رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سر كراهية «المنظمات المشبوهة» لـ«السيسي» و«بوتين»

السيسي وبوتين
السيسي وبوتين


«غباشي»: السيسي انطلق بمصر وبوتين بنى روسيا الحديثة
«عبد الحفيظ» : الغرب يتعامل مع مصر وروسيا بلغة المصالح
 
الجدل الواسع سواء في وسائل الإعلام العالمية والغربية، أو من جانب المنظمات الحقوقية، الذي دار الفترة الماضية حول الإنتخابات الرئاسية في كل من مصر وروسيا، دفع البعض إلى إجراء مقارنة بين الحدثين.

صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية زعمت في تحليل للكاتب «إيشان ثارور» أن أي خصوم حقيقيين يمكن لهم أن يتحدوا السيسي قد جرى تهميشهم أو احتجازهم أو استبعادهم من الترشح، وأن المرشح موسى مصطفى موسى ما هو إلا منافس رمزي، فهو كان يجمع التوقيعات التي تدعم إعادة انتخاب السيسي نفسه حتى يناير الماضي.

وتضيف الصحيفة أن أنصار بوتين يزعمون أنه يتمتع بتأييد كاسح من الروس، لكن القيصر الجديد لم يعد يسمح لنفسه بالخضوع لاختبار من خلال منافسة حقيقية، وذلك بينما يمنع المنشق الأكثر شعبية في البلاد أليكسي نافالني من الترشح.

وزعمت الصحيفة بأنه في ظل هذه الديمقراطيات الاسمية، فإن هذين القائدين يحتاجان إلى الأصوات لتأكيد شعبيتهما، مشيرة إلى أن بوتين يحتاج إلى نسبة عالية من الأصوات لتبرير سياسته التصادمية المتزايدة مع الغرب، وحملة إعادة التسلح العسكرية التي استهلكت الروبل على حساب البرامج الاجتماعية، أم حكومة السيسي فقد اتخذت إجراءات استثنائية لقمع أصوات المعارضة في الفترة السابقة على التصويت.

وفي فبراير 2015 نشرت صحيفة « واشنطن بوست» الأمريكية تقريرا تحت عنوان « تشابه بوتين والسيسي يجعل روسيا الأفضل كحليف رئيسي لمصر»، وصفت فيه السيسي وبوتين بأن لديهما خلفيات مماثلة، ما يجعل روسيا مناسبة بشكل أفضل بكثير من الولايات المتحدة لتكون الحليف الرئيسي لمصر.

وأضافت الصحيفة أن بوتين مثل السيسي، فهو رجل قوي ويقف ضد الغرب، مشيرة إلى أنه بعد أن حاربت روسيا القوى الإسلامية في الشيشان، فإن بوتين ينظر بتعاطف إلى كفاح مصر مع الإرهاب.

وفي فبراير 2015، وأثناء زيارة الرئيس الروسي لمصر، قالت صحيفة «انترناشونال بيزنس تايمز» البريطانية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصبح منبوذا من الغرب منذ أزمة أوكرانيا، وبعد أشهر من الانتقادات، وصل بوتين إلى القاهرة، حيث تمثل له هذه الزيارة بعض الراحة، حيث إن الرئيس عبد الفتاح السيسي الرجل القوي، يبدو وأنه أحد داعميه ضد خصومه، موضحة أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قدما القليل من الدعم للسيسي حين قام بعزل محمد مرسي في عام 2013، أما بوتين فهو أول من دعم ترشيح السيسي لانتخابات الرئاسة.

ويقارن البعض بين شخصية الزعيمين من حيث أنهما كانا ضابطين، وكلاهما قاد أجهزة المخابرات في بلديهما، وكلاهما ظهر في مرحلة مهمة وحاسمة من تاريخ البلدين.

ويتشابه الرئيسان في العديد من المواقف والرؤى، حيث يتفقان على عدم جعل مصر وروسيا دولا تابعة، كما يتشابه الرئيسان في النشأة العسكرية وقوة الشخصية والإرادة على تحقيق المستحيل واستقرار القرار والعديد من المواقف الاجتماعية والإنسانية.

وبسبب التشابه الكبير في شخصية الزعيمين، تعرضت الانتخابات الرئاسية في كل من مصر وروسيا للتشكيك من بعض الدوائر ووسائل الإعلام الغربية.

 فقد شكك الغرب في نتيجة الانتخابات الرئاسية الروسية، ورفض الاتحاد الأوربي الاعتراف بنتيجة الانتخابات الروسية التي جرت في القرم، كما شكك وزير الخارجية الألماني في نزاهة الانتخابات الرئاسية الروسية، بعد إعلان فوز الرئيس فيلاديمير بوتين بولاية رابعة، قائلا : «النتيجة لم تكن مفاجأة إذا وضعنا في الاعتبار الظروف التي أجريت فيها الانتخابات».

ونقلت مجلة «دير شبيجل» الألمانية على موقعها الإلكتروني، أن وزير الخارجية الألماني قال:«لا يمكننا بالتأكيد الحديث من كافة الجوانب، عن تنافس سياسي نزيه في روسيا».

كما اعتبر الاتحاد الأوروبي رفض اللجنة الانتخابية في روسيا ترشيح المعارض أليكسي نافالني للانتخابات الرئاسية كمنافس للرئيس فلاديمير بوتين يطرح شكوكا جدية حول التعددية السياسية في هذا البلد.

كما شككت بعض المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة في نزاهة الانتخابات المصرية، فقد زعم المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد الحسين الأردني الجنسية، في تقرير صادر عن الأمم المتحدة ما وصفه بـ «مناخ الترهيب السائد» في مصر قبيل الانتخابات الرئاسية.

وزعم رعد في تقرير له عن حالة حقوق الإنسان في مصر، أن «المرشحين المحتملين تعرضوا، كما أفيد، للضغط للانسحاب من السباق الانتخابي من خلال طرق منها الاعتقالات».

وادعى المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن «القانون يمنع المرشحين ومؤيديهم من تنظيم المسيرات، كما تم إسكات وسائل الإعلام المستقلة مع الحجب الكامل لأكثر من 400 موقع لوسائل إعلامية ومنظمات غير حكومية».

وزعم «الحسين» بأن مكتبه ما زال يتلقى تقارير تشير إلى الاستهداف المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وناشطي المجتمع المدني وداعمي جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى تقارير عن حدوث تعذيب أثناء الاحتجاز».

وقد استنكرت وزارة الخارجية في بيان لها ما أسمته «الادعاءات الواهية» التي وردت في تقرير المفوض السامي لشئون حقوق الإنسان، زيد بن رعد، بشأن مصر أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف. 

وقال السفير علاء يوسف، المندوب الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة في جنيف :«إن التدخل في عملية انتخابية والتشكيك فيها للنيل من مصداقيتها ونزاهتها دون دليل أو معلومات موثقة يعد أمرًا غير مقبول يتنافى مع المعايير الدولية المتعارف عليها، والتي كنا نتوقع أن يكون المفوض السامي هو أول من يلتزم بها، وكان من الأجدى أن يقوم بالإطلاع على التعديلات التشريعية التي جرت في مصر العام الماضي حول تنظيم الاجتماعات والمؤتمرات الانتخابية، فالعملية الانتخابية بمصر تشرف عليها الهيئة الوطنية للانتخابات التي تتمتع باستقلالية تامة في عملها، بما في ذلك البت في طلبات المرشحين للرئاسة».

وأبدى البيان الاستغراب الشديد من الزج بالانتخابات الرئاسية المقبلة في تقرير المفوض السامي، استنادا إلى معلومات يعترف المفوض السامي نفسه بأنها «مزعومة»، معربا عن استنكار مصر من محاولة النيل من مصداقية ونزاهة الانتخابات الرئاسية القادمة دون دليل أو معلومات موثقة، متسائلا عن مدى مسؤولية الدولة عن انسحاب مرشحين محتملين طواعية أو لعدم قدرتهم على استكمال أوراق الترشح، مؤكدا أن ما يتم اتخاذه من إجراءات قانونية ضد أي فرد استند إلى مخالفات قانونية تم اقترافها، وتم التعامل معها وفقا لإجراءات قانونية سليمة وفي إطار من الشفافية والوضوح.

وتزعم بعض المنظمات ووسائل الإعلام الغربية على أن الانتخابات المصرية أصبحت بلا منافس ومحسومة لصالح الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد استبعاد المرشحين الأقوياء الذين كانوا يمثلون تهديدا حقيقيا للرئيس عبد الفتاح السيسي مثل خالد على وسامي عنان وأحمد شفيق وغيرهم، ونفس الأمر في الانتخابات الرئاسية الروسية حيث قالت الصحف الغربية أن استبعاد المعارض الروسي القوي «أليكسي نافالني» من خوض الانتخابات يجعلها بلا معنى ومحسومة لصالح الرئيس فلاديمير بوتين، كما ادعت وسائل الإعلام الغربية أن الانتخابات الرئاسية في كل من مصر وروسيا تحولت إلى مجرد استفتاء على شعبية الزعيمين.

عن هذا الموضوع يقول الدكتور سعد الزنط مدير مركز الدراسات الإستراتيجية وأخلاقيات الاتصال، أن أوجه التشابه كثيرة بين الانتخابات الرئاسية في مصر والانتخابات الرئاسية في روسيا، منها، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعيد بناء روسيا القوية عسكريا واقتصاديا والمستقلة في قرارها، ونفس الأمر يفعله الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، الذي يعيد بناء الدولة المصرية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، والاثنين نجحا إلى حد كبير في بناء الأركان الأساسية للدولة، مشيرا إلى أن هناك محاولات من جانب الغرب للإساءة إلى النظام السياسي في الدولتين، وروسيا تسعى لاستعادة دورها كدولة عظمى، ومصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي تحاول إعادة دورها الإقليمي كدولة مؤثرة، والاثنان اقتربا من تحقيق هذا الهدف.

وأضاف «الزنط» أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينج، سيعيدون رسم خريطة العالم الفترة القادمة، وسوف يعيدون الشرق لقيادة العالم ويغيرون من موازين القوى في العالم، مشيرا إلى أن الغرب لن يرضى عن بوتين والسيسي مهما فعلا، لافتا إلى أن الحديث عن عدم وجود منافسة في الانتخابات المصرية والروسية غير حقيقي، والدليل أن الرئيسين الروسي والمصري لم يمنعا أي مرشح من خوض الانتخابات أمامهما، مؤكدا على أن مصر كدولة أو نظام لم تمنع أي مرشح من خوض الانتخابات.

 من جانبه يقول الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الإنتخابات الرئاسية في مصر وروسيا كانت محسومة لصالح الرئيسين عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين، مشيرا إلى أن الإنتخابات الرئاسية في روسيا كانت صعبة لأنها  جمعت في طياتها مجموعة من المرشحين وصل عددهم إلى ثمانية، إلا أن نتيجتها كانت محسومة لصالح الرئيس فلاديمير بوتين، لأنه هو الذي صنع نهضة روسيا الحديثة ووضع روسيا على مصاف الدول التي تنافس الولايات المتحدة الأمريكية صراحة، وأحيا الدور الروسي كوريث للإتحاد السوفيتي السابق، أما في مصر فالإنتخابات تكاد تكون محسومة لصالح الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يحسب له أنه انطلق بمصر بمشاريع قومية كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة لعدم وجود مرشحين منافسين له سوى مرشح واحد تقدم في أخر لحظة، وهذا المرشح ليس له أي ثقل سياسي أو شعبي.

من جانبه يقول أحمد عبد الحفيظ القيادي الناصري، أن الإنتخابات الروسية والمصرية من طبيعة واحدة، لعدم وجود قوى سياسية وحزبية واضحة في البلدين، وبالتالي المرشح الرسمي للدولة أو للنظام الحاكم يكون هو المرشح الوحيد، وغالبا تكون الإنتخابات محسومة لصالحه، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حصل على حوالي 76%، أما الرئيس السيسي فحصل على 95%، لافتا إلى أن الغرب لا يكره الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكنه يكره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأن الصراع بين روسيا والغرب لا زال مستمرا حتى الأن منذ الحرب العالمية الثانية، لافتا إلى أن الغرب يتعامل مع روسيا ومصر بلغة المصالح، مشيرا إلى أن تشكيك بعض المنظمات الغربية في نزاهة الإنتخابات في البلدين يعود إلى اختلاف معايير حقوق الإنسان بين الغرب وبين الدولتين.