رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الفوضى .. والاستقرار

وحيد عبد المجيد-
وحيد عبد المجيد- أرشيفية



أصبح المؤتمر السنوى لمؤسسة الفكر العربى منبراً لا يُضاهى للحوار الفكري، الذى اختفى إلا قليلاً، فى مرحلة التيك أواى والكبسولات الخفيفة، حيث تسود الضحالة والسطحية المشهد العام فى منطقتنا. لا تسمح حالة الإعلام العربي، وضعف مهنيته واعتماده على إثارة الغرائز من كل نوع، بهذا النوع من الحوار. ولا تنتج مواقع التواصل الاجتماعى حواراً, بل تنتج شجاراً وتراشقاً وصداماً. 

نوع الحوار فى مؤتمر فكر يختلف عنه فى غيره، رغم أنه يتناول قضايا يكثر الخوض فيها، مثل قضية تداعيات الفوضى وتحديات صناعة الاستقرار، التى كانت عنواناً لمؤتمر فكر 16 الذى استضافته دبى من 10 إلى 12 ابريل الحالي. 

تفيد طريقة تنظيم المؤتمر فى إدارة حوار خلاَّق يدخل فى العمق لأن الجلسات المتخصصة التى تُعقد ضمن أعماله تتيح فرصة لتبادل وجهات نظر مبنية فى كثير من الأحيان على تحليلات، وليس على انطباعات أو مواقف مسبقة, إلا فيما قل. 

وتميز مؤتمر فكر 16 بعقد سبع جلسات متخصصة منها أربع حول أبعاد حالة الفوضى فى منطقتنا وتجلياتها وتداعياتها، وثلاث حول تحديات صناعة الاستقرار المنشود فيها.

نوقشت جذور حالة الفوضى وعواملها ومظاهرها ونتائجها، وغيرها من أبعاد هذا الموضوع، فى أربع جلسات مُتميزة حول التفاوت الاجتماعى وما يرتبط به من فقر وبطالة، واختلال آليات العمل السياسى وضعف المشاركة العامة، والتطرف والإرهاب، والتدخلات الخارجية فى الأوضاع الداخلية لبلدان عربية. 

كما طُرحت تحديات صناعة الاستقرار للنقاش فى ثلاث جلسات مهمة ركزت على القطاعات المؤثرة فى العقل والوجدان العربيين، وفى تكوين القيم والاتجاهات المجتمعية0 تناولت هذه الجلسات أدوار الصحافة المطبوعة والإعلام المرئي، والإعلام الرقمى ووسائل التواصل الاجتماعي، والتعليم فى مختلف مراحله، والثقافة بما تشمله من إبداع أدبى وفنى وفكري، وما تمثله من قوة ناعمة يتيح دعمها تطوير أنماط الحياة فى المجتمعات العربية ليس لتحقيق الاستقرار فقط، بل لفتح أبواب التقدم وإطلاق الطاقات الكامنة فى هذه المجتمعات.

خريطة طريق، إذن، لمحاصرة الفوضى وصناعة الاستقرار يمكن استخلاصها من أعمال «فكر 16«، وخاصة جلساته المتخصصة التى يحسن التوسع فيها حتى إذا كان ذلك على حساب عدد الجلسات العامة التى يمكن أن تقتصر على واحدة بعد الافتتاح الرسمي، وثانية قبل الختام.

نقلًا عن «الأهرام»