رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

صعب جدا!

محمد على ابراهيم-
محمد على ابراهيم- أرشيفية


أعجبنى في انتخابات مجلس النواب السابقة ذلك المرشح الذي جعل شعاره مختصرا جدا: نظافة اليد واللسان 
أي أنه يدخل المعركة الانتخابية وأمله أن يحقق نظافة يده – باعتباره مثلا عاليا لبقية المواطنين. ثم إنه أيضا لا يسكت عن واحد طالت يده حتي اتسخت. أو قصرت يده عن كل شيء حتي ملأتها القاذورات.. فإذا حدث ذلك لن يسكت. وإذا تكلم فلن يكون ذلك بلسانه فقط.. وإنما سوف يكون في مجلس الشعب.

سوف يقود معركة حامية تحرق كل من اتسخت يده وتلوثت سمعته.. إلى آخر ما سوف يفعله. ومطلوب من الناس أن ينتخبوه لهذه الفلسفة المعقولة القليلة الكلمات الكثيرة الدلالة والعسيرة التنفيذ.. وإذا لم تكن هذه الصعوبة واضحة لدى المرشح والناخبين فليقرأوا معا قصص الأنبياء والشهداء والأبطال والمصلحين في كل التاريخ. بل إن أحد الأنبياء في القرآن الكريم راح يدعو على قومه ويطلب من الله أن يهلكهم جميعا، قائلا: ((إنك أن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا)).
ولا بد أن هذا المرشح والناخبين معا لم ينسوا فضيحة وتروجيت الأمريكية التي أسقطت الرئيس الأمريكي ونائبه أيضا.. وسحبت وراءهما سمعة الحزب والشعب وكل المعاني الكريمة التي نذروا أنفسهم لها.. وليس أسهل من أن ينسي الناس ألوف الأشياء الجميلة التي صنعها شخص واحد.. لماذا؟ لأنه ارتكب حماقة صارخة.. وهذه الحماقة هي التي مسحت كل حسناته!
ولا بد أن الناس أيضا يذكرون فضيحة شركة لوكهيد الأمريكية وما قدمت من رشوة لرئيس وزراء اليابان حتي أغرقته.. وزوج ملكة هولندا.. ولا أحد يلوم الشركة طبعا.


إنها تفيد وتستفيد، إنها تبيع بضائعها وتشتري ذمم الآخرين.. ولكن اللوم كله يقع على اليد السفلى أي التي أخذت واتسخت ومعني ذلك أيضا أن الماء لا يصعد الجبال إنما يهبطها.. ولكن يصعدها فقط إذا كان قذرأ.. ولذالك اتسخت قمم أمريكا وهولندا واليابان.. ومن هنا كانت صعوبة رسالة كل من يدعو إلى نظافة الأيدي والضمائر.


وصعوبة أن يتمسك المرشح بهذه الفلسفة طويلا.. فقد رأى الناخبون أشكالا وألوانا من أصحاب العبارات الجميلة والأفعال القبيحة.. ولكن هناك أنواعا من القذارة يغسلها الماء وأنواعا أخرى يعجز دونها الماء والصابون.. ولولا أن هذا المرشح قد كتب شعاره هذا على جدران وعلى مداخل البيوت فاتسخت الجدران واتسخت بالسواد داخلها.. لولا أنه لم يعط نموذجا كاملا للنظافة لأعطيته صوتى ولكني لن أفعل وأنت أيضا.. لأنه رجل يقول ولا يعنى ما يقول!!
نقلًا عن «المصري اليوم»