رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سر فشل «النظام» فى هندسة انتخابات الرئاسة على طريقة «مبارك»

السيسي ومبارك - أرشيفية
السيسي ومبارك - أرشيفية


في 2005، تزايدت الضغوط الأمريكية على الرئيس في هذا الوقت، محمد حسني مبارك؛ لفتح المناخ السياسي، ومنح مساحة من الحرية، وإقامة انتخابات رئاسية تعددية على عكس الاستفتاءات التي اتبعها النظام في فترات سابقة، خاصة مع تصاعد الحديث عن مخطط توريث الحكم لنجله جمال مبارك، ووجود احتجاجات من قبل الحركات المعارضة مثل «كفاية»، والإخوان، والأحزاب السياسية الأخرى، وأبرزها «الوفد».


بالفعل أجريت التعديلات الدستورية التي تجيز انتخاب رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح، بعد الاستعانة بعدد كبير من «ترزية القوانين»، والمخضرمين في العمل السياسي؛ ليكونوا مساعدي «مبارك» في المرحلة الجديدة.


وفي السابع من سبتمبر عام 2005، أقيمت أول انتخابات تعددية منذ ثورة 23 يوليو 1952، خاض فيها الأسبق محمد حسني مبارك بمشاركة 9 آخرين، غمار المنافسة على الكرسي الرئاسي، وهم: «أيمن نور، وأسامة شلتوت، ووحيد الأقصري، وإبراهيم ترك، وأحمد الصباحي، ومحمد العجرودي، وفوزي غزال، ونعمان جمعة، وممدوح قناوي».


وسمح «النظام المباركي» للمعارض الشرس والشهير في هذا الوقت، الدكتور أيمن نور، للظهور في الإعلام، وإقامة المؤتمرات الانتخابية؛ حتى يظهر النظام وكأنه يعطي الفرصة للمنافسين لطرح برامجهم، وإيهام العالم وكأن مصر تشهد انتخابات حقيقية، رغم أن «مبارك» فاز في هذه الانتخابات بكل الحيل والطرق المعروفة، ومنها استعانته بـ «أسطوات السياسة»، أمثال الراحل كمال الشاذلي وفتحي سرور وصفوت الشريف، الذين كانوا من الحنكة والذكاء، في استيعاب الأصوات الغاضبة والضغوطات الخارجية، والعمل على «هندسة» الانتخابات لصالح «المخلوع».


على النقيض تمامًا تعامل نظام عبد الفتاح السيسي مع الوضع الراهن بـ«تخبط» واضح، وفشل في «هندسة» العمليات الانتخابية، حتى أن «المشير» كاد أن يدخل تلك الانتخابات منفردًا لولا ترشح المهندس موسى مصطفى موسى، رئيس حزب «الغد»، في اللحظات الأخيرة.


ورغم انخفاض شعبية السيسي، لم يلتفت الخبراء والمستشارون المحيطون به لضرورة إدارة العملية الانتخابية بطريقة حرفية أسوة بـ«أسطوات» الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وسارعوا بإقصاء رئيس الأركان الأسبق الفريق سامي عنان المنافس الرئيسي  لـ«السيسي» بطريقة عنيفة جعلته بطلًا شعبيًا في عيون البسطاء والمثقفين على حد سواء؛ بعدما ظنوا أنه القادر على «زحزحة» الرئيس، والتربع على عرش حكم مصر.


وترتب على هذا الأمر إعلان المرشح المحتمل المحامي الحقوقي خالد علي انسحابه من المشهد، ليلحق بالفريق أحمد شفيق، الذي تراجع هو الآخر عن المشاركة في الماراثون الرئاسي.


وبسبب الحديث السابق، وخلو العملية الانتخابية المقبلة من وجوه سياسية بارزة، أو أسماء يمكن أن تجعل الانتخابات «حلبة صراع»، يتعرض نظام السيسي حاليًا لانتقادات شديدة - داخليًا وخارجيًا - لاسيما مع فشل مستشاري الرئيس في إخراج «ماراثون الانتخابات» بالصورة التي تليق بمصر.


في هذا الإطار، يقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ الاجتماع السياسي بـ«الجامعة الأمريكية» إن الفريق المحيط بالرئيس السيسي، أخفق في إدارة الملف الانتخابي، وكان يجب أن تتم إدارته بطريقة أفضل من ذلك، لافتًا إلى أنه منذ فترة طويلة، كان على «المشير» تجهيز تصور كامل للعملية الانتخابية، ووضع سيناريوهات مختلفة لسير العملية دون وجود مفاجآت تحرج الرئيس.


وتابع «صادق»: إخفاق الفريق المحيط بالرئيس السيسي فى الملف الانتخابي جعله «يتسول» المرشحين؛ لحفظ ماء الوجه، ورغم طرق أبواب بعض الأحزاب التي رفضت المشاركة في هذه الانتخابات، لم يدرك من يتولى الملف الانتخابي أن «عنان» رغم قوته داخل المؤسسة العسكرية، فإنه لا يملك ظهيرًا شعبيًا يجعله يتفوق على السيسي بالفعل، وكان من الممكن أن يربح الرئيس؛ لأن الكثيرون يقارنون بين مرشحين عسكريين، والبسطاء يرفعون دائمًا شعار: «اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش»، وسيصوتون  لعبد الفتاح السيسي من هذا المنطلق.


واستكمل: خروج المشهد الانتخابي بهذه الصورة يصدر صورة للخارج غير جيدة، ويلقي بظلاله على كيفية إدارة النظام لملفات أخرى على درجة كبيرة من الأهمية، مثل ملف سد النهضة والملف الاقتصادي والأمني، على عكس الرئيس الأسبق حسنى مبارك الذي استمر طوال 30 عامًا؛ لأنه كان يدرك أن غلق المجال السياسي بصورة تامة يؤدي إلى الانفجار، وهذا ما حدث حينما ترك الحكم والإدارة لمن هم أقل منه خبرة وحنكة.