رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مصر تتحرك دوليًا ضد السعودية وإسرائيل وإثيوبيا لإعادة مليارات «الوقف الخيرى» بالخارج

وزير الأوقاف - أرشيفية
وزير الأوقاف - أرشيفية


بدأت الحكومة متمثلة في وزارتي «الأوقاف» و«الخارجية»، تنفيذ تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي بحصر جميع أملاك الوقف الخيرية والأهلية بالداخل والخارج من أجل الاستفادة منها في دعم وتمويل المشروعات القومية الكبرى، وعلى غرار ذلك قامت الأوقاف والخارجية بالبحث عن أملاك الوقف الخيري في عدد من الدول وعلى رأسها دولة السعودية، بعد إدخال الوقف الخيري المصري ضمن توسعات الحرم المكي، كذلك دول اليونان وتركيا، وإسرائيل وإثيوبيا وعدد من الدول الإفريقية الأخرى.

وحصرت اللجنة المشكلة بقرار من الرئيس السيسي برئاسة المهندس إبراهيم محلب، أملاك الوقف الخيري في عدد من الدول، أما بخصوص الوقف الخيري في السعودية فقد قامت الحكومة المصرية، ممثلة فى وزارتى الأوقاف والخارجية، وإحدى الجهات السيادية، ببحث التحرك دوليًا لإثبات ملكيتها، فى أجزاء من توسعات الحرم المكى.

وقالت مصادر، إن مصر ستتحرك دوليًا خلال شهر فبراير، لإثبات ملكية وزارة الأوقاف فى توسعات الحرم المكى، وذلك بالتنسيق مع السلطات السعودية، مشيرة إلى أنه قد تتم الاستعانة بأحد مكاتب المحاماة الدولية لحل هذه الأزمة.

ووفقًا للمصادر، فإن مصر تمتلك مئات الأفدنة كأوقاف فى السعودية، خاصة حول البيت الحرام فى مكة والحرم النبوى فى المدينة، وكان ذلك نتيجة قيام رجال الخير المصريين بشراء أراض بالحجاز والمدينة المنورة بالسعودية وأوقفوها للصرف على الحرمين الشريفين، كما تمتلك أرضًا ضمن توسعات الحرم المكى، تعود إلى وقف «باكير أغا الخربوطلي» الذى كان واليًا مصريا على مكة، واشترى 20 ألف متر مربع فى حى «المسفلة» بمكة المكرمة.

ومنذ أربعة أعوام قامت الحكومة السعودية بتقدير قيمة التعويض عن الوقف بـ 100 ألف ريال سعودى للمتر الواحد، أى ما يقرب من 20 مليار ريال لقطعة الأرض، وذلك من أجل إجراء توسعات للحرم المكى، وتم إيداع قيمة التعويض بالفعل ببنك «الراجحى» بالسعودية لحين ظهور الورثة.

من ضمن أوقاف المصريين فى السعودية وقف «عمر مستحفظان»، وهذا الرجل ورثته موجودون وأغلبهم يعيشون فى الشرقية، والوقف كان فى منطقة جبل عمر بمكة المكرمة.

ومنذ 3 سنوات، أودعت الحكومة السعودية 47 مليون ريال سعودى كتعويض، وتم إيداع المبلغ أيضًا ببنك «الراجحى» بعد أن قامت بتسوية الجبل بالأرض من أجل إجراء توسعات بالحرم المكى، كما توجد فى السعودية عدة أوقاف أخرى تخص ورثة عائشة هانم صديقة حرم صالح باشا فريد بالمدينة المنورة، حيث تمتلك حوالى 25 فدانًا بمنطفة كامل العنبرية بالمدينة المنورة، وأيضًا الحكومة السعودية قامت بشراء الممتلكات بقيمة 200 مليون ريال وقامت بإيداعها بأحد البنوك السعودية، بالإضافة إلى عدة أوقاف أخرى تخص ورثة الواقفين من الأشراف المصريين ووقف إبراهيم بك الكبير بالحجاز ويقدر بـ 20 ألف متر، وأيضًا وقف تكية الأتراك والأغاوات بمكة المكرمة والمدينة المنورة، والذى يمتلكه مجموعة من المصريين مثل خليل أغا وعثمان أغا وغيرهما.

وفي إطار بحث مصر عن أملاكها الموقوفة بالخارج، ثبت من خلال الحجج وجود وقف خيري لدي دولة فلسطين تحت سيطرة إسرائيل، كذلك في عدد من الدول الإفريقية ومنها دول بالسودان وإثيوبيا تعود لعهد محمد على باشا وباقي الأسرة الخديوية، حيث توجد حجج تشير إلى أن سد النهضة مقام على أراضى وقف مصرية منذ عهد الخديوي إسماعيل، وفي هذا الأمر تقوم وزارة الأوقاف بحصر كافة الحجج الدالة على ذلك من أجل طلب التعويض المالي الكبير من دولة إثيوبيا وتكون ورقة ضغط في يد الحكومة المصرية في ملف أزمة سد النهضة، كما توجد حجج لدى هيئة الأوقاف تثبت وجود وقف خيري مصري في السودان يبلغ نحو خمسة ملايين وقف، كما يوجد في الهند ما يقرب من على 3000 عقار وقفي تقدر قيمتها بـ94 مليار جنيه.

هذا بخلاف الوقف الخيري في دول اليونان وتركيا، وترك تلك الأملاك إلى عهد محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة- وتتنوع تلك الأملاك ما بين أراض وفنادق ومبان ومتاحف أثرية، وكانت قد ذكرت تقارير، أن البنك العقارى المصرى قام برفع قضية أمام محكمة إسرائيلية لاسترداد نصيبه بفندق الملك داوود، أشهر فنادق الأراضى المحتلة، الذى يُعد من أكبر وأفخم الفنادق فى مدينة القدس، مُستندًا إلى وثائق وأدلة ثبوتية تعود إلى ما قبل قيام دولة إسرائيل، وذلك فى ظل سماح اتفاقية السَّلام المصرية-الإسرائيلية لكل بلد باستعادة ممتلكات مواطنيها المُحتجزة لدى الآخر، ويبلغ عدد الأسهم المملوكة للبنك نحو خمسة ملايين سهم من مائة مليون سهم تقريبًا تملكها (شركة فنادق دان) الإسرائيلية، وتُقدَّر حصص البنك المالية بعشرات الملايين من الدولارات، بجانب الأرباح المستحقة على مدى السنوات الماضية.

وتعود قصة الفندق عندما شارك البنك فى شراء جزء من أسهم شركة فنادق فلسطين، التى أقامها رجال أعمال أثرياء من يهود مصر، فى فترة الانتداب البريطانى على فلسطين، قبل قيام إسرائيل، وقامت هذه الشركة ببناء فندق الملك داوود عام 1931 فى القدس، وبعد قيام إسرائيل عام 1948 تحوَّل اسم الشركة إلى (شركة فندق الملك داوود)، ثم فى عام 1994 اندمجت مع (شركة فنادق دان) الإسرائيلية، وجاء هذا الدمج بعد قيام حارس أملاك الغائبين، الذى عيَّنته إسرائيل، ببيع أسهم البنك المصرى فى الفندق إلى (شركة دان).

وفقا للحجح الموجودة في هيئة الأوقاف، فإن 17% من أرض فلسطين كانت وقفا حتى 1948. يوجد منها تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي في القدس وحدها ما يقرب من 5% من الوقف الخيري بعضها مبان حكومية وعقارات وفنادق وشركات تقدر بمليارات الدولارات.

في السياق ذاته فقد، أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن دولة السعودية قامت بتعويض مصر كاملا عن الوقف الخيري الذي دخل ضمن توسعات الحرم المكي مؤخرا، وتم التقدير المادي وفقا للأسعار الحالية لتلك الممتلكات، وتم وضع تلك الأموال في أحد البنوك السعودية باسم الوقف الخيري، والحكومة المصرية تقوم الآن بالبحث عن ورثة تلك الأوقاف من خلال تقديمهم الحجج التي تثبت أنهم ورثة الوقف الخيري. وكشف الوزير أن هناك حصرًا كاملًا للحجج التي تثبت امتلاك مصر للوقف الخيري في الخارج، على أن تتم المطالبة بحقنا فيه سواء ماديا أوعن طريق إدارته وذلك في جميع الدول.

وأكدت مصادر داخل هيئة الأوقاف، أن مصر لم تحصل بعد على أموال الوقف الخيري الذي دخل في توسعات الحرم المكي، والبنك السعودي يتطلب وجود حجج وبراهين تؤكد الورثة المستحقين لتلك الأموال ومدى علاقتهم وصلتهم بالشخص صاحب الوقف، في الوقت نفسه فإن الأوقاف لم تملك الحجج الكافية لذلك خاصة أن لجنة محلب كشفت أن هناك الكثير من الحجج التي تثبت تبعية الوقف لأصحابها أو مصر قد "ضاعت واختفت بعضها بفعل فاعل"، وبالتالي فإن هناك صعوبة كبيرة في إثبات حق مصر في الوقف الخيري في عدد من الدول سابقة الذكر وأن ما تملكه فعلا الدولة هو الوقف الخيري في اليونان، وتركيا.

وأضافت المصادر، أن مصر تجري مشاورات كبيرة مع الجانب السعودي للحصول على أموال الوقف بالمدينة ومكة، وقد يكون هناك لجوء إلى أحد مكاتب المحاماة الدولية لبحث الإجراءات القانونية لتسليم المملكة الأموال دون أى مسئولية قانونية عليها فيما بعد، مؤكدة أن الأمر لن يصل إلى التصعيد دوليا بين البلدين في ظل العلاقات الطيبة.