رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد زكريا محيى الدين: إسناد المشروعات للجيش «ضرورة».. ويجب وقف التعيينات بالحكومة (حوار)

محررتا «النبأ» أثناء
محررتا «النبأ» أثناء الحوار مع محمد زكريا محيى الدين


قال النائب محمد زكريا محيي الدين، وكيل لجنة الصناعة فى البرلمان، إن قطاع الصناعة في مصر شهد تحسنًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن أزمة الشركات المتعثرة تتلخص في رغبة الحكومة في الحفاظ على كيانات ومؤسسات لا أكثر.


وأضاف «محيي الدين» فى حوار لـ«النبأ»، أن الأزمة الاقتصادية التى تعيشها مصر حالًيًا بسبب سياسية الستينيات التى وضعها جمال عبد الناصر، لافتًا إلى أن عبد الفتاح السيسي يعد أول رئيس قطع العقد الاجتماعي بين السلطة التنفيذية والمواطن. وإلى نص الحوار:


كيف ترى وضع الصناعة في مصر بعد قرار التعويم؟

الوضع الحالي صعب لدرجة كبيرة ولكن بدأ في التحسن، إذ شهدت معدلات الاستيراد انخفاضًا كبيرًا بحوالي 2 مليار جنيه بجانب زيادة  الصادرات، ما يعد مؤشرًا جيدًا، لذا فإن قرار تعويم الجنيه كان صائبًا؛ لأننا كنا نواجه أزمة كبيرة في سعر الدولار، الذي تراوحت قيمته من 16 إلى 17 جنيهًا، ما أدى إلى تراجع النمو الصناعي، وزيادة تعثر الشركات المصدرة، ولكن الإجراءات التي تتخذها الحكومة تجعله يستعيد عافيته بشكل تدريجي؛ لذلك علينا النظر إلى أن قطاع الصناعة لا يختصر في تعويم جنيه وحده، ولكنه منظومة متكاملة، فهناك أزمة تكمن في الصراع داخل الحكومة حول الصلاحيات وتمليك الأراضي والتراخيص، يعنى «مينفعش أعمل قانون التراخيص وأحجم هيئة التنمية الصناعية بعدم وجود سلطة لها على الأراضي الصناعية».


ماذا عن الإنتاج؟

يشهد تحسنًا من خلال زيادة نسبة الإنتاج المحلي، وظهر واضحًا في صناعة أول محمول مصري والذي سيحقق نجاحًا ويعد تجربة جيدة، وهو الأمر الذي يساعد على تحسن الوضع الاقتصادي، إذ ارتفع النمو الاقتصاد إلى 18% ونحن نستهدف وصوله إلى 20% خلال الفترة المقبلة.


كيف يمكن زيادة المنتج المحلي؟

نحن نحاول عدم تصدير أي مواد خام للخارج عبر تقنينها، أو فرض رسوم نسبية على المواد الخام المصدرة؛ لأن تصديرها يعد إهدارًا للموارد، وخاصة مع عدم وجود أي قيمة مضافة لهذه الموارد، فمصر تملك معادن ومحاجر ويتم بيعها لنا بضعف ثمنها منتجات تامة الصنع، ولكن المشكلة تتركز فى صعوبة التنفيذ، لذا نطالب بإصلاح مؤسسي في جميع مؤسسات الدولة، على سبيل المثال لا يجوز وجود هيئة الطرق والكباري بدون عمل أو تفعيل، لابد من إصلاحها من خلال القضاء على فساد المحليات، وإدخال نوع من التطور الفكرى والاجتماعي.


ما أهم المشروعات التى تعمل عليها اللجنة خلال الفترة الحالية؟

مشروع قانون الضريبة على العقارات المبنية، ليتم إعفاء المصانع العامة والمسجلة قانونًا من الضريبة على العقارات المبنية لتخفيف العبء على المصنعين الذين يدفعون العديد من الضرائب والرسوم الأخرى، بالإضافة إلى أننا نستهدف عمل تعديلات بقانون المحاجر؛ لتقليل تكلفة الإنتاج، بجانب قانون التراخيص الذي حققنا فيه إنجازًا.


كيف ترى قرارات الدولة بإسناد المشروعات الكبيرة للقوات المسلحة؟

هذا الأمرور «ضرورة» في المرحلة الحالية لإنجاز المشاريع، لأن مصر خارجة من منعطف خطير، ولكن علينا تأهيل القطاعات والمؤسسات الأخرى، وإعطاء صلاحيات للقطاع الخاص، مثل الجيش حتى تقوم بهذا الدور في الوقت الحالي والمستقبل.


تدافع عن القطاع الخاص.. هل يعني ذلك أنك مؤيد لسياسة الخصخصة؟

نعم.. أنا مع سياسة الخصخصة بنسبة 100%؛ لأنه لا توجد دولة فى العالم تملك قطاع الصناعة، حتى في قطاعات الكهرباء تملكها شركات خاصة ويتم بيعها للمواطنين.


ولكن المواطن البسيط سيدفع ثمن خصخصة الكهرباء والخدمات؟

لن تكون هناك أزمة بالنسبة للمواطن البسيط، إذا كسرنا قاعدة التنافس، بل بالعكس ستكون هناك أسعار أقل، فهذا في مصلحة المواطنين، ولكن المشكلة في سياسة التحكم من قبل الحكومة التي أدت إلى هذه الأزمات، وأصبح المواطن البسيط يتحمل هذه النتائج، لذا أرى فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رغم كل الإيجابيات والسلبيات التى كانت بها، إلا أنه كان هناك نوع من التدهور على المستوى الاقتصادي، فإن سياسة الستينيات أدت بنا إلى ما نحن فيه الآن من مشاكل، ففي البداية كان هناك سوء مال قوى جدًا، ومجموعة من المستثمرين الأجانب الموجودين و«عايشن» مثل المصريين و«يشغلون» أموالهم وكانوا أساس صناعات كثيرة، وعندما ضيقنا عليهم الخناق وتم تأميم شركاتهم رحلوا، وهو ما أدى إلى هذه الخسائر فى قطاع الأعمال.


كم عدد الشركات المتعثرة فى مصر؟

لا يوجد حصر بالمصانع المتعثرة والأرقام المتداولة بها تضارب ومبنية على افتراضات، والتحرك الحقيقى الوحيد، كان لمجلس تحديث الصناعة، عندما عمل مبادرة لتمويل المصانع المتعثرة، وتقدم بتقرير يوضح بوجود 840 مصنعًا متعثرًا، وعندما تمت دراستها وجدوا 130 مصنعًا متعثرًا بشكل حقيقي، كما أن المصنع المتعثر ليس عبارة عن حيطان وأرض؛ لأن هناك أصحاب أراضي يستهدفون «تسقيعها» وهذا الشخص لابد أن يدفع ضرائب عقارية.


ما أبرز مشكلات تلك الشركات؟

معظم المشاكل الموجودة فى شركات قطاع الأعمال، تتلخص في العمالة الزائدة، وعدم التخطيط وعدم القدرة على التطوير، بالإضافة إلى "المحسوبية والواسطة" والتى تتلخص في أن معظمهم أقارب، وبينهم مصالح مشتركة، فضلًا عن أن الأزمة تتلخص في أن الهرم «مقلوب» بتلك الكيانات إذ إن معظم العمالة الفنية التى تنتج في تلك الشركات، أقل بكثير من العمالة الإدارية، وهناك شركات خسرت أكثر من رأس مالها بأضعاف بسبب ذلك، وشركات القطاع العام تستمر في نزيف الخسائر بحجة الحفاظ على العمالة وهذا غير صحيح، فشركة مصر المحلة تبيع بـ800 مليون وتنفق مرتبات 750 مليون.. بخلاف مصاريف التشغيل والكهرباء والماء والمستشفيات، وهو الأمر الذي يزيد من ديونها.


هل يعنى ذلك أنك مع تسريح العمالة؟

لا.. ولكن يجب إعادة هيكلة تلك الشركات، «هناك بعض العمال هنتضطر نقعدها فى البيت ونصرف لهم مرتبات لأن هذا أوفر بكثير»، الموضوع يتلخص في أننا عشنا فى مصر منذ 1961 على أن المواطن يريد من الحكومة أن تعطيه حقوقه بلا واجبات التي تستوجب عليه العمل وعدم انتظار الوظيفة الحكومية دون عمل، ويظل بذلك العقد الاجتماعي بين السلطة التنفيذية والشعب لفترة كبيرة، حتى وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ إنه يعد أول رئيس يقطع العقد الاجتماعي وينظر إلى الهيكلة بطريقة سليمة، بقراراته الجريئة التي تضمنت إعادة النظر في الدعم، وقانون الخدمة المدنية الذي يعد أول قانون يستهدف معالجة القصور «الرهيب» في الوظائف،  فهو لم يخش فيها أحد.


هل ذلك يبرر أزمة البطالة؟

لابد أن نفكر خارج الصندوقـ وليس بنفس السياسات التي اتبعناها طوال السنوات الماضية، هناك تطور حدث في المجتمع، فالبطالة في مصر ليست حقيقة، لأن معظم الذين يتخرجون لا يملكون أي قدرات تؤهلهم لسوق العمل، وبالتالي القابل للتعيين منهم قليل جدًا، فالجميع يريد العمل في قطاع الحكومة، وبالإضافة إلى أنهم عاجزون عن فهم أن الدنيا تغيرت كثيرًا عن الماضي؛ لذلك لابد من وقف التعيينات بالحكومة، وأن يكون الجميع بالعقود حتى يتم الاستغناء عن الذين لا يعملون ولا يلتزمون.


كيف ترى برامج الحماية الاجتماعية للطبقات المتوسطة؟

هذا واجب؛ فبرامج تكافل وكرامة والمعاشات جيدة، ولكن نحن بحاجة إلى زيادتها، كما أن سياسة الدعم تحتاج إلى مراجعة؛ لضمان وصوله إلى مستحقيه، وتحويله من عينى إلى نقدي، وكل على حسب احتياجاته وتقديم للبيانات الخاصة به، ولكن هناك الأزمة فى مدى صدق المواطن في تسجيل بياناته الصحيحة.


أين دور البرلمان في مراقبة الحكومة بعد خسائر شركات قطاع الأعمال؟

نحن كمجلس نواب كيف لنا أن نقوم بدورنا في محاسبة الحكومة والميزانية مقسمة إلى ثلاث شرائح، جزء للدعم، وجزء للمرتبات وثالث لتسديد الديون، لذلك أين المتبقي للإنفاق على الصحة والتعليم، فالشركة القومية للأسمنت خسارتها تبلغ مليار و200 مليون، ومصرون على وجودها «بيقولوا هنشغلها ونحافظ على الكيان ووجوده»، فالفترة الماضية كانت الطاقة الإنتاجية قيمتها 92 مليون طن واستهلاك المصريين 53 مليون طن فقط، والفرق لا يمكن تصديره بسبب ارتفاع قيمة التكلفة في مصر؛ لأن هناك بلادا أخرى مصدرة ومنافسة بسعر أقل من ذلك، فالمشكلة التى نعاني منها هي أزمة إصرار الحكومة للحفاظ على الكيان، والشركات التى تنزف رغم الخسائر.


ما خطة البرلمان للنهوض بالشركات المتعثرة؟

نحن كبرلمان نحاول قدر الإمكان تسهيل ودعم تلك الشركات عبر سن قوانين لصالحهم، وكذلك نتابع المعوقات، ولكن هناك مجموعة من القيود البيروقراطية التى تتمثل في طول الإجراءات وهو ما نعمل على حله بالإضافة إلى قيامنا بزيارات ميدانية أكثر خلال الفترة القادمة، إذ إن هناك خطة لزيارة مناطق الذهب، و«الروبيكى» لأن هناك شكاوى وردت بشأن تخصيص الأراضي، ومطابع الأميرية بالإضافة إلى مصنع الحديد والصلب بالتبين.


هل هناك عوائق تواجهكم كبرلمان في القيام بدوركم؟

مع الأسف، لجنة الصناعة من أهم اللجان في البرلمان، ولكن لا أحد يحبها، بجانب أن عدد الموجودين باللجنة قليل جدًا ولو تم تقسيم العمل على طلبات الإحاطة لن نجد هناك وقتًا، حتى أن أحيانا الإدارة العامة تحضر أشخاصا لإكمال العدد حتى نكون لجنة، فضلًا عن «مش كل الناس بتعمل فى اللجان».


كيف تقيم أداء اللجنة؟

لجنة الصناعة بالبرلمان، تعد من أفضل اللجان، على عكس اللجان الأخرى التي تستغرق أوقاتًا طويلة في إقرار القوانين، فقد أصدرنا خلال الفترة الماضية حوالي 10 قوانين، ما عدا مشروع قانون استراتيجية السيارات، الذي تمت مناقشته على مدار 17 جلسة، ولم يتم الانتهاء منه بسبب عدم التوافق والاختلافات بين مصنعي السيارات، إذ كان خلافنا معهم حول النسب المعمول بها للخروج بمنتج مصر وهو الأمر الذى يحتاج إلى نظر، ونحن نريد دخول مصر في تصنيع السيارات والتليفونات من الصناعات الذكية وأتوقع نجاحه.


هل تقدمت بطلبات إحاطة في البرلمان؟

نعم.. تقدمت بعدد من طلبات إحاطة، أبرزها خسائر الغزل والنسيج، والقاهرة للصوتيات والمرئيات في التليفزيون، فقطاع ماسبيرو يخسر أموالا كثيرة جدًا وكنت أطالبهم بالبحث عن الحلول بشأن الأزمات الموجودة فيه، أهمها تقليل العمالة، وإعادة تدويره وتأهيله، فالأرقام التى تخسرها شركات القطاع العام كثيرة جدًا، فشركة القومية للأسمنت تخسر مليار و200 مليون جنيه، وشركة الحديد والصلب تخسر 3 مليار جنيه، والغزل والنسيج تخسر 29 مليار جنيه، وماسبيرو تخسر 35 مليار جنيه، بينما الجرائد القومية تخسر 15 مليار جنيه، «وإحنا مش لاقين الفلوس، وما ينفعش أضحى عشان مجموعة من الناس المنتفعة».


كيف ترى زيادة أسعار الحديد والأسمنت؟

الزيادة طبيعية، لأن أسعار الحديد مرتبطة بأسعار الطاقة، ورسوم الإغراق على الحديد «واجب»، فمن الضروري تخفيض سعر الغاز؛ لأنه الوضع طبيعى، بعد التشغيل الفعلي لحقل ظهر وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وناقشنا وزير البترول الدكتور طارق الملا، ولكنه لم يعلق على السعر، وهو الأمر الذي يجعل البرلمان يبذل جهدًا كبيرًا للحصول على المعلومة.


كيف ترى أداء البرلمان والانتقادات التي توجه لهم؟

البرلمان تحمل عبئًا كبيرًا لإقرار الإصلاح الاقتصادي، فالنواب «نتاج» انتخابات حرة نزيهة، ولكن الأزمة ليست في النواب، وعند النظر في الإمكانيات والموارد المتاحة سيجدون ما يحدث هو الحل الوحيد ولا يوجد بديل، فقد ظلت مصر لسنين طويلة في حالة التحجر والتصحر الفكري والاجتماعي.