رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تهديد 15 مليون فلاح بـ«السجن والغرامة» لزراعة محاصيل ضد «مزاج» الحكومة

النبأ


على طريقة قيام الدولة بتقييد الحريات، ومطاردة المعارضة، لجأت الحكومة إلى اتباع نفس الأمر مع الفلاحين، وأصبح 15 مليون فلاح مهددين بـ«الحبس والغرامة» في حالة زراعة محاصيل على غير «مزاج» الحكومة، فمؤخرًا وافقت لجنة الزراعة بالبرلمان على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، وشمل التعديل ثلاث مواد وهى 1، 2، 101.


وتنص المادة 1 على أن: «لوزير الزراعة بقرار منه بعد التنسيق مع وزير الموارد المائية والرى أن يحظر زراعة محاصيل معينة فى مناطق محددة».


المادة 2: «لوزير الزراعة بقرار منه بعد التنسيق مع وزير الموارد المائية والرى أن يحدد مناطق لزراعة محاصيل معينة دون غيرها من الحاصلات الزراعية وله أن يستثنى من ذلك مزارع الوزارة والحقول الأخرى التي تستعمل للتجارب والاكثارات الأولى للمحاصيل».


المادة 101: «عاقب كل من خالف أحكام المواد 1؛2؛3؛4 أ،ب،ج،د، 21 فقرة أولى من هذا القانون بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه عن الفدان الواحد أو كسور الفدان أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما يحكم بإزالة المخالفة على نفقة المخالف».


وشهدت المادة الخاصة بالعقوبات تعديلًا بعد مطالبات النواب بضرورة تخفيف العقوبة وإلغاء الحبس من القانون.


وكانت تنص على حبس المخالف مدة لا تزيد عن 6 أشهر، إلا أنه مازال هناك نواب بالبرلمان يطالبون بالإبقاء على فرض عقوبة الحبس مع الغرامة المشددة، ومن المنتظر حسم هذا الجدل عند مناقشة القانون بشكل نهائي قريبًا خلال اللجنة العامة للبرلمان.


وقال النائب عثمان المنتصر، أمين سر لجنة الزراعة بـ«مجلس النواب»، إن الفلاح المصرى يحتاج لنظرة من البرلمان، ولابد من مراعاة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمزارعين، متابعا: «الفلاح هيجيب منين.. يعنى يزرع بانجو ولا خشخاش علشان يقدر يدفع المخالفة ولا نقطع رقبته»، مشددا على ضرورة تخفيف العقوبة على الفلاح.


وفى نفس السياق، طالب النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بـ«مجلس النواب»، بألا تزيد الغرامة عن 10 آلاف جنيه مع ضرورة إلغاء «الحبس».


وعلى النقيض، يرى النائب إيهاب غطاطى، ضرورة الإبقاء على المادة كما جاءت بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر، والغرامة التى لا تزيد عن 20 ألف جنيه؛ حتى يتم الالتزام بالاستراتيجية التى تضعها الدولة؛ لمعرفة أنواع المحاصيل التي تحتاجها الدولة، وليست التى على «هوى الفلاح» والتى يرى أنها تحقق هامش ربح له ولكنها غير أساسية أو استراتيجية.


ولم يحدد القانون الجديد المحاصيل المحظور زراعتها، ولكن تركها على المشاع، ما يثير تخوف الفلاحين أن يكون ذلك بابًا لتوجيه التهم لهم على طريقة المعارضة في القضايا السياسية.


وحصلت «النبأ» على معلومات من داخل البرلمان، تكشف أن القانون يهدف لتشديد العقوبة لمنع زراعة الأرز بهدف توفير المياه، وطالب الرئيس السيسي من الحكومة ضرورة العمل على توفير المحاصيل التي تستهلك كمية كبيرة من المياه، ولذلك صدر قرار من وزارة الري بتحديد مساحات الأرز المنزرعة لهذا العام على مستوى الجمهورية والمقدرة بحوالى 724 ألفًا و200 فدان فى محافظات بالوجه البحرى، وحظر زراعته بمحافظات الوجه القبلى، بالتعاون مع وزارة الزراعة.



والمحافظات الممنوعة من زراعة الأرز هى: «أسوان، والأقصر، وقنا، وسوهاج، وأسيوط، والمنيا، وبني سويف، والفيوم، والوادي الجديد، والجيزة، والقاهرة، والقليوبية، والمنوفية، ومرسى مطروح، وشمال سيناء، وجنوب سيناء، والبحر الأحمر، والسويس».


وشهدت الأيام الماضية، وقبل تطبيق القانون الجديد، القبض على عدد من الفلاحين الذين زرعوا الأرز، خلال العام الماضي 2017 و2016، وصدرت عليهم أحكام غيابية بعد قيام وزارة الري بتحرير محاضر زراعة محاصيل زراعية مخالفة وعلى رأسها الأرز، ودفع الفلاحون الغرامات المفروضة عليهم والتي وصلت إلى 5 آلاف جنيه على الفرد الواحد، في حين عارض آخرون الأحكام الصادرة بحقهم بـ«الحبس والغرامة».


وبحسب محمود فايز، أحد المزارعين، فإنهم كانوا يزرعون ثلاثة مواسم صيفى وشتوى ونيلى، موسم كل أربعة شهور، إلا أن الحكومة قررت إلغاء الموسم النيلى، واعتماد الصيفى والشتوى فقط، ليبدأ بعدها سلسلة الإلغاءات، مشيرًا إلى أن الفلاح يعتمد على زراعة الأرز بشكل أساسي لكونه يدخل عائدًا يعوضه بعض الشيء، ولكن مع قرار الحكومة بمنعها في بعض المحافظات، ارتفع سعر الطن 20 % ومتوقع خلال العام القادم وصول الزيادة إلى 60 %، وينتظر وصول الطن الشعير إلى 7 آلاف جنيه، ما يسبب مجاعة كبيرة بالنسبة للقرى والنجوع في المحافظات.


وأشار «فايز» إلى أن الحكومة منعت زراعة الموز والقلقاس والقصب؛ بحجة توفير المياه، وتهددنا يوميًا من خلال الجمعيات الزراعية بالمطاردة والسجن لمن يخالف، لافتًا إلى أن خسائر الفلاحين من منع زراعة بعض المحاصيل خسائر كبيرة بالملايين وخاصة أصحاب المزارع الكبرى.


وأكد أن هناك بيوتًا «اتخربت» خلال الفترة الماضية؛ نتيجة القبض على الفلاحين لزراعة بعض المحاصيل العام الماضي وخاصة الأرز، رغم وعد وزارة الري بالتنازل عن المحاضر التي حررتها، بعد تدخل الرئيس في «عيد الفلاح»؛ فالحكومة والري تظهران «العين الحمراء» لنا.


في السياق ذاته، انتقد بشدة الدكتور محمد عبد الفتاح، خبير بحوث المياه بـ«كلية الزراعة»، قرار الحكومة بمنع زراعة الأرز في محافظات الدلتا، بحجة أنه يستهلك كثيرًا من مياه الري؛ مؤكدا أنه حال حظر زراعة الأرز فإن ثلثي أراضي الدلتا سوف تتعرض لتدهور حاد في خصوبتها، مع تمدد الملوحة بسبب قربها من مياه البحر.


وكشف «عبد الفتاح» عن مفاجأة كبيرة، قائلا: إن هناك دراسة حديثة أعدها مركز البحوث الزراعية ذكر فيها أنه ضد زيادة مساحة الأراضى المزروعة بالأرز؛ لمنع استهلاك مزيد من المياه العذبة، لكن المركز يطالب بتحديد المساحات المزروعة لتكون فقط فى مواقع جغرافية مجاورة للبحر المتوسط؛ بهدف منع تسرب المياه المالحة إلى الدلتا.


وذكرت الدراسة، أن حظر زراعة الأرز في هذه المواقع الجغرافية يمكن خلال ثلاث سنوات فقط أن يتسبب فى تدهور الأراضى الزراعية لثلثى المساحة، وسوف يظهر الملح أعلى التربة، كما أن استمرار زراعة محاصيل أخرى بديلة كالقطن والذرة لن يحقق الغرض منه، فالمياه العذبة تقوم بالضغط على الأرض لمنع وصول أملاح البحر إلى الدلتا.