رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«17» مليار جنيه خسائر الاقتصاد المصرى سنويًا بسبب «البيزنس الخطر»

التلوث - أرشيفية
التلوث - أرشيفية


في الثاني من مايو الجاري، كشفت منظمة الصحة العالمية عن تقريرها السنوي التي تُصنف فيه الدول والمدن الأكثر تلوثًا على وجه الأرض، واحتلت القاهرة المركز الثاني في التقرير الأممي كأكثر المدن تلوثًا عالميًا بعد مدينة نيودلهي الهندية.


وتعتمد منظمة الصحة العالمية على مقياس معدل السنة الحياتية للإعاقة، والذي يُقدر سنوات الحياة الصحية التي تم فقدانها بسبب عدد من العوامل تشمل المرض، واﻹعاقة، والصحة العقلية، ويعتبر تلوث الهواء عاملا خطرا مساهما لعدد من اﻷمراض بما فيها مرض القلب التاجي، وأمراض الرئة، والسرطان، والسكتة.


وذكر التقرير، أن 9 أشخاص من أصل 10، يستنشقون هواء ملوثا حول العالم، الأمر الذي يؤدي إلى وفاة أكثر من 7 ملايين شخص سنويا، غالبيتهم في قارتي آسيا وإفريقيا.


وتحدث التقرير الأممي عن السياسات الناجحة التي تقوم بها الصين للحد من تلوث مدنها الكبرى، عبر الحد من استخدام الفحم الحجري وصيانة العديد من المعامل حول البلاد. وهو الأمر الذي ساعد في رفع جودة الهواء في بكين والمدن الأخرى، وبالتالي تراجع الصين في ترتيب القائمة الدولية، بشكل ملحوظ.


وبحسب دراسة للبنك الدولي، فإن تلوث الهواء يكلف الاقتصاد العالمي حوالي 5.1 تريليون دولار سنويًا، حيث يعيش 87% من سكان العالم في مناطق تتجاوز معايير منظمة الصحة العالمية لجودة الهواء، معظمهم من الفقراء، وقدرت الخسائر في منطقة الشرق اﻷوسط بنسبة 2.2% من إجمالي الناتج القومي، وهي أقل نسبة بين المناطق التي قدرها البنك الدولي.


وعلى الرغم من هذه المخاطر الضخمة، إلا أن الحكومة ما تزال تعتمد العمل بمنظومة الفحم في مصانع الأسمنت ومحطات توليد الكهرباء، إضافة لعدم وجود أي نية حقيقية لتعديل قانون البيئة أو حتى تنفيذه بنوده بصورة كاملة، حسبما أوضح الخبراء.


ويعلق الخبير الدولي ومستشار وزير البيئة السابق الدكتور مجدي علام قائلًا: "إن منظمة الصحة العالمية هي المختصة بإخراج مثل هذه التقارير، وأنها أجرت إحصاء هذا العام على 4 آلاف مدينة، احتلت القاهرة المركز الثاني من حيث أكثر المدن تلوثًا في العالم".


ويضيف، أن اكتظاظ المدينة سكانيًا بهذا الشكل واحد من أكثر الأسباب التي أدت إلى تلوث هوائها، حيث يصل عدد سكانها إلى قرابة الـ10 ملايين نسمة، بالإضافة إلى دخول نحو 7 ملايين زائر يوميًا.


ويشير إلى أن القاهرة يحيط بها من جميع جوانبها مناطق صناعية "منطقة أكتوبر – منطقة أبو رواش – منطقة العاشر من رمضان – منطقة شبرا". بالإضافة إلى مدن صناعية صغيرة مثل المرج وغيرها، وهذا كلها تُسبب ملوثات صناعية ضخمة، وكلها على أطراف المدينة الصغيرة.


ويتابع علام، أن مدينة القاهرة جغرافيًا تقع في منطقة منخفضة عن المناطق الصناعية المحيطة بها، بل ومنخفضة عن بعض مناطق الدلتا، وبالتالي أدى ذلك إلى تجمع الملوثات في سماء المدينة. لافتًا إلى عدم وجود مساحات واسعة في المدينة مما يؤدي إلى وجود ظاهرة "الأواني المستطرقة" في شوارع العاصمة، أي تركز الملوثات في سماء المدينة وعدم خروجها منها.


ويلفت مستشار وزير البيئة إلى تركز الملوثات في سماء القاهرة بصورة كبيرة، حيث سجلت الإحصائيات وجود كيلو جرام من المخلفات الصلبة لكل شخص يوميًا، منها 25% يتم حرقها، الباقي يتم نقله إلى مقالب عشوائية، ويتم حرقها أيضًا.


وبحسب دراسة للبنك الدولي، صادرة عام 2016، فإن إجمالي حجم التكاليف والخسائر التي تتكبدها اقتصاديات الدول النامية بسبب التلوث ضخمة، حيث يخسر الاقتصاد المصري 17 مليار دولار سنويًا، منها 7 مليارات بسبب حرق قش الأرز. وتصل تكلفة تلوث الهواء، على الاقتصاد المصري، إلى 3.6%، من إجمالي الناتج القومي، بحسب تقرير حول تأثير تلوث الهواء على الاقتصاد الدولي.


وزيادة استخدام السيارات التي تستخدم السولار والبنزين بسبب التراخيص التي تمنحها الحكومة، فضلًا عن التكنولوجيا المستوردة سيئة السمعة والتي تسبب تلوثًا بيئيًا، إضافة لعدم وجود نوايا أو قرارات حكومية للتخلص من التلوث البيئي، وفقًا للخبير الدولي.


ويضيف، أنه يجب إعادة النظر في منظومة التفتيش البيئي الحكومية، فليس يوجد ما يبرر أن تقوم الهيئة العامة للصناعة بالتفتيش على مصانع تقوم هي بمنحها التراخيص اللازمة وتشجعها على زيادة إنتاجها بأي وسيلة، وأن تكون الجهة الرقابية وزارة البيئة باعتبارها جهة مستقلة، وأن يتم تعديل قانون البيئة.


وبحسب تقرير وزارة البيئة الصادر عام 2017، فإن نسبة تلوث الهواء المنزلي في مصر سجلت نحو 39،1%، فيما ارتفعت نسبة تلوث الهواء المحيط بثلاثة أضعاف ونصف وبلغت 36.41 ميكروجرام في 2013، وهي أعلى من معايير منظمة الصحة العالمية.


أزمة الفحم والأسمنت

يقول رئيس شعبة الحراسة وحماية البيئة سيد عبد الونيس، إن استخدام الفحم في المصانع وخاصة الأسمنت خطر ضخم، فقد تم تحرير ما يقرب من 1000 مخالفة بيئية للمصانع خلال مدة بسيطة، لافتًا إلى أن عمال هذه المصانع يُعانون من أمراض كثيرة أبرزها الأمراض الصدرية وهشاشة العظام وأمراض العيون وغيرها.


وبحسب الإحصائيات الصادرة عن جهاز التعبئة والإحصاء خلال عام 2016، فإن عدد مرضى الجهاز التنفسي الحاد وصلوا إلى ما يقرب من 52 ألف من إجمالي نحو 33 مليون مريض ترددوا على المستشفيات الخاصة والعامة سنويًا.


ويعد إنتاج اﻷسمنت مصدرًا لـ 5٪ من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون العالمية، والتي تتخطى النسبة المفروضة وهي أقل من 0،2%، وصناعة اﻷسمنت هي منتج طبيعي لغاز ثاني أكسيد الكربون، حيث إن 60٪ من الانبعاثات هي نتاج تحويل المواد الخام في درجات حرارة عالية "حرق الحجر الجيري"، فهي تنتج من 40 % من الاحتراق اللازم لتسخين أفران الأسمنت لدرجة حرارة تصل لـ 1500 درجة مئوية، وفقًا لدراسة لمنظمة الصحة العالمية حول قياسات تلوث الهواء.