رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«قصة آية».. هذا الصحابي كلمه الله «وجهًا لوجه» وأنزل فيه قرآنا

تدبر القرآن - أرشيفية
تدبر القرآن - أرشيفية

«أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها».. أمرنا الله - سبحانه وتعالى - بتدبر القرآن وفهم معانيه، والآيات في ذلك كثيرة منها قوله تعالى: « إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون».

واهتم المشايخ والعلماء بتفسير القرآن وأفردوا في ذلك مجلدات؛ مؤكدين أنه فرض على كل مسلم تدبر القرآن وفهمه ومعرفة الأوامر والنواهي والهدف من نزول الآيات.

ونظرًا لأن رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، ويعد من أكثر الأوقات التي يقبل خلالها المسلمون على قراءة كتاب الله مستغلين فرصة فتح أبواب الجنة للتقرب أكثر من الخالق يحرص موقع «النبأ» على عرض قصص وأسباب نزول بعض الآيات على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ حتى يتسنى لقارئ القرآن فهمه وتدبر معانيه.

وقصة اليوم عن الصحابي الجليل «عبدالله بن عمرو بن حرام» والذي نزلت فيه الآية 169 في سورة آل عمران.

كان عبدالله بن عمرو بن حرام، أبو جابر بن عبدالله أحد الأنصار الذين بايعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بيعة العقبة الثانية، وعندما اختار الرسول منهم نقباء، كان عبدالله بن عمرو أحد هؤلاء النقباء، إذ جعله النبي نقيبًا على قومه من بني سلمة
ولما عاد إلى المدينة وضع نفسه، وماله، وأهله في خدمة الاسلام.

وبعد هجرة الرسول إلى المدينة، كان أبو جابر قد وجد كل حظوظه السعيدة في مصاحبة النبي - عليه الصلاة والسلام- ليله ونهاره، وحضر معه غزوة بدر فخرج مجاهدا، وقاتل قتال الأبطال.

وفي غزوة أحد تراءى له مصرعه قبل أن يخرج المسلمون للغزو، وغمره إحساس صادق بأنه لن يعود، فكاد قلبه يطير من الفرح!!

ودعا إليه ولده جابر بن عبدالله الصحابي الجليل، وقال له: « إني لا أراني إلا مقتولا في هذه الغزوة.. بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين.. وإني والله، لا أدع أحدا بعدي أحبّ إليّ منك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وإن عليّ دينا، فاقض عني ديني، واستوص بأخوتك خيرا».

وفي صبيحة اليوم التالي، خرج المسلمون للقاء قريش التي جاءت في جيش لجب تغزو مدينتهم الآمنة، ودارت معركة رهيبة، أدرك المسلمون في بدايتها نصرا سريعا، كان يمكن أن يكون نصرا حاسما، لولا أن الرماة الذين أمرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالبقاء في مواقعهم وعدم مغادرتها أبدا أغراهم هذا النصر الخاطف على القرشيين، فتركوا مواقعهم فوق الجبل، وشغلوا بجمع غنائم الجيش المنهزم، هذا الجيش الذي جمع فلوله سريعا حين رأى ظهر المسلمين قد انكشف تماما، ثم فاجأهم بهجوم خاطف من الوراء، فتحوّل نصر المسلمين إلى هزيمة.

في هذا القتال المرير، قاتل عبدالله بن عمرو قتال مودّع شهيد، ولما ذهب المسلمون بعد نهاية القتال ينظرون شهدائهم، ذهب جابر بن عبدالله يبحث عن أبيه، حتى ألفاه بين الشهداء، وقد مثّل به المشركون، كما مثلوا بغيره من الأبطال.

ووقف «جابر» وبعض أهله يبكون شهيد الإسلام عبدالله بن عمرو بن حرام، ومرّ بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهم يبكونه، فقال: « ابكوه.. أو لا تبكوه.. فإن الملائكة لتظلله بأجنحتها»..!!

كان إيمان «أبو جابر» متألقا ووثيقا، وكان حبّه بالموت في سبيل الله منتهى أطماحه وأمانيه، ولقد أنبأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عنه فيما بعد نبأ عظيم، يصوّر شغفه بالشهادة، حيث قال - صلوات الله عليه وسلامه- لولده جابر يوما: « يا جابر.. ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب.. ولقد كلّم أباك كفاحا _أي مواجهة_ فقال له: يا عبدي، سلني أعطك.. فقال: يا رب، أسألك أن تردّني إلى الدنيا، لأقتل في سبيلك ثانية.. قال له الله: إنه قد سبق القول مني: أنهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة».

فأنزل الله قوله تعالى: «ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما أتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون».