رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد تيسير.. الرجل القوى بـ«البناء والتنمية» ينفذ خطة الإفلات من «مقصلة» حل الحزب

محمد تيسير
محمد تيسير


بأعصاب مشدودة، وفي ترقب وانتظار ووضع خطط للحيلولة دون الخسارة الكاملة، ينتظر أعضاء الجماعة الإسلامية وقياداتها في مصر والخارج، قرار دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد أبو العزم رئيس مجلس الدولة، بشأن دعوى حل حزب «البناء والتنمية»، ومصادرة أمواله وتحديد الجهة التى يؤول إليها.


ويعتقد قيادات الجماعة أن حزب البناء والتنمية الذراع السياسية لها، أقرب للحل، وأن قرار الأسبوع الجاري لن يكون في صالحهم، وأن ذلك سيجعل أموالهم ودورهم السياسي ينتهي داخل مصر بشكل كامل، وهو ما جعل الحزب يسير في خطى حثيثة، ويضع خطة دقيقة؛ لعلها تحول دون حل الحزب ومصادرة ممتلكاته، وما يتبعها من دعاوى ربما تدفع بقياداته للسجن، وهم أنفسهم قيادات ورموز الجماعة الإسلامية.


وقالت مصادر داخل حزب «البناء والتنمية»، إن الاستنفار داخل الجماعة والحزب لمواجهة خطر الحل بدأ منذ فبراير الماضي، بعد تحديد جلسة نظر حل الحزب بشكل نهائي، وبعدها شرع الحزب وقيادات الجماعة الإسلامية في اتباع جميع السبل لاسترضاء الدولة وعدم الصدام مع أي من أجهزتها، وتقديم الولاء الكامل لتجنب خطر القضاء على مستقبلهم.


وأوضحت المصادر أن الجماعة شرعت في إزالة الأسباب التي من الممكن أن تعضد الحكم بحل حزبها، فقررت التخلي في وقت سابق عن طارق الزمر وتنحيته عن رئاسة الحزب ووضعت بدلًا منه، محمد تيسير وهو من الصف الثالث بالجماعة، وارتبط بالجماعة منذ كان طالبا، ولكنه لم يشغل مناصب رسمية بها، ولم يتم سجنه من قبل، ولذلك فهو يعد وجهًا مقبولًا لدى الدولة، وكان التكليف الرئيسي له هو الحوار مع السلطة للحيلولة دون إنهاء وجود الجماعة الإسلامية وحزبها.

وأشارت المصادر إلى أنه منذ صعوده لرئاسة الحزب، وخاصة في الشهرين الأخيرين، بدأ «تيسير» في التركيز على الأصوات التي كان يتم تجاهلها فيما سبق، والتي تدعو للتقارب مع الدولة وتهاجم سياسة جماعة الإخوان، وعلى رأسهم عبود الزمر، الذي توقف الحزب عن إفساح أي مجال له في السابق، إلا أنه عاد بتكليف من «تيسير» لينقل كل ما يكتبه وينشره ويقوله، ويبرز مواقفه الداعمة للدولة، والرافضة لمطالب الإخوان بالعودة لما كان قبل يوليو 2013، باعتبارها مطالب الحزب وهو الصوت الرسمي له.

وأصبح عبود الزمر هو نجم الشباك والرجل الأبرز في الجماعة والحزب والواجهة الرئيسية لهما وفق رؤية «تيسير»؛ نظرا لنهجه في التقارب مع الدولة، وفي المرتبة الثانية بدأ «تيسير» إفراد مساحة أكبر لـ«أسامة حافظ»، رئيس مجلس شورى الجماعة، الذي شرع في نشر كتابات وإعطاء تصريحات تهادن الدولة، وتؤكد على رفض الجماعة للعنف، ومحافظتها على الالتزام بالوضع القائم وعدم الخروج عليه.


ووجه رئيس الحزب الجديد قيادات الخارج وخاصة طارق الزمر، وعاصم عبد الماجد ومحمد شوقي الإسلامبولي، بوقف الظهور الإعلامي ومناقشة القضايا السياسية التي تمس الشأن المصري، ووجه آخرين بعدم استخدام اسم حزب البناء والتنمية كصفة لهم عند الظهور إعلاميًا، مثل أسامة رشدي، القيادي بالحزب، الذي يتم تقديمه حاليا باعتباره العضو السابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، وليس بصفته الحزبية كما كان في السابق.


في المقابل بدأ رئيس الحزب في اتخاذ عدد من الخطوات العلنية لمحاولة التقارب مع الدولة، كان أبرزها إعلانه عدم مقاطعة الانتخابات البرلمانية كما فعلت الإخوان، بل وعدد من الأحزاب المدنية، وشدّد على إتاحة الحرية لأعضاء الحزب في اتخاذ ما يرونه مناسبا، في إشارة إلى موافقته على الانتخابات وعدم مقاطعتها.


وكثف الحزب بتعليمات من «تيسير» دعواته للتقارب مع الدولة وعدم الصدام معها، وصمّم مؤخرا فيديو تم نشره على الصفحة وعمل إعلان ممولا له لعدة أيام، عن جهود الحزب لوقف العنف والوقوف مع الدولة، ودفع الشيخ "عبود الزمر"، لتوجيه نداء توسل فيه للمحكمة الإدارية العليا للتعامل بنظرة شاملة وهدوء مع دعوى حل الحزب المقرر أن تنظرها المحكمة في العشرين من الشهر الحالي، والنظر إليها بنوع من الخصوصية، مشيرا إلى  أن إصدار قرار بالحل ستكون له تداعيات غير مناسبة على مجمل المشهد السياسي.

واتخذ «تيسير» قرارا بوقف نشاط الحزب السياسي بشكل كامل، فيما  يخص الشأن الداخلي، حتى يتم تجاوز الأزمة، فلم يعد يصدر عنه أي بيانات تختص بانتقاد الأوضاع الداخلية، وإنما اقتصر دوره على إصدار بعض البيانات التي تتماشى مع الخط العام للدولة، ومن بينها بيان الإشادة بالعملية الشاملة سيناء 2018.

وكذلك جمّد ندوات الحزب ومؤتمراته الداخلية، ومنع تناول أي أمر يخص السياسة الداخلية للبلاد خلالها، وخلت ندوات الحزب في الأشهر الأخيرة من أي استعراض للسياسة الداخلية، واقتصرت على دعم القضية الفلسطينية، ومناقشة الوضع بسوريا، دون تطرق للأوضاع الداخلية.

وقرر الحزب الابتعاد عن الإخوان بشكل شبه كامل، ودفع لنقدهم والهجوم عليهم خلال الفترة الماضية، مما زاد من الصدام بين أطراف في الجماعة الإسلامية والإخوان، وكان أبرزها الملاسنات بين وجدي غنيم المحسوب على الإخوان، وعاصم عبد الماجد، القيادي بالجماعة الإسلامية.
وسعى الحزب لمحاولة التواصل مع الأجهزة الأمنية وتوضيح خطته المساندة للدولة خلال الأيام المقبلة، وتعهد بعدم الصدام مع الدولة، والسعي للتقارب بين النظام ومعارضيه، في إطار الوضع الحالي، في حين لم يصلهم أي رد من الأجهزة الأمنية، ما جعل الحزب في حالة ترقب شديد لقرار المحكمة بإعلان وفاته أو استمراره على قيد الحياة.