كيف ولماذا تقوم الخلايا السرطانية بعمل "هدنة" مع جسم المريض؟!

يبدو أن فيروس السرطان الذي ينتشر في الجسم، بمختلف خلاياه، أذكى مما يتصور البشر، فتوسعه وانتشاره في الجسد، لا يتم دون استراتيجية أو دون تخطيط، حيث تشير الدلائل الجديدة إلى أن السرطان يستخدم بدلاً من ذلك عمليات تسريع "وفرملة" إن صح التعبير من أجل البقاء في الجسم أطول فترة ممكنة!

فعلى سبيل المثال يظهر الرسم البياني لخلايا سرطان البروستاتاة تبادل بين فترات النمو السريع مع فترات السكون، حيث يزداد الورم إلى الحد الذي يبدأ عنده في إنتاج الأعراض ويسعى المريض إلى العلاج، وهو ما ينطوي عادة على قطع الورم.

الجراحة في كثير من الأحيان فعالة، ولكن بالنسبة لبعض المرضى أمر مؤسف، حيث من المتوقع أن يعود السرطان مرة أخرى. في هذه المرحلة، يتم علاجها بالعلاج الهرموني والعلاج الكيميائي. لكن حتى هذه العلاجات لا تهدد دائمًا نهاية السرطان. بالنسبة لبعض المرضى، سوف يتكرر السرطان بعد فترة السكون.

خلال فترات السكون، والتي قد تدوم عدة سنوات، لن يكون لدى المريض في الغالب أي أعراض، ويكون الورم غير قابل للكشف باستخدام أدوات التشخيص المعتادة، ولكن للأسف تلك الفترة تكون بمثابة معسكر تأهيلي للورم لكي يعود من جديد.

وتسكن الخلايا السرطانية بمواجهتها ثلاثة تحديات رئيسية، فهي أولا، بحاجة إلى خداع جهاز المناعة، القادر على القضاء على معظم الأورام، ثانياً، يحتاجون إلى البقاء على قيد الحياة لعلاج مضادات السرطان، وثالثًا، يحتاجون إلى غزو الأعضاء البعيدة.

السكون السرطاني ضروري لمواجهة كل هذه التحديات. خلال فترات السكون ، تقوم الخلايا السرطانية بإعادة تشكيل التركيبة الجينية والاستعداد للمرحلة التالية من التقدم. بدون السكون ، لن تتمكن الخلايا السرطانية من البقاء في بيئة جديدة أو تصبح مقاومة لهجمات الجهاز المناعي. لذا من المهم معرفة كيفية اكتشاف الخلايا السرطانية النائمة، وكيفية قتلها.

غير أن اكتشاف الخلايا النائمة ليس سهلاً. غالباً ما تكون الأورام الخبيثة صغيرة ولا تنتج عنها أعراض، لذلك غالباً ما يكون المرضى غير مدركين لها ولا تستطيع أدوات التشخيص التقليدية "رؤيتها".