رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل الخطط المصرية «البديلة» لمواجهة فشل مفاوضات سد النهضة

سد النهضة - أرشيفية
سد النهضة - أرشيفية


مجددًا دخلت مفاوضات سد النهضة «النفق المظلم»، حيث فشلت جلسات الحوار الفني التي عقدت بين الدول الثلاثة في أديس أبابا، بحضور وزراء الري وخبراء من اللجنة الفنية الثلاثية المشتركة وهي المفاوضات التي وضعت عليها مصر الكثير من الآمال بعد فشل المفاوضات الجولة الماضية التي عقدت بالخرطوم في 5 إبريل الماضي.


وشهدت هذه المفاوضات الفنية، تمسك الجانب الإثيوبي باتباع أسلوب «المراوغة» لكسب الوقت، ورفضت إثيوبيا الاعتراف بالتقرير الفني الذي خرج من المكتب الاستشاري الفرنسي، وتعثر المفاوضات الفنية التي أعلن عنها وزير الخارجية سامح شكري، حيث أشار إلى أن اجتماعا فنيا عُقد في أديس أبابا، وضم وزراء الري وخبراء من مصر وإثيوبيا والسودان، فشل في كسر الجمود الذي يعتري المفاوضات المتعلقة بأزمة سد النهضة الإثيوبي.


وقال سامح شكري، إنه لم يتم تجاوز التعثر في مفاوضات سد النهضة، وأن إثيوبيا والسودان تتحفظان على قبول التقرير الاستهلالي للشركة التي تدرس الآثار المترتبة على بناء السد.


وأضاف شكري، أن الشركة التي قدمت التقرير الاستهلالي هي شركة عالمية، وسبق لها تقديم تقاريرها لمشروعات مماثلة حول العالم وفق قواعد موضوعية، وكانت محل ثقة الدول الثلاث، مضيفا أن مصر أعربت عن استعدادها في أكثر من مناسبة «كسر» الجمود في مفاوضات السد، وطالبت بوساطة البنك الدولي وهو جهة محايدة للتأكيد على أنها ليست لديها مصلحة في إعاقة مسار التفاوض، كما أنها قدمت رأيا علميا بعيدا تماما عن السياسة، ولا يمكن تأويله سياسيا، معربا عن أمله أن تسفر الجولة القادمة من المفاوضات بين وزراء الدول الثلاث والمقرر انعقادها «15» مايو الجاري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عن تخفيف حدة التوتر بين الأطراف الثلاثة.


وشهد اجتماع وزراء الري الأخير، قيام الدول الثلاث بتقديم ملاحظاتها واستفساراتها حول تقرير الاستشاري الاستهلالي، وقدم السودان اقتراحا بالدعوة إلى اجتماع تحضيري للجنة الفنية الثلاثية بحضور وزراء الموارد المائية، يسبق الاجتماع الوزاري الموسع، المقرر في 15 مايو حتى يتم تيسير الوصول لتفاهمات على خطوات إكمال الدراسات وتنفيذ توجيهات قادة الدول الثلاث بتقديم حل غير تقليدي لملف سد النهضة الإثيوبي.


فشل اجتماعات ومفاوضات سد النهضة الأخيرة، ربطها البعض بزيارة الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، لإثيوبيا في زيارة غير مسبوقة استغرقت ثلاثة أيام تزامنت مع بدء مفاوضات الدول الثلاثة في أديس أبابا، وأرجع المتابعون سبب الربط لكون الزيارة تناولت العلاقات الاقتصادية بين الدولتين وخاصة في مجال الكهرباء وذلك، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" في موقعها الإلكتروني، كما تزامن أيضا فشل المفاوضات مع خروج تقارير أجنبية ببدء تفعيل الاتفاق السوداني الإثيوبي الذي وقع في يناير الماضي والذي يقضي بنشر قوات عسكرية مشتركة لتأمين الحدود بين البلدين وحماية سد النهضة.


وفقا للمعلومات، فإن مصر متمسكة بضرورة الأخذ بالتقرير الفني الاستهلالي الصادر عن الشركة الفرنسية، خاصة أنه تضمن حلولا منطقية بخصوص سنوات تخزين سد النهضة، فالتقرير يحدد خطوات الاستشاري لإكمال دراسة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لسد النهضة على دولتي السودان ومصر، ودراسة خيارات وتشغيل بحيرة السد.


وفي حالة رفض الجانب الإثيوبي ذلك يتم اللجوء إلي الاقتراح البديل المصري الخاص بتدخل وساطة البنك الدولي، واتفاق إعلان المبادئ الموقع بينها في مارس 2015، ما دون ذلك لن توافق مصر على أى حلول للأزمة في حين تتمسك إثيوبيا بالتعهد فقط بعدم وجود تأثير للسد على حصة مصر.


وأفادت مصادر، أن مصر مقتنعة بأن الحلول السياسية طويلة المدى لن تؤتي ثمارها في أزمة سد النهضة، وأن جلسة الحوار المقبلة في «15» مايو الحالي بين وزراء خارجية ومديري المخابرات والري بالدول الثلاثة ووفد من الشركة الفرنسية الصادر عنها التقرير الاستهلالي الفني عن سد النهضة المقرر عقدها في أديس أبابا، ستدور حول التقرير الاستهلالي للشركة الفرنسية، وفي حالة فشل تلك المفاوضات، فإن مصر تعتبر اللقاء الذي سيجمع الرئيس المصري والسوداني ورئيس وزراء إثيوبيا الجديد على هامش قمة الإتحاد الأفريقي والمقرر عقدها في أديس أبابا في شهر يوليو المقبل، الفرصة الأخير للحلول السياسية لحل الأزمة.


وفي حالة فشل اللقاء، ستبدأ القاهرة اتخاذ تحركات دولية وقانونية وعسكرية ودبلوماسية بالحوار مع دول حوض النيل، وهو ما بدأته بالفعل الخارجية المصرية بطرح السيناريوهات والتحركات البديلة لمواجه فشل مفاوضات سد النهضة، حيث شهدت الفترة الماضية زيارات متبادلة عقدها مسئولون مصريون بمختلف الدرجات، مع دول حوض النيل، ووجهت الأنظار إلى الخطط البديلة التى تعدها مصر فى مختلف النواحى والاتجاهات لمواجهة سد النهضة الإثيوبي، آخر هذه اللقاءات جمعت بين وزير الخارجية سامح شكري، مع نظيره الأوغندي، سام كوتسيا، فى القاهرة، أكد فيها الأخير دعم حقوق مصر فى مياه نهر النيل، فى الوقت الذى أشار فيه «شكرى» إلى عمق العلاقات الثنائية بين البلدين.


فى سياق آخر، نجحت مصر فى إقناع إريتريا بإمكانية استخدامها كقاعدة عسكرية، بعد زيارة من مسئولين إريتريين كان آخرهم الرئيس الإريترى نفسه، والذى قابل الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأكد هو الآخر دعم مصر فى قضيتها ضد إثيوبيا إزاء مياه نهر النيل، وتأثير سد النهضة على حصة مصر، الأمر الذى قابلته مصر، بزيارة مسئولين أمنيين إلى إريتريا لوضع مزيد من الضغوطات على الجانب الإثيوبي، والذى لديه مشاكل بالفعل مع الجانب الإريترى الجار له.


وزير الخارجية سامح شكري، قاد بنفسه هو الآخر، جهود الحصول على دعم كينيا، من خلال لقائه بالرئيس الكينى أوهورو كينياتا، لتنسيق المواقف فيما يخص ملف سد النهضة الإثيوبي، ومياه نهر النيل، داخل الاتحاد الإفريقي، خاصة أن مصر مقبلة على قمة جديدة فى المفاوضات خلال القمة الإفريقية المقبلة، وسيحضرها لأول مرة، رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد، بالإضافة إلى الرئيس السودانى عمر البشير.


كما بدأت مصر تنفيذ بدائل واقعية لتوفير المياه؛ لمواجهة أزمة بناء سد النهضة، ومن البدائل الجديدة إعادة مشروع مصر القديم بحفر «قناة جونجلي» بجنوب السودان، وهذه القناة في جنوب السودان لاستقطاب جزء من مياه المستنقعات ما يوفر «30» مليار متر مكعب سنويًا، الأمر الذي سيفيد السودان ومصر أيضًا.


في السياق ذاته، قال الدكتور سعد على محمد، خبير الشئون الإفريقية بـ«جامعة القاهرة»، إن مصر ليس أمامها سوى وضع العديد من الخطط والبدائل للموقف التفاوضى المتعثر بينها وبين إثيوبيا والسودان، ونجحت بالفعل من خلال استضافة الرئيس السودانى عمر البشير بتغيير موقفه إزاء مفاوضات سد النهضة، إلا أن إثيوبيا ما زالت متعنتة بشكل كبير تجاه المفاوضات، والسماح للجنة الفنية بالدخول إلى سد النهضة للحصول على إحداثياته، وحجم الأضرار المترتبة على بنائه.


وتوقع الدكتور سعد، قيام مصر باللجوء إلى فرض حصار دبلوماسى على إثيوبيا، بحيث تكون ورقة ضغط لقبول الجانب الإثيوبي بالتقرير الفني الصادر عن المكتب الفرنسي، من خلال تكثيف العلاقات مع دول حوض النيل عبر إقامة المشروعات الاقتصادية المشتركة.


وأضاف أن مصر عازمة على الحفاظ على مياهها فى نهر النيل، وهو أمر يعتبر من ضمن الأمن القومى المصري، والسماح لإثيوبيا باستكمال البناء فى سد النهضة، سيؤدى إلى فتح الباب، أمام دول أخرى لبناء سدود، ومن ثم مزيد من الأضرار لحصة مصر فى نهر النيل، وهو أمر بالغ الخطورة، بشكل كبير سيتم التعامل معه عسكريا فى نهاية الأمر.


وأشار إلى أن الجانب الإثيوبي، غير مقتنع أساس بالمفاوضات التي تعقد بين الحين والآخر، وهو يريد فقط تحقيق المزيد من الوقت بهدف استكمال بناء السد.


وفى هذا الإطار، قال الدكتور محمد عبد السلام شحات، أستاذ القانون الدولي، إن الفترة المقبلة، ستشهد العديد من التحركات سواء الدبلوماسية من جهة، أو القانونية من جهة أخرى، من قبل الدولة المصرية، تجاه إثيوبيا فيما يخص ملف مياه نهر النيل ومفاوضات سد النهضة، خاصة أن فشل المفاوضات أصبح أمرا واضحا من قبل الحكومة فى إثيوبيا، أو من خلال وزارة الخارجية فى مصر، بقيادة الوزير سامح شكري، وبالتالى لم تعد هناك فائدة حقيقية من المفاوضات بطريقتها الحالية، وإنما فرض الحصار الدبلوماسى والقانوني أصبح الخيار الوحيد أمام القاهرة حاليا.


وأشار «شحات» إلى أن إحدى الخطوات والبدائل أمام مصر حاليًا، اللجوء لمجلس الأمن والسلم الإفريقي، ومن خلال تحكيم دول حوض النيل أولًا والدول الإفريقية ثانيًا.