رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الأسئلة «الممنوعة» حول «مشروع نيوم» بين مصر والسعودية والأردن

مشروع نيوم
مشروع نيوم


خلال زيارته لمصر الأسبوع الماضي، اتفق محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، والرئيس عبد الفتاح السيسى على إنشاء صندوق مشترك بقيمة 10 مليارات دولار؛ لتطوير أراضٍ على مساحة تزيد عن ألف كيلومتر مربع في جنوب سيناء.


وقبل 4 أشهر، وتحديدًا 24 أكتوبر الماضي، أعلن ولي العهد السعودي، خطة إنشاء «منطقة نيوم»، التي تمتد لأول مرة بين ثلاث دول هي السعودية ومصر والأردن باستثمارات تبلغ 500 مليار دولار.


وتقع المنطقة شمال غرب المملكة على مساحة 26.5 ألف كيلو متر مربع، وتطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كيلو مترًا، ويحيط بها من الشرق جبال بارتفاع 2500 متر، وستشارك مصر في المشروع بمساحة أكثر من ألف كيلو متر، ويعد موقع المشروع، المدخل الرئيسي لجسر الملك سلمان، الذي تعتزم مصر والسعودية إقامته بينهما، وسيعمل مشروع «نيوم» على جذب الاستثمارات الخاصة والاستثمارات والشركات الحكومية.


وعيَنت المملكة دكتور كلاوس كلينفيلد في منصب الرئيس التنفيذي لمشروع نيوم، وهو الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة السابق لشركتي "ألكوا" و"أركونيك"، الرائدتين عالميًا في صناعة الألومنيوم، بالإضافة إلى صناعة المنتجات وتقديم الحلول الهندسية، ولديه خبرة ممتدة على مدى عشرين عامًا في شركة «سيمنز».


وتعتزم السعودية إنشاء سبع نقاط جذب بحرية سياحية في البحر الأحمر، في «نيوم»، ما بين مدن ومشاريع سياحية، وتعمل أيضا على إنشاء 50 منتجعا على البحر الأحمر و4 مدن صغيرة في مشروع البحر الأحمر، الذي أعلنت عنه الرياض مؤخرًا، وخلق 3 وجهات سياحية أخرى بين جزر وشواطئ.


وستنشئ السعودية أكثر من 15 واجهة بحرية ومئات المنتجعات، وفي الجانب الأردني ستركز الأردن على تطوير العقبة ضمن استثمارات «أردنية - سعودية»، وفي مصر سيتم التركيز على نقطتي جذب هما شرم الشيخ والغردقة، وستعمل مصر على تطويرهما وإنشاء نقاط جذب جديدة.


والسؤال المطروح الآن: ماذا ستستفيد مصر من هذا المشروع، وما هو العائد الحقيقي منه؟


وعن ذلك يقول الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، إن هذا المشروع يكتنفه الكثير من الغموض، مشيرا إلى أن الدولة مطالبة بالإجابة عن الكثير من الأسئلة منها: من سيتحكم في هذه المنطقة؟، ومن سيديرها؟، وهل ستكون منطقة منزوعة الملكية، وولاية المنطقة ستكون لمن؟، وما دور إسرائيل في هذا المشروع؟، وهل إسرائيل تريد التوسع عن طريق الاستثمار بدلًا من الاستعمار؟، وهل ستكون هناك ممتلكات لليهود في هذه المنطقة؟، وما حجم الاستثمارات السعودية في هذه المنطقة، في ظل وجود استثمارات لرجال أعمال سعوديين بآلاف الكيلو مترات في شرم الشيخ؟، وهل هناك توسع داخل الأراضي المصرية للسعودية بعد تيران وصنافير؟، وهل مصر تنازلت عن هذه المنطقة  أم أن هناك نمط ملكية جديد، وهل قيمة الألف كيلو متر تساوي 10 مليارات دولار فقط؟.


وأضاف «النحاس»، أن الإجابة عن هذه الأسئلة مهمة جدا من أجل تأمين حقوق الأجيال القادمة، وحتى لا يتم الدخول في مسائل التحكيم الدولي، مطالبًا بإنشاء سلطة قانونية جديدة لإدارة المناطق السياحية، مشيرا إلى أن 10 مليارات دولار مقابل ضئيل جدا بالنسبة لألف كيلو متر في جنوب سيناء، لافتا إلى أنه يمكن جمع أضعاف هذا الرقم من خلال طرح هذه الأراضي في مزاد للمصريين أو عمل اكتتاب لعمل منتجع سياحي.


وحذَر الخبير الاقتصادي من موت السياحة في شرم الشيخ والغردقة، وتحويلهما إلى مجرد صالة «ديسكو» لشرب الخمور لخدمة مشروع «نيوم» السعودي، مشيرا إلى أن عدم وجود إطار قانوني يحدد الملكية والولاية والإدارة لهذه المنطقة يمكن أن يؤدي إلى تدمير استثمارات تقدر بأكثر من مائة مليار دولار في الغردقة وشرم الشيخ، لاسيما وأن السياحة في شرم الشيخ والغردقة هي سياحة «ترفيهية» ليوم واحد.


ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن هناك تطابقًا تامًا في وجهات النظر بين السعودية ومصر وخاصة في المجالات السياسية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن مشروع «نيوم» هو مشروع فريد من نوعه، لأنه لن يستطيع الخروج عن التقاليد والأعراف السعودية، لذلك السعودية تسعى إلى غرفة أخرى خارج حدودها لتتناسب مع خصوصية الأثرياء وأصحاب «اليخوت»، وأنسب مكان لذلك هو سيناء أو الأردن، كما أن «نيوم» هي أول مدينة سياحية بيئية على مستوى العالم، فهي خالية تماما من التلوث ومن التدخين والخمور، لافتا إلى أن المملكة تسعى إلى إقامة مشروع سياحي متكامل، كما أن هذا المشروع سيحول هذه المنطقة إلى أكبر منطقة عربية مصدرة للطاقة الكهربائية الشمسية في العالم، من خلال مشروع الربط الكهربائي الذي يتم تنفيذه الآن بين مصر والمملكة العربية السعودية.


من جانبها تقول الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بـ«جامعة عين شمس»، إن زيارة محمد بن سلمان للقاهرة مهمة جدًا من الناحية الاقتصادية، لاسيما وأنه تم التوقيع على عدد من المشروعات المشتركة المهمة جدًا للطرفين، مشيرة إلى أن مصر تحتاج إلى الاستثمارات السعودية، ومصر لديها فرص هائلة للاستثمار والسعودية لديها فائض مالي وتحتاج إلى تنويع استثماراتها.


وتابعت: «المنافع ستكون مشتركة بين البلدين، لكن مطلوب من الطرف المصري إعداد دراسات اقتصادية لهذه المشروعات للحصول على أكبر استفادة ممكنة، وعمل مشروعات متكاملة بين الدولتين تحقق المصالح المتبادلة، مشيرة إلى أن الفكر التكاملي ثبت أنه أكثر فائدة وجدوى من الفكر التنافسي.


ويضيف الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، أن المشروعات التي تم الإعلان عنها أثناء زيارة الأمير محمد بن سلمان هي مشروعات جيدة ومفيدة للطرفين، مشيرًا إلى أن هذه المشروعات وعلى رأسها مشروع «نيوم» سوف تحقق الكثير من المكاسب لمصر منها: خلق فرص عمل جديدة تساهم في حل مشكلة البطالة، لاسيما أن المشروع يشمل إقامة 50 منتجعًا سياحيًا و4 مدن جديدة، بالإضافة إلى أن مصر خصصت له ألف كيلو متر، بخلاف تطوير منطقتي الغردقة وشرم الشيخ.


وأكد «عبده» أن إنشاء صندوق مشترك للاستثمار بين البلدين سيحقق مكاسب كبيرة لمصر، ويساهم في إقامة مشروعات جديدة، وهذا شيء جيد.