رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

اجتهادات.. فى شوارع القدس

وحيد عبد المجيد-
وحيد عبد المجيد- أرشيفية


نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس ليس نهاية المطاف. ملايين الجُمل والعبارات قيلت وكُتبت خلال الأيام الماضية استنكاراً لانتهاك القانون الدولي، وإدانة لتجاهل كثير من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها.

ولا جديد فى هذا. المشهد متكرر منذ ما اصطلح على تسميته النكبة عام 1948. يُعاد إنتاج هذا المشهد كلما بدأ فصل من فصول هذه النكبة. فصول متوالية لم تنته بعد، ولا تبدو لها نهاية فى الأفق القريب.

ومع ذلك، ستظل شوارع القدس شاهدة على أنها فلسطينية وعربية، وستبقى بلدتها القديمة تحتضن بعض أهم مقدسات المسلمين والمسيحيين، رغم كل سياسات التهويد، والإجراءات التى تهدف إلى جعلها إسرائيلية.

وستستمر البيانات والخُطب والتصريحات التى ترفض وتدين فى العالم العربي، أو تعترض بشكل ما فى أنحاء مختلفة من العالم. والأهم من هذا كله، ستظل الأعمال الفنية الخاصة بالقدس ملهمة لأجيال متوالية، ومعبرة عن حالة المدينة التى تتعرض الآن لأخطر تواطؤ مع محتليها، وأكبر دعم لمن سطوا عليها.

ومن هذه الأعمال التى لا تلقى رواجاً واسعاً مقارنة بغيرها أغنية القدس العتيقة للفنانة الرائعة فيروز. ربما تكون هذه الأغنية الأكثر تعبيراً عن حال القدس اليوم، لأنها تخبرنا عن شوارعها، والناس فيها، أكثر من أى عمل آخر.

تقول: (مريت بالشوارع/شوارع القدس العتيقة/قدام الدكاكين/اللي بقيت من فلسطين/حكينا سوا الخبرية/عطونى مزهرية/قلتلن هيدى هدية للناس الناطرين).

ومما يحكونه، ويتناقلونه، كيف كان الوضع، وكيف صار بعد الاحتلال عندما سال الحقد فى ليل أسود. تشرح أغنية فيروز كيف كان الوضع: (كان فى أرض/وكان فى إيدينَ/ عم بتعمر/تحت الشمس/وتحت الريح/وصار فى بيوت/وصار فى شبابيك/عم بتزهر/وصار فى ولاد/وبإيديهن فى كتاب).

كما نتأمل كيف يحكى الناس فى شوارع القدس ما حدث لهم: (وبليل كله ليل/سال الحقد/فات بالبيوت/والإيدين السودا/خلعت البواب/وصارت البيوت بلا صحاب).

ومادام الناس فى شوارع القدس يتناقلون «الخبرية» على هذا النحو، وينقلونها لأبنائهم، ستعود البيوت إلى أصحابها، والمدينة إلى أهلها، والحق إلى من يستحقه، ولكن بعد حين.


نقلًا عن«الأهرام»