رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«قصة آية».. صحابي عقد صفقة مع الله وفاز بجائزة عظيمة

قراءة القرآن
قراءة القرآن


«أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها».. أمرنا الله - سبحانه وتعالى - بتدبر القرآن وفهم معانيه، والآيات في ذلك كثيرة منها قوله تعالى: « إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون».

واهتم المشايخ والعلماء بتفسير القرآن وأفردوا في ذلك مجلدات؛ مؤكدين أنه فرض على كل مسلم تدبر القرآن وفهمه ومعرفة الأوامر والنواهي والهدف من نزول الآيات.

ونظرًا لأن رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، ويعد من أكثر الأوقات التي يقبل خلالها المسلمون على قراءة كتاب الله مستغلين فرصة فتح أبواب الجنة للتقرب أكثر من الخالق يحرص موقع «النبأ» على عرض قصص وأسباب نزول بعض الآيات على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ حتى يتسنى لقارئ القرآن فهمه وتدبر معانيه.

ونستهل هذا العرض بقصة الصحابي جليل «صهيب بن سنان» والمعروف بصهيب الرومي.

كان الصحابي صهيب الرومي من بني النمر، عاش بداية حياته منعمًا مرفهًا في العراق في قصر أبيه الذي كان حاكمًا على الأُبُلَّة (إحدى بلاد العراق)، وذات يوم أغار الروم عليهم، فأسروا أهلها وأخذوا الأطفال والنساء عبيدًا، وكان صهيب ممن أُسروا، وعاش وسط الروم وتعلم لغتهم، ونشأ على طباعهم، ثم باعه سيده لرجل من مكة، فتعلم من سيده الجديد فنون التجارة، حتى أصبح ماهرًا فيها، ولما رأى سيده فيه الشجاعة والذكاء والإخلاص في العمل، أنعم عليه وأعتقه، فاشتغل بالتجارة لحسابه الخاص وأصبح تاجرًا ثريًا.

وعندما بعث الله النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- وسمع صهيب بدعوته أراد أن يسلم فأسرع إلى دار الأرقم وأعلن إسلامه، وحينها كناه الرسول - صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- بـ «أبا يحيى».

وتجلت أسمى معاني التضحية من صهيب أثناء الهجرة، فحينما أراد صهيب الهجرة من مكة إلى المدينة تبعته قريش لتمنعه، فنزل عن راحلته ثم قال: « يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلًا، وأيم الله لا تصلون إليّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فافعلوا ما شئتم، فإن شئتم دللتكم على مالي وخليتم سبيلي. فقالوا «نعم»، ففعل.

ووصل صهيب إلى المدينة وكان خبره مع قريش قد وصل إلى المدينة قبل وصوله، فقد جاء أمين الوحي جبريل -عليه السلام- وأخبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- بما فعل صهيب مع قريش وتخليه عن ثروته، فنزلت الآية الكريمة: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) 207 سورة البقرة.

ولما دخل صهيب -رضي الله عنه- على النبي صلى الله عليه وسلم هشَّ له وبشَّ وقال: «رَبحَ البيعُ يا أبا يحيى.. رَبحَ البيعُ»، وكررها ثلاثًا، فعلت الفرحة وجه صهيب وقال: « والله ماسبقني إليك أحدٌ يارسول الله، وما أخبرك به إلا جبريل، وتلقاه الصحابة وهنأوه بما أنزل فيه وهم يقولون: « ربح البيع يا صهيب»، فقال لهم: « وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم».

وكان صهيب أصابه الرمد خلال طريقه من مكة إلى المدينة، وكان يتضور جوعًا، فلما وصل قباء وجد بها النبي محمد مع أبي بكر وعمر فأقبل يأكل التمر فقال النبي - صلى الله عليه آله وسلم- ممازحًا له: « تأكل الرطب وأنت رمد»، فقال صهيب: « إنما آكله بشق عيني الصحيحة» فتبسم النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.

هذه قصة الصحابي الجليل صهيب الرومي وهذا فعله الذي غدا قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة.