رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«قصة آية».. هذه السورة كانت مُؤنسةًًً ومُطمئنة لـ«رسول الله»

قراء القرآن - تعبيرية
قراء القرآن - تعبيرية

«أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها».. أمرنا الله - سبحانه وتعالى - بتدبر القرآن وفهم معانيه، والآيات في ذلك كثيرة منها قوله تعالى: « إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون».

واهتم المشايخ والعلماء بتفسير القرآن وأفردوا في ذلك مجلدات؛ مؤكدين أنه فرض على كل مسلم تدبر القرآن وفهمه ومعرفة الأوامر والنواهي والهدف من نزول الآيات.

ونظرًا لأن رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، ويعد من أكثر الأوقات التي يقبل خلالها المسلمون على قراءة كتاب الله مستغلين فرصة فتح أبواب الجنة للتقرب أكثر من الخالق يحرص موقع «النبأ» على عرض قصص وأسباب نزول بعض الآيات على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ حتى يتسنى لقارئ القرآن فهمه وتدبر معانيه.

قصة اليوم حول سورة «يوسف»، وهي قصة مشهورة وصفها الله سبحانه وتعالى في كتابه بأنها أحسن القصص فقال: «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ»، ولكن متى نزلت سورة يوسف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما هي أسباب النزول، هذا ما توضحه السطور التالية:

متى نزلت سورة يوسف

ورد أنَّ سورة يوسف نزلت في مكَّة، وتحديدًا في عام الحزن؛ أي العام العاشر لبعثة النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-، وهو العام الذي تُوفّي فيه أقرب النَّاس إليه -عليه الصّلاة والسّلام-؛ زوجه خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وعمُّه أبو طالب، فحزن -عليه الصّلاة والسّلام- على وفاتهما؛ لفقده من يُواسيه ويُسانده ويُخفّف عنه، فالسيدة خديجة كانت عونًا له في تبليغ الدعوة حيث ساندته بمالها وصدقته عندما كذبه الناس، وعمه أبوطالب رغم أنه لم يسلم إلا أنه كان يحميه من أذى المشركين فكان حزن النبي عليهما شديدًا  فأنزل الله تعالى سورة يوسف بما فيها من أحداثٍ جِسامٍ أصابت نبيّ الله يعقوب وابنه النبيّ يوسف -عليهما السّلام-؛ لتكون مؤنسةً ومواسيةً له، ومُخفِّفةً عنه في مُصابه بفقد زوجته وعمّه، وما يُلاقيه من قومه من إعراضٍ وإيذاء، ليُطمئِنه، ويُذكِّره بالأنبياء السّابقين وما حلَّ بهم من بلاءٍ ومِحنٍ، وكيف فَرَّج الله تعالى عنهم وأعانهم.

فكانت سورة يوسف بأحداثها سلوانًا ومواساةً لكلِّ محزون، كما قال أحد التّابعين وهو عطاء بن رباح: «ما استمع أحد إلى سورة يوسف إلا استراح وخرج ما به من همّ ومن غمّ».

سبب نزول سورة يوسف

وردت الرّوايات في أسباب نزول سورة يوسف؛ فذكر القرطبيّ في تفسيره أنَّ اليهود جاؤوا إلى رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- يسألونه عن يوسف -عليه السّلام- وقصّته، فأنزل الله تعالى سورة يوسف، كما رُوِيَ عن سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- في قول الله تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)، أنَّه قال: (أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَلَاهُ عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَصَصْتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) إِلَى قَوْلِهِ: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ))

الدروس المستفادة من سورة يوسف

أورد المفسرون القدماء والمعاصرون معانٍ ودروسًا عدَة في قصة يوسف عليه السلام وهي:

إنَّ بعض الرؤى في المنام قد تكون حقيقةً وإنباءً عن أمرٍ مغيَب، كما في رؤيا يوسف -عليه السّلام-.

إنَّ تعبير الرُّؤى (أي تفسيرها) علمٌ يهبه الله تعالى لمن شاء من عباده الصّالحين وعلى رأسهم الأنبياء، كما في تأويل يوسف -عليه السلام- لرؤيا صاحبيه في السّجن ولرؤيا عزيز مصر.

إنَ بعض القرابة لا تخلو من المحاسدة والمكايدة، كما في حسد إخوة يوسف -عليه السّلام- كيدهم له.

إنَّ الله لا يضيع أجر من كان محسنا واتقاه وصبر، كما في قوله تعالى على لسان يوسف -عليه السلام- : (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).

إن الصبر عند الشدَّة والبلاء والشّكوى لله تعالى من شيم الأنبياء، كما وصفت الآيات يعقوب -عليه السّلام- في قول الله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).

إنَّ سورة يوسف تضمنت أسلوبا من أساليب الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم وهو الأسلوب القصصي.