رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أيمن الرقب: دول ترتبط بإسرائيل تخطط لإفساد الجهد المصرى فى ترتيب البيت الفلسطينى (حوار)

الدكتور أيمن الرقب
الدكتور أيمن الرقب - أرشيفية


قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن هناك دولًا ترتبط بإسرائيل تخطط لإفساد الجهد المصري في ترتيب البيت الفلسطيني، مضيفًا أن الكونجرس وضع خطة «2050» لتهويد القدس بالكامل.. وإيران «بتاعة» شعارات.


وأضاف «الرقب» في حوار لـ«النبأ»، أن الانقسام الموجود داخل البيت الفلسطيني ساهم فى ضياع القدس، وأن حماس جزء كبير من المأساة، مشيرًا إلى أن الجامعة العربية فشلت في توحيد العرب، وإلى نص الحوار:


ما السيناريوهات المتوقعة بعد تنفيذ ترامب قرار نقل السفارة إلى القدس؟

الاحتلال والإدارة الأمريكية لا يرون أنه يوجد شيء أفضل من تنفيذ هذا القرار، فى ظل انشغال المنطقة العربية، وانغلاق كل دولة على ذاتها، ومن يحاول أن يرفض «صفقة القرن»، هو الشعب الفلسطيني الذى حاول بإمكانياته البسيطة أن يسقط تلك «الصفقة» من خلال الإصرار على التوجه إلى فلسطين التاريخية، وما لاحظناه من سقوط شهداء قد يصل عددهم إلى 100 شهيد فى اليوم، بالإضافة إلى الألف جريح، والمشكلة أن هناك مصابين وشهداء فى الداخل الفلسطيني لا أحد يستطيع أن يصل إليهم، وأعتقد أن هذا الأمر قد يدفع إلى حرب على غزة نتيجة حجم هذا التصعيد.


وماذا بعد؟

ستطلق قوات الاحتلال صواريخها تجاه قطاع غزة، وستصيب الكثيرين، وأعتقد أن الصمت سيكون من الصعب على كل الفصائل الفلسطينية فى هذه اللحظة، وللأسف خطاب محمود عباس أبو مازن، الرئيس الفلسطيني، لم يأت بجديد، كما أنه حتى هذه اللحظة لم يعلن وقف العقوبات على قطاع غزة، فكيف يخرج بخطاب يدين الاعتداءات الإسرائيلية، وهو جزء من المؤامرة على غزة، والأمر سيصبح محرجًا له بعد ذلك، كما أن فلسطيني 48 أكثر وطنية من فلسطيني الضفة الغربية الذين لم يقوموا بأى شيء سوى رفع «بالونات» تحمل علم فلسطين فى حين أن غزة تذبح وتتمرد على الواقع، وتدخل فلسطين التاريخية ولم تجد من يساندها في ظل العقوبات، والسيناريو الأقرب أن الأمور تصل إلى حرب شاملة على غزة فى الساعات المقبلة، خاصة بعد سقوط هذا العدد من الشهداء.


ما تأثير تنفيذ قرار نقل السفارة على المصالحة بين فتح وحماس؟

لا أعتقد أن تنفيذ قرار نقل السفارة سيعجل بإتمام المصالحة؛ لأنه كانت هناك فرصة بشكل أو بآخر لإتمام المصالحة في أثناء المؤتمر الوطني، حيث أصر أبو مازن على عقده دون أن يكون هناك إشراك لـ«حماس»، وهذه كانت فرصة للمصالحة إذا تم إشراك جميع الفصائل الفلسطينية، ولكن «أبو مازن» يمارس هوايته فى التقليل من دور الآخرين، وتقليصهم، وبالتالي دخلنا فى مرحلة جديدة من «التيه»، ولا أعتقد أن الظروف الحالية تساعد أو تقدم حلولا للمصالحة إلا الدم الفلسطيني.


من وجهة نظرك.. من يعرقل إتمام المصالحة حتى الآن؟

أعتقد أن «رب البيت» هو الذى يمتلك كل شيء، فـ«أبو مازن» بإمكانه أن يتجاوز كل أخطاء حماس وأخطاء أى شخص وأن يعلن انتهاء الانقسام وأن يذهب إلى غزة، ولكن حتى هذه اللحظة لم يفعلها، صحيح لا أبرئ حماس ولكنها جزء كبير من المأساة فكانت تهاجم السلطة وفتح وتطعن فى وطنيتهم.


هل تتوقع أن يكون هناك دور للدول العربية بعد تنفيذ قرار ترامب؟

الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل قالها من قبل عند سؤاله: متى ستنقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟ فأجاب نصًا: «عندما توافق السعودية.. وترفض مصر»، واليوم السعودية توافق، ومصر تعترض على القرار، الموقف العربي لم يصل إلى قمة الحدث؛ ففى قمة الظهران عندما طلب من القيادة الفلسطينية أن يتم وضع بند يقول إن كل دولة تنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، تقطع كل الدول العربية علاقتها بها، تم رفض هذا البند، والأمر ليس متعلقًا هنا فقط بالإدارة الأمريكية، ولكن هناك دول أخرى تسيء إلى القيام بذلك، فالعرب فى حالة «تيه» والاحتلال والأمريكان لم يتجرأ على الفلسطينيين إلا عند رؤية الصمت العربي، وأن كل دولة من الدول العربية، اهتمت بنفسها فقط، ولم تعد مهتمة بالقضية الفلسطينية، رغم أن القدس ليست للفلسطينيين فقط؛ ولكنها لكل الدول العربية، فهى جزء من الأمن العربي القومي.


وكيف تنظر إلى الدور المصري فى هذه القضية؟

مصر بالتاريخ هى محرك السلام والحرب ولا نستطيع أن نتحدث فى موضوع الملف الفلسطيني دون مصر، فلا أحد سوف يتحرك غير مصر، وتحركها هذا سيحرج الكثير من الدول العربية، وستدفعهم إلى الوقوف بجوارها لحل هذه القضية، فالتعويل الأساسي الآن في هذا الحراك على مصر، فالقدس أمن قومي مصري، والقاهرة تقود العالم العربي، وصاحبة ثقل تاريخي فى تدعيم القضية الفلسطينية والسعى إلى حلها، والرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أن وصل إلى سدة الحكم تحدث بكل جرأة أن من يريد أن يحارب الإرهاب عليه أن يجد حلا للقضية الفلسطينية، وكرر هذه الجملة أكثر من مرة فى الجمعية العمومية بأمريكا، وقمة الرياض، وكانت هذه رسائل يرسلها الرئيس بشكل واضح للجميع.


والتاريخ أثبت أن مصر لم يكن لها مطمع فى القضية الفلسطينية مثل بعض الدول العربية، التي لها فصائل عسكرية، فمصر لم يكن لها أية فصائل عسكرية رغم أنها أكبر دولة وكانت تستطيع أن تفعل ذلك، ولكنها تدافع عن القضية الفلسطينية لانها تراها قضيتها الحقيقية وأنها جزء من القضايا المهمة التي تشغل بالها، وتعتبرها أمنًا قوميًا.


ومصر تسعى إلى ترتيب البيت الفلسطيني ولكن تتم مهاجمتها من قبل دول لها لاعبون دوليون لهم ارتباطات مع دولة الاحتلال، ويريدون إفساد الجهد المصري.


هل تتوقع أن تحدث انتفاضة كبرى؟

الانتفاضة الكبرى لا تحدث إلا إذا وجدت إرادة سياسية، وما يحدث مجرد تحركات للشعب، فالانتفاضات الماضية كان يقودها رئيس الدولة أبو عمار رحمه الله، ولكن حتى هذه اللحظة الأحداث تتسارع ولا توجد إرادة سياسية للقيام بذلك، ستبقى الأمور كما هى عليها.


هل ستلجأ حماس إلى استخدام السلاح ضد إسرائيل أم ستصمت؟

أعتقد أن الوضع محرج جدا لحماس وأعتقد أنها ستلجأ إلى إطلاق صواريخ ضد إسرائيل، وتنفيذ عمليات فى عمق تواجد الاحتلال.


ما المخاوف الأخرى لدى الفلسطينيين بعد تنفيذ ترامب هذا القرار؟

الخوف أن تقدم دول أخرى إلى نقل سفاراتها إلى القدس، فحتى هذه اللحظة أعلنت أنجولا وبارجواى وجواتيمالا نقل سفاراتها، ولم نسمع عن تحرك للعرب الذين قد يكون لهم مصالح مع تلك الدول.


هناك تصريحات من قبل بعض مسئولي الاحتلال تحدثوا عن أن البديل لفلسطين هو توطينهم في سيناء.. ما موقف الشعب الفلسطيني من هذه التصريحات؟

المسئولون الإسرائيليون تحدثوا عن أن من ضمن «صفعة القرن» أن تكون سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين، فمصر ترفض هذا بكل وضوح، وكذلك الشعب الفلسطيني، وإلا كان قد قبل أن يبقى في الأردن ويجعلها وطنا بديلا، وخاصة أن 60% من الفلسطينيين يعيشون حاليا بها، فنحن لا نقبل إلا بفلسطين وعاصمتها القدس، وإذا كنا نقبل بأن تحتل إسرائيل جزءا من أرضنا فهذا أمر واقع، ولا نستطيع أن نطرد 6 ملايين إسرائيلي، فالواقع يقول يجب أن نتعايش معهم، ولكن في ظل ضرب السلام من قبل ترامب بسبب قراره المستفز فعليه أن يتحمل نتائج هذا القرار، ففي النهاية سيوافقون على مطالبنا، لأنهم لن يستطيعوا أن ينهوا على 5 ملايين فلسطيني موجدون على الأرض، وأيضا هناك أمهات فلسطينيات تلدن، ونسبة الخصوبة عالية، فالأسرة الصغيرة مكونة من 5 أفراد، وقد تمدد إلى 16 فردا.


فسيناريو 48 لن يتكرر نهائيا بأن يترك الفلسطينيون أراضيهم، وحاولوا فى 67 القيام بذلك بأن يجبرونا على ترك أراضينا وننسحب ولكن لم يقدروا على القيام بذلك، والمشكلة أن إسرائيل تسعى إلى تهويد الدولة ووارد جدا أن تطرد عرب فلسطين 48 باتجاه الضفة الغربية، ولكن أعتقد أن العالم لم يسمح بحدوث ذلك.


ما تعليقك على أن قرار ترامب بداية لتقسيم المنطقة العربية إلى دويلات؟

أمريكا لم تشارك فى سايكس بيكو القديمة، وبالتالى ترى أنه يجب أن يعاد تقسيم المنطقة ليست العربية فقط بل العالم كله بما يخدم مصالحها، وأن يكون التقسيم على أساس عرقى، فيتم تقسيم مصر إلى 3 دول، وسوريا إلى 5 دول، والعراق 3 دول، وأن تقسم المنطقة إلى دويلات صغيرة تستطيع منها أن تسيطر على مكونات المنطقة اقتصاديا، وهذا الأمر تم اعتماده فى الكونجرس الأمريكي ووضعت خطة لتنفيذه، منها خطة 2020 التي تتحدث عن تهويد القدس، وخطة 2050 وهى كيف تصبح مدينة القدس بمجملها بملامح يهودية، فأمريكا تضع خططا وتنفذها ولكن نحن لا نضع خططا ولا ننفذها، فالجامعة العربية تأسست منذ 72 عاما وفشلت فى أن تجعل العرب كيانا موحدا، فالمنطقة العربية خلال الفترة القادمة، ستشهد تقسيمات جديدة.


هناك اتهامات وجهت إلى الفلسطينيين بأنهم ساهموا فى ضياع القدس.. كيف ترى ذلك؟

بالتأكيد الانقسام الموجود داخل البيت الفلسطيني ساهم فى ضياع القدس، ولكن من الذى سبب هذا الانقسام؟ هم ثلاثة أمريكا إسرائيل والرئيس أبو مازن، وخاصة أن الأخير لعب دورا كبيرا فى هذا الانقسام، فعندما فاز فى انتخابات 2005، بعدها بشهور قليلة مصر استشعرت الخطر ودعت كل الفصائل الفلسطينية لاجتماع فى القاهرة وتم الاتفاق على إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وأن ينضم لها حماس والجهاد، وتصبح منظمة التحرير الفلسطيني هى عنوان الكل وتضع خططًا استراتيجية لمواجهة الاحتلال، فكانت مصر تدرك جيدا أن هناك مخططًا جديدًا ضد فلسطين، ولكن بعد أن فض الاجتماع عاد «أبو مازن»، ولم ينفذ أى شيء مما تم الاتفاق عليه.


وقبل انتخابات المجلس التشريعي، عقد «أبو مازن» تشاورات مع كوادر سياسية لمناقشة هذه الانتخابات، وكانت كل استطلاعات الرأي تؤكد أن حماس ستفوز بها، وطلبنا من أبو مازن أن يؤجل هذه الانتخابات لإعادة ترتيب بيت فتح؛ نظرا لخروجها من حرب وتعرض جميع مقراتها للقصف، ولكنه قال نصا: «هناك ضغط أمريكى قطري لإجراء هذه الانتخابات، وتكسب حماس أحسن ما يحدث انقلاب ودم. وحماس تأخذها  بالدم»، أبومازن كان لا يستطيع أن يقول "لا" للإدارة الأمريكية، وهذه الانتخابات أحدثت انقاسما كبيرا وخاصة أن أبو مازن لديه برنامج انتخابي يعترف بإسرائيل، وحماس لديها برنامج سياسي ترفض الاعتراف بإسرائيل، فلابد أن ننهى هذا الصراع وإحداث وحدة فلسطينية، فما قيمة السلطة إذا أصبح لا سلطة لنا على القدس أو الضفة أو غزة.


وكيف ترى دور إيران فى القضية الفلسطينية؟

إيران لها مخطط فى استهداف المنطقة عن طريق مد فكرها الشيعي، كما أنها شجعت على الانقسام الفلسطينى، ولكن أن تصبح هى العدو رقم واحد فهذا خطأ كبير، إيران تقول شعارات؛ فهى حتى هذه اللحظة لم تتحرك لنصرة القضية الفلسطينية، كما أن إيران حاليا موجودة على الحدود الفلسطينية فلماذا لا تطلق صاروخا على إسرائيل كما فعلها صدام من قبل من أجل القدس؟، فطهران ترفع «شعارات» فقط، ومطلوب منها أن تكون «بعبع» فى المنطقة الخليجية لابتزاز حكامها من أموال لعيون أمريكا، ولن تكون أبدا طرفا فى الصراع الفلسطيني، وإيران تستغل القضية لتحقيق مصالحها الشخصية.