رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«تجميد» قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين يُفجر «الغضب» ضد الكنيسة

تواضروس - أرشيفية
تواضروس - أرشيفية


كان قبول أول قضية «خلع» بين زوجين مسيحيين من نفس الملة والطائفة في المحاكم المصرية، سببًا في تحريك المياه الراكدة، وأعاد إلى الأذهان، مرة أخرى قانون الأحوال الشخصية للأقباط الذي ينتظره الكثيرون والذين يعلقون آمالهم عليه وسط حالة من الجدل داخل «البيت الكنسي».


اجتماعات مستمرة بين الطوائف الثلاث الكبرى الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية من أجل الانتهاء من المواد الخلافية بين الطوائف بعضها البعض والوصول إلى اتفاق محدد، إلا أنه رغم كثرة هذه الاجتماعات لم يعلن حتى الآن من قبل الطوائف الانتهاء من هذا القانون.


لائحة الأحوال الشخصية لـ«الأقباط الأرثوذكس» تدخل عامها الثاني بعدما أقرها المجمع المقدس للكنيسة في مارس 2016، دون أن يطرأ على ذلك أي تغيير يذكر، ومع اختلاف بين الطوائف يدخل القانون «ثلاجة» الكنيسة ويستمر الأقباط العالقون في زيجات فاشلة في التعلق بأبواب المحاكم وهياكل الكنائس دون أي تغيير يذكر.


وكشفت مصادر، أن هناك خلافا حقيقيا بين الطوائف رغم أن القانون شمل الكثير من التعديلات ووسع أبواب الطلاق، مضيفا أن هناك بعض المواد تتشبث بها كل كنيسة ولا تريد تعديلها لأنهم يرون أنهم بذلك يخالفون الكتاب المقدس، مؤكدا أن الاجتماعات ستظل مستمرة ولكنها ستكون دون جدوى.


المطالبون بإصدار القانون يرون أن الطوائف الثلاث لن تتفق على أسس واحدة وأن القانون لن يرى النور نهائيا، هذا ما أكده أشرف أنيس، مؤسس حركة «الحق في الحياة»، المطالبة بالطلاق والزواج الثاني للمسيحيين، مضيفا أن الكنائس لن تتفق نهائيًا على القانون؛ لأن كل كنيسة لديها تعاليمها الموروثة من الآباء الخاصة بهم، ولن يخالفوا تلك التعاليم، وسيظل أصحاب المشاكل «معلقين»، والكنائس ستفعل ما تريده داخل أسوارها.


وأضاف «أنيس»، أن المسئول عن قانون الأحوال الشخصية في الحكومة لا يريد أن يخرج ويوضح الأسباب الحقيقية لتأخر إصدار القانون، ويعلنها صراحة أن المشكلة عند الكنائس، مطالبا الحكومة أن تحدد فترة زمنية لإجبار الكنائس على الانتهاء من القانون.


وأوضح أن جميع قضايا الخلع التى تم الحكم فيها لصاحب المشكلة لابد أن يغير أصحابها الملة من أجل الحصول على الطلاق، متوقعا رفض القضية الحالية بين زوجين مسيحيين من نفس الملة والطائفة.


من جانبه يقول المحامى أحمد فرة، الموكل بالدفاع عن قضية رشا طلعت، إن هذه الدعوى تعد أول قضية «خلع» في تاريخ مصر والديانة المسيحية بين زوجين مسيحيين من نفس الملة والطائفة يتم قبولها، موضحًا أن جميع قضايا الخلع الأخرى التي قبلت من قبل كان لابد أن يغير فيها أحد الأزواج «الملة» من أجل قبول الدعوى.


وأضاف «فرة»، أنه ظل يدرس قضية رشا طلعت لمدة 6 أشهر عن طريق البحث في كل «الأناجيل» بداية من أول الإنجيل باليونانية، وحتى جميع الأناجيل والأسفار والرسائل، لافتا إلى أن دراسته اعتمدت على 4 معايير.


وأوضح أنه أثناء دراسته لجميع الأناجيل لم يجد آية وحيدة في تقول إنه «لا طلاق إلا لعلة الزنا»، مضيفا أن الخلع لم يذكر أيضا في كتب الإنجيل.


وأضاف أنه عند اتفاق الدين والطائفة والملة، فمن العادي أن تطبق الشريعة الإسلامية في قضايا النفقة والمواريث، موضحا أن هذا يؤكد أن المحكمة تضرب بالقانون والدستور والشريعة الإنجيلية بعرض الحائط، متسائلًا: لماذا تطبق أحكام قانون الأسرة على المسيحيين في تلك القضايا دون ذاك؟


وأشار إلى أنه تم قبول الدعوى في مكتب تسوية المنازعات، وعند تحديد جلسة التسوية اكتشفوا أن الخصمين مسيحيان، لافتا إلى أنه تم النقاش حول موضوع أنهم لو كانوا مختلفين في الطائفة والملة ستقبل في مكتب التسوية، متفقين استحالة عدم اختصاص الدعوى، لافتا إلى أنه تم مخاطبة  النيابة بكل ما سبق،  وفي نهاية الأمر تم رفض رفع الدعوى.


وتابع: « قدمت إقرار علي الزوجة وإقرار علي والدها بتحمل المسئولية القانونية عن الدعوي وما ستنتهي عليه، أخذوا الورق، وبعد 3 أيام تم تحديد الجلسة بعد رفع الدعوي بعد ثلاثة أيام ويسبقها إسبوع، ورئيس القلم رفض ختم عريضة الدعوى بخاتم الدولة بحجة عدم الاختصاص، إلي أن ذهبنا إلي نيابة الأسرة وتم الموافقة علي ختم عريضة الدعوى وختم الصور».


وأشار إلى أن رشا تقدمت بهذه الدعوي تطالب فيها بتطليقها طلقة بائنة للخلع، لسوء معاملة زوجها لها وإخلاله بالتزاماته الشرعية والدينية لها، لافتا إلى أنها كانت دائمة الشكوى من سوء معاملة زوجها الذي تزوجته بعقد شرعي في 21 أكتوبر 2015، وعاشرته معاشرة الأزواج وأنجبا طفلة.


وأوضح أن المحكمة أصدرت قرارا بتأجيل الجلسة إلى يوم 2932018، وذلك لإحضار شهادة بالتحرى عن الملة، وعرض الصلح بين الطرفين.


وأشار المحامي، إلى أنه أنذر في تلك الدعوى كلا من رئيس مجلس النواب، والبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والأنبا نقولا أنطونيو، مطران طنطا للروم الأرثوذكس، والقس موسى فايق، راعي كنيسة مارجرجس بالمنتزه، بصفتهم.


وأوضح أن الشاكية تقدمت إلى الكنيسة بطلب الخلع عن زوجها إلا أنه تم رفض هذا الطلب، مشيرا إلى أنه عقب تقديم الدعوى قام زوجها بتهديدها بالترويع والتخويف، من مثولها أمام المحكمة لنظر هذه الدعوى، بحجة أنهم من الطوائف المسيحية ولا يجوز لهم الطلاق.


ويقول هانى عزت، رئيس مؤسس رابطة منكوبي الأحوال الشخصية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية: «نحن أمام أول قضية خلع لمواطنة مسيحية دون أن تقوم بتغيير ملتها وطائفتها وتمسكها بعقيدتها رغم تعرضها لجميع أنواع القسوة والظلم من الطرف الآخر»


وأوضح «عزت» أن هذه الحلول يلجأ إليها معظم المسيحيين بعد أن ضاقت بهم حياتهم الأسرية، وأصبحوا لا يستطيعون التخلص منها رغم توافر العديد من الأسباب لذلك، مشيرا إلى أن الجميع يحصلون على الطلاق أمام المحاكم ولكن بعد تغيير ملتهم للحصول على الحكم.


وطالب «عزت»، الكنيسة والدولة بسرعة إصدار قانون الأحوال الشخصية للأقباط،  لافتا إلى أن الآلاف من المسيحيين المعلقين بين الطلاق والزواج ينتظرون صدور هذا القانون للحصول على حقوقهم الضائعة وحريتهم.


واستكمل: «نرجو من البابا تواضروس الثانى إصدار قانون الأحوال الشخصية والذي انتظره آلاف الأقباط مستخدمين لائحة الكنيسة الصادرة فى مارس ٢٠١٦ لأنها كفيلة بحل أكثر من ٧٠% من هذه القضايا».


واستطرد:«أخذنا وعودا كثيرة منذ عام 2014 بتشريع لائحة جديدة وقام  البابا بتقسيم المجالس الاكليريكية لـ6 أفرع، وتغيير من القيادات والمعطلين ومن تسببوا فى قهر المصلوبين على أبواب الكنيسة»، موضحا أنه تم تشريع لائحة جديدة في مارس 2016، عقب الاستغاثة برئيس الجمهورية؛ لدعم البابا فى توجهاته المعتدلة.


وأوضح مؤسس رابطة منكوبي الأحوال الشخصية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أنه تم صدور لائحة مارس 2016 بإجماع تصويت المجمع المقدس، مشيرا إلى أن اللائحة شملت مادة الفرقة واستحالة العشرة 3سنوات لمن ليس لهم أطفال و5 سنوات لمن لديهم أطفال، مؤكدا أن هذه الإضافات تعد حلولًا قوية لأصحاب مشاكل الأحوال الشخصية، كما أنها ستكون أسبابا للطلاق.


وأشار «عزت»، إلى أنه يستبعد التوصل لاتفاق بين الطوائف المسيحية؛ بسبب اختلاف شرائع كل منها فيما يخص الطلاق؛ فالطائفة الكاثوليكية على سبيل المثال تستمد شرائعها من «الفاتيكان»، وهو ما قد لا يتوافق مع الكنيسة الأرثوذكسية.