رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حقيقة الاتفاق بين مصر والسودان على الإدارة المشتركة لـ«حلايب وشلاتين»

خريطة - أرشيفية
خريطة - أرشيفية


شهدت الفترة الماضية تقاربًا مصريًا سوادنيًا وعودة العلاقات إلى طبيعتها بعد فترة من الجدل والخلافات السياسية الكبيرة، والتي كانت سببًا في استدعاء القيادة السودانية سفيرها بالقاهرة، قبل عودته مرة أخرى مؤخرًا، ورغم تعهد الرئيسين، السيسي والبشير على نبذ الخلافات بين الدولتين، ومطالبة وسائل الإعلام بتجنب إثارة الأزمات والقضايا الحساسة بين البلدين، إلا أن البعض رفض الالتزام بهذا الأمر ومصمم على نشر الأزمات والكراهية بين الشعبين.

وكشفت مصادر دبلوماسية سودانية في تصريحات لها عبر مواقع إعلامية، مؤخرًا، أن مصر طرحت على السودان، مقترحًا يقضي بإخضاع مثلث «حلايب» لإدارة مشتركة بين البلدين، لافتًة إلى أن اللواء عباس كامل، القائم بأعمال رئيس جهاز المخابرات العامة، نقل ذلك للرئيس السوداني عمر البشير، خلال الزيارة الأخيرة للأول للخرطوم.

وأضافت المصادر، أن الرئيس السوداني، أبدى موافقته المبدئية على ذلك المقترح، وتمت مناقشته والاتفاق عليه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال زيارة البشير لمصر.

التصريحات السابقة تم ربطها بحديث سابق للسفير السوداني، عبد المحمود عبد الحليم، أكد خلاله أن عودته لمصر تأتي في إطار التزام جديد بحل وحلحلة كافة القضايا التي أدت لاستدعائه للتشاور.

وفي تصريحات صحفية، أردف السفير، قائلًا: «عودتي لا تعني أن القضايا قد حلت، بل إن هناك التزامًا جديدًا بحلها، ويحدونا الأمل في التغلب على جميع القضايا العالقة وجعل علاقات البلدين والشعبين نموذجًا وفي مستوى التطلعات».

واقترح السفير السودانى بالقاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، تكوين قوة عسكرية مشتركة بين مصر والسودان، تهدف لحماية الحدود المشتركة بين الطرفين، خاصة فى ظل التهديدات من التنظيمات الإرهابية التى تهدد البلدين.

تصريح السفير السوداني، يأتى عقب يومين فقط من عودته إلى القاهرة، بعد سحبه للتشاور من قبل السودان لمدة تخطت الشهرين، وبعد نحو أسبوعين فقط على تقديم السودان بقيادة الرئيس عمر البشير، شكوى ضد الدولة المصرية فى مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة، تشجب ما قالت عنه وجود قوات عسكرية مصرية فى مثلث حلايب وشلاتين الحدودي، والذى قالت إنه ملك لها.

على الجانب الآخر، التزمت الخارجية المصرية الصمت حول ما تردد مؤخرا حول مثلث حلايب وشلاتين، ولم تعلق وزارة الخارجية أو الحكومة على الأنباء التي تترد خارجيا باتفاق السودان ومصر على إدارة مشتركة لحلايب وشلاتين، أو الدعوة لتأسيس قوة عسكرية مشتركة بين الدولتين.

من جانبه أكد السفير صلاح فهمي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن ما يُثار بشأن الاتفاق بين النظامين المصري والسوداني، على إدارة مشتركة لمنطقة "حلايب" المصرية، لا يمت للحقيقة والواقع بصلة، مؤكدًا أن مصر تمتلك كافة المستندات والوثائق والأدلة التي تثبت أحقيتها بملكية ذلك المثلث، لذلك ليست هناك حاجة للموافقة على مقترح مثل هذا.

وأضاف «فهمي» أن مصر رفضت رسميا لجوء السودان للتحكيم الدولي، وأكدت السيادة المصرية الكاملة على مثلث حلايب وشلاتين لافتًا إلى أن تلك القضية ليست من أولويات النظام السوداني، وإنما تخضع لمزايدات بين النظام هناك والمعارضة، وللتغطية على بعض المشكلات والأزمات الداخلية.

ونوه بأن مثلث حلايب لم يكن يومًا تحت الإدارة السودانية، بل مصر هي من وضعت الحدود، مضيفًا أن السفير السوداني بالقاهرة، ووزير الخارجية، طرحا سابقًا فكرة المفاوضات، إلا أن مصر أعلنت رفضها لكل ذلك، وأنها لن توافق بأي حال من الأحوال على المفاوضات.


وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر تمتلك جميع المستندات والخرائط التي تؤكد ملكيتها لـ«حلايب وشلاتين»، في الوقت نفسه فإن الجانب السوداني يعتمد على قصص وحكايات وهمية من بينها أن اللهجة السودانية والتراث يسودان المنطقة.

وأشار «فهمي» إلى أن الدولة حاليا تسعى لتنفيذ خطة تنمية شاملة في حلايب وشلاتين، من بناء مستشفيات ومدارس ومنازل ومصانع، وهذا يؤكد عدم تنازل مصر عنها، معتبرا أن قضية تيران وصنافير تختلف تماما عن حلايب وشلاتين.

وقال إن مصر أيضًا لم تعطِ رأيها حتى الآن فيما طُرح حول إنشاء قوة عسكرية مشتركة، وفي الغالب لم تقبله هو الآخر، لاسيما أنه يخضع بالكامل للسيادة المصرية، وبه قوة عسكرية مصرية منذ فترة التسعينيات.

ونوه بأن اللقاء الأخير بين الرئيسين، يقول إن العلاقات بين البلدين تسير في مسارها الصحيح، مسار المفاوضات، وأن مائدة الحوار هي الإطار الأمثل للمفاوضات ولحل الأزمات، مشددًا على أن الخلافات لن تنتهي عند ذلك الحد، بل هي مستمرة، وسنة مؤكدة من سنن العلاقات بين الدول.

على الجانب الآخر، أكد الدكتور سعد عبد المنعم، خبير الشئون الإفريقية، أن صمت الخارجية وعدم الرد على الادعاءات الخارجية بالتوصل لاتفاق بين القاهرة والخرطوم على إدارة مشتركة لمثلث حلايب وشلاتين، يزيد الأمر غموضا لدى الشعب المصري، ويعيد إلى الأذهان قضية تيران وصنافير وتنازل النظام عنها فجأة دون مشاورة للشعب.

وأوضح «عبد المنعم»، أن مجرد موافقة مصر على إدارة أو قوة عسكرية مشتركة، يعني أن الدولة معترفة بعدم أحقيتها في السيادة، منوهًا بأن الاعتراف يعني ليس من حقها ذلك المثلث، لكن تريد الحصول عليه بقرار سيادي مثلما حدث مع "تيران وصنافير"، في عهد عبد الناصر، وهذه الخطوة لو حدثت سوف تستغلها السودان لتدعم موقفها في حالة طرح القضية على التحكيم الدولي، وهو الأمر الذي يفترض أن الدولة المصرية مدركة لتداعياته الخطيرة، ما يشير في النهاية إلى عدم صدق تلك الأنباء.

وأكد خبير الشئون الأفريقية، أن مصر تمتلك الخرائط والأدلة القوية التي تؤكد بأن «حلايب وشلاتين» مصريتان، والنظام المصري الحالي لن «يفرط» في أرض مصر وحلايب وشلاتين مختلفة تمامًا عن قضية تيران وصنافير.