رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل تقدمنا أم تراجعنا؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين


هل تقدمت مصر أم تأخرت منذ انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيسا للجمهورية فى منتصف يونيه ٢٠١٤ وحتى الآن؟.
الإجابة تتحدد بناء على المكان أو المعسكر الذى تقف فيه. إذا كنت إخوانيا أو متعاطفا معهم فسوف ترى كل شىء أسود قاتما وكئيبا، ولن يفلح كل ما تم إنجازه على الأرض من مشروعات ونجاحات، لكى تقنعك بأن هناك شيئا ما إيجابيا قد حدث.
ولو كنت متعصبا جدا ضد الإخوان، فلن ترى إلا الإنجازات التى تحققت فقط، ولن تنظر إلى أى شىء آخر خصوصا إذا كان تقصيرا أو إهمالا.

ولو كنت موضوعيا ونزيها فسوف تنظر للسؤال بطريقة عادلة وتتحدث عن الإيجابيات والسلبيات وتحاول رؤية أى الكفتين أرجح.

الانقسام بشأن السؤال الذى بدأنا به الكلام يعكس للأسف حالة الانقسام التى لا تزال موجودة فى مصر منذ ٢٥ يناير ٢٠١١، وتعمقت بعد ٣٠ يونيه ٢٠١٣.

الإخوان وأنصارهم لا يرون شيئا إلا من ثقب ما يعتقدون أنه مظلومية تاريخية لحقت بهم تشبه مظلومية الحسين لدى طائفة الشيعة!!.

الحياة عندهم توقفت عند صباح يوم الخميس ١٤ أغسطس ٢٠١٤، حينما تم فض اعتصام رابعة العدوية وبدأ القبض على قادتهم ومحاكمتهم. 

لا يرون أى إنجاز، بل يرون كل المشروعات تضييع للأموال فى الرمال واستدانة غير مبررة، وسيطرة للجيش على الاقتصاد، وفشل مستمر على كل الجبهات، وحاولوا بكل الطرق عرقلة البلاد، ونسفوا أبراج ومحولات الكهرباء.

فى المقابل فإن الفريق الثانى، المتحمسين، لا يرى شيئا غير إنجازات تسابق إنجازات وأنه لم يحدث أى خطأ طوال السنوات الثلاث والنصف، وأن كل شىء كان ورديا، وأن كل الانتقادات بلا قيمة، وصادرة عن متنمرين ومتربصين، مندرجين جميعا فى مؤامرة كونية شاملة.

والحقيقة أن كل شىء فى الحياة نسبى، وليس مطلقا، فالرئيس بشر يخطئ ويصيب، ومهما كانت نيته حسنة، فهناك حكومة وأجهزة قد تخطئ وتصيب أيضا وبالتالى فالأخطاء واردة.

هذا هو جوهر الرأى الثالث الذى يرى أن هناك إنجازات كثيرة تحققت على الأرض، وهناك أخطاء أيضا حدثت، لا يمكن إنكارها، وإلا ما كان هناك مثلا ضرورة لتغيير بعض الوزراء قبل الانتخابات الرئاسية بنحو شهرين فقط وقبلها تغييرات لكثير من المسئولين فى مواقع مختلفة.

إذًا كل شخص أو حزب أو جماعة يحكم على هذا الأمر، طبقا للزاوية أو المعسكر الذى يقف فيه أو ينتمى إليه.

وهناك طريقة أخرى للتقييم تتعلق بالنظرة المقارنة أو أين كنا وماذا أصبحنا، أو الظروف التى أحاطت بالفترة التى قضاها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الحكم؟

لو قارنا الأمر بالحالة التى كانت عليها مصر فى 30 يونيه 2013، فالمؤكد أن الأمور تحسنت أمنيا بصورة واضحة. هناك إرهاب خطير ونوعى، لكنه صار مسيطرا عليه مقارنة بما حدث فى بلدان فى المنطقة مثل اليمن وليبيا وسوريا والعراق.

مصر لا تزال تقف على قدميها رغم الاضطراب والفوضى التى ضربت المنطقة بصورة عاصفة.

لو قارنا الأمر بالمشروعات والبنية التحتية، فالمؤكد أنه تم إنجاز مشروعات غير مسبوقة، لم يكن ممكنا الحديث عن أى تقدم من دونها، خصوصا فى الطرق والكبارى والمدن الجديدة والكهرباء والغاز، كما حدثت طفرة حقيقية فى التعامل مع فيروس سى وإصدار قانون التأمين الصحى الشامل والخدمة المدنية وقوانين كثيرة طال انتظارها.

وفى المقابل هناك تعثر حتى الآن فى تطوير التعليم، وكذلك ملف المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمصانع المتوقفة.

اقتصاديا أيضا هناك ظروف صعبة جدا تعيشها غالبية الأسر والشرائح والطبقات، خصوصا بعد قرار تعويم الجنيه، وبعد تحرير أسعار الطاقة، لكن الحكومة تقول إن هذه القرارات كانت حتمية، وإلا وصل الاقتصاد المصرى إلى مأزق غير مسبوق على الإطلاق.

حينما حضرت ختام مؤتمر «حكاية وطن.. بين الرؤية والإنجاز» الذى انتهى بإعلان الرئيس السيسى ترشحه للرئاسة مساء الجمعة الماضى، أدركت حجم الإنجازات التى تمت على الأرض.. لكنى ما زلت أتمنى حدوث انفراجة على المستوى السياسى حتى يمكن لهذا البلد الكبير أن ينطلق للأمام.

نقلًا عن «الشروق»