رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

120 مليار جنيه تكشف تفاصيل «الصدام القادم» بين الطيب والحكومة

الطيب - أرشيفية
الطيب - أرشيفية


من جديد، يدخل الأزهر في صدام جديد مع مؤسسة «الرئاسة»، ومجلس الوزراء والبرلمان، بسبب أزمة جديدة ظهرت بعدما رفضت هيئة كبار العلماء بالأزهر في اجتماعها، برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مشروع القانون المقدم من الحكومة الذي يجيز لرئيس الوزراء تغيير شروط الوقف، لمخالفته الشريعة الإسلامية.


رفض الأزهر أوقف مشروع الحكومة بالاستفادة من أموال «الوقف الخيري» والتي تقدر بـ120 مليار جنيه في دعم المشروعات الكبرى.


كانت اللجنة الدينية بـ«مجلس النواب» تقدمت بطلب للأزهر لبيان الرأي الشرعي حول مدى مشروعية نص المادة الأولى من مشروع القانون المقترح، والذي ينص على أنه «يجوز لرئيس مجلس الوزراء – وذلك في الوقف الخيري- تغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح، وذلك تحقيقًا لمصلحة عامة تقتضيها ظروف المجتمع»، الأمر الذي رفضه مجمع البحوث الإسلامية في جلسته المنعقدة في 12 مارس الجاري، وهو القرار الذي أيدته فيه هيئة كبار العلماء، أعلى مرجعية بالأزهر في اجتماعها برئاسة شيخ الأزهر.


وانتهى المجمع في قراره إلى أنه: «لا يجوز شرعًا تغيير شرط الواقف، فشرط الواقف نص للشارع، وعلى ذلك اتفقت كلمة الفقهاء قديمًا وحديثًا، ومن ثم لا يجوز بأي ذريعة مخالفة شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه، وبناء على ذلك لا يوافق مجمع البحوث الإسلامية على مشروع النص المقترح على خلاف هذه القواعد الشرعية المتفق عليها». يأتي ذلك بعد أن وافقت الحكومة في فبراير الماضي على مشروع قانون مقدم من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بشأن قانون إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية، والذي يهدف إلى "ضمان حسن استثماره في ضوء ما يضمنه الاستثمار الأمثل لصالح الوقف وخدمة المجتمع معًا".


مشروع القانون جاء على ضوء اجتماع عقده الرئيس عبدالفتاح السيسي في ديسمبر الماضي مع وزير الأوقاف، بحضور خالد فوزي رئيس المخابرات العامة وقتها، ومحمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية، والدكتور أحمد عبد الحافظ رئيس هيئة الأوقاف المصرية، لبحث استثمار أموال الوقف في المشروعات القومية. وقال المتحدث باسم الرئاسة وقتها، إن "رئيس هيئة الأوقاف المصرية عرض خلال الاجتماع الإجراءات الجاري تنفيذها لحصر أصول وأراضي الوقف بشكل دقيق ومتكامل على مستوى الجمهورية وضمان تحقيق الاستغلال الأمثل لها".


وذكر أن الرئيس وجه خلال الاجتماع بضرورة تحقيق الاستفادة المثلى من أصول وممتلكات الأوقاف، مشددًا على أهمية حصر وتقييم تلك الممتلكات بشكل شامل والحفاظ على حق الدولة بها وعدم التفريط فيها.


ودعا إلى "تنفيذ خطط استثمارية متطورة لأصول وممتلكات الأوقاف، وتعظيم مساهمتها في المشروعات القومية بما يساعد على نمو الاقتصاد ويضمن زيادة قيمة الأصول ومواردها.


كان السيسي أصدر قرارًا جمهوريًا في يوليو 2016 بتشكيل لجنة لحصر أموال هيئة الأوقاف وتعظيم عوائدها برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والإستراتيجية.


قرار الأزهر جاء مخالفًا لرأي دار الإفتاء التي خرجت في فبراير الماضي، عندما أفتى الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية بأنه "يجوز استثمار أموال الوقف في المشروعات الكبرى؛ إذ إن الاتجاه في الفتوى على أن الوقف في الأموال السائلة جائز؛ ويجوز استثماره وإدارته إدارة جيدة لما فيه خدمة للمجتمع؛ لأن العلماء أدركوا أن أموال الوقف هي رأسمال اجتماعي مهم يجب استثماره فيما فيه مصلحة للمجتمع".


وهو ما أيدته بشدة وزارة الأوقاف وقدمت مشروع قانون تعديل نشاط الوقف الخيري بعد مطالبة من الرئاسة.


وكشفت مصادر داخل مشيخة الأزهر عن رفضها الضغوط بالتراجع عن الفتوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء، خاصة أنها متوافقة مع آراء الفقهاء السابقين الذين أكدوا تحريم تغيير نشاط الوقف الخيري، وأن مشروع القانون المقدم من الحكومة يدعو إلى تغيير شامل لنشاط الوقف الخيري، بحيث يتحول إلى الاستيلاء الكامل عليه، بجانب أن الحكومة تنوي بيع عدد من الوقف الخيري في الخارج والداخل وهذا لا يجوز لكون وزارة الأوقاف «ناظرًا» على الوقف تدير الوقف فقط ولا يجوز بيعها وفقا للحجج أصحاب الوقف.


وأوضح الدكتور محمد مهنا مستشار شيخ الأزهر، أن الأزهر أيد القرار لما تقتضيه الشريعة الإسلامية، مبينا أن شروط الوقف من الجانب الفقهي معروفة بأن هناك إجماعًا فقهيًا عليها ولا يجوز مخالفتها، مشيرا إلى أنه تم الرد على المشروع من منظور الشريعة الإسلامية، كما كانت الردود السابقة في العديد من القضايا السابقة كقضية الطلاق الشفهي، وقضية الخطبة المكتوبة، وغيرها من القضايا الدينية.


وتلقت وزارة الأوقاف صدمة من القرار الصادر عن الأزهر، خاصة أن الأزهر وقف من قبل ضد الوزارة في رفض مشروع الخطبة المكتوبة، وتوثيق الطلاق، كذلك رفض إجراء اختبارات للائمة، وتبحث وزارة الأوقاف حاليا الأزمة مع المهندس إبراهيم محلب، مستشار رئيس الجمهورية للمشروعات والمكلف بإدارة ملف الوقف الخيري، ومن المنتظر قيام «محلب» بمراجعة القانون مجددًا والبحث عن ثغرات، فضًلا عن عقده جلسة مع شيخ الأزهر للوقوف على القضايا، والمواد التي تلقى رفضًا ومخالفة للشرع بحيث يتم تعديلها مجددا لتمرير القانون، لاسيما أن الحكومة مصممة على تمرير القانون والاستفادة من أموال الوقف في دعم المشروعات الكبرى، لاسيما أن الوقف الخيري بالخارج وتحديدًا في اليونان وتركيا والسعودية، يقدر بالمليارات.


في الوقت نفسه فإن الحكومة بدأت في إجراءات تقنين وضع الوقف الخيري بالخارج كما حدث في اليونان، على أساس أن القانون ستتم الموافقة عليه بالبرلمان، دون الاعتقاد برفض الأزهر.


ووفقًا للمعلومات، فإنه من المنتظر البحث عن تغيير صياغة بعض المواد التي علق عليها الأزهر، بحثًا عن ثغرات لقرار الأزهر والتحايل عليه.