاب قائلا: "ينقل إلى دير الزيتونة ومتابعة سلوكه لمدة أعوام وفى حالة كسر السلوك الرهبانى يطرد من الرهبنة".

بدوره أكد القس بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية، أن قرار تجريد راهب دير أبو مقار المجرد من الرهبنة تم لأسباب رهبانية بحتة، ولا علاقة للقرار بالتحقيقات التي تجري الآن، موضحا أن التحقيقات ما زالت جارية ولم يوجه الشرطة حتى الآن أي اتهام لأي شخص من الدير أو غيره حتى الآن.

وأشار المتحدث باسم الكنيسة، إلى أن الراهب المجرد قد سبق وأن تم التحقيق معه من قبل لجنة شئون الرهبنة والأديرة بداية العام الحالي ٢٠١٨، وصدر قرار بإبعاده عن الدير لمدة ٣ سنوات. متابعا: "لكن مجموعة من رهبان ديره وقعوا على التماسٍ بالعفو عنه والإبقاء عليه بالدير وتعهدوا بمساعدته على تغيير مسلكه الخاطئ. وقدموا الالتماس وقتها لرئيس الدير الأنبا إبيفانيوس، الذي رفع الالتماس بدوره لقداسة البابا مشفوعًا بتوسلٍ منه بقبول الالتماس، وهو ما حدث".

واستكمل: "لكن وبكل أسف استمرت الأوضاع كما هي ولم تتغير سلوكياته الخاطئة ما دعا اللجنة المجمعية إلى إعادة التحقيق معه وإصدار قرار بتجريده"، موضحا أن الكنيسة من الممكن أن تعلن الأسباب إذا وافق الراهب الذي تم تجريده على إعلانها.

من جانبه قال القمص باسيليوس المقاري، أحد رهبان دير أبو مقار بمنطقة وادي النطرون، إن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فتح الباب أمام الراهب المُجرد من رهبنته أشعياء المقاري، للرجوع والتوبة وهذا أمر جيد.

وأضاف باسيليوس: "لم أتعامل مع الراهب أشعياء بصفة شخصية، ولكنه كان كثيرًا ما يفتعل المشكلات داخل الدير، كما تسبب في رفع قضية على الدير من مدة كبيرة، وسمعته لم تكن طيبة، ولا أستطيع الحديث عما فعله وعن مشكلاته، لأنه لا يمكن أن يتم تعرية الراهب لأن الله ستره، وقرار طرده من الدير تأخر كثيرًا".

وتابع: «التحقيقات مستمرة حتى الآن داخل الدير، وتم استجواب بعض الرهبان حول سلوك الراهب أشعياء، وأنا قلت كل ما أعرفه عنه في التحقيقات، ونحن في انتطار النتائج».

وقررت نيابة استئناف الإسكندرية، اليوم السبت، حبس الراهب المشلوح أشعياء المقاري، 4 أيام على ذمة التحقيقات في واقعة مقتل الأنبا أبيفانيوس رئيس وأسقف دير أبو مقار بوادي النطرون.

ووجهت النيابة العامة لوائل سعد تهم قتل الأنبا إبيفانيوس ـسقف ورئيس دير ابومقار بوادى النطرون.

واعترف المتهم أمام فريق البحث الجنائى برئاسة اللواء خالد عبد الحميد وكيل مباحث الوزارة بجريمته، وأرشد عن أداة الجريمة، وهو قضيب حديدي الذى تم العثور عليه بمخزن للخردة بالدير، وتم استخدامه في عملية قتل الأسقف بضربة واحدة فوق الرأس.