رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

شركات أجنبية تجري عمليات صيانة وهمية لـ«المترو».. وتعرض حياة المصريين للخطر

النبأ


يعد الفساد من أخطر أسباب تدمير خطط التنمية التي تقوم بها الدولة؛ فهو مثل السرطان الذي يقضي علي كل خلايا الجسم، ولذلك يجب الضرب بيد من حديد، للقضاء عليه في جميع قطاعات الدولة ومنها «مترو الأنفاق»، هذا القطاع الذي يخدم ملايين الركاب يوميًا، ولكن الفساد يتغلغل فيه، وهو ما تكشف «النبأ» في السطور التالية:


في البداية، يكشف الخطاب الصادر بتاريخ 21/5/2018، من المهندس سامي عبد التواب، مساعد رئيس شركة المترو للخط الثالث، إلى المهندس مساعد رئيس الشركة لخدمات الدعم الفني، أنه تم تشكيل لجنة فنية للفحص الفني واستلام وإضافة المهمات بعقد شركة «فيربرن لاسون» رقم 92016، وتوريد قطع غيار ميكانيكية، لزوم «العمرة الجسيمة» للوحدات المتحركة بالخط الثالث، وتضم اللجنة كل من المهندسين الآتي أسماؤهم: رفعت فهمي، محمد عبدالله، إسلام مجدي، حسن محمود، وتم توقيع الخطاب من المهندس رفعت فهمي والمهندس سامي عبد التواب.


ويكشف الخطاب الصادر بتاريخ 28/5/2018 من المهندس محمد ياسين، مدير عام تنفيذي إدارة التوريدات والمشرف العام على المخازن إلى المهندس أحمد عادل حجازي، رئيس لجنة الفحص الفني، بخصوص توريد قطع غيار الأبواب لزوم العمرات الجسيمة للقطارات العاملة بالخط الثالث، عقد رقم "422014" المبرم مع شركة "ميتسوبيشي"، بأنه تم توريد «3» صناديق خشب، بتاريخ 24/5/2018 بمخزن شبرا العمومي، ولفت الخطاب إلى ضرورة الإحاطة والقيام بأعمال الفحص الفني والإضافة وموافاة المسئولين بأصول محاضر الفحص الفني والإضافة.


كما يكشف خطاب موجه من المهندس محمد ياسين، مدير عام تنفيذي إدارة التوريدات والمشرف العام على المخازن بتاريخ 28/5/2018، للمهندس مدير عام الوحدات المتحركة بالخط الثالث، أن الزيوت والشحوم الموجودة بمخزن المعدات والديزل، راكدة وغير مدون عليها "تاريخ الصلاحية"، ونتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وضيق مساحة المخزن "سال الزيت" من بعض العبوات، وتم تشكيل لجنة لتحديد صلاحية المهمات، واستبدال العبوات البلاستيكية ببراميل «صاج» مع اعتبار الموضوع «هام وعاجل».


وهناك قنبلة من العيار الثقيل، وهي أن هناك لجنة مزاد، لبيع «3 أطنان رايش» حديد خردة، جديد وقديم خشن وناعم بورش العباسية، بسعر الطن "4750 جنيهًا" للطن، شامل الضرائب، وهناك لجنة للموافقة علي بيع الخردة، تضم" مدير عام ورش العباسية – اللواء مدير شرطة المترو – مدير عام أمن الشركة – المشرف على الشئون القانونية – مدير عام المالية والرقابة – العميد مدير عام السلامة والصحة المهنية – أمين مخازن شبرا الخيمة"، وقد تم الاتفاق مع المشتري "ألبير كمال لبيب"، لتسليم المهمات المباعة.


ولكن للأسف هناك لجنة أخرى ستقوم بتسليم "الخردة المباعة"، تضم "مندوب الشئون القانونية – مندوب الشرطة – مندوب أمن الشركة – مندوب المشتريات والمخازن – أقدم ملاحظ – مندوب السلامة والصحة المهنية"، وكشفت المعلومات أن الخردة المباعة، تشمل قطع الغيار الخاصة بقطار العباسية "المحدوث"، وأن جميع قطع الغيار الموجودة به جديدة، ويتم إخراجها على أنها «خردة» ويتم توريدها من جديد على أنها قطع غيار «جديدة» وتورد بسعر جديد.


وتكشف المستندات عن قيام، المهندس سامي عبد التواب، مساعد رئيس شركة المترو للخط الثالث، بتاريخ 23/6/2016 بتوجيه خطاب إلى المهندس مدير عام الوحدات المتحركة بالخط الثالث، لمد عقد شركة "ميتسوبيشي" رقم 172015ش لمدة "6 شهور"، والتي تؤكد المعلومات، أن العقد المبرم مع الشركة اليابانية لعمل العمرات الجسيمة، ولكنها تقوم بعمل العمرات الخفيفة، وأن عمال المترو هم الذين يقومون بعمل العمرات الجسيمة، وتمت زيادة عقد الشركة اليابانية بمبلغ "2.95 مليون جنيه"، خلال "ستة أشهر" فقط، بمعرفة المهندس علي فضالي رئيس شركة المترو، ما يعد إهدارًا للمال العام، حيث يتم عمل العمرات، لعربات المترو بشكل غير آمن ولا يضع أي مسئولية على الشركة اليابانية ومطلوب تشكيل لجنة فنية بإشراف هيئة الرقابة الإدارية، لمراجعة "الكتالوجات" التي تتم بالنسبة لأعمال الصيانة، سواء العمرة الخفيفة أو الجسيمة، ما يعرض حياة ركاب المترو للخطر، لأن "كتالوجات" الصيانة غير معتمدة، وأن هناك عمليات صيانة لا تقوم بها شركة "ميتسوبيشي"، كما لم تقم الشركة بتسليم كتالوجات الصيانة بعد انتهاء فترة الضمان، وأيضًا تستولي شركة ميتسوبيشي، على قطع الغيار "المعارة" لها من شركة المترو لعمل الصيانة، والفضيحة هي أن شركة "ميتسوبيشي" يتم تجديد العقد لها "نصف سنويًا"، لعمل العمرات الخفيفة، وهو ما كلف الدولة خلال "ثلاث سنوات"، قرابة «9» ملايين جنيه.


الكارثة هي أن شركة مترو الأنفاق لديها من الخبرات الفنية للقيام بالعمرات الخفيفة والثقيلة وتوفير العملات الأجنبية للدولة بدلًا من الاعتماد على الشركات الأجنبية، وإهدار المال العام، ولكن جزاء أي موظف شريف التنكيل به، بل تم تكريم مدير عام ورشة العباسية، بعد حادث القطار، الذي كلف الدولة ملايين الجنيهات، لكي يصبح مدير عام ورشة شبرا، وجميع الفنيين في أماكنهم، وعندما قام الرئيس السابق المستشار عدلي منصور، بافتتاح محطة الأهرام بالمرحلة الثانية، من الخط الثالث لمترو الأنفاق، أعطوه بيانات خاطئة، بأن قطار المترو رقم "7018" صناعة مصرية، والفضيحة أن هذا الكلام عار تمامًا من الصحة، لأن هذا القطار هو آخر قطار تم توريده من اليابان لمصر، وأول قطار مصري من صنع شركة "سيماف"، يحمل رقم "7019".


كما أن قطارات الخط الثالث بورشة العباسية التي تم عمل العمرة الخفيفة، بالإسناد المباشر لشركة "ميتسوبيشي"، وتم عمل العمرة الجسيمة، بمعرفة عمال شركة مترو الأنفاق، وبالتالي أصبحت قطارت المترو "مهدر دمها" بين الشركات وعند حدوث أي عطل، كل شركة من شركات الصيانة، تتهرب من المسئولية، والدليل على ذلك، أن أول قطارين تم عمل عمرة لهما في ورش شبرا، ورجعا مرة ثانية إلي العباسية، وأرقامهما "٧٠٠٩٧٠١٠ و٧٠٠٣٧٠٠٤"، تحولا لقطعة خردة في الورشة، لأنهما خرجا بعيوب فنية في الصيانة، وعندما حاول الفنيون عمل العمرة الجسيمة، وجدوا أن هناك قطع غيار "ناقصة"، وتم تآكل "البلي"، ما يهدد حياة ركاب المترو، وبمخاطبة الشركة في اليابان، ردت أن المترو السبب "لعدم عمل العمرة في موعدها".


كما أن المهندس على فضالي، رئيس شركة المترو حاليًا، كان مدير عام ورشة شبرا، وقت انتهاء ضمان قطارات الخط الثاني، وعندما جاء موعد العمرة الجسيمة، واستعان بشركة "ألستوم" بالإسناد المباشر، وعندما مسك منصب، رئيس مجلس إدارة شركة مترو الأنفاق، قام بتهديد المهندسين، في ورشة العباسية، للقيام بعمل إسناد مباشر، لشركة "ميتسوبيشي".


وتعود بداية الفساد، لعام ٢٠٠٢، عندما تمت الموافقة على قرض طويل الأجل، من فرنسا لوزارة النقل المصرية لإعادة تأهيل بعض خطوط السكك الحديدية وكان وقتها المترو تابعًا لـ«سكك حديد مصر»، وتمت الموافقة على جزء من القرض، لإعادة تأهيل الخط الأول، وكان شرط فرنسا، أن الشركات التي ستعمل في إعادة التأهيل، تكون شركات فرنسية، وتم إتخاذ قرار من إدارة المترو، باستغلال مبلغ القرض، في إعادة تأهيل قطارات، المرحلة الأولى الفرنسية، بالخط الأول وعددها "١٧ قطار"، بدأت الخدمة عام ١٩٨٧، أي أن وقت اتخاذ القرار بتجديدها، كان أوشك عمرها الافتراضي على الانتهاء، وبالفعل استعان المترو بمكتب "سيسترا" الاستشاري، لعمل دراسة طرح المناقصة، وكان رأي الاستشاري، "تغيير كل أجزاء القطار، عدا الجسم الخارجى لأن معدات القطار تعمل من 1987 "، ولم يتم الأخذ برأي الاستشاري، فتم تشكيل لجنة من المترو، للتعديل في آراء الاستشاري ومستنداته، وتم طرح المناقصة، وتقدمت "شركتان فرنسيتان" للمناقصة إحداهما شركة "ألستوم"، واكتشفت الأجهزة الرقابية، تسريب القيمة التقديرية، للمناقصة لشركة ألستوم، ولكن لم يتم إلغاء المناقصة، وحصلت "ألستوم" على الترسية بطريقة غير مشروعة، وبدأ العمل بالمشروع "بمستندات المترو" وليست مستندات الاستشاري عام ٢٠٠٩، وبعد بدء المشروع، تم عمل أكثر من عقد ملحق، من ضمنها عقد يسمى "الكلفة الإضافية"، وهو اتفاق ينص علي (يتكفل المترو بتقديم قطع الغيار للمقاول، وإذا عجز المترو عن توفيرها، يقوم المقاول بشرائها، ومحاسبة المترو عليها، مضافًا عليها قيمة ١٥%)، والطامة الكبري، ومشروع تجديد الـ"52" وحدة فرنسية، تعرض لمخالفات مالية، حيث تم صرف قطع الغيار، للمقاول من مخازن المترو، ومحاسبة المترو عليها)، وتمت إحالة المخالفات المقدرة "4.5 مليون يورو" إلى نيابة نقل ثان، بالقضية رقم "٤٩٢٠١٣"، ومازالت القضية في الأدراج.


أما عن المخالفات الفنية؛ فالقطارات بعد مئات الملايين التي صرفت عليها، تتعرض للأعطال يوميًا، وهناك نية لتكهينها، بحسب تصريحات المهندس خالد صبرة، العضو المنتدب، وعلى الرغم من المخالفات المالية والفنية، تم تسليم المشروع تسليمًا نهائيًا، والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة من جميع الأجهزة الرقابية في الدولة: من مدير عام ورشة طرة أثناء بدء تنفيذ المشروع ؟، إنه المهندس علي فضالي رئيس مجلس إدارة المترو، ومن هو مساعد رئيس الشركة، للخط الأول في وقت المخالفات في المشروع ؟، إنه أيضًا المهندس علي فضالي، ومن هو مدير عام ورشة طرة في وقت المخالفات؟، المهندس أشرف عبد السلام، مساعد رئيس الشركة للخط الأول حاليًا، ودفعة المهندس علي فضالي، بهندسة شبرا، وهو أيضًا مدير المشروع، في فترة عقد اتفاقية الكلفة الإضافية، وهو أيضًا رئيس اللجنة، التي قامت بالتسليم النهائي للمشروع، والكارثة هي أن المهندس علي فضالي رئيس شركة المترو، قضي كل خدمته، في مكتب استشاري لأعمال القوى الكهربية، وأيضًا تخصص المهندس أشرف عبد السلام، التحكم في القوى الكهربية، وبعد أن تتحول قطارات المترو، إلي قطعة خردة، تستمر الدولة في دفع ضريبة الفشل، وتدفع الأجيال ثمن فساد القيادات، ونظل ندفع أقساط القروض لقطارات سيتم تكهينها.


وأما فضيحة حادث قطار العباسية الذي اصطدم بالنفق، فهي «أم الفضايح»، حيث تم توريد «9» قطارات للخط الثالث من بينها شركة "ميتسوبيشي"، وتم عمل العقد من خلال الهيئة القومية للأنفاق ومن بعض نصوص العقد قيام "ميتسوبيشي"، بتدريب العاملين على صيانة وعمرة تلك القطارات، وفي ٢٠١٣ انتهت فترة الضمان، فطلب من العمال التوقيع، على مد فترة الضمان عام، بنفس الشروط؛ لأن الشركة لم تكن أوفت بكامل التزاماتها التعاقدية، بعد الحادث، كانت قرارات وزير النقل السابق، المهندس هاني ضاحي تركز على تشكيل لجنة من كلية هندسة، للوقوف على أسباب الحادث، وللأسف اللجنة فشلت في كشف حقيقة الحادث، وكان ثاني القرارات الفاشلة للوزير، تعيين المهندس خالد صبرة، العضو المنتدب للتشغيل والصيانة بـ«شركة المترو»، وبدوره جاء بـ"عديله" المهندس سامي عبد التواب، مدير عام بالسكة الحديد، ليتم تعيينه مساعد رئيس شركة المترو للخط الثالث.


وتوضح المعلومات، أن وجود المهندس خالد صبرة بمكتبه في وزارة النقل، ليس من أجل حل مشاكل الصيانة الخاصة بالمترو، ولكن لمنع أى شكاوى من الوصول للوزير، بالتنسيق مع أسامة مصطفى، مدير مكتب وزير النقل، والمهندس وجدي الشحات، معاون وزير النقل، ويتم إدراج أسمائهم في كشوف "البركة" التي يتم صرفها من متحصلات، بيع الخردة، ومتحصلات الغرامة التي توقع على الركاب.


وأما الكارثة الكبرى، فهي أن وزير النقل السابق المهندس هاني ضاحي، تم تحذيره قبل "شهرين" من حادث قطار مترو العباسية، نتيجة وجود مخالفات إدارية ومالية، في الوحدات المتحركة، بالخط الثالث بالعباسية، ولم يتحرك وزير النقل، ووقعت الحادثة، وتحول القطار لقطعة خردة، وتتم الطرمخة على ملف "مشروع تجديد الـ 52 وحدة فرنسية"، بالخط الأول، لعدم محاسبة المتسببين فيه، بل تمت ترقيتهم، وقام أمجد السعيد المستشار السابق لوزير النقل، بالتحقيق في الشكوى، وتمت إحالة الشكوى للسكة الحديد، لـ«فرمها»، وحتى الآن لم يتم التحقيق من قبل السكك الحديدية، ولا توجد منها نسخة بالوزارة، الكارثة هي أن حجم الفساد الموجود بتلك الشكوى يبلغ "4500000 يورو"، وهناك محاولات من قبل المهندس إبراهيم رمضان، مساعد رئيس الشركة للمشروعات، لتسوية المخالفات الموجودة، دون محاسبة أحد ودون حصول المترو على مستحقاته، والفساد يزداد يومًا بعد يوم، ولا حياة لمن تنادي.